تقارير

بعد انسحاب ترامب.. هل ينفجر الاتفاق النووي الإيراني؟

راديو صوت العرب من أمريكا

تحرير: علي البلهاسي

ردود فعل دولية متباينة وسط ترحيب من إسرائيل ودول خليجية وعربية

أوروبا تحاول إنقاذ الموقف بمراجعة الاتفاق أو إبرام اتفاق جديد

مخاوف من تطور عسكري يثير الاضطرابات بمنطقة الشرق الأوسط

فعلها ترامب، وفاجأ العالم بانسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، رغم أن الجميع كانوا يتوقعون قراره بما فيهم إيران نفسها. لكن الدول المؤيدة للاتفاق كانت تتمسك بأمل أن يتراجع الرئيس الأمريكي عن قراره في ظل الموقف الدولي الرافض له، والتحذيرات المتكررة من التداعيات السلبية التي يمكن أن تنتج عنه.

مشهد قرار الانسحاب من الاتفاق النووي كان أشبه بمشهد قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، قراران خطيران اتخذهما ترامب وسط رفض دولي وتحذيرات من النتائج، لكن ترامب اتخذ القرارين متجاهلا المواقف والتحذيرات، ومضى في طريقه في رسالة واضحة بأنه ينفذ تهديداته وينفذ ما وعد به بغض النظر عن مواقف الآخرين.

وأثار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني تساؤلات عديدة حول التداعيات المحتملة لهذه الخطوة، خاصة فيما يتعلق بمصير الاتفاق، والإجراءات التالية التي سيتخذها ترامب وإدارته ضد إيران، ورد الفعل الإيراني إزاء هذه الإجراءات، وإلى أي مدى يمكن أن يصل التصعيد في الأزمة بين واشنطن وطهران، وتأثير ذلك على الوضع في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك فيما يتعلق بتأثير القرار على العلاقات الأمريكية الأوربية، ومدى قدرة الدول الأوربية على إنقاذ الاتفاق.

لماذا انسحب ترامب؟

كانت إيران قد وقعت الاتفاق النووي عام 2015 في فيينا، مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة ، وروسيا، والصين، وفرنسا وبريطانيا) إلى جانب ألمانيا. وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، وذلك مقابل رفع العقوبات عنها.

لكن ترامب عارض بشدة الاتفاق الذي وقعه سلفه باراك أوباما، ولم يخف معارضته هذه منذ أن كان مرشحًا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بالانسحاب من الاتفاق، وهو التعهد الذي أوفى به بعد شهور من التردد نتيجة تعرضه لضغوط وتحذيرات من حلفائه الغربيين وبعض مستشاريه من التداعيات التي يمكن أن تنتج عن هذه الخطوة.

وبرر الرئيس الأمريكي قراره بأن الاتفاق يوفر لإيران تخفيفا سخيا للعقوبات دون أن يفرض ما يكفي من القيود الصارمة على برنامجها النووي أو أنشطتها “الشريرة” الأخرى. ويرى ترامب أن إيران استغلت الاتفاق ورفع العقوبات الاقتصادية من أجل تعزيز ترسانتها الصاروخية، والمضي قدما في تطوير برنامجها النووي بشكل يمثل تهديدا للمصالح الأمريكية في المنطقة. فيما تؤكد طهران أن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية.

عزلة ايران

لم يكتف ترامب بالانسحاب من الاتفاق، الذي قال إنه فشل في الحد من طموحات إيران النووية ومشروعها التوسعي في المنطقة، وكذلك تطوير برنامجها للصواريخ البالستية، بل قرر فرض سلسلة جديدة من العقوبات ضد طهران، محذرا من أن واشنطن ستفرض عقوبات أيضا على أي دولة تساعد إيران.

فيما توعد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، طهران بـ”عزلة دبلوماسية واقتصادية”.

وقال بوميبو، في بيان:”سنعمل مع حلفائنا لإيجاد حلٍ حقيقي، وشامل، ودائم، للتهديد الإيراني”. وأضاف:”لدى بلادنا مصلحة مشتركة مع حلفائنا في أوروبا، وحول العالم، لمنع إيران من تطوير سلاح نووي”.

أما وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس فقد أكد أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع حلفائها لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، وقال ماتيس للجنة المخصصات بمجلس الشيوخ: “سنواصل العمل إلى جانب شركائنا وحلفائنا لضمان عدم امتلاك إيران أبدا لسلاح نووي، وسوف نعمل مع آخرين على التصدي لنفوذ إيران الخبيث”. وتابع “هذه الإدارة ستظل ملتزمة بجعل الأولوية لسلامة ومصلحة ورفاهية مواطنينا”.

تأثير القرار على أمريكا

يرى خبراء أن الولايات المتحدة بانسحابها من الاتفاق النووي الإيراني تجازف بمزيد من العزلة والضبابية في مسعاها ضد إيران، حيث يزيد القرار الأمر صعوبة على الولايات المتحدة في حشد دعم الحلفاء الأوروبيين وغيرهم لأي تحرك في المستقبل ضد طهران يتجاوز نطاق الملف النووي ليشمل مخاطر من يحاربون بالوكالة عن طهران في اليمن وسوريا والعراق وحتى أفغانستان.

وقال الخبراء إن الخطوة الأمريكية ستتسبب أيضا في بيئة أكثر ضبابية في الشرق الأوسط، حيث قد تقرر إيران استهداف المصالح الأمريكية بعلانية أكبر أو تواصل تقليصها وتوسع نطاق نفوذها الإقليمي. كما أن القرار سيزيد المحافظين في إيران قوة، وسيفاقم عزلة الولايات المتحدة عن روسيا والصين فيما يتعلق بالسياسة مع إيران وسيزعج الحلفاء الأوروبيين.

وأشار مسئول أمريكي إلى أن تدهور العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران سيخلف آثارًا سلبية على الأرجح عبر الحدود في العراق المجاور الذي سيدلي ناخبوه بأصواتهم يوم السبت لاختيار برلمان جديد. وأضاف أنه “مع تصاعد التوتر في العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران دائما ما يكون الأمر سيئا بالنسبة للعلاقة بين الولايات المتحدة والعراق”.

وشكك دبلوماسي غربي في أن يرد الإيرانيون على الولايات المتحدة في سوريا، وذلك بسبب مخاوف من رد إسرائيلي، كما استبعد أن يرد الإيرانيون في العراق قائلاً: “ليس من مصلحتهم زعزعة استقرار العراق. الأمور لا تسير على نحو سيء بشدة بالنسبة لهم في العراق. وفي سوريا هناك عصا كبيرة للغاية وهي العصا الإسرائيلية وهم يشعرون بأن العصا جاهزة للضرب”. وأضاف “لن يجازفوا بحرب مع إسرائيل لمعاقبة الأمريكيين”.

وعلى الصعيد النووي فإن انهيار الاتفاق قد يعجل أيضا بخطر سعي إيران دون مواربة لإعادة تشكيل برنامج نووي استنفد يوما ما طاقة مسئولي المخابرات الأمريكية والمخططين العسكريين. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة ذرية وتقول إن أغراض برنامجها النووية سلمية بحتة.

قلق دولي

في المقابل ذهبت معظم المواقف الدولية إلى رفض الخطوة الأمريكية بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدة أن تنفيذ الاتفاق يسير بشكل جيد وأن إيران ملتزمة به، ويمكن تعديله لتلافي أي سلبيات به.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران مستمرة في الوفاء بالتزاماتها النووية بموجب الاتفاق مع القوى العالمية. وقال مدير الوكالة يوكيا أمانو في بيان: “تخضع إيران لأقوى نظام تحقق نووي في العالم بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة”. وتابع “حتى اليوم، يمكن للوكالة أن تؤكد تنفيذ إيران للالتزامات النووية” مضيفا أن الوكالة “تراقب عن كثب التطورات” المتعلقة بالاتفاق.

يأتي ذلك فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي إلى الالتزام بتعهداتها. وقال جوتيريش على لسان المتحدث باسمه إنه قلق بشدة إزاء قرار ترامب، مضيفا أنه من الضروري معالجة كل المخاوف المرتبطة بتنفيذ الخطة من خلال الآليات المنصوص عليها في الاتفاق.

فيما أكد الاتحاد الأوروبي أنه سيلتزم بالاتفاق النووي الإيراني، مضيفًا أنه سيضمن ألا تتعرض طهران لأي من العقوبات الأوروبية التي تم رفعها بموجب الاتفاق. وأضافت حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد، وهي 28 دولة، في بيان لها: “طالما واصلت إيران تنفيذ التزاماتها النووية… فإن الاتحاد الأوروبي سيظل ملتزما بالتنفيذ الكامل والفعال للاتفاق النووي”.

ودعت مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني المجتمع الدولي إلى الالتزام بالاتفاق وأعربت عن قلقها من إعلان ترامب فرض عقوبات جديدة على طهران.

من جانبه حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني حسن روحاني على احترام الاتفاق النووي الموقع في 2015 بشكل كامل برغم قرار الولايات المتحدة الانسحاب منه.

وأكد ماكرون لروحاني، في اتصال هاتفي، رغبة فرنسا في الحفاظ على الاتفاق النووي وطالب طهران بفعل الشيء نفسه.

وفي موسكو، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إنها تشعر بخيبة أمل شديدة إزاء قرار الرئيس الأمريكي، وإنه لا توجد- ولا يمكن أن توجد- مبررات لإلغاء الاتفاق. فيما قال متحدث باسم الكرملين إن الرئيس بوتين يشعر بانزعاج بالغ من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.

ترحيب إسرائيلي وخليجي

في المقابل رحبت دول أخرى بخطوة ترامب، وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق الذي وصفه بأنه كان “وصفة لكارثة”. وقال نتنياهو إن إسرائيل تعتقد أن ترامب اتخذ خطوة تاريخية، ولهذا تشكره على قيادته الشجاعة والتزامه بالتصدي للنظام الإرهابي في طهران، على حد تعبيره.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد كشف فيوقت سابق ما وصفه بأنه أدلة على برنامج سري إيراني للأسلحة النووية، مما شجع الولايات المتحدة على الانسحاب من الاتفاق.

كما رحبت وزارتا الخارجية في السعودية والإمارات بقرار الرئيس الأمريكي بعدما حذر البلدان لسنوات من أن الاتفاق وفر لخصمهما اللدود غطاء لتوسيع نفوذه الإقليمي.

واتهمت وزارة الخارجية السعودية إيران بأنها “استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة”.

فيما كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر يقول “إيران فسرت (الاتفاق النووي) على أنه موافقة على هيمنتها الإقليمية. إيران المعتدية تشجعت نتيجة لذلك وبرنامجها للصواريخ الباليستية أصبح هجوميا ويمكن تصديره”.

وكانت الدولتان تمارسان ضغوطا على واشنطن كي تأخذ على محمل الجد برنامج إيران للصواريخ الباليستية ودعمها لجماعات مسلحة، وهي تهديدات أمنية تعتبرانها وجودية.

من جانبه قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إن هناك حاجة لمراجعة ‏الاتفاق مع إيران لمراقبة أدائها النووي. ‏بينما طالبت مصر بضرورة إشراك الدول العربية في أي حوار يتعلق باحتمالات تعديل الاتفاق النووي مع إيران، مؤكدة أنه أن على إيران الوفاء بالتزاماتها الكاملة وفقا لمعاهدة عدم الانتشار النووي “بما يضمن استمرار وضعيتها كدولة غير حائزة للسلاح النووي”.

وفيما لم تصدر قطر بيانًا حل الأزمة بدت سلطنة عمان، التي أدارت اتصالات سرية بين الولايات المتحدة وإيران مما ساعد على تمهيد الطريق للاتفاق النووي عام 2015، أكثر تحفظا.

وقالت وزارة الخارجية العُمانية في بيان “إن سلطنة عمان ستستمر في بذل الجهود الممكنة والمتاحة للحفاظ على حالة الأمن والاستقرار، ونعتقد بأن الولايات المتحدة وإيران معنيتان بتحقيق السلم والاستقرار في المنطقة وأن خيار المواجهة ليس في مصلحة أي طرف”.

توتر في الشرق الأوسط

منطقة الشرق الأوسط مرشحة لمزيد من التوترات خلال الفترة القادمة إذا فشلت محاولات إنقاذ الاتفاق، حيث يتوقع محللون أن تلجأ إيران لسياسة أكثر عدائية تجاه بعض الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، وربما تتسع الحروب الحالية بالوكالة بين إيران وحلفاء واشنطن في المنطقة، كما يحدث في سوريا واليمن ولبنان والعراق.

وتزيد احتمالات تصاعد التوتر في المنطقة، في ظل احتمال تصاعد التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، وشنت إسرائيل هجومًا صاروخيًا على هدف قرب دمشق بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. ويخشى كثيرون من اندلاع حرب بين البلدين ربما يتسع نطاقها في الشرق الأوسط بكامله.

أوروبا تبحث عن حل

قرار ترامب يزيد الضغوط على التحالف بين أمريكا وأوروبا التي تريد الحفاظ على الاتفاق. فقد زار القادة الأوروبيون واشنطن واحدا تلو الآخر وحاولوا تلبية مطالب ترامب وناشدوه الإبقاء على الاتفاق. وأبقت إدارة ترامب الباب مفتوحا للتفاوض على اتفاق جديد مع الحلفاء لكن لم يتضح ما إذا كان الأوروبيون سيقبلون هذا الخيار أو سيكونون قادرين على إقناع إيران به.

وقال دبلوماسيون إن فرص التوصل لاتفاق أوسع نطاقا مع إيران على أنشطتها النووية والصاروخية والإقليمية تبدو ضئيلة في أفضل التقديرات بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. وأوضحوا أن إعادة إيران إلى مائدة التفاوض لإبرام مثل هذه “الصفقة الكبرى” سيكون أمرا في غاية الصعوبة. وقالوا إن إيران ستقاوم أي نوع من التفاوض على اتفاق جديد.

وطالبت دول أوربية واشنطن بطرح حل للأزمة بعد قرار الانسحاب. فقد دعت بريطانيا الولايات المتحدة لتحديد رؤيتها بشأن تسوية جديدة عن طريق التفاوض مع إيران بعد انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق. وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن بلاده لا تنوي الانسحاب من الاتفاق.

وقال للبرلمان “الآن وبعد انسحاب إدارة ترامب فإن المسؤولية تقع عليهم لتحديد كيف سيتوصلون في واشنطن لحل جديد من خلال التفاوض”. وأضاف “الرئيس ترامب نفسه قال إنه ملتزم بإيجاد حل وعلينا أن نطالبه بالوفاء بما وعد”.

وفيما يتعلق بالخطوات المقبلة في التعامل مع الأزمة الإيرانية، تحدث جونسون عن فكرة اتفاق لاحق يحافظ على الدعائم الرئيسية للاتفاق الأصلي لكنه يشمل المسائل الأخرى التي لم يتناولها ذلك الاتفاق.

بينما قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنه ينبغي عدم التشكيك في الاتفاق النووي مع إيران لكن لابد من إجراء محادثات بشأن اتفاق أشمل يتجاوز نطاق الاتفاق الأصلي.

أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان فقال: “الاتفاق لم يمت.. هناك انسحاب أمريكي من الاتفاق لكن الاتفاق ما زال موجودا”. وأضاف أن فرنسا تدرك أن هناك مخاوف بشأن قضايا، وهذه القضايا يمكن بحثها دون التخلي عن الاتفاق النووي.

ويرى دبلوماسيون ومحللون غربيون أن قدرة أوروبا على إنقاذ الاتفاق النووي تعتمد بشكل كبير على رد فعل الشركات الأوربية على الوضع الجديد، وكيف ستحاول أمريكا معاقبة هذه الشركات التي تتعامل مع إيران، خصوصا وأن أوروبا هي أكبر شريك اقتصادي لإيران.

لكن هناك من يرى أنه سيكون من الصعب على أوروبا تجاهل الموقف الأمريكي، حيث لا يمكن إجبار البنوك والشركات الأوربية الكبيرة على القيام بأنشطة تجارية مع إيران، لأنها ستكون عرضة للعقوبات الأمريكية. لكن هذا لن يثني أوروبا عن مواصلة جهودها لإنقاذ الاتفاق من خلال آليات أخرى، من بينها العمل على إدخال تعديلات عليه.

الموقف الإيراني

بدا الموقف الإيراني تجاه الخطوة الأمريكية متشددًا، خاصة من جانب الذي عبر مجددا عن استيائه من الاتفاق وقال: “قلت مرارًا منذ اليوم الأول: لا أثق في أمريكا”، مشيرا إلى أنه لا يثق أيضًا في الدول الأوروبية التي لا تزال تلتزم بالاتفاق.

فيما قال وزير الدفاع أمير حاتمي إن إيران ستواصل تطوير برنامجها الصاروخي. وأضاف: “سنزيد من قوتنا الدفاعية يوما بعد يوم، وسنقوم بتحديث صواريخنا وفقا لجدولنا الزمني، لنفقأ عين كل من يضمر الشر لشعبنا”.

لكن مراقبين يرون أن الرد الإيراني على القرار الأمريكي أظهر حرصا على إنقاذ الاتفاق لا الانسحاب منه، حيث سعت طهران بذكاء دبلوماسي للبناء على الموقف الأوربي المتمسك بالاتفاق والمعارض بوضوح لقرار ترامب.

وجاءت تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني لتعكس تمسك طهران بالاتفاق. فقد أكد روحاني أن انسحاب واشنطن منه لا يعني إلغاءه، وقال إن “الاتفاق لم یكن ثنائي الجانب كي تلغيه أمريكا”، مضيفا: “الاتفاق بات اليوم بين إيران و5 دول أخرى، دون الوجود الأمريكي”.

وأعلن روحاني إرسال وزير خارجيته إلى الدول الخمس التي لم تنسحب في محاولة لإنقاذ الاتفاق ، إلا أنه لوح في الوقت نفسه بخيارات أخري في حال فشلت هذه المحاولة في ضمان مصالح إيران، ومن هذه الخيارات استئناف تخصيب اليورانيوم بمعدلات أكثر من ذي قبل.

ويقول المراقبون إن العقوبات الاقتصادية الأمريكية من شأنها أن تلحق أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الإيراني، وهو ما قد يدفع إيران إلى خطوات تصعيدية أخرى دفاعا عن مصالحها، لاسيما وأن التيار المتشدد في إيران يرى أنه لا جدوى من البقاء في الاتفاق بعد انسحاب واشنطن منه.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى