تقارير

غزة تشتعل مجددًا.. هل تنجح جهود التهدئة في نزع فتيل الحرب؟

رسائل القصف المتبادل تجبر الطرفين على قبول الهدنة ومخاوف من نشوب حراب رابعة

إعداد وتحرير: علي البلهاسي

من جديد عادت الأوضاع في قطاع غزة للاشتعال، وما بين الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، وصواريخ حماس التي تستهدف المستوطنات الإسرائيلية، كان الوضع مؤهلاً للانفجار ونشوب حرب جديدة.

وبعد 48 ساعة من الأحداث المشتعلة نجحت الجهود الدولية في تحقيق هدنة بين الطرفين، حيث أعلنت الأذرع المسلحة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، التوصل إلى اتفاق مع قوات الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، بوساطة مصرية. وأضافت أن المقاومة ستلتزم بهذا الاتفاق طالما التزم به الجانب الإسرائيلي.

قصف متبادل

وشهدت المواجهات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة تصعيدًا يعتبر الأخطر منذ عام 2014. حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف حوالي 160 موقعًا داخل الجيب الساحلي لقطاع غزة، مما أسفر عن مقتل 7 فلسطينيين وإصابة 25 آخرين.

وأكد وزير الأشغال العامة والإسكان في غزة، مفيد الحساينة، أن التقديرات الأولية للعدوان “الإسرائيلي” على غزة تفيد بتدمير قوات الاحتلال 880 وحدة سكنية كليًا وجزئيًا.

فيما أطلقت الفصائل الفلسطينية في غزة قرابة 460 قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل، مما أسفر عن إصابة 27 شخصًا، وسقوط قتيل واحد، وهذه أول حالة تسجل لقتيل في إسرائيل جراء إطلاق الصواريخ منذ حرب غزة التي اندلعت عام 2014.

وقُتل نحو 220 فلسطينيًا برصاص الجنود الإسرائيليين منذ بدء التحرّكات الاحتجاجية قرب الحدود مع إسرائيل في 30 مارس الماضي، فيما قتل قنّاص فلسطيني جنديًا إسرائيليًا خلال الفترة نفسها، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس.

وتفرض السلطات الإسرائيلية حصارًا على قطاع غزة منذ أكثر من 11 عامًا، شنت خلاله ثلاثة حروب في أعوام 2008 و2012 و2014، استشهد وجرح خلالها آلاف المواطنين بالإضافة إلى تدمير واسع بالممتلكات والبنية التحتية.

شرارة الأحداث

اشتعال الأحداث تم بعد عملية عسكرية إسرائيلية قامت خلالها القوات الخاصة الإسرائيلية بمحاولة التسلل إلى شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة، على متن آلية مدنية، وقامت باغتيال أحد القياديين المحليين لكتائب القسام وهو نور الدين محمد سلامة بركة، وذلك قبل أن يفتضح أمرهم وتندلع اشتباكات بينهم وبين مقاتلين في حركة حماس، مما أدى لمقتل 6 فلسطينيين وضابط في القوات الخاصة الإسرائيلية برتبة لفتنانت كولونيل.

ونقل موقع “عرب 48” الفلسطيني عن مصادر فلسطينية أن قوة إسرائيلية دخلت القطاع متسترة بسيارة مدنيّة، ووصلت إلى عمق 3 كيلومترات، حتى مدخل أحد المساجد، حيث حاولت اختطاف أو اغتيال مسئول في وحدة الأنفاق في حركة “حماس”.

فيما ذكر موقع “واللا” الإسرائيلي أن القوة اجتازت الجدار الأمني لعمق القطاع قبالة خان يونس، وبعد انفضاح أمر العملية، تطورت إلى حادث معقد جدًا انتهى بمقتل ضابط برتبة مقدم، على عكس ما كان مقررا له. وسارع الجيش الإسرائيلي لإخراج باقي جنود القوّة الإسرائيلية عبر إطلاق النيران للتغطية على انسحابها من غزة، حتى انتهت العملية في وقت متأخر من مساء الأحد.

ووفقا لموقع “واللا” فإن هدف العملية كان الحصول على معلومات استخباراتية حرجة للغاية، ضرورية للقيادة السياسية الإسرائيليّة لأجل تعبيد الطريق أمام صفقة محتملة لتبادل الأسرى مع حركة “حماس”. وقال الموقع إن الجيش الإسرائيلي اختار لهذه العملية قوة خاصّة ضمت ضباطا ومقاتلين من النخبة، قاموا بعدد كبير جدا من العمليات من أجل حصر العمليّة والحصول على الموافقات اللازمة من قيادة الجيش.

عملية غامضة

وفتحت العملية العسكرية الإسرائيلية الباب أمام العديد من التساؤلات حول الأهداف التي دفعت جيش الاحتلال لإرسال عناصره لتنفيذ المهمة، التي انتهت بورطة كبيرة، في ظل اكتشافها، ومقتل أحد ضباط النخبة، فضلًا عن إصابة آخر، هذا بخلاف أنها كان من المحتمل أن تنتهي بأسر القوة التي استقلت سيارة مدنية.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عبر محللها العسكري رون بن يشاي، أن إرسال عناصر النخبة إلى عمق القطاع كان من الممكن أن ينتهي بأسرهم، وهو ما سيعني حدوث تصعيد عسكري مباشر.

وانتقد المحلل العسكري غياب وجود استخبارات موثوقة خلال العملية، وتساءل عن أسباب اكتشافها، وفي أي مرحلة حدث ذلك، مشيرًا إلى أن مثل هذه العمليات لا تتم سوى بوجود معلومات استخبارية نوعية بحيث ينبغي أن تنفذ، وتعود القوة دون اكتشافها، ومن ثم تستطيع إسرائيل نفي مسؤوليتها على الأقل في الفترة الحالية.

لكن موقع “قناة 20” العبرية المح إلى أن الهدف من العملية لم يكن فقط اغتيال قائد ذراع الأنفاق التابع لكتائب القسام في خان يونس، نور الدين بركة، فحسب، ولكن مثل هذه العمليات تستهدف زرع حالة من الهلع داخل صفوف قيادات “حماس” وغيرها من حركات المقاومة في غزة.

وبيّن الموقع أن اغتيال قيادي “حماس” من خلال عملية نوعية، جاء من أجل الذهاب إلى التسوية مع الحركة من منطلق “الردع” الحقيقي، وتحقيق الحالة التي حققها الجيش والاستخبارات الإسرائيلية إبان اغتيال قيادات للحركة، مثل المهندس يحيى عياش، والذي تم اغتياله عبر تفخيخ هاتفه النقال عام 1996.

تطور فلسطيني نوعي

من ناحية أخرى يرى خبراء أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، حققت إنجازًا كبيرا في معركتها الأخيرة مع “إسرائيل”، وأثبتت أن لها اليد الطولي في المعركة التي استمرت 48 ساعةً بدءًا من العملية الإسرائيلية الفاشلة وحتى الإعلان عن تثبيت وقف إطلاق النار.

وقالوا إن إثبات الجاهزية والكفاءة والقدرة على إيلام العدو، كان مختصر الصورة في قطاع غزة خلال يومين من القتال، استطاعت الفصائل خلالها أن تردع إسرائيل عن شن عدوان واسع، وتحقق إنجازات إستراتيجية في ظل أوضاع إقليمية غاية في الصعوبة بالنسبة لهم.

ولم تخْفِ وسائل إعلام إسرائيلية، دهشتها من التكتيكات العسكرية التي استخدمتها الفصائل الفلسطينية المسلحة بقطاع غزة، في التصدّي لأنشطة وغارات الجيش الإسرائيلي يومي الأحد والاثنين، معتبرةً أن ذلك يفقد إسرائيل “قوة الردع”.

وعبّر عدد من المحللين والإعلاميين الإسرائيليين عن تأثير المفاجأة عليهم جراء اكتشاف مسلحين فلسطينيين للقوة الإسرائيلية أثناء تسللها إلى داخل القطاع، فيما أعربوا عن صدمتهم من استخدام الفلسطينيين لصاروخ مضاد للدبابات في تدمير حافلة تقل جنود.

بيد أن المفاجأة الثالثة بالنسبة لهم، كانت إطلاق صواريخ فلسطينية على مناطق إسرائيلية غير محمية بمنظومة “القبة الحديدية” المضادة للصواريخ مثل عسقلان، شمال قطاع غزة.

فيما قال المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر أن ثمة نتائج إستراتيجية للمواجهة تتمثل في نجاح المقاومة في إدارة المواجهة بغرفة عمليات مشتركة مع كافة فصائل المقاومة، مؤكدًا أنها لم تكن في حالة الدفاع بل كانت في حالة الهجوم.

وبيّن أن نسبة الإصابات في الطرف الإسرائيلي في يومين كان رقما كبيرًا يفوق بكثير نتائج حرب 2014 طوال 51 يومًا باستثناء القتلى، مشيرًا إلى أن حجم الصواريخ التي أطلقت في يوم واحد بلغت أضعاف ما وقع في حرب 2014.

واختتم بقوله: “لم تعد إسرائيل هي من تشكل مستقبل غزة في المنطقة، وأن غزة اليوم بمقاومتها أصبحت طرفا أساسيا في صناعة مستقبل غزة”، مبينًا أن نتائج المعركة يجب أن تظهر في المفاوضات على التهدئة.

مفاجأة الصواريخ

الحدث الأبرز خلال اليومين الماضيين تمثّل في استهداف الفصائل الفلسطينية لحافلة للجنود الإسرائيليين شرقي قطاع غزة بصاروخ “كورنيت” الموجه، وهو ما يؤشر على انتهاج الفصائل لاستخدام أساليب جديدة ومتطورة في استهداف الجنود الإسرائليين والمستوطنين.

تشكل صواريخ الكورنيت، رغم تباعد استخدامها من المقاومة الفلسطينية، تحولا في أساليبها، وتتمثل في تكتيك جديد يقوم على اعتبار البندقية والصاروخ أفضل من القنبلة، وهو ما يراه الخبراء خطوة قد تؤدي لتسهيل العمليات ضد القوات الإسرائيلية.

ورأى الخبراء أن مثل هذه الأساليب القتالية من قبل الفصائل الفلسطينية، لاسيما صواريخ الكورنيت، تمثل ضربة قاسية لكبرياء الجيش الإسرائيلي ولصورته التي لا تهزم ولقوة ردعه.

وأكدوا أن الفصائل أرادت إيصال رسالة لإسرائيل بأن لديها قوة عسكرية قادرة على إيذائها؛ إذ يمتلك هذا النوع من الصاروخ قوة تدميرية تخلّف أضرارًا مادية وبشرية كبيرة.

ويلفت الخبراء إلى أن تمكّن الفصائل الفلسطينية من تسجيل فيديو استهداف الحافلة بصاروخ “كورنيت”، يعتبر مؤشرًا خطيرًا لإسرائيل ويلقي بتداعياته السلبية على الداخل حيث أن الفيديو أظهر إسرائيل بصورتها الضعيفة، وهو الأمر الذي حاولت مواراته.

ولعل ما يقلق إسرائيل من إطلاق صواريخ الكورنيت هو القدرة التدميرية لهذه الصواريخ ونوعية الأهداف التي يمكن أن تستهدفها. وكرد فعل على الحادث أعلن الناطق العسكري الإسرائيلي تعيين لجنة تحقيق عسكرية لفحص ظروف إطلاق الصاروخ وأسلوب تعامل القوات مع الحادث.

ودعا محللون عسكريون وصحافيون إسرائيليين إلى التحقيق في ظروف استهداف الحافلة عبر صاروخ الـ”كورنيت”. وقال المراسل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن الصاروخ يعتبر ثغرة أمنية وعسكرية قاتلة كانت ستنتهي بمصرع 30 جنديًا كانوا قد ترجلوا من الحافلة قبل إصابتها بالصاروخ.

وبين المراسل بأنه يحظر على هكذا حافلة الدخول إلى هكذا منطقة مكشوفة أمام مسلحي القطاع وبخاصة في ظل الأجواء شديدة التوتر والتي أعقبت عملية الجيش الفاشلة شرقي خان يونس.

وقال الخبير العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي: “إن مجرد استخدام الكورنيت يعني أن مستوى الردع الإسرائيلي فقد آثاره تمامًا، وهو ما دفع بالهيكلية السياسية والأمنية في إسرائيل إلى التفكير مرّات عدّة قبل إصدار أمرٍ لسلاح الجوّ بقصف أهداف تابعة لفصائل المقاومة».

فشل القبة الحديدية

كما أظهرت الأحداث الأخيرة قصورًا واضحًا في أداء منظومة “القبة الحديدية” الإسرائيلية. وتعد هذه المنظومة الطبقة الأدنى ضمن منظومة دفاعية إسرائيلية متعددة الطبقات، لا تتوقف شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية عن تطويرها، مستفيدة في ذلك من الدعم الأمريكي الموجه لهذا المجال.

وتتحدث تقارير عن نجاح “حماس” في إصابة أهداف داخل مستوطنات غلاف غزة، بكثافة لم تحدث من قبل، ما يعني أن صواريخ “القسام” باتت قادرة على خرق الطبقة الدفاعية الأدنى، التي يفترض أنها تعتمد على أنظمة  “القبة الحديدية”، لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى.

وأكدت قوات الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق 460 صاروخاً من قطاع غزة تجاه الأراضي الإسرائيلية، اعترضت القبة الحديدية قرابة الـ130 منها، في حين سقطت البقية في مناطق مفتوحة، وهو ما تسبب في وصولها إلى عدد من المباني والأهداف العسكرية مباشرةً وإيقاع عدد من القتلى والإصابات.

وتسببت الصواريخ الفلسطينية في أضرار مادية جسيمة بمدن كل من عسقلان، وسديروت، ونتيفوت، وكلها لا تبعد عن قطاع غزة سوى 30 كيلومتراً، وهي مناطق مأهولة بالسكان.

وحينما سُئل الناطق العسكري العميد رونين مانليسن عن سبب فشل القبة الحديدة في التصدي للصواريخ قال إن إطلاق الصواريخ من غزة يتم بأسلوب يشكل تحديًا للنظم الدفاعية، أي أسلوب إطلاق وابل من الصواريخ متتابعة صوب هدف واحد.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إنه من الملاحظ أنّ حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تركّزان في الوقت الحالي جهودهما «غير المسبوقة» من أجل التغلّب على «القبة الحديدية بطرق جديدة نسبياً»، من بينها إطلاق وابل من عشرات الصواريخ ــ أحياناً أكثر من 50 صاروخاً ـ على منطقة صغيرة نسبياً في أقل من 10 دقائق.

وأضافت أن الهدف من ذلك، هو القضاء بسرعة على مخزون الصواريخ الاعتراضية المحمّلة في لحظة معينة في كل قاذفة.

وأوضحت “يديعوت أحرونوت” أن منظومة القبة الحديدية، التي تعرّف عليها الإسرائيليون للمرة الأولى في نيسان/ أبريل عام 2011، تبدو الآن مختلفة، صحيح أنها «ناجحة» حتى الآن، لكن لدى حماس بطاقات لم تخرجها بعد وهي صواريخ من نوع «رعد» المحملة برؤوس حربية ضخمة تزن 150 إلى 200 كيلوغرام من المتفجرات. وهي قادرة، بحسب الصحيفة العبرية، على تدمير شوارع بأكملها في مستوطنات قريبة.

هل تصمد الهدنة؟

عقب الإعلان عن الهدنة انطلقت مسيرات إسرائيلية حاشدة في مستوطنات غلاف قطاع غزة، وفي مناطق متفرقة من الأراضي المحتلة، رفضًا لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس. وذكرت القناة الإسرائيلية 14، أن عددًا كبيرًا من المستوطنين أحرقوا إطارات السيارات، وأغلقوا بعض الطرقات الرئيسية في عدد من المدن، احتجاجًا على قبول الحكومة الإسرائيلية وقف إطلاق النار.

في المقابل، دعت حركة حماس إلى مسيرات حاشدة، انطلقت في قطاع غزة، احتفالًا بالانتصار – كما قالت الحركة – وتأكيدًا على استعدادها للرد على أي هجوم إسرائيلي.

واعتبر المختص بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن “التوصل لتهدئة  يمثل إنجازًا هائلًا للفصائل الفلسطينية، لا يتمثل فقط في نجاحها في تثبيت قواعد الاشتباك التي أملتها بعد اندلاع مسيرات العودة الكبرى، بل يؤسس لنمط علاقات جديدة مع إسرائيل يكون التلويح بخيار القوة من قبل تل أبيب في المستقبل خيارًا بكلفة كبيرة”.

فيما أكد “أبو عبيدة”، الناطق الرسمي باسم “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، أن مدينة المجدل المحتلة دخلت دائرة النار، رداً على قصف المباني المدنية في غزة، مهدداً بأن أسدود وبئر السبع ستكونان الهدف التالي إذا تمادى الاحتلال الإسرائيلي في قصف المباني المدنية الآمنة.

وقال في تغريدة له على حسابه بـ”تويتر”: إن عسقلان هي البداية، ونحو مليون صهيوني سيكونون بانتظار الدخول في دائرة صواريخنا إذا كان قرار العدو هو التمادي في العدوان”

أما أبو حمزة، الناطق العسكري باسم “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فقد هدد بقصف مدينة “تل أبيب”.وقال في بيان له: “إن ما حدث من ضربات موجعة وقاتلة بفعل صواريخ المقاومة منذ البداية وحتى الآن، يأتي رداً طبيعياً على تمادي العدو في جرائمه وعنجهيته التي استهدفت أبناء شعبنا”.

دعوة للتصعيد

فيما حمل موقع ديبكا الإسرائيلي الإستخباري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس هيئة الأركان العامة غادي أيزنكوت، المسؤولية عن احتمال وصول صواريخ حماس إلى تل أبيب، في الوقت الذي مازالت فيه القيادة السياسية والعسكرية تبحث إذا ما كانت ستوسع العمليات العسكرية أم لا في قطاع غزة.

وتتهم أوساط سياسية إسرائيلية سواء من المعارضة أو الائتلاف، بنيامين نتنياهو والجيش بإتباع سياسات ضعيفة ضد “حماس” في قطاع غزة، ما تسبب في امتلاك الحركة لزمام المبادرة.

وفي صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رأى المراسل العسكري، رون بن يشاي، أنّ الجيش الإسرائيلي «يرتكب الخطأ الكلاسيكي المعروف في القاموس التاريخي العسكري بالحرب على دُفعات»؛ حيث يوجّه ضربات قليلة وبطيئة تكون ذات تأثير على قدرات العدو وإرادته. بينما عليه، بحسب بن يشاي، «إشعال حريق هائل يمكن أن يقطع أنفاس حماس، ويجعلها تفكّر باللحظة التي ستأتي بعد ذلك».

وأضاف: بمعنى آخر «على إسرائيل أن تجعل حماس تجثو على ركبتيها تتوسّل وقفاً لإطلاق النار، لا أن تخرج كل بضع ساعات وتهدّد وتضع شروطاً للتهدئة من جانبها». واعتبر أنّ كلامه هذا لا ينبع من «مازوشية إسرائيلية أو بسبب تضرّر «الإيغو» الإسرائيلي، وإنّما لأنه في حال استمرت السياسة الحالية على هذا النحو، فإنه يستحيل التوصّل إلى تهدئة أو تحقيق الاستقرار لمستوطني الجنوب».

وختم بما يشي بأنه سيناريو محتمل، قائلاً إنّ «إسرائيل يجب أن تستعدّ لإدخال جيشها إلى قطاع غزة؛ فمن دون وجوده على الأرض، من المستحيل وقف إطلاق الصواريخ، ولاسيما عندما تدفن المنصات تحت الأرض. يجب أن يفهم الجمهور الإسرائيلي هذا ويستخلص النتائج. وبعبارة أخرى… نحن في حرب لا مفرّ منها وفيها خسائر لنا أيضًا».

فيما قال عضو الكنيست يوآف كيش، إنه على الرغم من تقارير التهدئة مع حماس، إلا أن مواجهة أخرى في قطاع غزة هي “مسألة وقت”. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، أنه “من الواضح أننا في الطريق نحو مواجهة مع غزة، ولكن المعضلة فقط التي تؤخر ذلك، هي طريقة التصرف مع مليوني شخص بعد الإطاحة بحماس”.

وتابع “عندما تجتاح “إسرائيل” غزة، فإنها ستهدف إلى تدمير حكم حماس، متسائلا “ماذا سيحدث بعد ذلك، ومن سيسيطر على قطاع غزة ويعتني بالسكان المدنيين”.

أجواء حرب رابعة

يؤكد الخبراء أن التهدئة قد لا تصمد طويلاً أمام هذا المناخ المشحون بالتوتر بين الجانبين، مشيرين إلى أن الراعي المصري لاتفاق التهدئة سبق أن رعى اتفاق تهدئة مؤخرًا تم خرقه من الجانب الإسرائيلي من خلال عملية خان يونس الأخيرة، والتي على ما يبدو قد تسببت بحرج أمام المخابرات المصرية التي تسعى لتثبيت تهدئة ووقف إطلاق نار طويل الأمد في القطاع.

ويرى الخبراء في هذه العملية رسالة إسرائيلية مفادها بأن المفاوضات من أجل التهدئة في غزة لا تعني توقف العمليات العسكرية التي تعتبرها إسرائيل “دفاعية”، وبأن التهدئة لن تشمل عمليات توغل لقوات الاحتلال في قطاع غزة كونها “وقائية”، وبأنها لا تخل باتفاق وقف إطلاق النار.

ووفقًا للخبراء فإن الشيء المؤكد أن الحديث عن تهدئة بعد العملية يجب أن يكون مغايرًا وأكثر حذرًا عما قبلها بنظر الفصائل في غزة، لأنها تثبت أن إسرائيل تعمل وتتجهز لمواجهة واسعة مقبلة في المدى المنظور وتحديدًا بعد الانتهاء من إنشاء الجدار ضد الأنفاق، أي أنها ستستمر في عمليات “محدودة” لكن نوعية في ظل التهدئة.

ويضاف إلى ذلك، التصريحات الإعلامية بأن ليبرمان يعمل على بلوة خطة لتدمير حماس بعملية جوية في مواجهة قريبة حتى لا تنتهي إلى لا شيء كما حصل في الحروب الأخيرة في غزة

وكانت تقرير للمحلل العسكري في موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، قد ذكر أن العملية كانت بالغة الأهمية والحيوية لإحباط قدرات عسكرية نوعية لحماس ستستخدمها في مواجهة مقبلة. أي أن إسرائيل تعمل حتى في ظل مفاوضات التهدئة، ضد القدرات العسكرية لحماس وغيرها من الفصائل في غزة استعدادا لمواجهة محتملة. وهذا يعني، أن التهدئة بنظر إسرائيل هي مرحلة انتقالية مؤقتة نحو حرب واسعة على القطاع في العام المقبل أو قبله.

وعلى ما يبدو فإن الصراع بين إسرائيل وحماس لن ينتهي، فإسرائيل تراهن على قدرتها على تدمير قوة حماس قريبًا، بينما تؤكد حركات المقاومة قدرتها على التصدي لهجوم الجيش الإسرائيلي. وهو ما يذهب بالبعض إلى القول بأن هناك حرب رابعة بين الجانبين على الأبواب.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى