تقارير

محاكمة ترامب التاريخية.. مكالمة هددت بعزله ومساءلة انتهت بالبراءة

في نهاية محاكمة تاريخية أظهرت انقساما سياسيا في الولايات المتحدة، حصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على “براءة تامة” و”رد اعتبار كامل”  وفق تعبير البيت الأبيض

جاء ذلك بعدما صوت مجلس الشيوخ بأغلبية ضد تهمتي عرقلة عمل الكونجرس وإساءة استخدام السلطة، لتطوى بذلك الصفحة الأخيرة من التحقيق المكثف الذي أجراه الديموقراطيون في مجلس النواب واستمر لنحو 80 يوما بهدف عزل الرئيس الـ45 لأمريكا من منصبه.

وصمة دائمة

ورغم تبرئة الرئيس الجمهوري إلا أن محاكمة عزله ستترك وصمة دائمه في سجله، كما حدث مع الرئيسين أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون في 1998.

كما أن قرار مجلس الشيوخ بتبرئة ساحة ترامب – من تهمة إساءة استخدام السلطة بغالبية 52 مقابل 84 صوتا  معارضا، ومن تهمة عرقلة الكونجرس بغالبية 53 مقابل 47 صوتا معارضا، أزاح عقبة كبيرة أمام الرئيس ليتفرغ تماما لحملة إعادة انتخابه في نوفمبر المقبل.

تأييد قياسي

وترتفع فرص ترامب في الفوز بجولة رئاسة ثانية بعد فترة أولى بدأت منذ 2016، خاصة بعد تبرئته. وأظهر أخر استطلاع رأي أجراه معهد جالوب أن  نسبة تأييد الرئيس الأمريكي بلغت إلى مستوى قياسي  بواقع 49%.

مواجهة مستمرة

وكان أبرز مواجهة في التحقيقات التي بدأت من سبتمبر الماضي، بين ترامب ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. واعتاد الرئيس الأمريكي ورئيسة مجلس النواب تبادل الاتهامات والتصريحات اللاذعة إلى أن كان المشهد الأخير عندما رفض ترامب مصافحة بيلوسي بعدما مدت يدها إليه لتمزق الأخيرة خطابه السنوي لحالة الاتحاد.

ولم يتوقف السجال بين الطرفين وقالت بيلوسى إنها مزقت خطاب ترامب لأنها لم تجد فيه صفحة “لا تضم كذبة”. ولم ينتظر ترامب حتى  خطابه الرسمي للتعليق على براءته ليهاجم بيلوسي والسناتور مت رومني وهو الجمهوري الوحيد بمجلس الشيوخ الذي صوّت لإدانته.

واتهم ترامب خصميه بالنفاق والتخفي وراء معتقداتهما وذلك خلال مراسم إفطار يوم الصلاة الوطني، وهو حدث سنوي يشارك فيه الحزبان الديمقراطي والجمهوري.

خلاف ترامب وبيلوسي انتقل بدوره إلى  النواب الجمهوريين والديمقراطيين. فععندما بدأ ا الرئيس ترامب خطابه لحالة الاتحاد أخذ الجمهوريون من مجلسي الكونجرس يهتفون “أربع سنين أخرى”، فيما جلس الديمقراطيون صامتين.

بدء التحقيقات

ومنذ بدأ  تحقيقات عزل ترامب في 24 سبتمبر 2019 على يدِ رئيسة مجلس النواب الأمريكي، أثارت القضية صخبا في الأوساط السياسية الأمريكية خاصة في أعقاب  تقرير  زعم حدوث سوء استخدام واسع النطاق للسلطة من قبل الرئيس الأمريكي.

وأشار التقرير أن ترامب ارتكب عدد من الانتهاكات  عندما أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حيث ضغط عليه  عبر تعليق مساعدات عسكرية من أجل إعادة فتحِ تحقيق بخصوص المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسيّة المقبل، السانتور الديموقراطي  جو بايدن  وابنه هنتر بايدن.

وتطورت الأمور  حتى اتهم التقرير، البيت الأبيض بمحاولة إخفاء محتويات هذه المكالمة الهاتفية التي أجريت في يوليو 2019 .  ورد البيت الأبيض بنشر نسخة من المكالمة الهاتفية لتؤكد  أن ترامب طلب من زيلينسكي النظر في قضيّة بايدن.

مخبر سري

ولم يكن ترامب يعلم أن  مجرد مكالمة هاتفية  قدم بها مسئول بالمخابرات بلاغا ضده قد تؤدي إلى مساءلة رئيس أقوى دولة في العالم. واتهم ترامب في 26 سبتمبر 2019  المبلغ عن فحوى المكالمة التي من المفترض أن تكون طي الكتمان، بأنه جاسوس وخائن.

تصويت تاريخي

وقبل نهاية شهر سبتمبر الذي شهد أحداثا عاصفة في الولايات المتحدة، وفي نفس الشهر، أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أن 6 لجان ستُجري تحقيقًا رسميًا في قضية مُساءلة الرئيس ترامب الذي اتهمته بأنه تهديد للديمقراطية الأمريكية  وإلحاق الضرر بالأمن القومي الأمريكي.

وقادت بيلوسي، الديمقراطية القوية التي وصفها ترامب بـ”المجنونة”،  تصويتًا تاريخيًا ورسميا في ديسمبر الماضي مجلس النواب، انتهى بتوجيه تهمتي استغلال السلطة وعرقلة الكونجرس للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة.

وأحال مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، الرئيس ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ ليصبح بذلك ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه رسميًا إجراءات عزله من منصبه بعد ما عرف بـ”الفضيحة الأوكرانية”.

بدء المحاكمة

وفي 21 يناير الماضي بدأت رسميا محاكمة ترامب داخل مجلس الشيوخ بالكونجرس الأمريكي. وخصصت 6 أيا من كل أسبوع للمحاكمة التاريخية. وتكون فريق الإدعاء بقيادة آدم شيف  من 7 أفراد عينتهم المرأة الحديدية بيلوسي وفريق الدفاع المكون من 8 أفراد عينهم ترامب.

انتصار سياسي

ويوم الأربعاء الموافق 5 فبراير 2020 تم تبرئة ترامب رسميا من التهم المنسوبة إليه ليكون ذلك بمثابة ضربة قاسية لجهود بيلوسي وحزبها الديمقراطي في عزل الرئيس الأمريكي من منصبه.

وأعلن ترامب بعد قرار مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون أنه سيدلي بخطاب رسمي الخميس من البيت الأبيض “لمناقشة انتصار بلادنا على خدعة العزل”.

ترامب يحتفل

وظهر  ترامب  اليوم الخميس متباهيا بانتصاره على الديموقراطيين وخروجه سالما من محاكمة الكونجرس. وقال الرئيس الأمريكي في خطاب منتظر بشدة  بالبيت الأبيض” “هذا ليس مؤتمرا صحفيا، هذا ليس خطابا… هذا احتفال”.

وأطلق ترامب العنان للهجوم على معارضيه السياسيين، قائلا إن ما حدث خلال  المحاكمة التي كانت تهدف إلى عزله  “عار” و”كارثة” و”ترهات” ووصف خصومه بأنهم “كاذبون أشرار”.  ولوح ترامب  بعدد من جريدة “واشنطن بوست” التي عنونت ببراءته. كما وجه ترامب الشكر لعائلته، لدعمها له.

ويستفيد ترامب  بعد انتصاره السياسي من دعم الجمهوريين القوي والذي قاده لإحباط جهود الديموقراطيين لعزله ولتعزيز فرص انتخابه مرة أخرى. ويلقى بذلك الرئيس الأمريكي ملف النحاكمة وراء  ظهره من أجل التركيز  على الانتخابات المقبلة في نوفمبر من العام الجالي.

النهاية الحقيقية

ورغم أن محاكمة ترامب انتهت بدون مفاجآت خاصة مع  ضمانه لدعم الجمهوريين  من أجل حصوله على البراءة إلى جانب أن المساءلة لم تلحق به أي ضرر سياسي، إلا أن انتخابات نوفمبر المقبل ستكتب النهاية الحقيقة للمحاكمة عندما يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

وعندما يحين موعد الانتخابات ستظهر الصورة جلية إذ سيدرك الديموقراطيون ما إذا كانت مقامرتهم لعزل الرئيس، قد أتت ثمارها وحققت لهم مكاسب انتخابية في الفوز بأصوات الناخبين. كما سيدرك  نواب الحزب الجمهوري الثمن السياسي لإقامة حائط بشري للتصدي للمساعي الرامية لإخراج ترامب من الأبيت الأبيض.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى