تقارير

لماذا تزايدت شكاوى التحرش الجنسي في أمريكا؟

 ليلى الحسيني: المرأة أصبحت أكثر شجاعة في الكشف عن حوادث التحرش

إذاعة صوت العرب من أمريكا- إعداد وترجمة: مروة مقبول

يبدو أن مسلسل الاتهامات حول حوادث الاعتداء والتحرش الجنسي في هوليوود وفي أمريكا بوجه عام لن ينتهي، ولعل أحدث حلقاته وليس آخرها تلك الواقعة التي كان بطلها ليزلي مونفيس، رئيس شبكة CBS News الأمريكية.

ولعل هذه الواقعة والوقائع التي سبقتها تشير إلى تصاعد الحديث عن حوادث التحرش في المجتمع الأميركي، وهو ما يدعونا للتساؤل: هل زادت حوادث التحرش، أم زاد الحديث حولها؟.. نبحث عن إجابة لهذا السؤال في السطور التالية.

انهيار السُمعة

لنبدأ بواقعة رئيس شبكة CBS News والتي أثارت الكثير من علامات الدهشة والتساؤل لدى كل من تابعها، فقد ظل “مونفيس” واحدًا من أقوى المدراء التنفيذيين في مجال الإعلام في أمريكا على مدى 20 عامًا.

فهو الرئيس والرئيس التنفيذي لشبكة CBS الأمريكية، كما أنه يشرف على برامج لها تأثير كبير في المجتمع الأمريكي مثل برنامج “60 Minutes” و “The Big Bang Theory” ، كما تضم حافظة إنجازاته الإعلامية قنوات “شوتايم” المتميزة، ودار النشر “سيمون وشوستر” ، وبعض المحطات الإذاعية .

ولطالما تمتع مونفيس، البالغ من العمر 68 عامًا، بسمعة طيبة. فقد وصفته صحيفة “وول ستريت جورنال” في الآونة الأخيرة بأنه “ساحر البرامج التلفزيونية”. وأطلقت عليه صحيفة “هوليوود ريبورتر” لقب “بطل وول ستريت”.

وفي العام الماضي، وحسب الإيداعات لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات، حصل على ما يقرب من 70 مليون دولار، مما جعله واحدًا من أغلى المديرين التنفيذيين للشركات في العالم.

ضد ومع التحرش

في الأشهر الأخيرة، أصبح مونفيس عضوًا بارزًا في حركة #MeToo للتنديد بالتحرش الجنسي، كما ساعد في تأسيس لجنة للقضاء على التحرش والمطالبة بالمساواة في مكان العمل، والتي تترأسها السيدة أنيتا هيل.

يقول مونفيس في إحدى المؤتمرات: “أعتقد أنه من المهم ألا تسمح ثقافة أي شركة بحدوث ذلك (يقصد التحرش الجنسي)….”

لكن تصرفات مونفيس الخاصة تُكذّب تصريحاته العامة، حيث قامت صحيفة The New Yorker الأمريكية بإعداد تقرير مفصل، تناول مزاعم الاعتداء والتحرش الجنسي التي قام بها رئيس شبكة CBS ضد 6 نساء في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

ووفقا لما جاء في التقرير، ادعت 4 نساء بأن مونفيس كان يقبلهن عنوة خلال اجتماعات العمل، وكان الأمر يبدو وكأنه شيئًا روتينيًا، بينما اتهمته سيدتان بأنه كان يهددهن بعرقلة مسيرتهن المهنية إذا لم يخضعن لما يطلبه.

ومن بين هؤلاء النساء الممثلة والكاتبة الأمريكية إيلينا دوجلاس التي تحدثت عن تفاصيل الواقعة قائلة: “حدث هذا خلال مناقشتنا حلقة تجريبية لمسلسل The King of Queens عام 1997، وسألني ما إذا كنت عزباء، ثم طلب أن يقبلني قائلاً إن الأمر سيظل بيننا، وقبل أن أرد جذبني بقوة.. لم أستطع التنفس، كانت تجربة جسدية مروعة”.

وأضافت أنه تم طردها من المسلسل في نهاية الأمر بسبب عدم استجابتها. وأكدت إيلينا أن هناك العديد من النساء اللاتي اعتدى عليهن “مونفيس” وما زلن يفضلن عدم التحدث عن الأمر خشية انتقامه منهن بطريقة أو بأخرى، فهو معروف في الإعلام الأمريكي بقدرته على صنع أو إنهاء الوظائف. “لقد نجح بالإفلات من عقوبة أفعاله  لعقود ..”

اعترافات

اعترف مونفيس، في بيان له، بأنه عرض “منذ عقود” على نساء إقامة علاقات، وهو أمر “يشعر بأسف كبير حياله”. لكنه أكد أنه لم يرتكب أي تحرش جنسي. وأضاف: “كنت أدرك دائمًا أن لا تعني لا، وتمسكت بهذا المبدأ”، مشددا على أنه لم يستخدم يومًا موقعه ليتسبب “بأذى للمسيرة المهنية لأي شخص أو لعرقلتها”.

وأضاف: “طوال الفترة التي أمضيتها في شبكة CBS، كان هدفنا هو الترويج لثقافة الاحترام، ومنح الفرص لجميع العاملين في الشبكة، وقد حققنا نجاحًا في وصول النساء إلى مناصب تنفيذية عليا في جميع أنحاء شركتنا”.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة ” New Yorker” ، اعترف نحو 30 موظفًا في شركة CBS بأن بيئة العمل تتسم بالسلبية، إذ يتم ترقية الأشخاص المعروف عنهم سوء السلوك الجنسي، بينما تجري الشركة تسوية الشكاوى مع الضحايا من النساء. ولم يذكر الموظفون ما إذا كان ليزلي مونفيس متورطًا في تلك الادعاءات.

كما نشر موقع “Variety” تعليقًا من “جولي تشن”، زوجة ليزلي مونفيس، وأحد أشهر الإعلاميات في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي حرصت على الظهور أمام العامة بعد الاتهامات التي نًسبت إلى زوجها، أكدت فيه براءة زوجها وعدم صحة هذه الإدعاءات.

شجاعة النساء

ونعود إلى سؤالنا: هل زادت حوادث التحرش، أم زاد الحديث حولها؟.. في هذا الشأن تقول الإعلامية الأمريكية ليلى الحسيني، مؤسس إذاعة صوت العرب من أمريكا، إن حوادث التحرش الجنسية موجودة دائمًا ومستمرة منذ زمن بعيد، لكن الفرق اليوم هو استعداد النساء للحديث والكشف عنها ومواجهتها، بدلاً من الخجل والإحراج والخوف من تشويه السمعة الذي كان يمنعهن من مواجهة من يتحرش بهن.

وأضافت، في مقابلة أجرتها معها  إذاعة “بي بي سي”- لندن، أن الحرية الشخصية التي يتمتع بها المجتمع في أمريكا جعلت من قيام نساء برفع دعاوى ضد أشخاص تحرشن بهن أمرًا ليس غريبًا. ولعل هذا هو السبب في ما حدث مؤخرًا من ظهور العديد من الفضائح الجنسية لشخصيات شهيرة في عالم السياسة والفن والإعلام والرياضة والمجتمع بوجه عام.

وأوضحت الحسيني أن ارتباط الفضائح بشخصيات قوية ومؤثرة في المجتمع الأمريكي ربما كان هو السبب وراء هذا عدم إبلاغ أكثر من نصف ضحايا التحرش الجنسي عن تلك الأفعال، وذلك لمخاوف بعضها يتعلق مشاعر الحرج أو الخزي، والبعض الآخر يتعلق بالخوف من تعرض الضحايا لعقاب من جانب المتحرشين بسبب مركزهم ومكانتهم. مشيرة إلى أن بعض الفضائح الجنسية طالت شخصيات نافذة ولها تأثير عالمي ومنهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه.

“أنا أيضا”

وتؤكد ليلى أن الأمر اختلف حاليًا، والنساء تشجعن على فضح مثل هذه الممارسات بسبب انفتاح الإعلام والمجتمع، ووجود الكثير من وسائل المساعدة الإعلامية والقانونية. وترى أن هاشتاج “أنا أيضا” أو #MeToo ، أشبه بثورة نسائية، وهو أحد القنوات التي شجعت النساء على الإعلان عن تعرضهن لحوادث اعتداء أو تحرش جنسي.

وكانت الممثلة الأمريكية أليسا ميلانو هي أول من أطلق هاشتاج “أنا أيضا” أو #Me Too  في أكتوبر الماضي، حيث دعت من خلاله جميع النساء ممن تعرضن للتحرش الجنسي إلى التغريد بكلمتين فقط: “أنا أيضا”. وبلغ عدد المشاركين في هذا الوسم  200 ألف في أول يوم لانطلاقه، جميعهم ممن تعرضن أو تعرضوا بشكل أو بآخر للتحرش أو الاعتداء الجنسي، وأصبح هو الوسم الأكثر انتشارا في الولايات المتحدة، حيث شارك الكثيرون فيه بقصص شخصية مؤلمة يعود بعضها لسن المراهقة، وفي أماكن العمل، وأكد البعض أنهم عجزوا عن مصارحة العائلة بتلك التجربة.

لقراءة المقال الأصلي باللغة الانجليزية اضغط الرابط التالي:

https://www.newyorker.com/magazine/2018/08/06/les-moonves-and-cbs-face-allegations-of-sexual-misconduct

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى