تقارير

بعد إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا.. هل خسر ترامب معركة الجدار؟

إعداد وتحرير: علي البلهاسي

35 يومًا مرت منذ بدأ أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، لينتهي الأمر بحل مؤقت، بعد التوصل لاتفاق على إنهاء الأزمة بين الرئيس دونالد ترامب والديمقراطيين بشأن تمويل الجدار العازل على الحدود الأمريكية الجنوبية.

في النهاية استجاب ترامب للضغوط السياسية، ووافق على اتفاق لتمويل الوكالات الحكومية الفيدرالية لمدة ثلاثة أسابيع بما ينهي الإغلاق مؤقتًا لحين التوصل لحل جذري للأزمة، خاصة وأن الاتفاق لم يتضمن تخصيص أية مبالغ للإنفاق على الجدار الذي يريد ترامب بناءه للحد من الهجرة غير الشرعية.

ويبقى السؤال: هل سيمهد الحل المؤقت لحل نهائي للأزمة، أم أنها ستعاود الظهور مرة أخرى حاملة معها شبح إغلاق جديد؟، وهل سيقبل ترامب بهزيمة سياسية أمام الديمقراطيين في معركة الجدار، أم سيتراجع الديمقراطيون عن موقفهم من معارضته؟

حل مؤقت

وقّع الرئيس ترامب، يوم الجمعة الماضي، على قرار لإنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية والذي بدأ منذ 22 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بسبب رفض النواب الديمقراطيين في مجلس النواب المصادقة على الميزانيّة الفيدراليّة للعام المقبل، والتي تتضمن تمويل بناء الجدار العازل الذي يصرّ ترامب على بنائه على الحدود الجنوبية مع المكسيك، بينما يعارضه الديمقراطيون والحقوقيّون.

ويتيح الاتفاق الذي تم التوصل إليه فتح مؤسسات الحكومة لمدة 3 أسابيع، ولا يتضمن الموافقة على ما قيمته 5.7 مليار دولار، لتمويل بناء الجدار.

وقال ترامب في تصريحات من البيت الأبيض إنه “فخور جدًا بالإعلان عن اتفاق تم التوصل إليه لتمويل الحكومة الفيدرالية حتى 15 فبراير”. وأضاف أن الموظفين الحكوميين الذين تضرروا من الإغلاق الحكومي، الذين وصفهم أنهم “وطنيون بحد لا يُصدق”، سوف يتلقون رواتبهم كاملة بأثر رجعي.

وبلغ عدد موظفي الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة الذين تأثروا سلبا بالإغلاق الحكومي نحو 800 ألف موظف.

وفي إشارة إلى أن الحل الذي تم التوصل إليه مؤقت، أكد ترامب أنه لم يتنازل عن مطلبه بتمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، ولكنه سعى لوقف معاناة ملايين الأشخاص بسبب الإغلاق الحكومي. وشدد على تمسكه بموقفه قائلاً: “في الحقيقة، ليس لدينا خيار سوى بناء جدار عازل أو حواجز حديدية”.

وأوضح أن المعارضين الديمقراطيين أكدوا له أنهم يرغبون في طرح الحزبية جانبًا، وإعطاء الأولوية لأمن الشعب الأمريكي، قائلاً:”أعتقد أنهم سيقومون بذلك”. وأضاف: “على مدى الأيام الـ21 المقبلة أنتظر من الديمقراطيين والجمهوريين العمل بحسن نية، وتقديم حزمة تتعلق بالأمن القومي لأوقع عليها”.

وشدد على أنه في حال الفشل في التوصل إلى اتفاق “عادل” مع البرلمان (الكونجرس)، سوف تعود البلاد إلى الإغلاق الحكومي من جديد في 15 فبراير/ شباط المقبل. وذهب ترامب إلى أبعد من ذلك وتحدى الجميع معلنًا أنه سيبدأ في بناء الجدار المُقترح على حدود بلاده مع المكسيك بعد 21 يومًا، عقب انقضاء فترة الميزانية المؤقتة.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، في تغريدة على “تويتر”، “بعد 21 يومًا، سيتحرك الرئيس ترامب نحو بناء الجدار بدعم الديمقراطيين أو بدون ذلك”.

وأكد ترامب أن الجدار على الحدود مع المكسيك لن يكون إسمنتيا بل “ذكيا”، معربًا عن أمله أن يتوصل الجمهوريون والديمقراطيون إلى اتفاق يضمن أمن الحدود. وأشار إلى أنه سيتم تشكيل لجنة مشتركة في الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لبحث مسائل أمن الحدود.

بديل الطوارئ

في تصريحاته التي أعقبت إعلان إنهاء الإغلاق الحكومي أكد ترامب أنه لن يلجأ بعد إلى استخدام “بديل بالغ القوة”، قائلاً إنه إما أن يتم التوصل لاتفاق “أو سأستخدم ما لدي من صلاحيات بموجب قوانين ودستور الولايات المتحدة للتعامل مع هذا الأمر الطارئ”، وذلك في إشارة على ما يبدو إلى قرار إعلان حالة الطوارئ.

ولم يستبعد الرئيس الأمريكي من قبل استخدام سلطته لإعلان حالة الطوارئ الوطنية وتوجيه وزارة الدفاع ببناء جدار حدودي مع المكسيك. وقد يسمح إعلان الطوارئ لترامب بتجنب الكونجرس وتحويل أموال لبناء الجدار من مبالغ خصصها الكونجرس لأغراض أخرى.

وكانت شبكة (سي إن إن) قد ذكرت الأسبوع الماضي أن البيت الأبيض يعد مسودة إعلان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعلان حالة الطوارئ الوطنية على طول الحدود الجنوبية للبلاد.

وأضافت الشبكة – نقلا عن وثائق داخلية اطلعت عليها – أنه تم تحديد أكثر من 7 مليارات دولار كأموال محتملة لتمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك.

وجاء في المسودة “إن الأعداد الهائلة للأجانب الذين يدخلون الولايات المتحدة بشكل غير قانوني يوميا يمثلون تهديدًا مباشرًا على سلامة وأمن أمتنا ويشكل حالة طوارئ وطنية”.

وتضيف المسودة: “الآن، ولذلك، أنا دونالد ترامب بموجب السلطة المخولة لي من الدستور وقوانين الولايات المتحدة الأمريكية، من بينها قانون الطوارئ الوطنية، أعلن حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة”.

وكان ترامب قد قال إن هناك العديد من الخيارات الأخرى لبناء الجدار مع المكسيك، وأن هناك كثيرين يريدون الجدار مع المكسيك من بينهم الجيش الأمريكي، واصفاً الهجرة الجنوبية للولايات المتحدة بأنها “غزو لبلادنا”.

ومن شأن رفض الكونجرس تمويل الجدار أن يؤدي إلى توجيه الإنفاق العسكري إلى بناء الجدار العازل على الحدود الجنوبية مع المكسيك، لكنه قد يثير لغطًا دستوريًا وتحديات قانونية.

معركة سياسية

يرى مراقبون أن تراجع ترامب عن موقفه المتشدد إزاء مسألة تمويل بناء الجدار يشير إلى خسارته المعركة السياسية التي ورط نفسه فيها باللجوء إلى خيار الإغلاق الحكومي لإجبار الديمقراطيين على الموافقة على طلبه بإدراج مبلغ تمويل بناء الجدار في الموازنة.

وتعهد ترامب من قبل بألا يُمرر أي مشروع لقرار التمويل الحكومي، ما لم تتضمن الموازنة بند الإنفاق على الجدار، الذي تُقدر تكلفته بنحو 5.7 مليار دولار، والذي تعهد بتشييده أثناء حملته الانتخابية.

لكن الحزب الديمقراطي، الذي يسيطر على مجلس النواب الأمريكي، رفض بشدة التصديق على موازنة فيدرالية تتضمن تمويل هذا الجدار وتمسك بموقفه.

وكان مجلس النواب الأمريكي قد انضم إلى مجلس الشيوخ في الموافقة على مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة، من خلال توفير تمويل مؤقت للوكالات الاتحادية، ولكنه رفض منح الرئيس ترامب المبلغ الذي طلبه لتمويل بناء الجدار.

وذكرت قناة “الحرة” أن مجلس النواب وافق بالإجماع على تمويل سلسلة من الوكالات الاتحادية حتى 15 فبراير، بما يمنح مهلة مدتها 3 أسابيع لإجراء مفاوضات صعبة بين المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن كيفية التعامل مع مسالة الأمن على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة.

ووفقًا لتصريحات أدلى بها مسئولون في الإدارة الأمريكية لوكالة رويترز وصحيفة “واشنطن بوست” كان الاتفاق عُرضة للتغيير، لكن الرئيس ترامب وافق عليه بعد أن تم إخطاره بأن الإغلاق الحكومي يعيق عمل أجهزة إنفاذ القانون في البلاد.

وقالت وكالة Standard & Poor's للتصنيفات الائتمانية العالمية إن الاقتصاد الأمريكي خسر مالا يقل عن 6 مليارات دولار خلال الإغلاق الجزئي للحكومة الاتحادية، بسبب توقف العمال عن الإنتاج والنشاط الاقتصادي المهدر. وتكمن المفارقة الكبرى في تخطي الخسائر الناتجة عن الإغلاق كُلفة الجدار محل النزاع.

انتصار للديمقراطيين

ورأى العديد من المراقبين أن توقيع ترامب قرار إنهاء الإغلاق الحكومي يعد انتصارًا لنانسي بيلوسي، الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب، مشيرين إلى أنها نجحت في ذلك بفضل تمسكها وتمسك حزبها برفض طلب ترامب تمويل الجدار العازل.

والتزم الديمقراطيون بموقفهم منذ البداية ودعموه باستمرار، ولم تكن هناك مؤشرات منهم على وجود نية لتقديم تنازلات لترامب.

وتتمتع بيلوسي بعقود من الخبرة في سياسات الإغلاق الحكومي، ومنذ بداية الأزمة حول ملف الجدار، أصرت على أن حزبها لن يدخل في أي نوع من المفاوضات حول هذه القضية، رغم ما كان سيترتب على ذلك من طول مدة الإغلاق الحكومي.

وكان ترامب يعتقد بأن عرض عضلاته التنفيذية سيجبر الكونغرس على الرضوخ لطلبه، واعتمد في ذلك على تجربته السابقة عندما رفض تمويل أجزاء من الحكومة في كانون الأول/ديسمبر، لكنه لم يضع في اعتباره أنه سيضطر هذه المرة للتعامل مع مجلس نواب في الكونغرس بات تحت سيطرة الديمقراطيين منذ بداية كانون الثاني/يناير الحالي.

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الرئيس ترامب رفع الراية البيضاء أمام خصومة الديمقراطيين عندما أعلن عودة عمل الإدارات الفيدرالية المتوقفة بدون التوصل لاتفاق بشأن الجدار الذي يرغب في بناءه على الحدود مع المكسيك.

وأشارت الصحيفة إلى أن العاملين في الحكومة الفيدرالية الذين لم يحصلوا على رواتبهم، والانتظار في طوابير بنوك الطعام، وأيضًا تلك الخطوط الطويلة في المطارات والمخاوف على سلامة الركاب، وكل تلك النفايات التي تتكدس في المتنزهات الوطنية نتيجة الإغلاق الجزئي للإدارات الفيدرالية، فضلا عن كل الألم السياسي الذي تعرض له ترامب والجمهوريون، كل ذلك كان بلا مقابل، فقد أراد 5.7 مليار دولار لبناء الجدار ولم يحصل على شيء.

وسعى ترامب من خلال عناده في معركة الجدار إلى إقناع الديمقراطيين بأنه لا ينحني ولا يقبل الهزيمة، وأن مبدأه في عقد الصفقات هو “إما أن يكون كل شيء أو لا شيء»، لكن ما كشفت عنه أزمة الجدار أن الزعماء الديمقراطيين لا يخافون من ترامب وأنهم بعد الانتصار الذي حققوه في مجلس النواب لم يعد لديهم استعداد للانحناء أمامه.

ويؤكد البعض أنه لا يمكن إنكار أن ترامب أخطأ في يناير وفبراير 2018، بعدم قبوله العروض الديمقراطية التي كانت ستجعله يبني الجدار في مقابل حماية «الحالمين» (أي المهاجرين). والآن لن يقبل الديمقراطيون بالطبع بما كانوا على استعداد للقبول به عندما كانوا أقلية.

صفقة فاشلة

فيما قالت “فرانس برس” إن معركة الإغلاق الحكومي تعد أول خسائر ترامب سياسيًا‎، مشيرة إلى أن ترامب الذي يُعرف بأنه صانع الصفقات الأسطوري قد يكون ساهم بنفسه في تأزم وضعه في معركته مع الديمقراطيين.

وأوضحت أن الهالة الشخصية الحاسمة تعتبر من صفات الرئيس التي جسدها عندما كان نجم برنامج “المتدرب” (ذي ابرنتيس) إلى درجة يتعذر معها على كثيرين تصوره بشكل يناقض رجل الأعمال الشرس.

وتضيف أن أزمة الإغلاق الحكومي كشفت بأن البيت الأبيض ليس مثل مجلس الإدارة في شركة العقارات التي يملكها الملياردير، أو مسرحًا في تلفزيون الواقع. فترامب الذي أصر على “عدم التراجع” فعل ذلك في النهاية، وكان ذلك القرار من المواقف النادرة جدًا بالنسبة لرجل كثيرًا ما تباهى بقسوته وغروره.

وتشير “فرانس برس” إلى أن هذا التراجع الكبير جاء في ذروة نهار حافل، تم فيه توقيف مستشار ترامب السابق روجر ستون؛ على خلفية التحقيق في التواطؤ مع روسيا؛ ما أثار شعورًا لدى ترامب بأن البيت الأبيض يتعرض لحصار.

وفي تغريدة على “تويتر”، قال ترامب: “أكبر حملة مطاردة في تاريخ بلدنا! لا تآمر!. ذئاب الحدود وتجار المخدرات والمتاجرين بالبشر يتلقون معاملة أفضل”.

وعقب خسارته الجولة الأولى، وعد ترامب بجولة ثانية بعد ثلاثة أسابيع في حال عدم حصوله على التمويل لبناء جداره، وقد يعني ذلك إغلاقًا ثانيًا أو تفعيل صلاحيات الرئيس في حالة الطوارئ للحصول على تمويل الجدار بدون موافقة الكونغرس.

وحذر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر، ترامب، من مغبة نزاع جديد، قائلًا: “نأمل أن يكون ترامب قد تعلم الدرس” بعد أكثر من شهر من الشلل الجزئي في خدمات الحكومة الفيدرالية.

هل تتجدد معركة الجدار؟

من ناحية الرئيس ترامب فإن المعركة حول الجدار ستتجدد مع الديمقراطيين منتصف فبراير المقبل، وسيعود الإغلاق من جديد إذا لم يتم التوصل لاتفاق حول تمويل بناء الجدار يرضى به ترامب.

ووفقًا لـ”واشنطن بوست” يرى خبراء أن الجولة الثانية من المعركة لن تكون سهلة بالنسبة لترامب، خاصة إذا كان لا يريد أن يخسر جولة أخرى بسبب جداره العازل، مشيرين إلى أن حملته الانتخابية في 2016 اعتمدت على بناء الجدار الحدودي، لكنه خسر التصويت الشعبي عليه في الوقت الراهن.

كما حاول أن يجعل الانتخابات النصفية في عام 2018 استفتاءً على الجدار، وعزف على وتر الأمن القومي، وقافلة المهاجرين القادمة نحو الحدود لدعم حجته بشأن بناء الجدار، إلا أن الجمهوريين عانوا أكبر خسائر في مجلس النواب منذ فضيحة «ووترغيت»، على الرغم من ازدهار الاقتصاد، وانخفاض معدلات البطالة نسبيًا.

ويؤكد الخبراء أن الجدار لم يكن فكرة شعبية مطلقًا، وهذه حقيقة معروفة لدى معظم الجمهوريين في الكونغرس. حيث تُظهر مجموعة من الاستطلاعات العامة والخاصة أن أكثر من 50% من الأميركيين يعارضون بناء الجدار. ويراوح الدعم الشعبي له بين 30 و50%، كما أن الدعم الشعبي لإغلاق الحكومة بغرض بناء الجدار، وصل إلى مستوياته الدنيا.

وسبق أن أشارت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إلى أن استطلاعًا جديدًا للرأي كشف أن ترامب خسر معركة إغلاق الحكومة. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته كل من “إيه بي سي نيوز” و”واشنطن بوست” أن 53% من المستطلعين يرون أن ترامب والجمهوريين في الكونجرس يتحملون المسؤولية عن الإغلاق، فيما يقي 29% فقط باللوم على الديمقراطيين، وقال 13% من المشاركين إن اللوم مشترك.

من ناحية أخرى فإن تهديد ترامب باللجوء إلى فرض الطوارئ لبناء الجدار هو أمر صعب، وسيواجه تحديات قانونية. وقد قام العديد من المحافظين بالتشكيك علناً في إمكانية اللجوء لهذا الموقف،

وحذّر السيناتور ماركو روبيو، من أن إعلان ترامب عن حالة طوارئ وطنية من شأنه أن يخلق سابقة خطرة. وقال: «يجب أن نكون حذرين بشأن تأييد الاستخدامات العريضة للقوة التنفيذية، فإذا كانت الطوارئ الوطنية اليوم هي أمن الحدود، فغداً قد تكون تغير المناخ».

وعد صعب التنفيذ

رغم كل هذه الصعوبات قد يتمسك ترامب بفكرة بناء الجدار بأي وسيلة، ويقول كريستوفر رودي، الرئيس التنفيذي لموقع “Newsmax”: “ترامب متمسّك ببناء الجدار لأن هذا كان أحد وعود حملته الانتخابية، وهو مهووس بتنفيذ هذا الوعد، وأعتقد أن هذا ليس أمرًا صحيّاً، ولكنه ليس سيّئاً أيضاً”.

أما مايكل دي أنطونيو، المؤرخ الخاص بترامب، فقال: “إن الجدار الحدودي راق لترامب وللشخص البنّاء بداخله، وأعتقد أنه يستمع داخله لصوت بناء الجدار وهو يرتفع حالياً، وهو يحب هذا”.

ويضيف دي أنطونيو: إن بناء الجدار سيكون إرثاً رئاسياً تستطيع الأجيال القادمة أن تراه وتلمسه، وأعتقد أنه سيحب أن يطلق اسمه على الجدار ليكون “جدار ترامب العظيم”.

وتحت عنوان “الجدار الحدودي: كيف تحوّل من رمز قوي إلى حصار لترامب”، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن تشبث ترامب بفكرة الجدار أصبح يشكل عائقاً أمام الحكومة التي تم إغلاقها جزئياً، ويخشى بعض المتشددين في موضوع الهجرة أن يؤدي تشبثه بفكرة (الجدار الحدودي) للقبول بصفقة تنتهي ببناء الجدار ولكن سيقدّم مقابلها بعض التنازلات الكبرى حول الهجرة.

وقالت الصحيفة: إن ترامب بات الآن معزولاً سياسياً بسبب محاولته بناء الجدار الحدودي، حيث جعله أمر غير قابل للتغيير في وجه الديمقراطيين الذين رفضوا تمويله، مما عقّد أي محاولات للوصول لتسوية.

وتضيف الصحيفة: أن الجدار الحدودي أصبح رمزًا لمعارضة الديمقراطيين، على الرغم من أن العديد منهم دعموا في الماضي أنواعاً مختلفة من الجدران الحدودية، ولكنهم الآن يرون جدار ترامب بمثابة وسيلة مكلفة وغير فعّالة للحدّ من الهجرة غير الشرعية.

ويؤكد الديمقراطيون أن تركيز ترامب على الجدار يشغله عن مشكلات أكثر تعقيدا في مسألة الهجرة، وأنه يستخدمه لحشد قاعدته من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

كما يرى الكثير من الجمهوريين يرون أن الجدار الحدودي ليس سوى جزء من مجموعة من الإجراءات الأوسع نطاقاً اللازمة لإصلاح منظومة الهجرة – وليس حتى أهم تلك الإجراءات – ولكنهم يخشون إعلان ذلك خوفاً من غضب ترامب، ويرون أن الإجراءات الأخرى تتضمن تخفيض الهجرة القانونية ووضع معايير أكثر صرامة لمنح اللجوء.

ولا ننسى أن ترامب لم يستطع الحصول على أموال لبناء جداره، حتى عندما كان الحزب الجمهوري يسيطر على الحكومة خلال العامين الماضيين. كما تعرض ترامب لمعارضة من المحاكم حول قراراته التي أصدرها بشأن الهجرة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى