تقارير

من يملك حل أزمة أطفال المهاجرين.. ترامب أم الكونجرس أم المهاجرون أنفسهم؟

تراجع ترامب وتعليق مقاضاة المهاجرين لن يحل المشكلة

خاص – راديو صوت العرب من أمريكا

أعد التقرير: مروة مقبول- تحرير: علي البلهاسي

سياسة “عدم التسامح” أدت إلى فصل 2300 طفل عن والديهم

خلافات ترامب والديمقراطيين قد تطيل أمد الأزمة

لم تنته الأزمة رغم ظهور انفراجات.. فلا زالت صور الأطفال النائمين في الحظائر المسيجة، وأصوات بكائهم عالقة بالأذهان.. ولا زالت أمريكا على المستوى الرسمي وغير الرسمي تبحث عن مخرج لحل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين وأطفالهم والتي باتت تؤرقها اليوم أكثر من أي وقت مضى، وقد تسعى في هذا الإطار لحفظ أمنها، لكن بكل تأكيد تسعى لحفظ صورتها

بالأمس علقت الولايات المتحدة مؤقتًا الملاحقات ضد المهاجرين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى البلاد مع أطفالهم، وقبلها رضخ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للضغط العام، ووقع أمرًا تنفيذيا يعد فيه “بالحفاظ على الأسر معا” في مخيمات للمهاجرين.

خطوات قد تبدو للبعض حلاً مؤقتًا لحين الوصول إلى حل نهائي، لكن حتى الآن لا يبدو واضحًا من أين سيأتي هذا الحل، هل من جانب الرئيس ترامب نفسه، أم من جانب الكونجرس الذي يعلق ترامب آمالاً عليه في إصدار تشريع يلبي مطالبه المتعلقة بموضوع الهجرة، أم أن صعوبة الوصول إلى حل قانوني تجعل الأمر بيد المهاجرين أنفسهم الذين دعاهم ترامب ونائبه مايك بنس لعدم القدوم إلى أمريكا بصورة غير مشروعة.

التقرير التالي من “راديو صوت العرب من أمريكا يلقى الضوء على الأزمة وأبعادها والحلول التي قد تكون مطروحة لمواجهتها.

وقف الملاحقة

أحدث تطورات الأزمة كان القرار الذي تم الإعلان عنه بتعليق الملاحقات مؤقتًا ضد المهاجرين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى البلاد مع أطفالهم، بسبب عدم توفر أماكن لاحتجاز هذه العائلات، حسب السلطات الأمريكية التي أكدت أن سياسة “عدم التساهل” مع هؤلاء ما زالت قائمة.

وقال مفوض الجمارك وحماية الحدود كيفن ماكالينان إنه أوقف الملاحقات ضد المهاجرين الذين قدموا مع أطفالهم، لأن الأجهزة التابعة له لا تملك أماكن لاحتجاز كل هذه العائلات. وتابع أن هذا القرار اتخذ بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي بوقف الفصل المنهجي للأبناء القاصرين للمهاجرين غير الشرعيين عن عائلاتهم.

ونسبت صحيفة نيويورك تايمز ووكالة أسوشيتد برس إلى ماكالينان قوله إن عملاء الحدود لن يسلموا الأهالي إلى السلطات الجنائية حتى تتوصل الحكومة لحل بشأن كيفية محاكمتهم من دون فصلهم عن أطفالهم.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن ماكالينان قوله أن وكالته ووزارة العدل يفترض أن تتفقا على سياسة تقضى “بملاحقة البالغين الذي يجلبون الأطفال عبر الحدود منتهكين بذلك قوانيننا ومجازفين بحياتهم على الحدود بدون أن يفصلوا لفترة طويلة عن أطفالهم”.

وأوضح أن رجال مراقبة الحدود سيواصلون ملاحقة الراشدين الذين يعبرون الحدود بطريقة غير شرعية بدون قاصرين، موضحا أنه سيتم فصل القاصرين عن عائلاتهم في حال تعرضهم للخطر أو إذا كان البالغون من أصحاب السوابق. وأكد انه يعمل على خطة تسمح باستئناف الملاحقات ضد الأهالي الذين يعبرون الحدود مع أطفال.

وأوردت تقارير قول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، إن سياسة الهجرة في بلاده ينبغي أن تكون ببساطة: “لا يمكنك الدخول”. ونقل صحفي في شبكة ‘بلومبرج' الإخبارية عن ترامب قوله لأعضاء بالكونجرس، ‘الأمر غاية في البساطة. يمكن القول: “معذرةً لا يمكنك الدخول”.

من جانبه دعا مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي، مواطني دول أمريكا الوسطى إلى تجنب المجازفة بحياتهم وعدم القدوم إلى الولايات المتحدة بصورة غير مشروعة.

وقال بينس في تصريحات تم بثها عبر التلفزيون المحلي في البرازيل: “في حال لم تكن لديكم الشروط اللازمة لدخول (إلى الولايات المتحدة) بشكل قانوني، فلا تفعلوا.. وإذا قالوا لكم إنه بإمكانهم نقل أطفالكم إلى الولايات المتحدة، فلا تصدقوهم.. ابنوا حياتكم في وطنكم”.

انتقادات واسعة

وواجه الرئيس الأمريكي ترامب انتقادات واسعة هذا الشهر بسبب أطفال المهاجرين الذين فصلوا عن ذويهم، وأدت سياسة “عدم التسامح التام”، التي تبنتها إدارة ترامب في مواجهة الهجرة غير الشرعية إلى فصل العديد من الأطفال عن أهلهم، ما أثار موجة استنكار في الولايات المتحدة وفي العالم بأسره.

وقد أثارت عشرات الصور التي تم نشرها لأطفال نائمين في حظائر مسيجة، وأصوات بكائهم انتقادات دولية واسعة النطاق. ومحليًا خرجت مظاهرات في عدة مدن وولايات للتنديد باحتجاز أطفال المهاجرين غير الشرعيين، وفصلهم عن دويهم. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها “يجب للأسر أن تبقى معاً” و”الأطفال بحاجة إلى آبائهم”.

وهتفوا بشعارات ضد سياسة “عدم التسامح” مع ملف الهجرة والتي أدت حتى الآن، إلى فصل ما لا يقل عن 2300 طفل عن والديهم.

وأقامت 17 ولاية أمريكية، إضافة إلى واشنطن، دعاوى قضائية تطعن في سياسة إدارة ترامب المتمثلة في فصل الأطفال عن آبائهم أو أعضاء العائلات الآخرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

بينما طالت الانتقادات الرئيس ترامب نفسه مباشرة، فبينما كان الرئيس يمشي داخل أروقة مبنى الكابيتول صرخ أحد المحتجين: “سيدي الرئيس، اللعنة عليك”، وعندما غادر ترامب الاجتماع، واجه مظاهرة قام بها أعضاء الكونجرس، حيث طالبه الديمقراطيين بالتخلي عن سياسته الخاصة بالهجرة، ولوحوا بلافتات تقول: “العائلات تنتمي إلى بعضها البعض”.

وصاح عضو الكونغرس لولاية كاليفورنيا خوان فارغاس: “سيدي الرئيس، أليس لديك أطفال؟ كيف ستتصرف إذا فصلوا أطفالك عنك؟”

كما طالت مظاهر الاحتجاج مسئولي البيت الأبيض، حيث قام أحد المطاعم بولاية فيرجينيا مؤخرًا بطرد المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، بسبب عملها مع ترامب وتعبيرها عن آرائه.

وانتقد ترامب نفسه هذا الإجراء من القائمين على المطعم وطالبهم بضرورة التركيز على تنظيف أبوابه ونوافذه بدلاً من طرد شخصية بارزة مثل سارة ساندرز.

واجب ديني

لم يرضخ ترامب في البداية للغضب العام المتزايد تجاه سياسة فصل الأطفال عن ذويهم، بل دافع هو وكبار المسئولين في الإدارة، عن هذه السياسة.

واستشهد كل من المدعي العام جيف سيشنز، والمتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هوكابي ساندرز، بالكتاب المقدس للدفاع عن سياسة “عدم التسامح” التي تتبعها إدارة ترامب بشأن الهجرة غير القانونية.

وقال سيشنز خلال كلمة ألقاها أمام ضباط إنفاذ القانون في فورت واين بولاية إنديانا: “أود الإشارة إلى الرسول بولس ووصيته الواضحة والحكيمة بأنه يجب طاعة قوانين الحكومة لأنها جاءت من الله لإحلال النظام”. وأضاف “إن العمليات المنظمة والمشروعة وتطبيق القانون يحمي الضعفاء”.

المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز قامت أيضًا بتبرير قرار ترامب، وقالت إنها تتفق مع ما قاله سيشنز حول أن تطبيق القانون هو “واجب ديني”.

وأضافت: “أنا أعلم أن الرب أخبر “نحميا” عندما عاد إلى القدس أن يقوم ببناء جدار، كان هذا هو أول شيء أخبره أن يفعله. ولم يكن الجدار لحبس الناس بالداخل، ولكن كان لإبعاد الناس السيئين عنهم. لا أعتقد أن هناك أساساً دينيًا يبرر فكرة أن يكون لدينا حدود مفتوحة في عالم اليوم، أو عدم تمكين الدول من وضع سياسيات مناسبة لتنظيم الهجرة إليها”

وقالت “أستطيع أن أقول إن الكتاب المقدس يدعونا بشدة إلى تطبيق القانون. وهو الأمر الذي سنجده يتكرر عدة مرات في الكتاب المقدس.” “إنها سياسة أخلاقية لنتبعها ونطبق القانون”.

رد رجال الدين

لكن القس سامويل رودريجيز، رئيس المؤتمر القومي للقيادة المسيحية الهسبانية، علق على هذا الأمر في بيان على موقع “تويتر” صباح الجمعة قال فيه: “بينما تقوم الحكومة الفيدرالية بحماية حدود أميركا والدفاع عن سيادة القانون، يجب علينا دائمًا أن نوازن بين إنفاذ القانون  التعاطف. هناك تقارير تفيد بأن بعض من عبر الحدود يتحملون إجراءات قاسية من قبل سلطات إنفاذ القانون ومنهم عائلات. يجب أن نتوقف أمام مثل تلك الانتهاكات بغض النظر عن السبب وراء محاولة شخص ما الدخول إلى البلاد بطريقة غير شرعية، فيجب علينا نحن الأمريكيين أن نحترم وندافع عن كرامة كل طفل”.

فيما قال غابرييل سالغويرو، رئيس الائتلاف الإنجيلي الوطني اللاتيني، لصحيفة واشنطن بوست إن الكتاب المقدس يحث بشكل كبير على الدفاع عن العائلات وليس فصلها.

وأضاف: “الكتاب المقدس بأغلبية ساحقة يجعلنا ندافع عن العائلات. وكإنجيليين، لدينا عقيدة أن نكون شعبًا مؤيدًا للعائلة، فكما تعلمون الكتاب المقدس يدعونا إلى أن نكون مؤيدين للأسرة، وأنا شخصيا أجد ذلك مؤسفًا للغاية،  لأننا نفصل أطفالاً عن آبائهم على الحدود أو في أي مكان ”

تزايد طلبات اللجوء

وفي كلمته أشار المدعي العام جيف سيشنز إلى أن “وزارة الأمن الداخلي قامت في عام 2009 بمراجعة أكثر من 5 آلاف طلب لجوء مبدئي. وبحلول عام 2016، أي بعد سبع سنوات فقط، ارتفع هذا الرقم ليصل إلى 94 ألف طلب. كما تضاعف عدد إجراءات الهجرة بالمحاكم من 4 آلاف إلى أكثر من 73 ألف حالة بحلول عام 2016 – أي بزيادة تقارب 19 ضعفًا”.

وقال ” إذا ذهب الوالدان إلى أحد منافذ الدخول العديدة لطلب اللجوء، فلن تتم محاكمتهم، وستظل الأسرة معًا في انتظار الإجراء القانوني. فطلب اللجوء هو عملية قانونية وليس جريمة. أولئك الذين حرموا من حق اللجوء ليسوا بالضرورة مجرمين.

ويسمح القانون الأمريكي بالترحيل السريع للمهاجر إذا ألقى القبض عليه فى نطاق 160 كيلومترا من الحدود وخلال أقل من 14 يوما من دخوله البلاد، أما طالبو اللجوء فيتعين منحهم فرصة لسماع مبررات طلبهم.

وأضاف سيشنز “المشكلة هي أنه أصبح من المعروف جيداً أن البالغين الذين لديهم أطفال لن يخضعوا للملاحقة القضائية نتيجة لدخولهم بصورة غير قانونية، ولذلك ارتفعت أعدادهم من 15 ألف في عام 2013 إلى 75 ألفًا بعد 4  سنوات. وكانت إتباع هذه السياسة بمثابة إعلان أن الحدود مفتوحة أمام العائلات”.

ويدافع سيشنز عن قرار الفصل قائلاً: “سياساتنا التي يمكن أن تؤدي إلى فصل العائلات لوقت قصير ليست غريبة، فالمواطنون الأمريكيون المسجونون لا يأخذون أطفالهم إلى السجن معهم، والذين يعبرون حدودنا بشكل غير قانوني مع أطفالهم ليسوا حالات استثنائية”.

فبينما يتم توجيه التهم إلى الكبار بموجب هذه السياسة، فإن الأطفال أو القصر يتم احتجازهم بشكل منفصل عن البالغين.

سياسة متشددة

كان المدعي العام جيف سيشنز قد أعلن عن شراكة في مايو الماضي بين وزارة العدل والأمن الداخلي لتوقيف أي شخص يعبر الحدود الجنوبية الغربية بطريقة غير شرعية، أما الأطفال فيتم فصلهم عن والديهم.

وقال سيشنز “إذا عبرت هذه الحدود بشكل غير قانوني، فسوف نحاكمك.. الأمر بهذه البساطة” وأضاف “إذا قمت بتهريب أفراد بطريقة غير شرعية عبر حدودنا فسوف نحاكمك أيضًا.. إذا كنت تهرب طفلاً فسوف نلاحقك، وسيتم فصل هذا الطفل عنك بموجب القانون. إذا لم يكن الأمر يعجبك فلا تهرب الأطفال عبر حدودنا”.

وفي عام 1997 ، أبرمت دائرة الهجرة والتجنس السابقة اتفاق “فلوريس” المتعلق باحتجاز وإطلاق سراح الأطفال غير المصحوبين بذويهم والذي ينص على أنه لا يمكن احتجاز الأطفال إلا لمدة 20 يومًا قبل أن يتم إطلاق سراحهم وتسليمهم إلى وزارة الصحة والخدمات الإنسانية التي تضع الأطفال القاصرين في ملاجئ حتى يتم إيجاد وصي لهم، وكان هذا نهاية قانون “إلقاء القبض والإفراج”.

وفي عام 2016 ، قضت الدائرة التاسعة لقضايا الاستئناف بأن اتفاقية “فلوريس” تنطبق أيضًا على القاصرين المرافقين. وهذا يعني أنه يجب إطلاق سراح الأطفال وتسليمهم لأحد أفراد الأسرة الذين يعيشون بالفعل في الولايات المتحدة أو لوصي في الفترة التي لا يزال فيها والديهم رهن الاعتقال.

سياسة “عدم التسامح” التي تنتهجها واشنطن دخلت حيّز التنفيذ بداية أبريل/نيسان. ومنذ 20 أبريل/نيسان إلى نهاية مايو-أيار أحصت صحيفة “نيويورك تايمز” فصل 700 طفل عن أوليائهم، ومن بين هؤلاء 100 طفل دون سنّ الرابعة. وتضاعفت الأرقام المرتبطة بهذه السياسة بشكل كبير منذ الشهر الماضي حيث كشفت إدارة ترامب أن ما يقرب من 2000 قاصر تمّ فصلهم عن عائلاتهم في الفترة بين 19 أبريل/نيسان و31 مايو/أيار، وحسب تقرير لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية فإن نسبة العائلات التي تمّ اعتقالها على الحدود ارتفعت بنسبة 600 في المائة بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

رفض سيدات البيت الأبيض

السيدات الأربع الأول السابقات (روزالين كارتر، هيلاري كلينتون، لورا بوش وميشيل أوباما) خرجن من صمت التقاعد السياسي لإدانة ممارسة إدارة ترامب في فصل الآباء والأطفال على الحدود.

وانتقدت هيلاري كلينتون إدارة ترامب بسبب استغلالها الكتاب المقدس في الدفاع عن سياستها، قائلة: “قال يسوع المسيح : أرجو أن تهبط علي معاناة الأطفال الصغار لأعاني أنا ولا يعانون”.

وفي حديثها لمجموعة نسائية في مدينة نيويورك، وصفت كلينتون الانفصال الأسري بأنه “إهانة لقيمنا”، وقالت إنها حذرت من أن سياسة ترامب للهجرة ستؤدي إلى ذلك خلال حملتها الرئاسية ضده عام 2016 .

وقالت إنه يتعين على الصحفيين أن يدعوا البيت الأبيض لتصحيح “كذبة صريحة”، وهي إلقاء اللوم على الديمقراطيين فيما يتعلق بهذا القانون. كما انتقدت هيلاري كلينتون، وهي من الميثوديين منذ طفولتها، استخدام إدارة ترامب التبريرات الدينية لهذه الممارسة”.

وقالت السيدة الأولى السابقة “أولئك الذين يستعملون الكتاب المقدس بشكل انتقائي لتبرير هذه القسوة، يتجاهلون عقيدة مركزية للمسيحية .. فهذه السياسات ليس لها علاقة بالدين. وما يحدث هو استخدام اسم الدين بما يتناقض مع كل شيء تعلمته”. وأضافت: “قال يسوع المسيح: “أحتمل أنا أوجاع الأطفال ولكن لا تدع الأطفال يعانون”.

وفي سابقة، قامت صحيفة “واشنطن بوست” بنشر مقال للسيدة لورا بوش، التي لا تتحدث أبداً عن القضايا السياسية، قالت فيه “أنا أعيش في دولة ذات حدود. أقدر الحاجة إلى حماية حدودنا الدولية، لكن سياسة “عدم التسامح” هذه قاسية وغير أخلاقية. إنها موجعة للقلب”.

وفي الوقت الذي زعم فيه الرئيس أنه ليس لديه خيار في تفريق العائلات بسبب قانون أقره الديمقراطيون، ألقت السيدة بوش اللوم بشكل واضح على سياسات الرئيس – وبالتحديد سياسة “عدم التسامح” التي أطلقتها وزارة العدل.

وفي مقالها الافتتاحي، ناشدت السيدة بوش الأخلاقيات التي يتحلى بها الأميركيون، ورسمت تلك السياسة على أنها ” نقطة مظلمة” في تاريخ الأمة، حيث قارنتها بأزمة فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز وأزمة اعتقال اليابانيين.

وقالت: “تشبه هذه الصور بشكل مخيف معسكرات الاعتقال الأمريكيين من أصول يابانية في الحرب العالمية الثانية ، التي تعتبر الآن واحدة من أكثر الأحداث المشينة في تاريخ الولايات المتحدة. ونحن نعلم أيضًا أن تلك المعاملة قد تسبب “صدمة” ؛ فقد تضاعفت قابلية اليابانيين المحتجزين للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، أو الموت قبل الأوان مقارنة بأولئك الذين لم يتم اعقالهم”.

فيما وصفت السيدة “روزالين كارتر” سياسة فصل العائلات بأنها “مخزية وعار على البلاد”

جدل ميلانيا ترامب

من جانبها علقت السيدة الأولى الحالية، ميلانيا ترامب، على ما حدث على الحدود، حيث دعت إلى التعاون بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لإنهاء مشكلة فصل الأطفال المهاجرين عن آبائهم على الحدود.

وقالت المتحدثة باسم ميلانيا في بيان: “السيدة ترامب تكره أن ترى الأطفال منفصلين عن عائلاتهم، وتأمل أن يجتمع شمل الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، لتحقيق إصلاح ناجح للهجرة”. وأضافت:”إنها تعتقد أننا بحاجة لأن نكون بلدًا يتبع جميع القوانين، وأن نكون أيضًا دولة تحكم بقلب”..

وقامت ميلانيا ترامب بزيارة أحد مراكز احتجاز أطفال المهاجرين في تكساس، وزيارة الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، لكن سيدة أمريكا الأولى تعرضت لانتقادات بسبب ارتداء معطف مكتوب عليه “أنا حقا لا أبالي فهل تبالي أنت؟”، وذلك أثناء رحلتها لزيارة مركز احتجاز الأطفال المهاجرين في ولاية تكساس.

تراجع ترامب

وسط تصاعد الغضب الدولي والمحلي رضخ الرئيس ترامب للضغط العام، ووقع أمرا تنفيذيا يعد فيه “بالحفاظ على الأسر معا” في مخيمات للمهاجرين، ويقضي الأمر التنفيذي بإبقاء الأطفال الموقوفين مع ذويهم خلال فترة الإجراءات القانونية.

ويطالب بالآتي: احتجاز الأسر المهاجرة معا بينما تنظر قضاياها، تعجيل البت في قضايا الهجرة التي تتعلق بالأسر، طلب تعديل أمر المحكمة الذي يقضي باحتجاز الأطفال وبطول فترة الاحتجاز، بينما سيصوت الكونغرس على قرار لإبقاء الأسر معًا.

وقال ترامب إن زوجته، ميلانيا، وابنته إيفانكا، اللتين قيل إنهما ضغطتا عليه لإلغاء سياسته “تشعران بشدة” بضرورة إنهاء ممارسة فصل الأسر.

وبينما كان يفترض أن يضع هذا الأمر التنفيذي حدًا لسياسة فصل عائلات المهاجرين غير الشرعيين، دعا ترامب إلى مزيد من الحزم في هذا الملف، ملمحًا إلى إمكانية طرد المهاجرين بصورة غير شرعية بدون رفع ملفاتهم إلى القضاء.

وكتب ترامب على تويتر: “لا يمكن أن نسمح لهؤلاء الأشخاص باجتياح بلادنا. حين يدخل أحد، علينا طرده فورا بدون قضاة أو قرارات قضائية إلى المكان الذي قدم منه”.

وعلى خلفية تراجع ترامب أعلنت وزارة الصحة في بيان، أن الجيش الأمريكي، “جمع 522 طفلا بأسرهم المعتقلين، مضيفة أن 2053 قاصرا مفصولين عن ذويهم لا يزالون في عهدة دائرة الخدمات الصحية والإنسانية.

وتابع البيان أن “حكومة الولايات المتحدة على علم بمكان وجود جميع الأطفال في مراكز الاعتقال وتعمل على جمعهم بعائلاتهم”.

صعوبة التنفيذ

رغم أن تراجع ترامب كان من المفترض أن يمثل انفراجة للأزمة إلا أن كثيرون أشاروا إلى صعوبة تنفيذ القرار ووجود غموض في كيفية التعامل معه وتطبيقه. ووفقًا لما نقلته مجلة “يو إس إيه توداي” الأمريكية، فإن عدد من المحامين قالوا إنهم ليس لديهم أدنى فكرة عما سيعنيه أمر الرئيس بالنسبة لآلاف الأشخاص المتهمين بجرائم الهجرة البسيطة، وهو السبب القانوني الذي تبنته الإدارة الأمريكية، لفصل هؤلاء المهاجرين عن أطفالهم.

وقالت مارجوري مايرز، المحامية الفيدرالية في جنوب تكساس، إن مكتبها لم يتلق أي معلومات حول الكيفية التي سينفذ بها الأمر. وأضافت أنه إذا كان هذا يعني أن الحكومة ترغب في احتجاز الأشخاص في مراكز احتجاز المهاجرين بدلًا من احتجازهم جنائيًا في الوقت الذي يتم فيه تعليق التهم، فإن ذلك يعني أن الحكومة لن تضطر إلى احتجازهم بشكل منفصل عن أطفالهم، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان ذلك قد يحدث أم لا، أو كيف سيتم.

فيما قدم مسئولون فيدراليون تصورات مختلفة عن مصير الأطفال الذين انفصلوا عن أسرهم بالفعل، حيث قال كينيث وولف المتحدث باسم إدارة شؤون الأطفال والعائلات، لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: “لن يكون هناك إعفاء للحالات القائمة”. لكن في وقت لاحق، قال بريان ماريوت كبير المتحدثين باسم إدارة شؤون الأطفال والعائلات في الحكومة الأمريكية، إن وولف “مخطئ” وإنه لم يتم اتخاذ أي قرار بعد.

وأضاف ماريوت: “ما زال الوقت مبكرا جدا، ونحن ننتظر المزيد من التوجيهات بشأن هذه المسألة”، مؤكدًا: “لم شمل الأسر كان الهدف النهائي”.

أوضاع صعبة

رغم صدور أمر ترامب التنفيذي، لم تتمكن الوكالات الحكومية من تحديد مصير الأطفال الذين تم إرسالهم إلى مخيمات وغيرها من المنشآت في أنحاء البلاد لحين توجيه السلطات اتهامات لذويهم بشأن ارتكاب مخالفات تتعلق بالهجرة.

ولرعاية هؤلاء الأطفال القصّر، قام المدعي العام جيف سيشينز بفتح مراكز للاعتقال، أكبرها يقع في براونزفيل بتكساس، حيث يتمّ احتجاز أكثر من 1400 طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما، في انتظار محاكمة أهاليهم.

ووفقًا لصحيفة “لوموند” الفرنسية، يبقى الأطفال حوالي 50 يوما كمعدل متوسط في مراكز الاعتقال.

واتضح أنه يتم أخذ الأطفال بالقوة من أهاليهم على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ويتم إرسالهم إلى ثلاثة ملاجئ على الأقل في جنوب تكساس حيث يعيشون أوضاعًا صعبة.

ووصف المحامون ومقدمو الخدمات الطبية الذين زاروا ملجأ “ريو غراند” أن صالة الألعاب مليئة بأطفال في سن الحضانة وكانوا يبكون.

فيما نشرت وسائل إعلام إلكترونية تسجيلًا صوتيًا للأطفال المفصولين عن عائلاتهم على الحدود، ونشرت صحيفة “لوبسايدر” على حسابها على موقع “تويتر” بكاء طفل وهو يقول: “أريد أن أذهب مع عمتي، أريد منها أن تأتي”.

رئيس منظمة “مشروع فلورنسا” التي تقدّم المساعدات للمهاجرين المحتجزين في ولاية أريزونا أكدت لوسائل إعلامية أنّ بعض الأطفال الذين يتمّ فصلهم عن عائلاتهم صغار جداً، مؤكدة أنها شاهدت أطفالا في سنّ العامين، مضيفة أنها رأت طفلا عمره 53 أسبوعاً من دون أبوين”.

وقال كاي بيلور، نائب الرئيس لبرامج خدمات الهجرة واللجوء: “أنا لا أصدق أنهم يضعون هؤلاء الأطفال الصغار في بيئة مؤسسية وكأنهم معتقلون؟”.

مؤسسات الرعاية

من جانبه دافع ستيفن فاجنر، وهو مسئول في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، عن مؤسسات رعاية الأطفال المفصولين عن ذويهم، حيث قال: “لدينا مرافق متخصصة لتوفير الرعاية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والأولاد في سن الرشد والأطفال أقل من 13 عامًا”.

وأضاف: “هذه المرافق تلبي معايير الترخيص التي أقرتها الدولة لوكالات رعاية الأطفال، ولديهم أطباء مدربين تدريبًا جيدًا جدًا، ولديهم أيضًا موظفون يعرفون كيف يتعاملون مع احتياجات الأطفال”.

ودخل الجيش الأمريكي على الخط في مواجهة الأزمة، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس إن الجيش يستعد لإيواء مهاجرين في قاعدتين عسكريتين بولاية تكساس، في أحدث إشارة إلى دعم الجيش لسياسات الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بالهجرة.

وإحدى القاعدتين ستنزل بها العائلات، بينما سينزل في الثانية الأطفال، حسبما قال مسئول أمريكي طلب عدم نشر اسمه. وكان الجيش الأمريكي قد قال إن الحكومة طلبت منه الاستعداد لإيواء ما يصل إلى 20 ألفا من الأطفال المهاجرين.

هل يمكن لم الشمل؟

وسط احتدام الأزمة يبرز سؤال مهم: هل سيتمكن الوالدان المهاجران من لم شمل أطفالهما؟.. وكم من الوقت يلزم للم شمل جميع العائلات التي تم فصلها؟.

فلا يزال حوالي 2000 قاصر مبعدين عن أهلهم بحسب أرقام وزارة الصحة، ويقول المحامون العاملون على هذا الملف إنهم يواجهون متاهة لإتمام الإجراءات الضرورية. ولم تقدم إدارة ترامب حلولاً واضحة لإعادة لم شمل الأطفال المهاجرين مع آبائهم.

وصرح متحدث باسم الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية لشبكة إن بي سي نيوز أن جميع الأطفال المنفصلين عن آبائهم موجودين حالياً في حجز HHS، وأنهم سيواصلون متابعة تقديم “الرعاية” للقُصّر، مما يعني أنه سيتم تسليمهم إلى الأقارب أو الآباء بالتبني بدلاً من الآباء البيولوجيين الذين انفصلوا عنهم عند الحدود، حتى يتم تلقي تعليمات أخرى من وزارة الأمن الداخلي.

في حين قال متحدث آخر في ملجأ HHS “إن إعادة لم الشمل هي دائماً الهدف النهائي، وليس بالضرورة أن يكون ذلك مع الوالدين.. فالوكالة تركز على إعادة لم شمل القاصرين مع أحد الأقرباء أو راعي مناسب”.

وفقا للأمر التنفيذي، فإنه يتم احتجاز الوالدين الذين قام وكلاء الحدود بالقبض عليهما وتوجيه تهمة “عبور الحدود بشكل غير قانوني” لهما، فيما يتم احتجاز أطفالهما في رعاية إحدى مراكز وكالة HHS المائة المنتشرة في 15 ولاية.

كيف يعثر المهاجر على أطفاله؟

هناك سؤال آخر مهم وهو: كيف يمكن للوالدين العثور على أطفالهما؟.. فحتى الآن لم تستقر الحكومة الأمريكية على ما يعنيه “لم الشمل”، ولكن هناك طريقة لهؤلاء الآباء لإعادة الاتصال بأطفالهم.

فمن المعروف أن البالغين الذين يتم القبض عليهم أثناء دخول البلاد بطريقة غير قانونية يتلقون شيئًا يسمى ” ملف A” من وزارة الأمن الداخلي يحدد قضيتهم القانونية. وإذا كان برفقتهم أطفالهم، يحصل الأطفال على نفس رقم الملف.

ولكن في حالة فصل الأطفال عن آبائهم، يتلقى الوالدان والأطفال أرقام ملفات مختلفة، وبذلك يصبح الأمر أكثر تعقيدًا عند لم شمل الأطفال مع عائلاتهم في المستقبل.

ووفقًا لأحد المسئولين الأمريكيين، هناك أرقام ملفات مسجلة لأكثر من 2300 طفل تم فصلهم عن ذويهم. وﯾﻣﮐن أن ﺗﺳﺗﺧدم اﻟوﮐﺎﻻت الحكومية اﻟﻣﻟف A ﻟﺗﻌﻘب الأطفال إذا ﺗم إرﺳﺎﻟﮭم ﻣن ﻗﺑل HHS للعيش ﻣﻊ اﻷﺳر اﻟﺣﺎﺿﻧﺔ أو ﻓﻲ اﻟﻣراﻓق الحكومية أو اﻟﺧﺎﺻﺔ.

نظريًا، بعد أن يتم الفصل في قضايا الوالدين المهاجرين اللذان انفصلا عن أطفالهما، أي بعد ترحيلهما أو سجنهما أو إطلاق سراحهما، يمكنهم استخدام أرقام الملفات هذه لتحديد مكان أطفالهما أو للتواصل معهم.

ومع ذلك، قد يجد الوالد الذي يقف وراء القضبان صعوبة بالغة في التواصل مع طفله المحتجز أيضًا. و قد يجد أحد الوالدين الذي تم ترحيله من الولايات المتحدة أنه من الصعب التعامل مع نظام القانوني الأمريكي أو بيروقراطية الهجرة من الخارج أو حتى إتمام مكالمة هاتفية. وقد يستغرق الأمر عدة أشهر حتى يتم لم شمل العائلات، حيث أن ملف الأطفال يتحرك بطريقة أبطأ بكثير من ملف الشخص البالغ.

يقول مدير إدارة الهجرة والجمارك السابق جون ساندويج: “يمكن أن ينتهي بك الأمر بسهولة في وضع قد تصل فيه المدة بين ترحيل أحد الوالدين وترحيل الطفل إلى سنوات”.

وقال ساندويج لقناة NBC الإخبارية في وقت سابق إن بعض حالات انفصال الأطفال والوالدين المهاجرين قد تكون دائمة.

في السابق، عندما كان الوكلاء الفيدراليون يقومون بفصل الأطفال عن والديهم، كان ذلك عادة بسبب اعتقادهم بأنهم غير قادرين على رعايتهم.

وكان المهاجرون الذين يقبض عليهم وهم يعبرون الحدود لأول مرة، خلال فترة إدارة الرئيس أوباما، يستدعون إلى المحكمة ثم يطلق سراحهم.

وضع جديد

ورداً على تعليقات ساندويج، عرضت متحدثة باسم ICE حالات تم فيها جمع شمل الآباء الذين تم ترحيلهم بالفعل مع أطفالهم. وقالت المتحدثة ليز جونسون: “قد يطلب الوالد الذي سيتم ترحيله أن يرافقه طفله الصغير، وفي هذه الحالة يتعهد بأنه سيوفر له الرعاية اللازمة ونساعده في الوصول إلى بلده”.

وأوضحت أنه “عندما يتم ترحيل الوالدين بدون أطفالهما، تعمل ICE و ORR (مكتب إعادة توطين اللاجئين) والقنصليات معاً لتنسيق عودة الطفل، ونقل الوصاية إلى الوالد أو الحكومة الأجنبية عند الوصول إلى البلد، وفقاً “لاتفاقات الإعادة إلى الوطن بين الولايات المتحدة وبلدان أخرى”.

لكن يبقى من غير الواضح كيف ستعمل ICE وHHS معاً لإعادة لم شمل أكثر من 2300 طفل بشكل منهجي.

بالنسبة للعائلات المهاجرة التي يتم اعتراضها من قبل وكلاء الحدود في الولايات المتحدة، ستكون العملية مختلفة بعد الأمر التنفيذي الذي صدر مؤخرًا.

فمن الآن فصاعدًا، سيحاكم الوالدان المهاجران اللذان يعبران الحدود بشكل غير قانوني مع أطفالهما بتهمة الدخول غير القانوني، ولكنهما سيعيشان مع أطفالهما في الاعتقال العائلي الذي تديره إدارة الهجرة والجمارك في الولايات المتحدة حتى موعد جلسة الاستماع.

لكن قد يتم احتجاز العائلات لعدة أشهر، وذلك لأن إدارة ترامب ترغب في تقديم طلب لتغيير قرار محكمة اتحادية يحدد المدة التي يمكن فيها حجز الأطفال مع والديهم 20 يومًا.

هل الحل عند الكونجرس؟

تداعيات الأزمة وتصريحات المسئولين الأمريكيين حولها أوضحت أن هناك معركة تشريعية تدور في الكواليس حول ملف الهجرة، فعلى الرغم من الأمر التنفيذي الأخير، استمرت إدارة ترامب في دفع الكونجرس للتوصل إلى إصلاح تشريعي طويل الأمد لقضايا الحدود والهجرة.

فقد قال الرئيس دونالد ترامب إنه يستخدم قرار فصل العائلات على حدود الولايات المتحدة كأداة تفاوضية لجعل الديمقراطيين يوافقون على مطالبه المتعلقة بالهجرة، والتي تشمل تمويل الجدار الحدودي، والحد من الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة، وتشديد الحماية على الحدود.

وألقي ترامب باللوم مرة أخرى على الديمقراطيين بسبب تلك الإجراءات التي اتخذتها إدارته، وقال إن بإمكانهم وضع حد لفصل الأطفال عن أسرهم من خلال العمل مع الجمهوريين في الكونغرس.

فيما قالت كريستين نيلسن وزيرة الأمن الوطني، بعد اجتماعات في الكابيتول هيل، إنه “على الكونجرس أن يتوصل إلى تشريعات”.

وكان ترامب قد كتب في تغريدة له: “على سبيل التغيير، يمكن للديمقراطيين أن يقوموا بإصلاح الفصل الأسري القسري على الحدود من خلال العمل مع الجمهوريين على تشريع جديد! لهذا السبب نحن بحاجة إلى انتخاب المزيد من الجمهوريين في نوفمبر، فالديمقراطيون للأسف جيدون في ثلاثة أشياء فقط، الضرائب المرتفعة، معدلات الجريمة العالية، وإعاقة سير الأمور!”

ووفقًا لتقارير نشرتها صحيفة واشنطن بوست، قال مسئولو البيت الأبيض إن الرئيس دونالد ترامب كان يتوقع أنه سيكتسب نفوذًا في مفاوضاته مع الكونجرس من خلال فرض سياسة يزعم أنه “يكرهها”.

و في حوار له في برنامج “فوكس آند فريندز” الذي يذاع على قناة “فوكس نيوز” الإخبارية، قال ترامب  “أكره أن يتم أخذ الأطفال بعيدًا” وأوضح أنه لن يعترض على سياسة إدارته ما لم يوافق الديمقراطيون على أولوياته الخاصة بالهجرة.

وفي اجتماع مغلق في الكابيتول هيل، قال أعضاء جمهوريين في مجلس النواب إن ترامب أعرب عن قلقه من فصل العائلات من خلال تطبيق سياسة “عدم التسامح المطلق”، لكنه لم يتحمل المسؤولية عن ذلك. لكنه دعا الجمهوريين خلال الاجتماع إلى تمرير تشريع يبقي العائلات معاً.

بعد الاجتماع، قال عضو الكونجرس الجمهوري عن ولاية فلوريدا كارلوس كوربيلو: “الرئيس يريد هذا الأمر أن ينتهي “.

وقال كوربيلو ، الذي قاد عملية إصلاح الهجرة ، إن ترامب أخبر الأعضاء أن إيفانكا ترامب ناشدته لوقف فصل العائلات. ومع ذلك، لم يشر الرئيس إلى أنه على استعداد لرفض هذه السياسة، ولم يعترف بأنه يستطيع إيقاف عمليات الفصل دون تشريع. وبدلاً من ذلك، أصر ترامب على أن يقدم الكونغرس حلاً قانونياً لإنهاء هذه المسألة.

بدائل تشريعية

ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب يوم الخميس على اقتراحين مختلفين لإجراء مراجعة شاملة لنظام الهجرة، أحدهما اقتراح متشدد يفضله المحافظون، والذي من شأنه أن يحول سياسة فصل الأسرة إلى قانون.

والآخر مشروع قانون مرن قدمه رئيس مجلس النواب بول رايان، ومن شأنه أن يسعى لإنهاء عمليات الفصل، ويبدو أن المشروعين لا يملكان الأصوات اللازمة لتمريرهما.

من جانبه، يدرس مجلس الشيوخ مقترحات أضيق للتعامل مع فصل العائلات كمسألة قائمة بذاتها، ومن بين هذه المقترحات مضاعفة عدد قضاة الهجرة الفيدراليين، وإنشاء الملاجئ المؤقتة للعائلات المهاجرة.

وكشفت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، أن مشرعين فى الحزب الجمهورى يستعدون لطرح مشروع قانون بشأن الهجرة يسمح للأطفال المهاجرين المحتجزين بالبقاء فى مراكز الاحتجاز مع ذويهم لأكثر من 20 يوما، حسبما ذكر مسئولون كبار فى البيت الأبيض.

خلاف الحزبين

خلال العام الجاري أخفق الكونغرس في تبني قانون لتسوية مختلف جوانب قضية الهجرة، بما في ذلك مسألة “الحالمين” وحماية الذين قدموا أطفالا في هجرة سرية إلى الولايات المتحدة. ويعمل الجمهوريون على إعداد نص أوسع حول الهجرة يمكن أن يعرض في وقت قريب.

وبدا الاستياء واضحًا في صفوف الجمهوريين في الكونغرس بعد واقعة فصل الأطفال، وقال زعيم كتلة الجمهوريين في مجلس النواب بول راين: “لا نريد فصل الأطفال عن آبائهم”. وأضاف أنه يجب تسوية هذا الوضع عبر قانون حول الهجرة”.

فيما صرح مسئول جمهوري كبير في مجلس النواب أنه سيتم توضيح تعديل دستوري “للتأكد من عدم فصل القاصرين عن ذويهم أو الأوصياء عليهم الذين يتم اعتقالهم على الحدود”.

من جانبها قالت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي للصحفيين إنها “لا ترى أية احتمالات لحل المشكلة بطريقة تشريعية”. وأضافت: “فقط إدارة ترامب، والتي أقرت مرسوم الفصل الأسري من خلال تغيير متعمد في السياسة التي تنتهجها، لديها القدرة على وقف هذا القرار”.

وأوضحت قائلة: “هذه القضية يمكن أن يتم حلها في دقيقة واحدة إذا كان هناك سعي جدي لحلها. الأمر يتعلق بعمل تنفيذي لوزير العدل، وبعدها يمكن تغيير ذلك بسهولة”.

وانتقدت بيلوسي إبعاد العائلات التي تصل إلى الحدود طلبًا للجوء من أجل خفض إجراءات فصل الأطفال عن ذويهم. وأضافت “هذا ليس حلا. الحل هو عدم فصل الأطفال عن أهلهم”، مشددة على أنها سياسة “وحشية يجب أن تتوقف”.

ويرى كثيرون أن مشروع القانون الذي قدمه الأعضاء الديمقراطيون في مجلس الشيوخ لوقف هذه الممارسات لا يتمتع بفرصة كبيرة ليلقى دعم الأغلبية الجمهورية، وعبروا عن أملهم في أن يدفع “الشعور بالعار” إدارة ترامب إلى التحرك.

وبينما يتجه الجمهوريون في مجلس النواب للتصويت على عدد من مشاريع قوانين الهجرة، فإنهم يأملون في الوصول إلى حل وسط يرضي المعتدلين والمحافظين حول قضية قسمت الحزب بشدة.

وقال عضو الكونغرس الجمهوري لكنساس كيفين يودر: “إننا بحاجة إلى الموافقة على أحد مشروعي القانون”. وأضاف أن الرئيس كان لا يعرف أي من القانونين ينبغي الموافقة عليه.

فيما قال عضو الكونغرس الجمهوري لولاية فلوريدا ماريو دياز- بالارت: ” ليس لدي شك على الإطلاق أنه لن يتم تمرير مشروع القانون بدون دعم ترامب. وبدون موافقته لن يمرره مجلس النواب أو أي مكان آخر”

وأكد ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ “إن جميع أعضاء الحزب الجمهوري يؤيدون خطة تُبقي العائلات معًا”، كما أنهم يؤيدون تطبيق خطة تسمح بتطبيق قانون لاحتجاز الآباء والأطفال معًا إلى أن يتم البت في قضية الهجرة الخاصة بهم في المحكمة. وقال ماكونيل إنه يأمل في تمرير مشروع هذا القانون قريبًا.

ويحتاج أي تشريع من هذا القبيل إلى بعض الدعم من الديمقراطيين الذين رفضوا الخطة المقترحة على الفور، بحجة أن ترامب قد ينهي هذه الممارسة من جانب واحد.

وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر: “لا توجد حاجة للتشريع. ليس هناك حاجة لأي شيء آخر. لقد بدأ ترامب هذا الأمر، ويمكنه أن يوقفه بمنتهى البساطة والسهولة”.

وفي مجلس النواب، أدرج الجمهوريون بندًا لإنهاء حالات الانفصال الأسري في مقترحهم الخاص بالهجرة، والذي سيوفر أيضا 25 مليار دولار (19 مليار جنيه إسترليني) لجدار ترامب الحدودي ومطالبه الأمنية الأخرى.

وسيقدم مشروع القانون طريقا للمهاجرين غير الشرعيين للحصول على الجنسية، والمعروفين باسم “الحالمين” أو Dreamers. وفي المقابل تدعم  الكتلة المحافظة من الجمهوريين مشروع قانون منافس لا يضمن لهم سبيلاً للمواطنة.

من يملك الحل؟

لا زالت الأزمة تنتظر انفراجة حقيقية، وربما تأتي هذه الانفراجة عن طريق الكونجرس بتشريع يحفظ حقوق جميع الأطراف. أو ربما يفشل الكونجرس في الاتفاق على مثل هذا التشريع وتعود الكرة إلى ملعب ترامب، الذي لم يتضح بعد ما إذا كان سيتجه في قراراته المقبل نحو حل الأزمة أم تعقيدها. وربما يلقي الجميع بالكرة في ملعب المهاجرين أنفسهم بتحميلهم مسئولية مخالفة القانون والهجرة بطريقة غير مشروعة للأراضي الأمريكية؟

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى