تقارير

سوريا تفتح المعابر مع دول الجوار.. إعلان لنهاية الحرب أم محاولة للخروج من العزلة؟

إعداد وتحرير: علي البلهاسي

رسائل عدة وجهتها سوريا للعالم من خلال إعلان إعادة فتح المعابر مع دول الجوار، سواء مع الأردن أو العراق أو مع إسرائيل في هضبة الجولان المحتلة.

بعض هذه الرسائل قد تكون سياسية، وتتمثل في تأكيد السيطرة على الأوضاع الأمنية، وأن الحياة قد بدأت تعود لطبيعتها في هذا البلد الذي أنهكته الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.

والبعض الآخر من الرسائل قد يتعلق بمحاولة النظام السوري الخروج من العزلة، ورغبته في فتح شرايين جديدة للاقتصاد، وإعادة الحياة للسوق المحلي، من خلال تنشيط حركة التجارة مع الدول المجاورة.

مطلب مهم

ويرى الخبراء أن النظام السوري يسعى من خلال فتح المعابر إلى تسريع إنهاء عزلته الاقتصادية تمهيدًا إلى إنهاء عزلته السياسية، مشيرين إلى أن الإعلان عن افتتاح معبري “نصيب” الحدودي مع الأردن، و”القنيطرة” على الجولان المحتل، بالإضافة إلى مناقشة فتح معبر البوكمال مع العراق، يمثل مكسبًا سياسيًا واقتصاديًا لدمشق.

واتجه النظام السوري إلى حسم مصير المعابر الحدودية مع العراق والأردن، بعد أن استعاد السيطرة على معبر نصيب مع الأردن، وعلى قسم كبير من الحدود مع العراق ومعبر البوكمال.

ومع استعادة النظام مزيدًا من الأراضي داخل سوريا جرت استعادة الحركة الطبيعية للنقل الداخلي بين معظم المدن الكبرى، مما يسر حركة البضائع والمسافرين، وعزز الاقتصاد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وهو ما جعل من مسألة فتح المعابر مطلبًا مهمًا للنظام السوري الذي يسعى لاستغلال تحسن الظروف الأمنية في تهيئة الأجواء لانتعاش الاقتصاد.

وكان رئيس الحكومة السورية، عماد خميس، قد قال في أغسطس الماضي إن فتح المعابر مع دول الجوار «مرهون بتحقيق مصلحتنا بشكل خاص». وأضاف: “كل خطوة سنقوم بها عبر التبادل التجاري والعلاقات مع الدول الصديقة ودول الجوار، مبنية على تحقيق الفائدة”.

وتابع أن “كل ما يحقق لنا الفائدة الاقتصادية في المعابر وفي العلاقات مع الدول الصديقة والدول الإقليمية، سيكون تحت عنوان الوطن والفائدة والمصلحة الوطنية”.

“نصيب” مع الأردن

يوم الاثنين الماضي دشن الجانبان السوري والأردني إعادة فتح معبر “جابرـ نصيب” الحدودي رسميًا بعد إغلاقه لمدة ثلاث سنوات.

ويضم مركز حدود جابر نحو 172 مكتب تخليص بضاعة يعمل بها قرابة 600 موظف. وكانت نحو خمسة آلاف شاحنة تعبر بشكل يومي الحدود الأردنية- السورية قبل الحرب.

ووفق الاتفاق بين الجانبين يتم استئناف حركة النقل البري للركاب والبضائع بين البلدين يوميًا لمدة 8 ساعات من الساعة الثامنة صباحًا حتى الساعة الرابعة عصرًا.

وقال نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية محمد داوود إن «البداية ستكون مجرد عملية تبادل بضائع بين الشاحنات الأردنية والسورية في المنطقة الحرة المشتركة، خوفًا من تعرض الشاحنات للأذى من فلول المجموعات الإرهابية».

وأشار الاتفاق إلى إمكانية مغادرة مواطني كلا البلدين إلى سوريا، أما بخصوص القدوم للأردن فأوضح الاتفاق أن الشخص القادم من سوريا يحتاج إلى موافقة أمنية مسبقة، وفي حال العبور يحتاج إلى إبراز إقامة أو تأشيرة سارية المفعول للبلاد التي ينوي السفر إليها.

فيما صرحت المتحدثة باسم الحكومة الأردنية الوزيرة جمانة غنيمات، أن فتح المعابر لمرور المساعدات للسوريين لا يعني فتح الحدود لدخول اللاجئين. وقالت الوزيرة الأردنية، أن “فتح تلك الممرات من أجل إرسال المساعدات إلى الداخل السوري التزاما بدور الأردن الإنساني بمساعدة الأشقاء السوريين” مؤكدة أن فتح تلك الممرات الإنسانية لا يعني فتح الحدود مع سوريا.

“القنيطرة” مع إسرائيل

وبالتزامن مع فتح المعبر الحدودي بين سوريا والأردن أعيد أيضًا فتح المعبر الوحيد بين سوريا والقسم المحتل من هضبة الجولان، الواقع تحت السيطرة الإسرائيلية. وكان المعبر قد تم إغلاقه قبل نحو أربع سنوات، مع توسيع المعارضة السورية لنطاق سيطرتها في محافظتي درعا والقنيطرة، وعند المناطق الحدودية مع شريط الجولان السوري المحتل.

وكانت سفيرة الولايات المتحدة في نيويورك، نيكي هيلي، قد ذكرت أن كلاً من إسرائيل والنظام السوري والأمم المتحدة، اتفقوا على إعادة فتح معبر القنيطرة، وذلك بعد أيامٍ من تصريحٍ لوزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أعرب فيه عن استعداد حكومته لفتح المعبر.

ووفق بيان للجيش الإسرائيلي سيقتصر استخدام المعبر في مرحلة أولى، على القوات الدولية الموجودة في هضبة الجولان. واعتبر البيان أن «افتتاح المعبر سيساعد على تطبيق اتفاقية “فض الاشتباك” الموقعة عام 1974 بين سوريا وإسرائيل، وهو الاتفاق الذي يركز على تحديد منطقة عازلة وخالية من قوات عسكرية بين الدولتين».

ويُستخدم معبر القنيطرة لتأمين زيارة العائلات في الجولان المحتل إلى أقاربهم في سوريا، إضافة إلى عبور العرائس بين الجانبين، وكذلك الطلاب الذين يدرسون في الجامعات السورية، إضافة لنقل بعض المحاصيل الزراعية وعلى رأسها التفاح، من الجانب المُحتل نحو سورية.

ولا يتم فتح المعبر بشكل دائم طيلة أيام السنة، وإنما يتم فتحهُ في أوقاتٍ معينة، بناء على اتفاقٍ بين القوات على جانبي الحدود، وبالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة الموجودة هناك.

“البوكمال” مع العراق

بعد الأردن وإسرائيل يسعى النظام السوري لإعادة فتح المعابر مع العراق، ويبدو أن هذه المساعي اقتربت من النجاح، وأثيرت هذه المسألة خلال زيارة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفرى للعاصمة السورية دمشق ولقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تم بحث الموضوع بشكل مباشر.

وأعلن الجعفري، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري وليد المعلم، أن بغداد تدرس فتح المعابر المشتركة بين البلدين، مؤكدا أن إغلاق المعابر جاء بسبب ظروف استثنائية جراء الإرهاب وستفتح قريبا.

وتربط ثلاثة معابر بين البلدين، أبرزها البوكمال المعروف من الجهة العراقية بـ”القائم”، وهو المعبر الوحيد الذي تسيطر عليه القوات الحكومية من الجهة السورية في الوقت الراهن، حيث إنّ معبر “اليعربية” تحت سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، ومعبر “التنف” تسيطر عليه القوات الأميركية منذ بداية العام الجاري.

وقال الجعفري: «إن عملية افتتاح المعابر بين البلدين ستكون وشيكة، حتى وإن أخذت بعض الوقت». وشدد على أنه «لا يوجد ثمة ما يبرر التلكؤ والتأخير».

فيما قال المعلم إنه يأمل في إعادة فتح معبر البوكمال الحدودي مع العراق في أسرع وقت ممكن.  وذكرت وزارة الخارجية السورية في بيان لها أن الجعفري والمعلم أكدا “ضرورة الإسراع في إعادة فتح المعابر الحدودية بين البلدين”. وأشار الوزيران، وفق البيان، إلى أن “هذا الأمر الذي سينعكس إيجابا على حركة تبادل البضائع وانتقال الأشخاص ويساهم في تعزيز صمود البلدين في مواجهة التحديات القائمة”.

ولم يحدد البيان موعدًا لاتخاذ خطوة إعادة فتح المعابر المغلقة بين الجانبين منذ سنوات، لكن من المتوقع أن يتم تأجيل فتح معبر البوكمال لحين تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وأكد المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد محجوب أن وفدًا سوريًا رفيع المستوى سيزور العراق في القريب العاجل لبحث حيثيات فتح المعابر الحدودية بين البلدين.

وقال محجوب في تصريحات نقلتها قناة (السومرية نيوز): “نعتقد أن فتح المعابر سيعود بالفائدة على الجانبين لما فيه مصلحة البلدين، موضحًا أن الخطوة الأولى ستكون عن طريق فتح معبر واحد، ومن ثم المعبرين الآخرين.

وأضاف أن هناك عقبة تتمثل في الجيوب الإرهابية الموجودة في المناطق الحدودية بين البلدين، مؤكدًا أن هناك تنسيقا أمنيا بين الجيشين العراقي والسوري للقضاء على هذه الجماعات.

تحفظ أمريكي

لكن هناك من يرى أن فتح المعابر مع العراق لن يكون بالسهولة التي يرجوها المسئولون في الجانبين، حيث سيكون هناك رأي آخر للقوات الأمريكية الموجودة هناك.

وتسيطر القوات الأمريكية على معبر الوليد في منطقة التنف، وتضغط روسيا على الولايات المتحدة للخروج من منطقة التنف الإستراتيجية لتهيئة الأجواء لفتح المعبر من تلك المنطقة ومعابر أخرى.

وقرب حدود سوريا مع العراق أغلق الجيش الأمريكي طريق دمشق بغداد السريع الرئيسي، لكن يوجد معبر آخر أصغر في البوكمال الواقعة إلى الشرق. لكن هذا المعبر مفتوح في الوقت الحالي لأغراض حكومية وعسكرية فحسب.

لكن القوات الأمريكية تستطيع – إن أرادت- قطع هذا الطريق أيضًا، حيث سيمر من مناطق سيطرة حلفائها “قوات سوريا الديمقراطية”، أو بالقرب من مناطق سيطرتها وسيطرة قوات المعارضة الموالية لها.  كما تعرف القوات الأمريكية أن فتح المعابر سيخدم مصالح إيران بالدرجة الأولى.

ويرى الخبراء أن النظام ومن ورائه حليفاه إيران وحزب الله لن يحققوا المكاسب العسكرية المرجوة في حال تعطيل فتح المعابر مع العراق، والتي ستكون صلة وصل بين إيران وذراعها المطل على البحر المتوسط من جهة بيروت.

المعابر مع تركيا

رغم المساعي السورية لإعادة فتح المعابر مع دول الجوار إلا أنه لا يوجد حتى الآن حديث عن فتح المعابر الثمانية التي تقع على الحدود السورية التركية أو أحدها. فلا تزال الحدود بين البلدين مغلقة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، لكنها مفتوحة فقط في منطقة تسيطر عليها المعارضة.

ويسيطر النظام السوري على معبر “كسب”، وهو مغلق بشكل تام، في حين تسيطر الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا على معبر “باب الهوى”، شمال محافظة إدلب، وهو مفتوح بشكل جزئي، وكذلك معبر “باب السلامة”، في حين تغلق معبر “جرابلس”. كذلك، تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” على معابر “بينار”، بالقرب من “عين عرب، وتل أبيض والدرباسية ونصيبين”، وجميعها مغلقة من الجانب التركي.

ويبقى نجاح أي مسعى لافتتاح أحد هذه المعابر مرهونًا فيما يبدو باكتمال التسوية الروسية التركية.

مكاسب اقتصادية

بمجرد فتح معبر “جابر- نصيب” الحدودي بين الأردن وسوريا، اصطفت سيارات أردنية في طابور استعدادًا للدخول إلى الجانب السوري، وتقدمت سيارة دفع رباعي سوداء اللون في اتجاه سوريا، وكان يقودها المستثمر السوري هشام فليون الذي قال لوكالة «فرانس برس»: «أنا سعيد جداً وشعوري لا يوصف».

وأضاف: «كان يجب فتح المعبر منذ وقت طويل فهو عصب وشريان مهم للدول العربية كلها، وليس لسوريا والأردن فقط».

ويعتبر معبر “نصيب” من أهم المعابر السورية الـ19 الموزعة على الحدود السورية، فهو البوابة الرئيسية ما بين دول البحر المتوسط والخليج العربي وآسيا وشمال أفريقيا.

كما أن للمعبر أهمية خاصة بالنسبة للبنان الذي يعتمد على سوريا في النقل البري إلى الدول الأخرى، حيث لا يمتلك لبنان معابر حدودية سوى مع سوريا، كما أن باقي حدوده الأخرى مع إسرائيل التي لا تربطه بها أي علاقات.

وتسبب إغلاق معبر جابر- نصيب عام 2015 في قطع ممر نقل مهم لمئات الشاحنات يوميًا والتي كانت تنقل البضائع بين تركيا والخليج وبين لبنان والخليج في تجارة تصل قيمتها لعدة مليارات من الدولارات سنويًا.

وأشار رئيس “تجمع مزارعي الجنوب” محمد الحسيني في بيان إلى أن “المعابر الحدودية توفر الوقت وكلفة النقل، وتعتبر المتنفس الوحيد لتصدير المنتجات اللبنانية الصناعية والزراعية، إضافة لانتقال الأفراد وحركة الترانزيت نحو البلدان العربية الشقيقة”.

فيما قال رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، إن إعادة فتح معبر نصيب الحدودي، يعود بالفائدة على لبنان ويعيد وصله برًا بعمقه العربي. ولفت إلى أن فتح المعبر سيتيح انتقال الأشخاص والبضائع من لبنان إلى الدول العربية وبالعكس، وبالتالي سينعش مختلف القطاعات الإنتاجية اللبنانية، ويخفف كلفة تصدير البضائع.

لذلك كان من الطبيعي أن يلعب لبنان دورًا في هذه العملية من خلال التنسيق بين الأردن وسوريا، ذلك أن التواصل المباشر بين دمشق وعمان كان منعدماً قبل أن تبدأ العلاقات من خلال وفود اقتصادية.

كما أنّ للمعبر أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة لسوريا والأردن، لما يعود عليهما من مكاسب مالية، حيث تقدّر بعض التقارير الاقتصادية الخسائر السنوية التي لحقت بالطرفين جراء إغلاق المعبر بـ5400 مليون دولار لسورية، و800 مليون دولار للأردن، و900 مليون دولار للبنان، في حين كانت قيمة المبادلات التجارية بين سورية والأردن عام 2010 تساوي ملياري دولار أميركي.

وبعد فتح المعبر سيشكل الأردن نقطة وصل رئيسية لسورية مع أسواق التجارة العالمية، ومدخلاً رئيسيًا لورشة إعادة إعمار ما دمرته الحرب. وعلى مستوى القطاع الخاص في البلدين من المتوقع أن يدشن الطرفان مشاريع مشتركة، وصفقات تجارية تعود بالنفع على اقتصاد البلدين.

وقال رئيس غرفة تجارة الأردن، نائل الكباريتي، إن القطاع الخاص ينظر بإيجابية لإعادة فتح معبر جابر – نصيب الحدودي الذي يشكل مصلحة مشركة وشريانًا مهمًا لعبور المنتجات إلى تركيا وأوروبا، وكذلك إلى موانئ طرطوس ولبنان، فيما يشكل فتح المعبر بوابة للمنتجات السورية لدخول الأسواق الخليجية.

كما تسعى سوريا والعراق لتحقيق مكاسب اقتصادية من فتح معبر البوكمال، لتنشيط التبادل التجاري بين البلدين والذي كان قد بلغ قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، ما يقارب 3.5 مليارات دولار، شكّلت صادرات سورية إلى العراق معظمها.

مكاسب سياسية

وفق العديد من الخبراء فإن فتح المعابر الحدودية لسوريا مع دول الجوار يحمل رسائل سياسية وأخرى تجارية.. قد تمّهد لأمور أخرى. مشيرين إلى أنها ربما تكون خطوة جديدة تشير إلى وجود توافقات دولية على إعادة إنتاج النظام السوري والاعتراف به.

ويبدو أنّ التوافق الدولي على إعادة فتح المعابر الحدودية، وتأمين الطرق التجارية في سورية، يسير بشكل متواتر، بحسب ما تمّ الاتفاق عليه في اجتماعات أستانة.

ففي حين كان يتم افتتاح معبري نصيب والقنيطرة، كان النظام السوري يعبر عن أمله بأن تتم إعادة فتح معبر البوكمال الحدودي مع العراق.

ويشكل فتح المعابر مع دول الجوار إنجازًا سياسيًا بالدرجة الأولى لروسيا الداعمة الرئيسية للنظام السوري، والتي لعبت دورًا محوريًا في إنجاح هذا المسار.

ويقول مراقبون إن استجابة دول الجوار تعكس في واقع الأمر إدراكها أن نظام بشار الأسد بات هو الممسك بزمام الأمور في البلاد، رغم عدم سيطرته على كل الأراضي السورية.

وأضافوا أن فتح المعابر يعد رسالة قوية من النظام السوري وداعمته روسيا تفيد بأن الوضع في البلد يتجه للعودة إلى سابق عهده، وأن الصراع بات في أمتاره الأخيرة.

ويرى خبراء سوريون أن ما يجري من استقرار في الوضع للنظام السوري أجبر الأطراف الدولية على تغيير مواقفها، حيث يرى السوريون أن موافقة دول الجوار على فتح المعابر يعد تعبيرًا عن اعتراف رسمي بسيادة الدولة السورية وبحكومتها وبرئيسها.

ويعتبر البعض أنه ما كان سيتم فتح المعابر لولا وجود تأييد دولي لهذه الخطوة. ويقر معارضون سوريون بوجود تغير في المواقف الدولية من النظام، لكنهم يعتبرون أن إنهاء عزلته بشكل تام لن يتحقق قبل التوصل إلى تسوية نهائية للأزمة السورية.

وتشير التحليلات السورية إلى أن هناك تغيرًا حدث أيضًا على صعيد الموقف الأمريكي تجاه النظام السوري، مؤكدة أنه يمكن الاستنتاج أنّ الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لفتح الحدود بين سوريا وكلّ من الأردن والعراق، خاصة وأن فتح المعبر الذي يربط الجولان المحتلّ مع سوريا، جاء الإعلان عنه من واشنطن، ولوحظ وجود تزامن بين فتح معبر “نصيب – جابر” مع الأردن ومعبر “القنيطرة” مع الجولان المحتلّ.

وفي هذا الشأن يقول الكاتب السوري حميدي العبد الله إن ما كان يحول دون فتح المعابر الحدودية بين سوريا وكلّ من الأردن والعراق ليس خلافات سورية أردنية أو سورية عراقية، ولكن الولايات المتحدة كانت تمارس نفوذها في الأردن والعراق لتأخير فتح المعابر بهدف الضغط على الدولة السورية وحلفائها.

وبالتالي فإنّ فتح المعابر يعبّر عن توجه جديد، يتلخص في حقيقة أنّ الدولة السورية قد انتصرت في الحرب، وأن الواقعية السياسية تفرض على كلّ الأطراف والجهات التي انخرطت في الحرب، أن تقرّ بذلك، وأن تتصرف من وحي هذا الواقع.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة أخذت بعين الاعتبار مصالح كلّ من الأردن والعراق، اللتان تتضرّران بمستوى ما تتضرّر منه سوريا جراء استمرار إغلاق المعابر الحدودية.

كما يعد فتح المعبر بين سوريا والأردن انفراجًا مهمًا على الصعيد السياسي والاقتصادي بالنسبة للأردن، الذي تحمل أعباء اللجوء السوري وما ترتب عليه من تبعات أمنية واجتماعية واقتصادية.

كما يعد فتح المعبر مدخلاً لحوار سياسي بين البلدين، ومن الممكن أن تشهد الأسابيع أو الأشهر المقبلة عودة السفير السوري إلى عمّان، إضافة إلى استئناف السفارة الأردنية نشاطها في دمشق.

العودة للمحيط العربي

ووفقًا للعديد من التحليلات فإن سوريا تريد العودة إلى المحيط العربي من خلال المعابر البرية، ويبدو أنها تعتمد على العراق في هذا الشأن.

حيث أعلن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، خلال لقائه نظيره السوري وليد المعلم، أن بغداد تدرس فتح المعابر المشتركة بين البلدين، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وقال الجعفري خلال المؤتمر: “تحدثت في أروقة الجامعة العربية وحتى في الأمم المتحدة أن سوريا عضو أساسي وضرورة عودتها للبيت العربي .. سوريا لا ينبغي أن تهمش ولا يستطيع أحد أن يهمشها وأثبتت السنوات الماضية أن سوريا قوية وملتحمة والنتيجة هي أن بيتها هو البيت العربي”.

وطالب وزير الخارجية العراقي أكثر من مرة في المحافل العربية والدولية بإعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية.. مبينا أن الجامعة اسمها جامعة الدول العربية، والدول هي ليست حكومات وأنظمة، بل الشعوب والجغرافية، وحتى إذا كان هناك تحفظ على سوريا كنظام، فهذا لا يعنى أنه من المناسب أن يحيد الشعب السوري عن صوته داخل الجامعة.

كما أكد المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد محجوب أن بغداد تسعى خلال الفترة الحالية إلى تطبيع العلاقة السورية مع محيطها العربي والإقليمي معتمدًا على العلاقات الجيدة للعراق مع جيرانه”. وشدد على ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة لتتحاور مع أشقائها العرب، لافتا إلى أن الوقت حان لحوار عربي عربي لتجاوز المشاكل المتراكمة.

من جهته أكّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن سوريا لها موقعها في العالم العربي ويجب أن تمارس دورها العربي، ومن هذا المنطلق فإن سوريا تستجيب لأي مبادرة عربية أو دولية، مضيفا أن انتصار سوريا والعراق في الحرب على الإرهاب ستستفيد منه جميع دول المنطقة والعالم.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى