تقارير

هل تتجه الولايات المتحدة للتدخل العسكري في فنزويلا؟

علي البلهاسي

تصاعدت في الآونة الأخيرة التصريحات حول عزم الولايات المتحدة التدخل العسكري في فنزويلا للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، ودعم المعارضة الفنزويلية بزعامة رئيس الجمعية الوطنية خوان جوايدو.

وتشهد فنزويلا توترًا متصاعدًا، منذ إعلان جوايدو نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد في الثالث والعشرين من يناير الماضي، حيث سارع بعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاعتراف بزعيم المعارضة رئيسًا انتقاليًا، وتبعته كندا، وكولومبيا، بيرو، الإكوادور، باراجواى، البرازيل، تشيلى، بنما، الأرجنتين، كوستاريكا، جواتيمالا وجورجيا ثم عدد كبير من الدول الأوروبية، فيما أيدت كل من روسيا وتركيا والمكسيك وبوليفيا شرعية مادورو، الذي أدى مؤخرا اليمين الدستورية رئيسا لفترة جديدة من 6 سنوات.

البرازيل ترفض

آخر التصريحات حول احتمالية التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا تمثلت فيما أعلنه نائب الرئيس البرازيلي هاميلتون موراو، بأن بلاده لن تسمح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها لأي تدخل عسكري ضد فنزويلا. وقال موراو ـ في تصريحات صحفية من العاصمة الكولومبية بوجوتا أوردتها قناة (روسيا اليوم) مساء الاثنين – إن البرازيل لن تسمح للولايات المتحدة “في ظل أي ظرف من الظروف” باستخدام أراضيها كقاعدة لغزو فنزويلا، مؤكدًا أن بلاده ستعمل ما في وسعها لتفادي حدوث صراع مسلح مع فنزويلا المجاورة.

أوروبا تحذر

وكانت رئيس الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا موجيرينى، قد أعلنت رفضها لأي تصعيد عسكري في فنزويلا، وقالت موجيرينى فى ختام اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل “نستبعد بشكل قاطع أي دعم للاتحاد الأوروبي للتصعيد العسكري في فنزويلا”، مضيفة: “لابد من تقييم الدعم اللازم لتمهيد الطريق لانتقال ديمقراطي وسلمى، خاصة تنظيم انتخابات رئاسية حرة”.

فيما كان وزير الخارجية الإسباني “جوزيب بوريل” أكثر وضوحا في أنه لا يشارك رؤية نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس حول إمكانية التدخل العسكري لحل الأزمة في فنزويلا. وأعرب بوريل عن قلقه من تدهور الأوضاع في فنزويلا، رافضا أي محاولات للتدخل العسكري الأجنبية، وطالب بالتوصل إلى حل بشكل سلمى.

هل دعت أمريكا للتدخل العسكري؟

ووفقا لصحيفة “الإسبيكتاتور” المكسيكية فإن بنس طالب بشكل غير مباشر بدعم الاتحاد الأوروبي للتدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا، وذلك من خلال قوله “اليوم ندعو الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوة للأمام من أجل الحرية والاعتراف بخوان جوايدو رئيسًا شرعيًا وحيدًا لفنزويلا”.

كما أثار تعين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، لإليوت أبرامز، مبعوثاً إلى فنزويلا بهدف المساهمة في “إعادة الديمقراطية” إلى هذا البلد، قلقًا واسعًا بشأن نية الولايات المتحدة للتدخل العسكري في فنزويلا.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قالت في بيان إن “الوزير بومبيو سيحض أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولي على دعم السلم والأمن الدوليين بالاعتراف بخوان جوايدو رئيسا دستوريّا مؤقتا لفنزويلا والدعوة إلى دعم الحكومة الانتقالية فى سعيها إلى استعادة الديمقراطية وحكم القانون”.

وأكد نائب الرئيس الأمريكي في تصريحات الاثنين، تأييد الرئيس ترامب الكامل لزعيم المعارضة الفنزويلية خوان جوايدو. وذكرت قناة (الحرة) الأمريكية أن بنس التقى جوايدو في بوجوتا خلال اجتماع “مجموعة ليما” ونقل رسالة إليه من الرئيس الأمريكي مفادها “نحن معك مئة بالمائة”.

وترى صحيفة “الإسبيكتاتور” المكسيكية أن الولايات المتحدة تكثف من جهودها الرامية إلى تطبيق سيناريو التدخل العسكري في فنزويلا باللجوء إلى ذريعة المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن الوضع في فنزويلا يتطور وفق مسار مثير للقلق، حيث تخطط واشنطن لتنفيذ عملية استفزازية واسعة في البلد الكاريبي بدعم من المعارضة الفنزويلية بزعامة جوايدو، وذلك بالتزامن مع محاولة واشنطن إيصال مساعداتها الإنسانية لفنزويلا في خطوة تتحدى السلطات في كاراكاس التي رفضت الأمر، وتعهدت بعدم السماح للحمولات الأمريكية بدخول البلاد.

المعارضة ترحب

ولعل ما يثير قلق الاتحاد الأوروبي والعالم، هو تلميحات زعيم المعارضة الفنزويلية جوايدو، إلى التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا، للإطاحة بالرئيس، نيكولاس مادورو، حيث قال إنه على استعداد لفعل كل شيء من أجل إنقاذ حياة الناس، بما في ذلك الموافقة على تدخل عسكري أمريكي، مضيفًا: “سنفعل كل ما تقتضيه الضرورة، من الواضح أن المسألة مثيرة للجدل، لكن في ممارستنا لسيادتنا ولسلطاتنا، سنفعل ما هو ضروري”.

فما أعرب مادورو عن دعمه لـ “آلية مونتيفيديو”، التي تم إنشاؤها للبحث عن حوار سياسي في البلاد. وقال مادورو في مؤتمر صحفي في كاراكاس “إن آلية مونتيفيديو، بطريقة محترمة، توفر الحوار بين الفنزويليين بمساعدة إخواننا من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، نحن على استعداد لتقديم الدعم الفوري لأي مساعي تؤدى إلى الحوار والتفاهم بين الفنزويليين”.

ورأت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن دعوات المعارضة في فنزويلا للمجتمع الدولي بالنظر في استخدام القوة العسكرية ضد الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، قد يؤدي إلى تصعيد الموقف في البلاد بعد أن انتهت مواجهة استمرت أسبوعًا بين حكومة الرئيس نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة الفنزويلية خوان جوايدو بشأن المساعدات الإنسانية، باندلاع أعمال عنف.

وذكرت الصحيفة في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني أن الدعوات للنظر في تدخل عسكري أعقبت مواجهات الأسبوع الماضي بشأن دخول المساعدات الأمريكية، وتعتبر المعارضة هذه الدعوات محورية وضرورة، متعهدة بجلب مساعدات إلى فنزويلا ودعوة الجيش للانقلاب على مادورو.

وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي قال فيه بعض أعضاء المعارضة الفنزويلية منذ فترة طويلة، أن التدخل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة سيكون هو السبيل الوحيد لإزاحة حكومة مادورو، فإن هذه الدعوة تمثل أول مرة تطلب فيها المعارضة رسميا من حلفائها الدوليين النظر في هذه الخطوة.

حكومة مادورو تشتكي الحصار

من جانبه قال وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أريزا، إن الحصار الأمريكي لبلاده يتسبب في معاناة للشعب الفنزويلي، مطالبًا بضرورة إنهاء ذلك الحصار. وقال أريزا – في تصريح أوردته صحيفة “أولتيماس نوتيسياس” الفنزويلية – إن “الهجوم الدولي الذي تتعرض له كاركاس، والذي يشمل تحديدًا الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة من جانب الولايات المتحدة، هو السبب الرئيسي وراء تراجع الاقتصاد في فنزويلا”.

وأضاف: “لدينا أزمة اقتصادية .. هل كان هناك سوء إدارة؟ ربما .. فنحن لسنا حكومة مثالية، ومن الصعب للغاية معرفة القرارات التي يجب اتخاذها عندما يقع اقتصادك تحت العدوان، وعندما تُشن حرب اقتصادية ضدك”. وأكد وزير الخارجية الفنزويلي أنه لولا العقوبات الأمريكية المفروضة على كراكاس، لتمكن قادة البلاد من إدارة الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت فرض عقوبات جديدة ضد حلفاء للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وذكرت شبكة (إيه بي سي) نيوز الإخبارية الأمريكية أن العقوبات الجديدة فرضت ضد أربعة حكام ولايات فنزويلية هم؛ حاكم ولاية “زوليا” عمر برييتو، وحاكم ولاية “أبوري” رامون كاريزاليس، وحاكم ولاية “فارجاس” خورخي جارسيا كارنيرو، وحاكم ولاية “كارابوبو” رافائيل لاكافا، تمنعهم من إجراء تعاملات مالية أو تجارية مع كيانات أمريكية أو مواطنين أمريكيين.

وأوضح وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، إن حكام الولايات الأربعة قاموا بحظر شحنات المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة.

يذكر أن واشنطن فرضت العديد من العقوبات على فنزويلا؛ ففي شهر يناير الماضي، جمدت الولايات المتحدة نحو 7 مليارات دولار من الأصول التي تعود ملكيتها لشركة النفط الوطنية الفنزويلية، وشرعت في نقل إدارتها إلى الجمعية الوطنية التي يسيطر عليها زعيم المعارضة خوان جوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا لفنزويلا.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى