تقارير

من سينافس ترامب في الانتخابات المقبلة؟

أحمد الغـر

بعد نجاته من المحاكمة والعزل؛ يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد بات أقرب ما يكون إلى طائر الفنيق، الذي يغالب الموت ويخرج حيًا من الرماد.

فعقب البراءة التي كانت متوقعة، ارتفعت نسبة شعبيته، وجمع أموالًا طائلة لتعزيز حملته في إطار جهود منظمة للغاية لإعادة انتخابه، متسلحًا بجميع مزايا شغل المنصب لدورة ثانية، والتي في مقدمتها الحالة الاقتصادية الجيدة للبلاد.

ويتوقع ترامب فوزًا سهلًا أمام من سينافسه من الحزب الديموقراطي في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، بينما يتواصل السباق وصراع الديمقراطيين للبحث عن منافس حقيقي يمكنه الفوز على ترامب، أو على الأقل جعل مهمة بقائه في البيت الأبيض أكثر صعوبة

وفي ظل استطلاعات الرأي والنتائج التي ظهرت حتى الآن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، يظل التنبؤ باسم المنافس الديمقراطي لترامب أمرًا صعبًا، في ظل تراجع أسماء كبيرة في السباق وتقدم أخرى وظهور أسماء جديدة في المقدمة.

“ساندرز” .. حظ وفير ونتائج مبشِّرة
إذا سألت الناخبين الديمقراطيين مباشرة، قبل أشهر، عن المرشحين الذين يتوقعون أن يخوضوا السباق الرئاسي عن الحزب الديموقراطي، كانت قائمتهم تبدأ دومًا بالسيناتور “بيرني ساندرز”، المرشح التقدمي، الذي بالفعل تصب نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في صالحه حتى الآن.

وبالرغم من أن سباق الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لا يزال في بداياته، غير أن ساندرز قد سجل انطلاقة قوية في هذا الاستحقاق، الذي ربما سيخرج منه فائزًا لمواجهة ترامب في انتخابات الرئاسة 2020.

“ساندرز” أعلن أمام حشد من مؤيديه “إنها بداية نهاية دونالد ترامب”، وقد عزّز فوز ساندرز المتوقّع قبضته على اليسار في الحزب الديمقراطي، وإن كانت هذه الميزة ستشكل لاحقًا عقبة عسيرة خلال تموضعه في مواجهة ترامب، إضافة إلى عقبات أخرى مثل الشكاوى الواسعة من النساء ضده بالتحرش وسوء المعاملة، خلال حملته أثناء انتخابات 2016، والتي لا يزال صداها يتردد وسيتخدمها ترامب جيدًا، إذا ما كانت المواجهة بينهما.

“بايدن” .. إنطفاء وهج الاستطلاعات
الرجل الذي أطلق حملته الانتخابية تحت شعار أنه “يقاتل من أجل روح الأمة”، وكان الأوفر حظًا في استطلاعات الرأي بين الناخبين الديمقراطيين، بات الآن يواجه مخاطر جدية، خاصة بعد نكستي آيوا ونيوهامبشير.

حلول “بايدن” في المرتبتين الرابعة والخامسة بعد التصويت في آيوا ونيوهامبشير على التوالي، تجعل ترشيحه يواجه أزمة جدّية، وسيجد دون شك صعوبة بالغة في استمرار تقديم نفسه على أنه الديمقراطي الوحيد القادر على التغلب على ترامب، لكن تسجيل سلسلة من الهزائم في الاقتراعات الأولى من شأنه إبعاد المانحين بلمح البصر، إلى جانب تضاؤل الاهتمام الإعلامي، وهذا ما سيزيد من التأثير السلبي على بايدن.

فالنائب السابق لأوباما والسنياتور الذي شغل مقعدًا في الكونجرس لأكثر من 35 عامًا، لطالما أحاطت به هالة خاصة طيلة ولايتيه، نجح مبكرًا في تصدّر نتائج استطلاعات الرأي، لكن سرعان ما نالت منه هجمات ترامب، وعوامل أخرى أضرّت بصورته، منها وصفه باسم “جو النائم” لا سيما وأنه يبدو أحيانا مرهقًا، إضافة إلى الإيماءات الجسدية التي يقوم بها تجاه النساء، إضافة إلى الأزمة الأوكرانية.

“بلومبرج” .. الأموال ورد الإهانات
تتواصل الوعود ببالقدرة على إقصاء ترامب من البيت الأبيض؛ هذه المرة من الملياردير ورئيس بلدية نيويورك السابق “مايك بلومبرج” الذي دخل السباق متأخرًا، لكنه أبدى استعداده لإنفاق الكثير من ثروته الطائلة لإخراج ترامب من البيت الأبيض في الانتخابات المقبلة.

لكن “بلومبرج”، الذي تقول مجلة فوربس إنه ثامن أغنى أمريكي، يواجه هجومًا شديدًا من منافسيه الديموقراطيين، الذين يتهمونه بمحاولة شراء انتخابات الرئاسةـ خاصةً بعد أن أنفق على الحملات الدعائية منذ بدء حملته الانتخابية في نوفمبر الماضي أكثر مما أنفقه منافسوه الديمقراطيون الرئيسيون خلال العام الماضي بأكمله.

وبعيدًا عن لغة المال؛ فإن ترامب وبلومبرج لا يدعون مجالًا إلا وتبادلا الانتقادات الساخرة والإهانات، كانت أبرزها تصريحات ترامب لقناة فوكس نيوز والتي أعقبها بسلسلة تغريدات على تويتر، ذكر أن بلومبرج، الذي يبلغ طوله نحو خمسة أقدام وثماني بوصات، قد طلب صندوقًا ليقف عليه خلال المناظرات الديمقراطية، كما وصف بلومبرج في تغريداته بـ”مايك الصغير”. ونفت حملة بلومبرج أن تكون قد طلبت صندوقًا ليقف عليه، واستهدفت الحملة بدورها ترامب وهيئته، وقالت “جولي وود” المتحدثة باسم بلومبرج: “الرئيس يكذب هو مريض بالكذب إذ يكذب بشأن كل شيء: شعره المستعار وبدانته والرذاذ الذي يستخدمه وهكذا”.

لكن بعيدًا عن الإهانات؛ فإن ثمة تقارير تحدثت عن قلق ترامب من الملياردير بلومبرج، ويُقال أنه قد وصفه بالمنافس القوي، ويخشى بعض مستشاري ترامب في أحاديث خاصة من فوز بلومبرج بترشيح الحزب الديمقراطي، لأنه قادر على إنفاق ما يقدر بمليار دولار أو أكثر، من ثروته التي تبلغ 60 مليار دولار ليصبح رئيسًا للولايات المتحدة.

“بوتيدجيدج” .. أول رئيس مثليّ!
هل يمكن أن تحظى الولايات المتحدة التي لم تصل امرأة إلى البيت الأبيض حتى الآن، بأول رئيس مثليّ الجنس؟!؛ هذا ما قد يحدث إذا نجح “بيت بوتيدجيدج”، بنيل ترشيح الحزب الديموقراطي، ومن ثمَّ التغلب على ترامب، فـ “بوتيدجيدج” يرى أن ميوله الجنسية لن تضر بفرصه الانتخابية، مضيفا أن الولايات المتحدة “تقدمت كبلد، ويجب أن تتبنى سياسة الانتماء التي ترحب بالجميع”.

“بوتيدجيدج”، البالغ من العمر 38 عامًا، والذي تزوج صديقه “تشاستين غليزمان” قبل عامين، قال إنه لن يتلقى دروسًا من أنصار رجل (يقصد ترامب) واجه العديد من الاتهامات، بينها الاغتصاب وممارسة الجنس مع نجمة أفلام إباحية.

وتصدر رئيس بلدية ساوث بند في ولاية انديانا، والذي كان لا يزال مجهولًا على الصعيد الوطني قبل نحو عام، انتخابات ولاية نيوهامبشر، إذ حاز نسبة 25%، رغم وجود بعض التكهنات بأن بعض الناخبين سيترددون في انتخاب “بوتيدجيدج” عندما عرفوا أنه مثليّ، إلا أن ميوله الجنسية على ما يبدو لا تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة له في حملته الانتخابية حتى الآن.

طامحات ومنسحبين
السيناتور التقدمية “إليزابيث وارن”، صاحبة حظوظ وافرة هى الأخرى، فقد سعت إلى التركيز على ما بعد اقتراع نيوهامبشير، وإلى رسم صورة جامعة حولها، لكن يبدو أنها خسرت الاندفاعة الأولى التي تميزت بها حملتها الانتخابية في انطلاقتها، وتحاول إعادتها عبر الحديث أكثر عن وعودها بفرض ضريبة على الأثرياء وإلغاء التأمين الصحي الخاص واستبداله بنظام رعاية صحية شامل تديره الدولة ومكافحة الفساد.

أما سيناتور مينيسوتا المعتدلة “إيمي كلوبوشار”، فقد خالفت التوقعات بتحقيقها نتائج جيدة في نيوهامشير، وقالت بثقة أمام جمع يرفع الأعلام الخضراء التي تتميز بها حملتها الانتخابية: “مرحبا أمريكا، أنا إيمي كلوبوشار وسأهزم دونالد ترامب”، معربة عن سعادتها بحملتها التي وصفتها بالمبهجة والناجعة.

وفي ظل نتائج مخيبة؛ أقرّ المرشحان رجل الأعمال “أندرو يانج”، والسيناتور عن كولورادو “مايكل بينيت” بمواجهة الحقيقة، وأعلنا الانسحاب من السباق.

ترقب الجولات القادمة
بأي حال؛ فإن الولايتين اللتين شهدتا الجولتين الأولى والثانية، تعدان صغيرتان نسبيًا، والغالبية الساحقة لناخبيهما من ذوي البشرة البيضاء، في حين أن الولايتين التاليتين.. أي “نيفادا” التي ستجرى فيها الانتخابات التمهيدية في 22 فبراير، و”كارولاينا الجنوبية” بعدها أسبوع، أكثر تنوعًا.

وعلى نفس الغرار تأتي الولايات الـ 14 التي ستصوت في “الثلاثاء الكبير” في 3 مارس، والذي يمكن لنتائجها أن تُحدث تغييرًا كبيرًا في الترتيب.

حظوظ ترامب
يرى كثيرون أن حظوظ ترامب بدأت تتعاظم لإعادة انتخابه لفترة ثانية، وأن اتهامه من قبل خصومه الديمقراطيين في مجلس النواب وتبرئته من قبل الجمهوريين في مجلس الشيوخ قد دعمّت قاعدته الانتخابية؛ بل إنها قد نجحت في خلق عامل استنفار حقيقي لفوزه مجددًا.

يقارن البعض هذا الأمر، بما حدث مع “بيل كلينتون” في عام 1998، حين تعززت شعبيته كردة فعل لتسييس الاتهامات الموجهة إليه من قبل الجمهوريين حينها، لكن فرص ترامب في الانتخابات الرئاسية يعززها أيضا الأداء الاقتصادي القوي، بالإضافة إلى معدل البطالة الذي انخفض إلى 3.5%، والذي يعد من أخفض المعدلات منذ 1969.

لا يبدو أن الديمقراطيين لديهم مرشح قوي يستطيع هزيمة ترامب، وهذا ما تشير إليه نتائج الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي حتى الآن، إذ يبدو أن المتقدمين ـ حسب هذه الانتخابات ـ وهما “بيرني ساندرز” و”بيت بوتيدجيدج” لن يتمكنا من استقطاب الأصوات المعتدلة أوالمتأرجحة، بسبب آرائهم الاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما قد يجعل ترامب رئيسًا لولاية ثانية، ولن يزيحه عن المنصب سوى الدستور الذي لا يؤمّن له ولاية ثالثة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى