تقارير

هل يعود الهدوء للأردن بعد استقالة رئيس الوزراء؟

 لقاء حصري حول تطورات الأوضاع مع البرلماني الأردني نبيل الغيشان

أجرى اللقاء: سامح الهادي- أعده للنشر: مروة مقبول

تحرير / علي البلهاسي

أجواء ساخنة يعيشها الأردن منذ أيام على خلفية احتجاجات على قانون للضرائب أسفرت في النهاية عن استقالة رئيس الوزراء هاني الملقي، وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، مع وعود بسحب مشروع القانون الذي كان سببًا في حدوث الاضطرابات. لكن هل يعود الهدوء للشارع الأردني بعد استقالة الملقي، وهل تنجح الحكومة الجديدة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية دون إثارة الشارع ضد قراراتها من جديد.

حول تطورات الأوضاع في الأردن كان لراديو صوت العرب من أمريكا هذا الحوار الخاص الذي أجراه الزميل سامح الهادي مع عضو البرلمان الأردني نبيل الغيشان، خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية.

والسيد نبيل ميخائيل عودة الغيشان، هو صحفي ونائب في البرلمان الأردني منذ عام 2016 عن محافظة مادبا، وله الكثير من الأنشطة العلمية والفنية والإعلامية، حيث عمل سابقًا نائبًا لرئيس تحرير صحيفة العرب ثم رئيسًا للتحرير، كما كان مديرًا لمكتب صحيفة الحياة اللندنية في العاصمة عمان. وهو من النواب الذين يتميزون بالنشاط داخل البرلمان الأردني.

سلمية لا فوضى

* في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدها الأردن، هل يمكن القول أننا بصدد إرهاصات ربيع عربي جديد هناك؟

** أعتقد أن مصطلح “الربيع العربي” أصبح كلمة مُنفّرة في المنطقة العربية بسبب التجارب السيئة التي شهدناها في سوريا ومصر واليمن وليبيا، لذلك فإن الكثير من الأردنيين لا يرغبون في استخدام هذا المصطلح. ومع ذلك فنحن نعترف أن من حق الجميع التعبير عن رأيه والخروج إلى الشوارع.

لكن أعتقد أن ما يسمى بالربيع العربي كشف أننا نحن العرب كنا نعيش على بحر هائل من التناقضات والممارسات السلبية سواء على مستوى الشعب أو السلطات الرسمية في جميع الدول العربية إن لم يكن أغلبها. لذلك فالناس الآن تخرج إلى الشوارع، سواء في الأردن أو أي دولة عربية، وهي تدرك هذه الحقيقة، وهدفها هو طلب التغيير في السياسات ومكافحة الفساد، والشفافية والمشاركة في صناعة القرار. وأعتقد أن من حق الجميع في أي مكان أن يطلبوا تحسين ظروف الحياة المعيشية، سواء في الأردن أو غيره من الدول العربية.

سبب الأزمة

 * المسيرات أو المظاهرات في الأردن خرجت نتيجة لرفض الأردنيين لمشروع قانون ضريبة الدخل.. ألم يوافق البرلمان الأردني على هذا القانون؟، ولماذا تم الاحتجاج إذن؟

** لم يتم مناقشة القانون في مجلس النواب، لأن المجلس كان في عطلة، وكان مجرد مشروع قانون وفيه بنود رفضها الأردنيون واحتجوا عليها. لكن ما زاد الأمر سوءً هو أنه في نفس اليوم أو بعد يوم من وصول مشروع القانون إلى مجلس النواب، جاء التعديل الشهري لأسعار المحروقات، حيث تم رفع سعرها بنسبة 5%.

 

وتصادف أن الناس كانت في الشارع تحتج على قانون الضريبة الجديد، لتتسبب تلك الزيادة في أسعار المحروقات في إشعال الوضع أكثر واتساع رقعة الاحتجاجات لنشهد مسيرات غير مسبوقة في التاريخ الأردني منذ أن كان هناك عدوان ثلاثي على مصر سنة 1956 عندما خرج الأردنيون كما العرب رفضًا لحلف بغداد.

وأعتقد أن تلك المسيرات لازالت تأخذ الطابع السلمي، وهذا ما يميز هذا الخروج والرفض الأردني. لأن الأردنيون لديهم خبرة بما جرى في الدول العربية الأخرى، ويدركون أن خروج مثل هذه المسيرات عن السلمية يمكن أن يؤدي في أي لحظة من اللحظات إلى الفوضى.

وأعتقد أن الحالة الأردنية هي حالة، لا أقول فريدة، وإنما منضبطة، ولازالت كذلك في الشارع، رغم بعض الخروقات هنا وهناك، ولكن على الدولة أن تستجيب بسحب القانون الذي أصبح في حكم المنتهي، وأنا أعرف أن النواب أعلنوا موقفهم منه، وكذلك أعضاء مجلس الأعيان، لذلك سيتم سحب القانون، ولكن نحن الآن في عطلة برلمانية، والحكومة الجديدة لم تتشكل بعد، وعندما يتم تشكيلها ينبغي دعوة مجلس النواب إلى دورة استثنائية من أجل أن تحصل الحكومة على الثقة وبعد ذلك تستطيع أن تسحب القانون.

ثمن المواقف

 * ما الذي كان يلمح إليه الملك عبد الله الثاني عندما قال إن الأردن في مفترق طرق  يدفع فاتورة مواقفه السياسية بطريقة مغلفة بطابع اقتصادي .. هل كان يقصد موقف الأردن من أزمة اللاجئين أم موقف الأردن من الصراع السوري أم موقفه من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟.

** الأردن كان يحذر منذ عقود من مثل هذه المواقف. وأنت تعرف أن المشروع الصهيوني في المنطقة هو في النهاية يريد الاستيلاء على القدس، وتفكيك كل المشاريع القومية التي تم إقرارها في الأمم المتحدة بخصوص الدولة الفلسطينية وحل الدولتين وعودة اللاجئين. واليوم نشط هذا المشروع الإسرائيلي وخصوصًا بعد وصول ترامب على رأس الإدارة الأمريكية وقراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، معارضًا بذلك كل الخطط والأهداف الإستراتيجية في المنطقة ومن بينها الهدف الأردني، لأن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 76 هي هدف إستراتيجي أردني قبل أن يكون فلسطيني أو عربي.

ونحن في الأردن نلمس نتائج المواقف من هذه القضية بوضوح، وذلك من خلال معيارين أساسين: المعيار الأول هو ارتفاع حجم الدين بشكل عام إلى 27 مليار دينار أردني، أي ما يعادل 37 مليار دولار أمريكي، وهذا رقم هائل بالطبع، وهذا يعتبر جزءً من الضغط الدولي. بالإضافة إلى ما تتحمله الأردن من موجات اللاجئين منذ معركة ميسلون عام 1919، وحتى قبل تأسيس الأردن استقبلنا موجات اللاجئين من روسيا القيصرية ومن الشراكسة والشيشان الذين كانوا على خلاف مع القيصرية الروسية في هذا الوقت.

ولازالت موجات اللاجئين متواصلة حتى الآن، لأن هناك صراع في المنطقة حول ما يسمى بـ”صفقة القرن”، ومساعي لإنهاء حل الدولتين وإقامة كيان فلسطيني هزيل بدون القدس الشرقية، وهذا حل يرفضه الأردن رفضًا تامًا.

الحل موجود

 * هل أنتم متفائلون من قدرة البرلمان والحكومة الجديدة على تجاوز الأزمة وإعادة الهدوء للشارع الأردني؟

** كسياسي أنا متفائل، وهذا شيء أكيد. والسبب في ذلك ما رأيته في الأردن خلال الأيام الماضية، فالأردنيون خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن آرائهم بكل سلمية، كما أن علاقة المواطن الأردني اليوم الذي يخرج مع رجل الأمن هي علاقة مميزة، وهذا ما تدل عليه الصور التي تداولتها وسائل الإعلام، حيث ظهر رجال الأمن وهم يوزعون المياه على المتظاهرين في موعد الإفطار، ويجلسون لتناول الإفطار سويًا.

أما فيما يتعلق بالبرلمان، فأعتقد أنه لو قام هذا المجلس بدوره الحقيقي قبل 6 أشهر، ونزع الثقة عن تلك الحكومة التي أرهقت المواطن الأردني، لما وصلنا لهذه المرحلة. وأعتقد أن الأردنيين يعانون اليوم من كثرة الضرائب، ولا مجال لفرض ضرائب جديدة. ويجب على الحكومة الجديدة أن تبحث عن مصادر جديدة.

للاستماع الى الحلقة عبر ال soundcloud

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى