تقاريركلنا عباد الله

حادث نيوزيلندا الإرهابي.. تصعيد خطير لخطاب الكراهية والإسلاموفوبيا

مذبحة المسجدين تمت بدم بارد بدوافع عنصرية ضد المسلمين

علي البلهاسي

حادث مفجع استفاق عليه العالم صباح الجمعة، راح ضحيته نحو 100 شخص بين قتيل وجريح، في هجوم إرهابي نفذه رجل يميني متطرف بإطلاق نار على مسجدين في كرايس تشيرش بنيوزيلندا.

وأسفر الحادث الذي يعد الأكثر دموية في تاريخ نيوزيلندا عن مقتل 49 شخصًا وإصابة 48 آخرين بجروح خطرة بينهم أطفال.

ونقلت صحيفة “نيوزيلند هيرالد” تفاصيل الدقائق السبعة عشر التي هاجم خلالها المسلح “مسجد النور” في شارع دينيز في مدينة كرايست تشيرتش الذي كان يتواجد به حوالي 400 شخص أثناء صلاة الجمعة.

وذكرت الصحيفة أن المسلح، ويدعى برنتون تارنت، وهو مهاجر أسترالي يبلغ من العمر 29 عامًا، دخل إلى المسجد يحمل سلاحًا رشاشًا، وأخذ يطلق النار من البوابة الخارجية حتى دخل المسجد، وذلك من دون أي مقاومة.

وبعد 3 دقائق متواصلة من إطلاق النار على المصلين داخل المسجد، خرج المسلح لإعادة تلقيم رشاشه بالذخيرة التي كانت في سيارته خارج المسجد، قبل أن يعود للمسجد ثانية ويواصل إطلاق النار.

وفي بيانه على “تويتر”، قبيل ارتكاب المذبحة الإرهابية، كتب تارنت أنه خطط لارتكاب عمله الإرهابي منذ سنتين، لكنه حدد الأهداف منذ 3 أشهر، بحسب ما نقلت صحيفة “سيدني مورننغ هيرالد Sydney Morning Herald”. وكان ينوي مهاجمة مسجد في منطقة دونيدن، إلا أنه غير من خططه ووضع مسجد النور كهدف، كما كتب أنه كان ينوي بعد الانتهاء من مسجد النور أن يتوجه لاستهداف مسجد آخر في منطقة آشبورتونو التي تبعد مسافة ساعة بالسيارة عن كرايست تشرش، مشيراً إلى أنه لا يعرف إذا كان سيتمكن من تحقيق هدفه أم لا.

واحتوت صفحته تارنت على تويتر على صور لمخازن ذخيرة، نقش عليها أسماء بطريقة مبعثرة، بما في ذلك أسماء اثنين من القتلة الذين استهدفوا المهاجرين والمسلمين.

كما ضمت تغريدات مثيرة ضد المسلمين ومعدل الولادات بينهم، وأحاديث عن “إبادة جماعية للبيض” وكذلك عن عدد من الهجمات الإرهابية.

قتل جماعي

وقبل بدء الهجوم على المسجد، أظهرت مشاهد مصورة، التقطها المهاجم، أسلحة رشاشة وذخيرة في المقعد الأمامي للسيارة بجواره، وهي من نوع سوبارو، بالإضافة إلى علب بنزين.

وسجل المسلح هجومه على المسجد من خلال كاميرا كانت مثبتة في منتصف خوذة كان يعتمرها، وبدأ التصوير من لحظة وصوله إلى المسجد، وتم بثه بواسطة خدمة “فسي بوك لايف”.

وأظهر الفيديو مطلق النار يقضي المسلح أكثر من دقيقتين داخل مسجد “النور”، وهو يطلق النار على المصلين الفزعين مرة بعد أخرى، وأحيانا يعيد إطلاق النار على أشخاص أطلق عليهم النار من قبل.

ووصف أحد الشهود المسلح الذي هاجم المسجد بأنه كان يرتدي زيًا تمويهيًا، إضافة إلى خوذة دراجة نارية. وأوضح الشاهد ويدعى أحمد المحمود في فيديو نشره موقع “ستاف” الإخباري النيوزيلندي أن المسلح كان يحمل سلاحًا كبيرًا ومعه الكثير من الرصاص، وأطلق النار بكثافة في كل مكان في المسجد وكأنه يريد قتل كل من يراه.

وتمكنت الشرطة النيوزيلندية من التعرف على القاتل، وقالت إنه رجل أبيض، يبلغ من العمر 28 عاما، وهو مولود في أستراليا لأبوين بريطانيين، بحسب الصحيفة.

وذكرت الشرطة أن هجوما آخر استهدف مسجدًا ثانيًا، لكن لم تظهر أي صور لذلك الهجوم على الفور، كما لم يتضح بعد إذا ما كان عدد الضحايا يعود للمسجدين أو لمسجد النور فحسب.

وقال شهود عيان من الناجين من مسجد النور إن أصدقائهم الذين كانوا في المسجد الآخر في لينوود اتصلوا به قائلين إن إطلاق النار وقع هناك في نفس الوقت.

وأظهرت المعلومات الأولية، سقوط عدد من الضحايا العرب في الهجوم الإرهابي. وقال السفير الفلسطيني لدى أستراليا ونيوزيلندا، عزت عبد الهادي، إن المعلومات الأولية تشير إلى مقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين في الهجوم.

فيما أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن أردنيًا قتل في الهجوم وأصيب خمسة آخرين. وكانت السفارة السعودية في نيوزيلندا، أعلنت في وقت سابق أن مواطنًا سعوديًا أصيب بجروح طفيفة في الحادث.

تهديدات إرهابية

ووصفت رئيسة وزراء نيوزيلندا “جاسيندا أرديرن” الهجوم على المسجدين بأنه عمل إرهابي، واعتبرته “بأحد أحلك أيام نيوزيلندا”، معلنة رفع درجة التهديد الأمني من منخفض إلى عال, وطلبت السلطات من جميع المساجد في البلاد إغلاق أبوابها على خلفية الهجوم.

وأفادت وسائل إعلام في نيوزيلندا بأن الشرطة نشرت عناصر مسلحة منها أمام المساجد في البلاد، مشيرة إلى أن هذه الخطوة جاءت وسط مخاوف من أن الهجوم الإرهابي قد لا يكون مقتصرا على كرايس تشيرتش فقط.

وكشفت رئيسة وزراء نيوزيلندا أنه كان هناك متفجرات بحوزة الأشخاص الذين تم اعتقالهم، وأكدت أن هناك الكثير من الدلائل تشير إلى أنه كان هناك مخططات أخرى لتنفيذ عمليات عدائية بالبلاد.

ومما زاد المخاوف من وقوع هجمات إرهابية أخرى في البلاد،  قيام السلطات بتفجير “تحت السيطرة” في مدينة أوكلاند شمالي البلاد.

وبثت وسائل إعلام محلية لقطات فيديو يسمع فيها صوت انفجار ضخم بالقرب من محطة قطارات في المدينة، وقد أغلقت الشرطة المنطقة بالكامل.

وذكرت أن الانفجار ناجم عن تفجير تحت السيطرة نفذته السلطات، بعد العثور على أمتعة تركت في المحطة، أثارت شكوكًا.

ضبط مرتكب الحادث

نجحت الشرطة في إلقاء القبض على مرتكب الحادث، وأظهرت لقطات فيديو صورها شاهد عيان، شجاعة شرطي نيوزلندي، نجح في إنهاء رحلة الهروب لأحد منفذي “مجزرة نيوزيلندا”، وأظهر مقطع الفيديو قيام رجلي شرطة بمحاصرة أحد المشتبه بهم في تنفيذ الهجوم، بعد أن صدما سيارته وجعلها تعلق بين سيارتهما والرصيف.

وفور الاصطدام، خرج الشرطيان من السيارة واقتربا من سيارة المشتبه به من جهة مقعد السائق، وهما يشهران سلاحيهما، ليقوم بعدها أحدهما بفتح باب السيارة والدخول بجسمه بشكل سريع.

وأوضح مصور الفيديو، الذي يدعى نيثان كامباس، أن عملية الاعتقال وقعت في شارع “بروغهام” بمدينة “كرايست تشيرش” في نيوزيلندا، موضحًا أن رجل الشرطة قام بإخراج 3 أو 4 أسلحة من السيارة أولا قبل أن يقوم بسحب المشتبه به خارجها ووضعه على الأرض.

وما أن تم إخراج المسلح، حتى قام الشرطيين بتثبيته وتقييده، وفق ما ذكر موقع “ذا صن” البريطاني.

وقال مفوض الشرطة النيوزيلندية، مايك بوش، إنهم ضبطوا 4 أشخاص من منفذي الهجوم الإرهابي، مشيرًا إلى أن الحادث متطور، ويحاولون كشف ملابساته. وأكد أنهم عثروا على عبوات ناسفة بعد الهجوم على المصلين داخل المسجد، وأنهم تمكنوا من نزع فتيل عددا من الأجهزة المتفجرة المرتجلة، بحسب وكالة “اسوشيتد برس”.

وقالت إن الشرطة إن الأربعة الذين تم القبض عليهم 3 رجال وامرأة ولهم آراء متطرفة، لكنهم لم يكونوا على أي قائمة من قوائم المراقبة.

وتبقى تفاصيل حصول تارنت على الأسلحة ودوافعه لتنفيذ العمل الإرهابي غامضة، وكذلك صلاته بشركائه الذين أوقفتهم الشرطة، إلى أن تعلن عنها السلطات الأمنية في نيوزيلندا.

يميني متطرف

“برينتون تارنت”، اليميني الأسترالي المتطرف، منفذ الهجوم، نشر بيانًا عنصريًا عبر تويتر يشرح فيه دوافع الهجوم، وحمل البيان عنوان “مانيفستو” (الاستبدال الكبير)، ويشير نصه الواقع في 73 صفحة إلى أن المعتدي أراد مهاجمة مسلمين.

ويبدو أن عنوان البيان مستوحى من نظرية للكاتب الفرنسي رونو كامو بشأن اندثار “الشعوب الأوروبية” التي “تستَبدَل” بشعوب غير أوروبية مهاجرة، وباتت هذه النظرية منتشرة بشدة في أوساط اليمين المتطرف.

ويقول المهاجم في نص البيان إنه مولود في أستراليا من عائلة عادية، ويبلغ من العمر 28 عامًا. وأعلن أن إحدى اللحظات التي دفعته إلى التطرف كانت هزيمة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن في انتخابات 2017 الرئاسية، وهجوم بشاحنة في ستوكهولم في نيسان/أبريل 2017 قتل فيه 5 أشخاص بينهم طفلة في الحادية عشر من العمر.

ويعتقد أن تارانت، البالغ من العمر 28 عاما، من المعادين للمهاجرين، حيث عبر في حسابه على تويتر، عن غضبه من “الغزاة المسلمين” الذين يحتلون الأراضي الأوروبية.

ويبدو أن يؤمن أيضًا بتفوق العرق الأبيض، حيث يعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب “رمزًا للهوية البيضاء المتجددة”، على الرغم من أنه لا يعتبره صانع سياسة أو زعيمًا، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك بوست” الأميركية.

وبحسب وثيقة نشرها تارنت على الانترنت، فإنه ينتمي إلى عائلة أسترالية من الطبقة العاملة، وأهدافه هي إخلاء المجتمعات الغربية من غير البيض والمهاجرين بغرض حمايتها، وكذلك الانتقام للحوادث الإرهابية والجرائم الجنسية التي يقوم بها مسلمون ومهاجرون حول العالم بحسب أقواله.

ومن خلال الوثيقة، يعلن أنه يريد الوقوف بوجه الهجرة إلى العالم الغربي بتخويف المسلمين بشكل مباشر عن طريق العنف، كما يريد أن ينتقم لما شهدته البلاد الغربية من هجمات إرهابية، وتحدث تحديداً عن هجوم ستوكهولم عام 2017، حيث أراد الأخذ بالثأر لإحدى ضحايا ذاك الهجوم، وكانت طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا.

كما قال في الوثيقة إن العمل يأتي رداً على حوادث الاغتصاب التي يشهدها العالم الغربي كما حصل في روثرهام في انجلترا عندما اعتدى رجال بريطانيون من أصول باكستانية على نحو 1400 طفل خلال 16 عاماً، وعلى حوادث اغتصاب في سيدني بقيادة شبان لبنانيين أستراليين ضد نساء وبنات أستراليات عام 2000 .

وبحسب الوثيقة، سعى تارنت لشن للهجوم قبل عامين، ثم بدأ بالتخطيط “في الموقع” قبل ثلاثة أشهر، وأنه اختار نيوزلندا ليؤكد أن لا مكاناً آمناً في هذا العالم، واختار هذين المسجدين بعد زيارتهما، وكان يريد استهداف مسجد ثالث، ولكنه قال إنه قد لا ينجح.

وأكد أنه يعمل بشكل منفرد ولا ينتمي لأي حركة نازية أو معادية للسامية، وأنه شكل أفكاره من خلال الانترنت، وأشار إلى تأثره بأندرس بريفيك، الإرهابي اليميني الذي قتل 77 شخصاً في النرويج عام 2011.

ولا يكتفي المهاجم بهذا فقط، بل تتطرق الوثيقة إلى أسماء كبيرة يريد استهدافها كالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وعمدة لندن صادق خان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

كما يدعو لقتل الزعماء الاقتصاديين المعادين للبيض، ولقتل تجار المخدرات، ولاعتبار المنظمات غير الحكومية جماعات خائنة وترحيل غير الأوروبيين من الأراضي الأوروبية.

عبارات وأغاني عنصرية

كان برينتون قد نشر صور للأسلحة المستخدمة في الهجوم عبر حسابه على تويتر، وذلك قبل الحادث بيومين، بالإضافة لكتابته أسماء منفذي الهجوم على مسجد بكندا 2017 ومسجد بإيطاليا 2018.

وآثار برينتون الجدل بتدوينه العديد من العبارات على الأسلحة التي استخدمها في الحادث الإرهابي. حيث تشير العبارات التي كتبها برينتون تارنت لعنصرية بغيضة.

ومن بين العبارات التي كتبها على سلاحه “التركي الفجّ 1683 فيينا”؛ في إشارة إلى معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ومثلت نهاية توسعها في أوروبا.

وكان الفيديو الذي بثه منفذ الهجوم قد تضمن في خلفيته أغنية صربية قديمة اسمها “Serbia strong”، وتعود قصتها إلى معركة “فيينا” أيضًا.

كما كتب على أحد الأسلحة “وقف تقدم الأمويين الأندلسيين في أوروبا”؛ في إشارة إلى الفتح الإسلامي للأندلس، وتأسيس إمارة إسلامية فيها على يد عبد الرحمن بن معاوية (الداخل) عام 756م.

أيضًا شملت العبارات التي كتبها برينتون على الأسلحة “اللاجئون أهلا بكم في الجحيم”؛ تعبيرًا عن رفضه ومعاداته للمهاجرين، الذين اعتبرهم غزاة يحاولون استبدال شعوب أوروبا.

أما عبارة “تور 732” فتشير إلى معركة دارت في أكتوبر 732م في موقع بين مدينتي بواتييه وتور الفرنسيتين، وتعرف أيضا باسم “بلاط الشهداء” وكانت بين المسلمين وقوات الفرنجة والبورغنديين، وانتهت بانتصار قوات الفرنجة وانسحاب جيش المسلمين بعد مقتل قائده.

خطر الإسلاموفوبيا

وبعد الحادث توالت الإدانات وردود الأفعال الغاضبة في العالم الإسلامي، والتي أشارت إلى أن الحادث يشكل مؤشرًا خطيرًا على النتائج الوخيمة التي قد تترتب على تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا.

وندد الأزهر بالهجوم الإرهابي، محذرًا في بيان له من انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا، حتى تلك التي كانت تعرف بالتعايش الراسخ بين سكانها.

وشدد الأزهر على أن ذلك الهجوم الإجرامي، الذي انتهك حرمة بيوت الله وسفك الدماء المعصومة، يجب أن يكون جرس إنذار على ضرورة عدم التساهل مع التيارات والجماعات العنصرية التي ترتكب مثل هذه الأعمال البغيضة، وأن يجرى بذل مزيد من الجهود لدعم قيم التعايش والتسامح والاندماج الإيجابي بين أبناء المجتمع الواحد، بغض النظر عن أديانهم وثقافاتهم.

كما أدان مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية الهجوم، مشيرًا إلى أنه يؤكد حتمية تجريم الإسلاموفوبيا والتمييز العنصري ضد المسلمين، ويجب على المجتمع الدولي بكافة مستوياته العمل على سن تشريع دولي يوَّصف الإسلاموفوبيا باعتبارها عملًا إرهابيًا لا يقل خطورة عن إرهاب داعش والقاعدة.

ولفت المرصد إلى أن العمليات الإرهابية التي تقع بحق المسلمين على أيدي اليمين المتطرف في الغرب بشكل عام تسهم في انتشار التنظيمات الإرهابية وتضفي شرعنة متوهمة على خطاب الإرهاب الذي يدعي أنه يسعى لحماية دماء المسلمين التي تُسال هنا وهناك، كما أنها تدفع بعدد من ضحايا التمييز العنصري ضد المسلمين إلى السعي نحو الانتقام من مجتمعه الذي شعر فيه بالعنصرية والدونية، الأمر الذي يؤكد أن تجريم الإسلاموفوبيا واعتبارها إرهابًا عابرًا للحدود هو ضرورة للحفاظ على أمن واستقرار المجتمعات الغربية، وحفاظًا على التعددية والتنوع بين أفرادها.

أيضًا أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين الهجوم بأشد العبارات. وقال إن هذه الجريمة الوحشية صدمت جميع المسلمين في أنحاء العالم كافة وألمت مشاعرهم ومثلت تحذيرا آخر من الأخطار الجلية التي تمثلها الكراهية والتعصب والإسلاموفوبيا، داعيًا السلطات النيوزيلندية إلى إجراء تحقيق فوري وشامل في هذا الاعتداء الآثم ، وحث الحكومة النيوزيلندية على توفير حماية أكبر للجماعات والمجتمعات المسلمة التي تعيش في البلاد.

وأعربت رابطة العالم الإسلامي عن بالغ ألمها وإدانتها للعملية الإرهابية التي عكست صورة من أبشع صور توغل الكراهية والحقد في عالم أحوج ما يكون إلى الالتفاف حول قيم المحبة والوئام والسلام.

وقال أمين عام الرابطة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى”إن هذا العمل البربري يضاف إلى النماذج الموازية لما يقوم به إرهاب داعش والقاعدة بدمويته البشعة، حيث تؤكد الرابطة دوماً على أهمية معالجة التطرف والتطرف المضاد وبخاصة سن التشريعات التي تمنع كافة أشكال التحريض والكراهية”.

وحذر العيسى، من أن مثل هذه الأعمال الإرهابية بأسلوبها الغادر والجبان ستحفز لغيرها من الأعمال في ظل التخاذل عن سن تلك التشريعات والتساهل في تربية الأجيال على قيمها الإنسانية والأخلاقية، مشدداً أنه لابد من تنظيم الحريات بسقف تشريعي وأخلاقي يمنع من انزلاقها في أفكار تتولد عنها مثل هذه الفظائع التي أقدمت بجرأتها وتحديها على الاستخفاف بكافة المعاني والقيم والأرواح البريئة وبلغت قناعة تطرفها الفكري تحمل تبعات هذه الجريمة في سبيل تفريغ شحنة الحقد والكراهية.

استنكار عالمي

قوبل الحادث الإرهابي باستنكار عالمي شديد، وقالت الملكة إليزابيث، ملكة بريطانيا، ورأس الدولة في نيوزيلندا، إنها شعرت “بحزن عميق بسبب الأحداث المروعة التي وقعت في مدينة كرايس تشيرش النيوزيلندية”.

فيما أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن حزنه العميق إزاء الحادث، وقال في تغريدة له على (تويتر) : “إن الاتحاد الأوروبي سيقف دائمًا مع نيوزيلندا وضد أولئك الذين يرغبون في تدمير مجتمعاتنا وطريقة حياتنا”.

كما دانت الولايات المتحدة بقوة هجوم نيوزيلندا معتبرة أنه ينم عن “شر وكراهية”. وغرد ترامب على حسابه على “تويتر”، قائلا: “أقدم أحر مشاعر التعاطف وأطيب الأمنيات لشعب نيوزيلندا بعد المجزرة المروعة في المسجدين، لقد قتل 49 شخصا بريئا بشكل عبثي للغاية، والولايات المتحدة تقف إلى جانب نيوزيلندا بما استطاعت”.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الشعب الأمريكي فجع بهذه المأساة ويقف بجانب أصدقائه في نيوزيلندا. وأضاف الوزير الأمريكي أنه من المفترض أن في أماكن العبادة لا خوف من احتمال وقوع مثل هذه الأحداث العنيفة.

كما أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تعازيه لرئيسة وزراء نيوزيلندا، كما أعرب عن أمله في معاقبة جميع المتورطين في الحادث.

فيما أدان الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” الحادث، وقال في تغريدة على (تويتر)- “إنني حزين وأدين بشدة إطلاق النار على الأشخاص الأبرياء أثناء أدائهم الصلاة بسلام في المساجد بنيوزيلندا.. أعرب عن خالص التعازي لعائلات الضحايا.. اليوم وكل يوم، يجب أن نقف متحدين ضد كراهية المسلمين وكافة أشكال التعصب والإرهاب”.

وفي السياق ذاته، أدان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، بشدة الهجوم قائلًا “هذا يؤكد مجددًا موقفنا الدائم: أن الإرهاب لا دين له”. وأضاف خان أنه يشجب الهجمات الإرهابية المتزايدة الناجمة عن ظاهرة الخوف من الإسلام في أعقاب هجمات 11 سبتمبر عام 2001، والتي تُحَمِل كافة المسلمين أي تصرف إرهابي يرتكبه مسلم.

فيما قال متحدث حزب العدالة والتنمية التركي، عمر جليك، إن الهجومين على المسجدين في نيوزيلندا نتاج البيئة التي شكلها سياسيون يستخدمون عبارات معادية للإسلام.

وأكد جليك أن “معاداة الإسلام يشكل تهديدا للمسلمين والبشرية جمعاء وعلى جميع العالم أن يتكاتف ضد هذه الهجمات الإجرامية”.

وشدد جليك على ضرورة الوقوف في وجه أيديولوجية الكراهية التي تستهدف البشرية جمعاء، مضيفا “إن من يكنّون العداوة ضد المساجد يستهدفون الكنائس والكُنس”.

وندد المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما وصفه بالهجوم “العنصري والفاشي”. وكتب إبراهيم كالين عبر تويتر: “يظهر هذا الهجوم الدرجة التي وصل إليها العداء تجاه الإسلام والمسلمين”.

من جانبه، قال كمال فاروقي مؤسس رابطة مسلمي عموم الهند، وهي مؤسسة غير حكومية لعلماء الدين الإسلامي، إن “الفيروس المعادي للمسلمين ينتشر في أرجاء العالم… كل أصحاب الديانات يجب أن يقلقوا بشدة”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى