تقارير

هل تنجو الانتخابات النصفية من خطر التدخل الخارجي؟

راديو صوت العرب في أمريكا

مع انطلاق سباق الانتخابات النصفية تبدو الأطراف المختلفة مشغولة بالنتائج المرتقبة للانتخابات، وفرص كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في امتلاك الأغلبية.

لكن هناك آخرون مشغولين بسباق آخر يتزامن مع هذا السباق الانتخابي ولا يقل أهمية عنه، وهو سباق تشارك فيه مؤسسات حكومية أمريكية عدة منذ شهور، في محاولة للتصدي لاحتمالات التدخل في الانتخابات من قِبَل أي جهات خارجية، تفاديًا لتكرار السيناريو الذي شهدته الانتخابات الرئاسية السابقة، ومزاعم التدخل الروسي فيها، والتي لم يتم حسم الجدل بشأنها حتى الآن.

مخاوف شعبية

الشكوك بشأن أمن الأنظمة الانتخابية في البلاد أصابت جزءًا كبيرًا من الشعب الأمريكي. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “بيو” للأبحاث على 11 ألف بالغ في الفترة من 24 سبتمبر إلى 7 أكتوبر الماضي، أن حوالي 45% على الأقل واثقين إلى حد ما من أن أنظمة الانتخابات الأمريكية آمنة، فيما قال 8% فقط إنهم واثقون تمامًا في أمن الأنظمة.

وأظهر المسح أنه استنادا إلى خطوط حزبية، كان 59% من الجمهوريين أو المستجيبين الذين يميلون إلى الحزب الجمهوري واثقين إلى حد ما في أمن الأنظمة، في حين أن 34% فقط من الديمقراطيين أو الديمقراطيين الحاكمين كانوا يثقون في الأنظمة الانتخابية الأمريكية.

وأصبح التدخل في الانتخابات قضية مثيرة للقلق لدى الرأي العام الأمريكي في أعقاب الانتخابات الرئاسية لعام 2016، مع قيام المحامي الخاص روبرت مولر بإجراء تحقيق في التواطؤ المحتمل بين حملة الرئيس دونالد ترامب وروسيا لإلحاق الضرر بخصمها هيلاري كلينتون.

وتحاول الكثير من الدول الأجنبية القيام بحملات مستمرة للتأثير على الانتخابات في الولايات المتحدة، بحسب مجلة نيوزويك الأمريكية، التي أكدت أن هذه الحملات تسبب الكثير من القلق لدى الوحدات الاستخباراتية الوطنية.

وبحسب المجلة يمكن أن تأتي حملات التدخل في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي على شكل إثارة الجدل حول قضايا خلافية، ونشر الدعاية، ونشر الأخبار باللغة الانكليزية وبث التضليل حول المرشحين.

قلق حكومي

في أواخر يوليو الماضي عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اجتماعًا هو الأول من نوعه مع فريقه للأمن القومي، وسط تحذيرات استخباراتية من أن روسيا ودول أخرى تعتزم التدخل مجدداً في الانتخابات الأميركية.

وناقش ترامب مع الفريق التهديدات التي قد تواجه انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ونقل البيت الأبيض عن ترامب تأكيده أن إدارته لن تتسامح مع أي تدخل أجنبي «من أي دولة أو أطراف آخرين». وأضاف أن جهوداً تُبذل لتأمين مساعدة أمنية سيبرانية لمسئولين محليين واعتراض مَن يحاول التدخل في شكل غير قانوني في الانتخابات.

وفي أكتوبر الماضي أعربت مؤسسات حكومية أمريكية عن قلقها إزاء احتمالات التدخل في الانتخابات النصفية والرئاسية المقبلة. وأعرب مكتب مدیر الاستخبارات الوطنیة الأمریكیة عن قلقه إزاء “الحملات المستمرة التي تقوم بھا روسیا والصین وجهات خارجیة أخرى من بینھا إیران لتقویض الثقة في المؤسسات الدیمقراطیة والتأثیر على المشاعر العامة وسیاسات الحكومة”.

وشدد المكتب في بیان مشترك مع وزارة العدل ومكتب التحقیقات الفیدرالي ووزارة الأمن الداخلي على أن “هذه الأنشطة قد تسعى أیضًا للتأثیر على تصورات الناخبین وصنع القرار في الانتخابات النصفیة لعام 2018 والانتخابات الأمریكیة الرئاسیة في عام 2020″، مشیرا إلى أن “الأعداء يستهدفون الانتخابات الأمریكیة لتقسیم أمریكا على أسس سیاسیة والتأثیر على القرارات السیاسیة الرئیسیة التي تصب في مصلحتهم الوطنیة”.

وصدر هذا البيان في نفس اليوم الذي أصدرت فيه وزارة العدل الأمريكية اتهامات لامرأة روسية، هي إلينا أليكسييفنا خوساينوفا، بتهمة التآمر ومحاولة التدخل والتأثير على الانتخابات النصفية 2018 من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت هذه هي التهم الأولى التي يتم تقديمها ضد مواطن أجنبي لمحاولة التدخل في دورة الانتخابات القادمة.

وأبلغت بعض حكومات الولايات والحكومات المحلية عن محاولات من قبل الحكومات الأجنبية لاختراق شبكاتها وقواعد بيانات تسجيل الناخبين. ووفقاً لتقارير إعلامية فقد نجحت السلطات في حجب المتسللين.

المواجهة والتأمين

وحول قدرة الحكومة على مواجهة أي تهديد من أشار بیان مكتب مدیر الاستخبارات الوطنیة الأمریكیة إلى أنه “في الوقت الحالي لیس لدینا أي دلیل على وجود تعطیل للبنیة التحتیة التي من شأنھا تمكین الخصوم من منع التصویت أو تغییر الأصوات أو تعطیل قدرتنا على حصر الأصوات في الانتخابات النصفیة”.

وأضاف أن “زیادة المعلومات الاستخباریة وتبادل المعلومات بین الشركاء الفیدرالیین والمحلیین ساهم في تحسین إدراكنا للتهديدات المستمرة للبنیة التحتیة الانتخابیة”.

وأكد “أن مكتب مدیر المخابرات الوطنیة ومكتب التحقیقات الفیدرالي ووزارة الأمن الداخلي ومكونات مجتمع المخابرات الأخرى ذات الصلة تواصل العمل بشكل وثیق من أجل تطویر أحدث صورة للتهديد”.

وشدد على “أننا سنواصل العمل مع مسئولي الانتخابات المحلیین لزیادة أمن ومرونة أنظمتھم كما سنبقى ملتزمین بدعم أعمالھم لمواجهة أي تهديد أو هجوم على الانتخابات النصفیة وما بعدھا”.

من جانبه قال نائب رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي مارك وارنر، إن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية تقوم بعمل جيد في تأمين الانتخابات النصفية، معربًا في الوقت ذاته عن قلقه من أن البيت الأبيض لم يفعل المزيد لمواجهة التدخل الأجنبي في الانتخابات.

وقال وارنر – في تصريحات إعلامية نقلتها صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية – إنه كان من الأفضل أن يقوم البيت الأبيض بتعيين مسئول عن أمن الانتخابات في أعقاب تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية عام 2016، ولكن للأسف الرئيس ترامب لم يفعل ذلك، بل ألغى وظيفة الأمن السيبراني في البيت الأبيض، وهي خطوة يعتقد وارنر أنها خاطئة تمامًا.

واتهم وارنر شركات مواقع التواصل الاجتماعي بالفشل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار الحسابات المزيفة التي تهدف إلى التأثير على الانتخابات.

خطورة مواقع التواصل

تحتل مواقع التواصل الاجتماعي أهمية بارزة في انتخابات التجديد النصفي. حيث باتت تلك المواقع المصدر الأول للمعلومات لشريحة واسعة من الناخبين خصوصًا الشباب، كما أصبحت وجهة للمرشحين للترويج عن آرائهم السياسية.

وفي أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016، تم استدعاء المسئولين عن منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتفسير ما حدث، وكيف سيكون بالإمكان وقف انتشار المعلومات المضللة.

وربما كانت الآليات الأمريكية الآن أصبحت أفضل بكثير في اكتشاف التلاعب الذي يمكن أن يحدث من خلال الانترنت ومواقع التواصل، لكن المشكلة أصبحت تكمن في وجود المزيد من الجهات الفاعلة التي تستخدم هذه الأنواع من التلاعب.

فالتحدي الأكبر الذي ينتظر انتخابات التجديد النصفي لا يقتصر على حملات التأثير الروسية والأجنبية، بل يمتد إلى أطراف فاعلة محليًا، بما في ذلك المرشحين العاديين، من خلال استخدام حسابات آلية، أو مجموعات اليمين المتطرف أو اليسار التي تحاكي قواعد اللعبة الروسية.

ولان السيطرة على الأمر في غاية الصعوبة، فإن الخبراء يدعون الناخبين لأخذ الحيطة والحذر كأهم اشتراطات التصفح الآمن للانترنت.

تويتر

أكدت دراسة حديثة أن نحو 80% من حسابات موقع “تويتر”، التي كانت تنشر معلومات مضللة وأخبارًا مزيفة أثناء الانتخابات الرئاسية 2016؛ لا تزال نشطة، وترسل أكثر من مليون تغريدة يوميا.

وهذا الأمر ليس بالشيء الهين، حيث أن تأثير هذا الكم من الحسابات، قد يؤدي إلى كوارث في كثير من الموضوعات، خاصة وأن أكثر من 10 ملايين رسالة أصلية أو رسالة معاد إرسالها، سبق إرسالها قبل وبعد الانتخابات من خلال 700 ألف حساب، مرتبطة بأكثر من 600 نافذة إخبارية متهمة بممارسة التضليل والتآمر.

وسبق أن كشفت تويتر عن مجموعة من البيانات المتعلقة بحملات التضليل الإخبارية التي ترعاها إيران وروسيا منذ عام 2009 للتلاعب بالسياسة الأمريكية، وتستهدف هذه الحملات الانتخابات النصفية.

وقامت شركة “تويتر” مؤخرًا بحذف أكثر من عشرة آلاف حساب نشر رسائل تثني الناس عن التصويت في انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس، وبدا بطريق الخطأ أنها من ديمقراطيين بعد أن أبلغ الحزب شركة التواصل الاجتماعي بهذه التغريدات المضللة .

وقال متحدث باسم تويتر – حسبما أفادت قناة سكاي نيوز الإخبارية – “اتخذنا إجراء بشأن الحسابات والنشاط المذكور على تويتر”، وجرت عمليات الحذف في أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر.

وقالت مصادر مطلعة إن هذا العدد متواضع بالنظر إلى أن “تويتر” كانت قد حذفت من قبل ملايين الحسابات التي اعتبرتها مسئولة عن نشر معلومات خاطئة في انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016. ومع ذلك فإن هذا الحذف يمثل انتصار مبكرا لجهد مازال في بدايته للجنة الديمقراطية للحملات الانتخابية للكونجرس التي تدعم ترشح الديمقراطيين لمجلس النواب الأمريكي.

فيسبوك

بلغ عدد المستخدمين النشطين شهريا لفيسبوك حوالي 2.27 مليار حتى 30 سبتمبر/أيلول الماضي، بزيادة 10% على أساس سنوي، فيما زاد عدد المستخدمين النشطين يوميا بنسبة 9% مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى ​ 1.49 مليار شخص، (نحو 20% من سكان العالم).

وقالت شركة “فيسبوك”، إن أكثر من 2.6 مليار شخص يستخدمون Facebook وWhatsApp وInstagram أوMessenger شهريا، إضافة إلى أكثر من ملياري شخص على الأقل يستخدمون هذه التطبيقات المملوكة لـ”فيسبوك” يوميًا في المتوسط.

وتقول جيسيكا ليو، كبيرة المحللين في شركة فوريستر، إن الناس لا يزالون يتعاملون مع “فيسبوك” رغم هذه المشكلات. وأضافت لشبكة سي إن إن بيزنس، “دعونا لا نتجاهل نقطة البيانات الكبيرة هنا، 1.49 مليار مستخدم نشط يوميًا يساوي خمس سكان العالم تقريبًا، مما يمنح الشركة تأثيرًا كبيرًا”..

ونشر موقع “وايرد” تقريرًا، تطرق من خلاله إلى الخطوات الاستباقية التي تتخذها شركة فيسبوك للتصدي لأي عملية اختراق أو تلاعب عن طريق موقعها خلال الانتخابات الأميركية.

وقال الموقع، في التقرير إنه قبل شهر من الآن، وقع تجهيز غرفة سرية في أحد أقبية شركة فيسبوك، أطلق عليها اسم “غرفة الحرب”، وذلك للاستعداد للتصدي لأي عمليات نشر للأخبار الزائفة في خضم الانتخابات. وقد اتخذت الشركة هذه الخطوة لضمان عدم تفشي الاحتيال والتلاعب الذي طغى على مختلف منصاتها خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية سنة 2016.

وأشار الموقع إلى أن شركة فيسبوك كانت غالبا ما تتكتم على مثل هذه الاستراتيجيات الوقائية، خوفا من أن يخدم ذلك منافسيها أو يكشف مواطن ضعفها. لكن سمعة الشركة قد تضررت بالفعل في أعقاب فضيحة التلاعب بالانتخابات الأمريكية، فضلا عن فضيحة “كامبريدج أناليتيكا” التي جدت هذه السنة.

وذكر الموقع أن هذه الغرفة؛ أي “غرفة الحرب”، تعمل على مراقبة المحتوى الفيروسي، والرسائل غير المرغوب فيها، والكلام الذي يحث على الكراهية، وقمع الناخبين عبر جميع منصات فيسبوك، وضمن المواقع الخارجية مثل تويتر وريديت، على حد سواء.

ودخل موقع «فيس بوك» في شراكة مع خبراء خارجيين، سعياً لإيقاف ملايين الحسابات المزيفة. وصرح اليكس ستاموس، رئيس قسم الأمان السابق بموقع فيس بوك، لمجلة MIT Technology Review بأن انتشار الدعاية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت هو أمر حتمي في الوقت الحاضر.

وقاد ستاموس التحقيق في فيس بوك حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وحذر من أن الأوان قد فات لمنع نفس النوع من التدخل من التأثير في الانتخابات النصفية.

وقال ستاموس إن مشكلة التضليل والدعاية تم تسليط الضوء عليها بشكل مكثف لأن مسئولية إصلاحها يقع على عاتق منصات مثل فيس بوك، وعندما سئل عما إذا كانت المشكلة قد تم إصلاحها، أجاب ستاموس: “في مجتمع حر، لن تقضى على هذه المشكلة أبداً”.

وأكد ستاموس إن أفضل ما يمكن أن تقوم به المنصة هو تعزيز شفافية الإعلانات، وهو نظام وضعه فيس بوك للتسهيل على المستخدمين معرفة من يمول الإعلانات في الجداول الزمنية الخاصة بهم.

اقترح ستاموس أيضًا أنه يجب إنشاء قوانين اتحادية للحد من استهداف الإعلانات، وقال إنه فى حين أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل فيس بوك وجوجل بذلت جهودًا لمكافحة الدعاية، فإن الإعلان عبر الإنترنت كبير.

التدخل الدولي

وكان تقرير أمريكي صادر عن وزارتي الأمن الداخلي والعدل الأمريكيتين، اتهم إيران وروسيا والصين بمحاولة التأثير على الانتخابات النصفية. فيما فجرّ مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، مفاجأة عندما كشف في مقابلة تلفزيونية، أنّ دولًا غير روسيا من المحتمل أن تتدخل في الانتخابات النصفية.

ووفق موقع “فوكس” الأمريكي، فإن بولتون، قال إنّ “إدارة الرئيس ترامب قلقة من أن الصين وكوريا الشمالية وإيران كثفوا جهودهم للتدخل قبل الانتخابات النصفية. وبحسب الموقع فقد “ارتكبت الدول الأربع التي ذكرها بولتون هجمات إلكترونية على الولايات المتحدة من قبل، معظمها على الشركات الأمريكية والبنى التحتية، لكن روسيا فقط تدخلت مباشرة في الانتخابات”.

وأكد جيمس لويس، الخبير بالأمن الإلكتروني في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنّ “هؤلاء الأربعة هم خصومنا في هذا النوع الجديد من الحرب”.

ولا يذهب كثيرون إلى اتهام كوريا الشمالية بمحاولة التدخل في الانتخابات، إلا أن البعض لا يستبعد ذلك، مشيرًا إلى محاولات اختراق سابقة من بينها قيام جيش الإنترنت الكوري الشمالي المتنامي بمهاجمة شركة سوني بيكتشرز إنترتينمنت في العام 2014 بسبب فيلم أنتجته يدعى “المقابلة”.

وكان الفلم من بطولة الممثلين سيث روجن وجيمس فرانكو، يدور حول مخطط لوكالة الاستخبارات المركزية لقتل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وانتقامًا لذلك، سرق وسرّب قراصنة الإنترنت من بيونغ يانغ رسائل إلكترونية حساسة للشركة واستنفدت ما يقرب من 70% من طاقتها الحاسوبية.

وتحيط الاتهامات أكثر بكل من (روسيا والصين وإيران)، حيث يبدو وفقًا تصريحات جون بولتون أن الدول الثلاث قد تحاول التدخل في الانتخابات الأمريكية، وإذا كان بولتون محقًا، فسيكون هذا تصعيدًا كبيرًا، وربما يظهر مدى ضعف الانتخابات الأمريكية أمام التدخل الخارجي.

روسيا

وتابع الموقع الأمريكي، “من المؤكد أن نوايا روسيا واضحة وهي تقويض ثقة الناخب الأمريكي بالانتخابات وزرع الخلاف بين عامة الشعب”، مؤكدًا أنّ “نجاح روسيا في القيام بذلك في العام 2016 منح موسكو الخبرة والثقة للتدخل مرة أخرى، وهو ما يجعلها تشكل التهديد الرئيس على الانتخابات النصفية بحسب الخبراء”.

وهناك بعض الدلائل حول جهود روسيا في هذا الإطار؛ فقد اخترقت موسكو بالفعل بعض أنظمة التصويت في مقاطعات ولاية فلوريدا، وأرسلت رسائل بريد إلكترونية خبيثة إلى أحد مساعدي السيناتور الديمقراطي في ولاية ميسوري، كلير مكاسكيل الذي يعد أحد أكثر الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ضعفًا والمعرض لإعادة الانتخاب هذا العام.

وأظهر استطلاع جديد صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، أن أكثر من 80% من خبراء الأمن الإلكتروني يعتبرون روسيا التهديد الرئيسي للانتخابات النصفية المقررة نوفمبر المقبل.

وبحسب مجلة نيوزويك، الأمريكية، فأن كبار خبراء المخاطر حددوا عمليات بقيادة روسيا للتأثير على الإنترنت والتجسس على المرشحين السياسيين، وقال ما لا يقل عن ثلث المحللين الذين شملهم الاستطلاع أن روسيا قد تستهدف أيضا أنظمة التصويت وقوائم تسجيل الناخبين.

ونفت روسيا أكثر من مرة اتهامات الاستخبارات الأمريكية بمحاولة التأثير على حملة الانتخابات في الولايات المتحدة، وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، قد وصف هذه الاتهامات بأنها لا أساس لها على الإطلاق. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، متحدثا عن التدخل الروسي المزعوم بانتخابات الولايات المتحدة وبلدان أخرى، بأنه لا يوجد دليل يدعم ذلك.

ووفقا لصحيفة “The Daily Beast”، فإن وزارة الدفاع مستعدة لتنظيم هجوم سيبراني على روسيا إذ حاولت التدخل في الانتخابات النصفية للكونغرس.

وأشارت الصحيفة نقلا عن مصادر في دوائر رفيعة المستوى فإن القراصنة العسكريين لوزارة الدفاع الأمريكية سوف يشاركون في “عمليات انتقام محتملة” في حالة هجوم إلكتروني من روسيا.

ويفسر البنتاغون موقفه في أن واشنطن لا تزال تعتقد أنه في عام 2016 كان هناك تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

الصين

زعمت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن هناك أدلة على أن الصين تستخدم كوادرها الضخمة من قراصنة الكمبيوتر لتنفيذ التأثير السياسي في عدد من الأماكن بالعالم هذا العام. ونشرت المجلة تقريرًا مفصلاً تضمن ما قالت إنه توضيح لتاريخ الصين وسعيها للتأثير على شؤون الدول الخارجية، وذلك في أعقاب زعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الصين ستتدخل في الانتخابات النصفية.

وأشارت المجلة إنه في مناسبة واحدة على الأقل في السنوات الأخيرة، وصلت أنشطة التأثير الصينية في الخارج إلى مستوى تدخل انتخابي صريح، لكن ذلك تم بعيداً عن الولايات المتحدة، ففي العام الماضي، شارك رجل له صلات بمسئولي الحزب الشيوعي الصيني رسالة عبر الإنترنت تشجع الناخبين من أصول صينية في أستراليا على التصويت ضد الحزب الليبرالي الحاكم في انتخابات فرعية.

وفي وقت سابق من هذا العام، كشفت شركة الأمن الإلكتروني الأمريكية “فاير آي” أنها اكتشفت أدلة على اختراق المتسللين الصينيين لأنظمة الكمبيوتر في نظام الانتخابات في كمبوديا.

وفي هذا الإطار ضرب موقع “فوكس” الأمريكي المثال بالصين التي اخترقت جوجل عام 2009 وذلك جزئيًا للتجسس على حسابات نشطاء حقوق الإنسان الصينيين وغيرهم من المنشقين. وبعد خمس سنوات، سرقت بكين معلومات حساسة عن 22 مليون شخص، مخزنة في مكتب إدارة شؤون الموظفين في الولايات المتحدة، الذي كان يملك أو يحمل في السابق تصاريح أمنية في الحكومة الأمريكية.

وكان الرئيس ترامب قد اتهم الصينيين بمحاولة تقويض المرشحين الجمهوريين في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر النصفية، حيث قال: “إنهم لا يرغبون بأن أنجح أنا أو نحن، لأني أول رئيس يتحدى الصين في التجارة على الإطلاق”.

وتبع ذلك تصريحات لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس قال فيها إنه لا يوجد شك في أن الصين تتدخل في الديمقراطية الأمريكية. وانتقد بنس سلوك الصين ووصفه بأن محاولة غير مسبوقة للتأثير على الرأي العام الأمريكي.

ورفضت الصين ما وصفته “الاتهامات غير المبررة” من جانب الرئيس الأمريكي بأن بكين تتدخل في الانتخابات النصفية الأمريكية. وقال وزير الخارجية الصيني وانج يى: إن بكين اتبعت على الدوام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، مضيفا :”نحن لم ولن نتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد”.

ولم يثبت مسئولو البيت الأبيض أي نشاط صيني محدد من شأنه أن يرتقي لمستوى التدخل في الانتخابات. فيما قال مسئول استخباراتي أمريكي إن وكالات الاستخبارات الأمريكية تقوم بتقييم ما إذا كان العملاء الصينيون يستهدفون الانتخابات الأمريكية.

ونقلت وكالة “بلومبرج” الأمريكية عن مسئولين بشركتي فيس بوك وتويتر قولهما إنهما لم يرصدوا محاولات للتدخل الصيني في الانتخابات النصفية.

إيران

تشير العديد من التقارير الإعلامية إلى وجود محاولات إيرانية للتدخل في الانتخابات النصفية، وقالت “فيسبوك” مؤخرًا إنها حذفت 82 صفحة ومجموعات وحسابات كانت تدار من إيران تستهدف أشخاصا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قبل الانتخابات النصفية الأمريكية.

وبدءًا من العام 2011، هاجمت إيران أكثر من 40 بنكًا أمريكيًا، بما في ذلك بنك جيه بي مورجان تشيس وبنك أوف أمريكا، حيث نتج عن الهجوم تعطيل قدرة البنوك على خدمة عملائها، ومواجهة العملاء مشاكل في استخدام خدمات البنك.

من جانبه فنّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، مزاعم نية بلاده التدخل بالانتخابات النصفية. وأوضح قاسمي في بيان على موقع الخارجية الإيرانية، أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وأن طهران لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

ورغم كل ما يثار حول التدخل الأجنبي في الانتخابات الأمريكية، فإن ما ستسفر عنه الانتخابات النصفية سيكون أمرًا حاسمًا في هذا الشأن، حيث ستكشف مجريات الأحداث عما إذا كانت هناك محاولات للتدخل الأجنبي بالفعل أم لا، كما ستكشف قدرة المؤسسات الأمريكية على كشف هذه المحاولات والتصدي لها، وربما تحسم الجدل حول ما تم خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، وما يمكن أن تكون عليه الانتخابات الرئاسية المقبلة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى