بيراميدز وتركي آل الشيخ.. هل نجحت تجربةٌ الاستثمار الرياضي في مصر؟
علي البلهاسي- عبد الرحمن بن الشيخ
يومًا بعد يوم يزداد الجدل حول نادي بيراميدز الرياضي في مصر، ومالكه تركي آل شيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودي ورئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، فقد تباينت الآراء حول تقييم هذه التجربة التي أصبح كثيرون ينظرون إليها على أنها نموذج لما يمكن أن يكون عليه شكل الاستثمار الرياضي في مصر.
البعض يرى فيها تجربة ثرية، نهضت بنادي كان في الماضي من أندية الدرجة الثانية، ووضعته في دائرة الأضواء، بعد أن أصبح ينافس على لقب بطولة الدوري العام المصري، التي كانت المنافسة عليها حكرًا على الغريمين التقليديين (الأهلي والزمالك)، اللذين أصبحا يواجهان غريمًا ثالثًا لا يقل عنهما قوة.
فيما يرى آخرون أن التجربة أثبتت فشلها بعد كل ما سببته من مشاكل وأزمات في الوسط الرياضي المصري، كان بطلها مالك النادي تركي آل شيخ، والذي يخوض فيما يبدو صراعًا لا نهاية له مع النادي الأهلي وجماهيره، بدعم وتضامن من نادي الزمالك ورئيسه مرتضى منصور.
الأمر الذي وضع اتحاد الكرة المصري في مأزق لا يحسد عليه، وأظهره في صورة العاجز عن حل الأزمة، وسط اتهامات بمحاباة طرف على طرف آخر.
في هذه الأثناء اشتعلت الأجواء بشدة بين جماهيري الأهلي والزمالك، ودخل الإعلام الرياضي طرفًا في المعركة، بعضه يناصر طرفًا، والبعض الآخر يحاول التهدئة.
ووسط مؤيدين ومعارضين لتجربة نادي بيراميدز، رفض آخرون الإقرار بفشلها، ولم ينكروا ما تسببت فيه هذه التجربة من أزمات، لكنهم أرجعوا ذلك إلى مشاكل شخصية بين مسئولي الأندية ليس لها علاقة بالواقع.
بداية التجربة الاستثمارية
قصة نشأة نادي بيراميدز مع المستثمر السعودي تركي آل الشيخ بدأت منذ 8 أشهر، ففي يوم 18 يونيو 2018 أعلن رئيس نادي الأسيوطي المصري رجل الأعمال محمود الأسيوطي بيع النادي بشكل رسمي.
واشترى آل الشيخ نادي الأسيوطي مطلع الموسم الجاري، وغير اسمه إلى (الأهرام أو بيراميدز)، وأعقب ذلك ضخ استثمارات قوية، وشراء صفقات لاعبين بملايين الدولارات، ليصبح الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الجديد منافسًا قويًا في الدوري المصري، حيث احتل المركز الثاني خلف الزمالك المتصدر، ومتفوقًا على الأهلي الذي جاء في المركز الثالث.
وكشف تركي آل الشيخ وقتها عن أنه تلقى نصائح من خبراء في كرة القدم بالاستثمار في أوروبا بدلاً من مصر. وقال:«لدي أصدقاء ووكلاء في كرة القدم العالمية، نصحوني بالاستثمار في أوروبا، إنجلترا أو فرنسا، وإنفاق نفس المبالغ لكنني رفضت»، مشيرًا إلى أن «البعض اعتبروني مجنوناً للاستثمار في مثل هذا التوقيت وفي هذا المكان (بيراميدز)، لكنني سعيد بوجودي هنا لأني ابن مصر».
انطلاقة قوية
كان تقرير أذاعت قناة نادي بيراميدز قد كشف أن الرياضة المصرية شهدت استثمارات ضخمة بمجيء تركي آل الشيخ وظهور نادي بيراميدز، مشيرة إلى أن استثمارات تركي آل الشيخ في الكرة المصرية بلغت مليار و500 ألف جنيه، وهو ما أكده الإعلامي خالد الغندور عبر القناة. وتناولت تقارير بعد إعلان البيع أن صفقة انتقال ملكية بيراميدز بلغت 82 مليون دولار.
فيما حقق بيراميدز أرقام قياسية بالجملة في سوق الانتقالات بالدوري المصري، فبلغت صفقة انضمام البرازيلي كينو 8.6 مليون يورو كأغلى صفقة في تاريخ الدوري المصري، كما بات الأرجنتيني دياز هو أغلى مدير فني في تاريخ المسابقة، فضلاً عن تزويد تركي اّل الشيخ الفريق بأجهزة تقنية متطورة في مجال التحليل الرقمي بكرة القدم تعد هي الأحدث في العالم، ليحدث بيراميدز انقلاباً في عالم الاستثمار في الكرة المصرية، كما شهدت رحلة بيراميدز في الدوري المصري وجود أول لاعب دولي برازيلي سبق له خوض مباريات دولية مع منتخب السامبا وهو رودريجينو، فضلاً عن المنافسة القوية التي أحدثها النادي مع القطبين الأهلي والزمالك والصراع داخل أرضية الملعب على درع المسابقة.
قناة بيراميدز
أطلق نادي بيراميدز قناة خاصة به، كانت بدايتها يوم 2 أغسطس 2018، وضمت أبرز الإعلاميين والرياضيين المصريين ومن بينهم مدحت شلبي و أحمد حسام ميدو وحسام البدري وهادي خشبة وغيرهم، لكن تركي آل شيخ أعلن إغلاق القناة ردًا على إنذار وجهته مدينة الإنتاج الإعلامي للقناة طالبته فيه بضرورة تعديل أوضاعها، والبث من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي خلال 10 أيام فقط، وإلا سيتم قطع البث عنها.
حيث تم اعتبار القناة مخالفة لقرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بعدم السماح لأي شركة أو قناة بالبث من خارج المنطقة الإعلامية الحرة، أو استخدام أجهزة البث المباشر إلا بتصريح من المجلس، فيما كانت قناة بيراميدز تبث إرسالها من استوديوهات شركة خاصة.
جذب أبناء القلعة الحمراء
بدأ نادي بيراميدز مشواره في عالم كرة القدم بإثارة حالة من الجدل والصراع مع النادي الأهلي، وذلك بعد إعلانه بشكل رسمي عن هيئة إدارة النادي والعاملين به، والتي ضمت في أغلبها لاعبين ومسئولين سابقين بالنادي الأحمر من أمثال حسام البدري وأحمد حسن وهادي خشبة وغيرهم.
وعلق عدلي القيعي مستشار التعاقدات بالنادي الأهلي على هذا الأمر قائلاً: “بيراميدز استعان بمسئولين من أجل إدارة النادي وأغلبهم من أبناء النادي الأهلي، ولكن أبناء النادي عندما يغادرون أسوار القلعة الحمراء يتركون قلبهم بداخله، هم مع ناديهم الجديد ولكن بدون قلب”.
وأضاف: “من الممكن أن تشتري صفقات على أعلى مستوى، وتضم جهاز فني محترم، ولكنك ستفتقد شيء موجود في الأهلي فقط لا غير، وهو روح الفانلة”.
أزمة تركي والخطيب
أزمة تركي آل شيخ مع النادي الأهلي كانت مفاجئة للكثيرين، فرجل الأعمال والمسئول السعودي كان في البداية من أشد الداعمين للأهلي، وسبق أن أفصح تركي آل شيخ عن الدعم الذي قدمه لرئيس الأهلي الحالي محمود الخطيب من أجل الفوز برئاسة الأهلي، حيث قال إنه مول حملته الانتخابية بمبلغ 6 ملايين جنيه ضد منافسه محمود طاهر.
وكان الخطيب قد أعلن بعد فوزه برئاسة الأهلي البدء في مشروع القرن للنادي الأهلي، وهو بناء ملعب الأهلي ليكون ضمن أفضل 10 ملاعب في العالم، وذلك بدعم من «تركي آل الشيخ» والذي قام – طبقًا لحديث الخطيب- بجمع مستثمرين سعوديين وإماراتيين ومصريين لتنفيذ المشروع، وأعقب ذلك منح «تركي آل الشيخ» منصب الرئيس الشرفي للنادي الأهلي، والتأكيد على أنه شخصية محبة وعاشقة للأهلي.
لكن شيئًا فشيئًا بدأت العلاقات بين الخطيب وآل شيخ تتوتر بعد أن أعلن الأخير أنه تبرع للقلعة الحمراء بـ260 مليون جنيه لم يتم صرفها في الأوجه المتفق عليها، بخلاف ما أثير عن منحه أعضاء المجلس هدايا، تردد أن جزءًا منها ساعات روليكس. وتصاعد الأمر عندما قرر آل الشيخ التقدم ببلاغ ضد النادي الأهلي ورئيسه للنائب العام المصري.
كما تحدث آل الشيخ عن أن الخطيب طالبه بالتدخل في عدة صفقات لشراء وبيع لاعبين والتعاقد مع مدرب بالإضافة إلى مشروع “إستاد القرن”. واتهم آل الشيخ الخطيب بأنه كان يتراجع عن بعض طلباته بعد أن يقترب آل الشيخ من تنفيذها أو بعد تنفيذها. وقال آل الشيخ إنه تعرض لحملة إعلامية شرسة بسبب عدم التوضيح والموقف السلبي من إدارة الأهلي.
وعلى ضوء هذه الاتهامات أعلن النادي الأهلي مقاطعة البطولة العربية التي ينظمها الاتحاد العربي لكرة القدم الذي يرأسه تركي آل شيخ، وهي البطولة التي شارك الأهلي في آخر نسخة لها وخرج منها بشكل مهين، كما أثرت على فوز الأهلي ببطولة دوري أبطال إفريقيا، بعدما تعرض أكثر من لاعب لديه للإصابة بسبب هذه المشاركة.
وكما أشعل تركي آل شيخ هذه الأزمة مع الأهلي أنهاها بمبادرة من جانبه رحب بها النادي الأهلي داعيًا الجميع إلى طي هذه الصفحة نهائيا والتركيز في العمل، وأعرب الأهلي عن تمنيه التوفيق لتركي آل الشيخ وشركائه المستثمرين في تجربتهم الجديدة بنادي بيراميدز في إطار من المنافسة الشريفة لإعلاء قيمة الرياضة العربية.
أزمة المباريات
لكن سرعان ما عادت الخلافات بين الأهلي وتركي آل شيخ لتشتعل من جديد، ودخل فيها نادي الزمالك طرفًا، بسبب المنافسة المشعلة بين الأندية الثلاثة على قمة الدوري العام المصري، حيث تزعم تركي آل شيخ وناديه بيراميدز ومعه نادي الزمالك برئاسة مرتضى منصور مطالب بأن يلعب النادي الأهلي مبارياته المؤجلة في الدوري قبل لقائه معهما في البطولة، وهو ما رفضه الأهلي بسبب تقارب مواعيد مبارياته المحلية والقارية بشكل أرهق لاعبيه وتسبب في إصابة الكثير منهم.
واشتدت الأزمة بعد أن رفض نادي بيراميدز مواجهة الأهلي يوم 28 فبراير الماضي وطالب بلعب الأهلي لمباراته بالدور الأول أمام نادي الزمالك قبل خوضه لهذا اللقاء، قبل أن يتدخل الإتحاد المصري، ويضع مقابلة الأهلي وبيراميدز في الكأس عوضًا عن مقابلة الدوري، لكن النادي الأهلي رفض خوض المباراة وأكد تمسكه بجدول المباريات الذي تم وضعه حتى 30 مارس.
وتحققت رغبة الأهلي في النهاية وتم تأجيل المباراة، بل وتأجيل بطولة كأس مصر كلها إلى أجل غير مسمى، وذلك بسبب دواعي أمنية، وفق ما أعلنته لجنة المسابقات بالاتحاد المصري لكرة القدم، ليُسدل الستار على هذه الأزمة التي شغلت الشارع الكروي في مصر.
بيع بيراميدز 4 مرات
أزمات تركي آل شيخ مع الكرة والرياضة في مصر دفعته أكثر من مرة إلى إعلان الانسحاب من المشهد الرياضي بمصر وبيع نادي بيراميدز، وكانت أولى هذه المرات في شهر سبتمبر 2018 عندما أعلن المستثمر السعودي رغبته في إنهاء استثماره بنادي بيراميدز وبيع النادي لمستثمر جديد، وذلك على خلفية الضغوط التي تعرض له، وكان أبرزها التعدي اللفظي ضده من قبل جماهير النادي الأهلي خلال إحدى المباريات.
وكتب آل الشيخ وقتها عبر صفحته بـ”فيسبوك”: “أفكر جديًا في الانسحاب من الاستثمار في الرياضة في مصر.. هجوم غريب من كل جهة وكل يوم حكاية.. ليه الصداع؟”. لكن سرعان ما عدل آل شيخ عن قراره وأعلن استمراره مالكًا للنادي.
وفي أكتوبر 2018، عاد آل الشيخ ليعلن أنه بدأ في إجراءات بيع نادي بيراميدز، حيث قال:”لا أريد أن أتحدث عن التفاصيل ولكني مستاء من الذي حدث.. قراري نهائي والله والملك وولي العهد وحدهم فقط يجعلوني أعدل عنه”.
ثم تجدد تفكير تركي آل الشيخ في تجميد استثماراته في مصر مرة أخرى، في يناير 2019، وذلك عقب تحقيق الفوز أمام الأهلي في بطولة الدوري الممتاز حيث قال: “تلقيت عرضًا مغريًا من الخليج لشراء نادي بيراميدز، وأفكر في الموافقة على العرض، لماذا لا أفكر في البيع إذا كانت العرض المادي مناسبًا”.
لكن مع استمرار انتصارات الفريق واقترابه من المنافسة على لقب الدوري تراجع تركي مرة أخرى عن قرار البيع، وقال في تغريدة على “تويتر”: “بدأنا مع بعض ونبقى مع بعض.. لن أبيع”.
وفي فبراير الماضي فاجأ آل تركي بإعلان جدي عن بيع نادي بيراميدز للمستثمر الإماراتي سعيد الشامسي وتصفية جميع استثماراته الرياضية في مصر، وذلك بعد تصريحات للإعلامي المصري أسامة كمال انتقد فيها ما تسبب فيه آل شيخ من مشاكل في الوسط الرياضي المصري وموقف اتحاد الكرة مما يحدث.
لكن بعد 48 ساعة فقط أعلن نادي بيراميدز في بيان مفاجئ عبر صفحته الرسمية على ”فيسبوك” عن عودة تركي آل الشيخ لرئاسة النادي من جديد، مشيرًا إلى أنه قرر العدول عن قراره في ظل مطالبة لاعبي ومسئولي بيراميدز باستمراره.
عودة قوية
بعد عودته لنادي بيراميدز أعلن تركي آل الشيخ، عن إنشاء برنامج اجتماعي خدمي في مصر، على أن تكون تكلفته 100 مليون جنيه، ويهدف إلى خدمة المجتمع المصري في مجالات عديدة، تشمل تقديم خدمات التعليم والصحة والمرافق العامة للقرى الأكثر احتياجًا، ودعم الجمعيات الخيرية المختصة برعاية الأسر المحتاجة والأيتام.
كما يتضمن البرنامج في جانبه الرياضي إنشاء ملاعب في القرى والنجوع لتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة، من أجل توسيع قاعدة المشاركة الرياضية لخدمة الرياضة المصرية.
كما أعلن تركي اّل الشيخ عن مفاجأة أخرى وهي أن نادي بيراميدز أصبح أول نادي في العالم يستخدم التقنيات الحديثة في عالم كرة القدم التي تقدمها شركة Catapult.
وقال الموقع الرسمي للشركة إن بيراميدز أصبح النادي الأول في العالم الذي يمتلك الثلاث تقنيات المتطورة الخاصة بالشركة وتتضمن 30 جهازًا لدعم العمليات الثلاثة الرئيسية للشركة وهي: تحليل الفيديو، وعمليات إدارة الرياضيين، وتطبيقات البيانات.
ورحب إريك لوند، مدير تطوير الأعمال في شركة Catapult بالتعاون مع نادي يراميدز، مشيرًا إلى أن النادي امتلك كل الأجهزة الخاصة بالعمليات الثلاثة التي تستهدف الشركة تطوير في مجال كرة القدم وتطلق عليها منصة الأداء الكامل.
وأخيرًا أبدى تركي آل الشيخ سعادته بانضمام 5 لاعبين من فريق بيراميدز لقائمة المنتخب المصري، التي تستعد لمعسكر شهر مارس ويتخلله مباراتان أمام النيجر ونيجيريا. وكتب آل الشيخ عبر حسابه بموقع فيس بوك: “سعيد جدًا أن نادي لم يكمل العام ينضم أكبر عدد من اللاعبين منه للمنتخب المصري العزيز.. مبروك لأبطال بيراميدز.. وهذا يثبت أننا التشكيلة الأقوى.. بالتوفيق ويااااارب تجيبوا الكاس”.
تقييم تجربة بيراميدز
ويختلف الكثيرون حول تقيم تجربة تركي آل شيخ ونادي بيراميدز كتجربة معبرة عن الاستثمار الرياضي في الكرة المصرية، وتتباين الآراء حول مدى نجاحها أو فشلها. فالبعض يراها تجربة ناجحة، ومنهم هاني أبو ريدة، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، الذي قال: “بالنسبة لي فإن الاستثمار يرفع مردود الدوري من حيث القيمة التجارية، وقيمة الدوري ارتفعت بالفعل، وتجربة بيراميدز مثمرة، وأحيت الدوري من جديد، والاستثمار الرياضي يجب أن يفعل بصورة أكبر”.
فيما قال علاء خشب، رئيس نادي إنبي، إنه مع استمرار تجربة نادي بيراميدز في الدوري المصري، لافتا إلى أن حجم الاستثمارات التي ضخها نادي بيراميدز في الدوري منذ بداية التجربة كان له تأثير كبير على زيادة المنافسة في الدوري، وأدى إلى عدم انحصار المنافسة في الدوري بين الأهلي والزمالك، كما كان يحدث في السنوات الماضية. وأضاف:” من الجيد استمرار تجربة بيراميدز في الدوري المصري، وتكرار نفس التجربة داخل عدد من الأندية الأخرى، سيزيد هذا من قوة الدوري ليصبح مثل الدوري الإنجليزي”.
وجاء رأي “خالد بيومي” المحلل الرياضي مؤيداً للفكرة وداعماً لها قائلاً:”أنا من أول المؤيدين للاستثمار في الدوري، وأتمنى أن نجد خمسه أو ستة أندية بالدوري المصري تابعة لمستثمرين حتى نرى دوري قوي غير قاصر على ناديين فقط”. وتابع:”تجربة نادي بيراميدز جيدة وأتمنى لها النجاح، فهي بداية جديدة لكرة قدم محترفة، وأنا أتمنى أن أرى مجموعة من المستثمرين العرب داخل القطر المصري أسوة بما بحدث في الدول الأوربية”.
لكن هناك من وجه انتقادات لتجربة بيراميدز والاستثمار الأجنبي في الكرة المصرية، ومن بينهم حمادة المصري، عضو اتحاد الكرة المصري السابق، الذي قال إن تجربة بيراميدز بالدوري المصري لن تستمر كثيرًا، مضيفا “مرحلة وهتخلص، لن تستمر طويلا، أي عمل يديره شخص واحد لن يستمر، الأهلي والزمالك والإسماعيلي لهم تاريخ لأنهم عمل جماعي”.
انحراف عن المسار
من جانبه رأى وزير الشباب والرياضة المصري الدكتور أشرف صبحي، أن تجربة الاستثمار في نادي بيراميدز انحرفت عن مسارها، وقال: «أنا مع وجود أي تجربة استثمارية في الرياضة عمومًا وليس في كرة القدم فقط. وسبق لي أن توقعت قدوم استثمار سعودي إماراتي للدوري المصري، بفضل تشجيع الدول للاستثمار بشكل عام».
وتابع: «أتمنى أن تستمر تجربة بيراميدز وغيرها من الأندية، ولا أستطيع الحكم على التجربة بشكل نهائي حاليًا، لأنها انحرفت عن طريق الاستثمار إلى طريق آخر وتسببت في شحن الجماهير».
وواصل حديثه قائلًا:«هناك فارق كبير بين أن تكون مستثمر يسعى لتنمية رأس المال، وبين أن يتحول المستثمر إلى مشجع، أي تجربة استثمارية يجب أن تجعل تركيزها منصبًا على تحقيق الأرباح فقط، من خلال تنمية الموارد، مثلما يحدث في الأندية الأوروبية».
وتابع حديثه عن بيراميدز قائلاً:«هناك أموال عربية دخلت الدوريات الأوروبية واشترت أندية شهيرة، بهدف واحد فقط هو تحقيق الأرباح، ولم تتدخل في صراعات التشجيع أو تسبب أي عداء بين جمهور وآخر».
واختتم الوزير تصريحاته قائلاً: ” أتمنى أن تستمر، وأتمنى أن نشهد تجارب أخرى، ولا أريد أن أصف تجربة بيراميدز بأنها التجربة الوحيدة التي تعبر عن عموم الاستثمار الرياضي في مصر، لأن الواقع يقول غير ذلك، لدينا استثمار داخلي سابق على تجربة بيراميدز، وهو ينتشر بشكل كبير في كثير من الأندية وداخل مراكز الشباب.
مشاكل الاستثمار الرياضي
الجدل الكبير والأزمات المتلاحقة التي تسبب فيها تركي آل شيخ منذ بداية ظهوره على الساحة الرياضية المصرية طرح العديد من التساؤلات حول المناخ الرياضي في مصر وصلاحيته للاستثمارات الأجنبية.
وذهب البعض إلى أن ما حدث مع تركي آل شيخ في مصر سيجعل العديد من الشركات العربية تستبعد فكرة الاستثمار الرياضي في مصر، بعدما لاقى آل الشيخ سوء تقدير من الجميع خلال الفترة التي استثمر بها أمواله بشراء نادي مصري. حيث أن هذا الأمر سيدفع المستثمر الخليجي لاستبعاد فكرة استثمار أمواله، وذلك بسبب سوء المعاملة وعدم تقدير ما سيفعله لنهضة الرياضة في مصر.
ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن الخوف من الخسارة المادية سيتصدر ذهن أي مستثمر خليجي، فما هو السبب الذي سيجبره على استثمار أمواله، وسيكون مصيره في النهاية مثل ما حدث مع تركي آل الشيخ، مشيرين إلى أن أي مستثمر يبحث دائمًا عن المكاسب المالية، لن تكون فكرة سديدة أن يخاطر باستثمار أمواله في الرياضة المصرية، ونسبة نجاح هذا الاستثمار قد لا يتعدى الـ10%.
وأوضحوا أن الرياضة المصرية تعاني من غياب أي قانون يحكم الاستثمار الرياضي بها، وهذا الأمر لم يلتف إليه أحد حتى الآن، بالرغم من أهميته القصوى. وأكدوا أن قانون الاستثمار الرياضي في مصر، تتمثل أهميته في حفظ حقوق المستثمر وأيضًا توضيح كافة الأمور والشروط من أجل الاستثمار في الرياضة المصرية.
مبادرة لدعم صناعة الكرة
كانت صحيفة “اليوم السابع” المصرية قد أعلنت مؤخرًا عن مبادرة لعقد مؤتمر مصري لصناعة كرة القدم المصرية. وأعلن رجل الأعمال والخبير الإعلامي إيهاب طلعت دعمه الكامل لهذه المبادرة، قائلاً إنه لابد من الاستفادة من الخبرات الأجنبية في مجال صناعة الكرة، ومن كل تجارب الدول التي سبقتنا وحققت إنجازًا في الاستثمار الرياضي. ووضع طلعت روشتة من 3 محاور للاستعانة بها في المؤتمر الأول لصناعة الكرة، يمكن تنفيذها للنهوض بالاستثمار الكروي، وهى:
أولا : فتح الباب أمام احتراف اللاعبين المحليين بالدوريات الأجنبية، لآن التجارب أثبتت أن احتراف اللاعبين في سن مبكر يترتب عليه نمو المهارات الكروية لدى اللاعب واكتسابه خبرات كبيرة تنعكس على منتخب بلده، وهو ما ظهر في نموذج اللاعب المصري محمد صلاح، إضافة إلى أنه لابد أن يكون هناك تعليمات واضحة لكل الأندية المصرية بعدم الوقوف في وجه اللاعبين الراغبين في الاحتراف بل القيام بدعمهم وتشجيعهم على ذلك.
ثانيا: وضع سقف لأرقام اللاعبين في الانتقالات بين الأندية، وذلك لآن السوق الرياضي شهد أرقامًا مبالغًا فيها للاعبين المصريين، وهو ما ترتب عليه قيود في انتقالات اللاعبين، ويظهر ذلك بشدة في حال رغبات الأندية الأجنبية ضم لاعبين مصريين لصفوفها، فنجد الأندية المصرية تطلب أرقاما مبالغ فيها، فينتهي الأمر إلى فشل صفقة الانتقال وعدم احتراف اللاعبين المصريين.
ثالثا: إعادة النظر في الاستثمار الرياضي لكرة القدم وتحديدًا حقوق الرعاية وبث المباريات، لضخ أموال أكثر في الاستثمار الرياضي، ومن ثم توفير فرص عمل أكثر وإنعاش الأندية والسوق الرياضي، وذلك عبر تشفير الدوري المصري، وهو ليس بدعة أو ابتكار مصري فتشفير الدوريات هو أمر معمول به في كل دول العالم، ويمكن تنفيذ ذلك عبر شراكة بين الجهات المختصة التي تنفذ “ديكودر” لاستقبال القنوات، ويمكن للحفاظ على حق المواطن العادي في المشاهدة أن تذاع المباريات بعد ميعادها الأصلي بساعة.
وشدد إيهاب طلعت على أن الاستثمار الرياضي هو المنقذ لكرة القدم في الوقت الحالي، ولكن بشرط الابتكار والتجديد وليس السير فقط على نفس الخطوات القديمة، لآن الاستثمار يزيد من دورة رأس المال في المجال الرياضي، فسيعود الأمر بنتيجة ايجابية على الأندية واللاعبين وصناع الرياضة والمواطن المصري الذي سيحصل في النهاية على خدمة رياضية قوية.