تقارير

الكمامة في زمن كورونا.. حماية وموضة وابتكارات جديدة

أحمد الغـر

فيما لا يزال انتشار فيروس كورونا المستجد مستمرًا، اتجهت مصانع مستلزمات الوقاية الطبية حول العالم لتكثيف إنتاجها من الكمامات (أقنعة الوجه)، في محاولة لتقليل تفشي الوباء القاتل.

كما تتواصل الابتكارات لإنتاج كمامات توفر حماية أكبر وبفوائد أكثر، ومعها اتجهت أيضا دور الأزياء الشهيرة لتصميم أقنعة الوجه بأشكال رائعة تتماشى مع جميع الأذواق وبطريقة تكسر حالة الخجل لدى البعض من ارتداء الأقنعة التقليدية.

كمّامة ثلاثية الأبعاد
في ظل الحاجة لإنتاج كميات كبيرة من الكمامات لمواكبة الطلب عليها، كان لابد من إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى مضمار صناعتها، ومحاولة ابتكار أنماط جديدة لتصنيع الكمامات، وبالفعل هذا ما توصل إليه الطالبان السعوديان براء وعمّار أمير، بعد أن اعتمد معهد الصحة NIH وهيئة الغذاء والدواء في أمريكا، رسميًا، تصميم الطالبين لكمّامة بطباعة ثلاثية الأبعاد.

الطالبان براء وعمّار أمير، يدرسان بكلية الطب في جامعة الامام عبدالرحمن بن فيصل، قد عملا على إنتاج بديل لكمامات من نوع N95 الواقية، وأهم ما يميز القناع الجديد أنه يتناسب مع الوجه بشكل انسيابي اكثر من الأقنعة الجراحية ويوفر حماية أكبر ضد السوائل.

كما يمكن إعادة استخدام القناع بعد تعقيمه، وطباعة المزيد منه بالطابعة ثلاثية الأبعاد، عند الحاجة لذلك، وهو ما يساعد في تجاوز إشكالية نقص معدات الحماية الشخصية، ولكن هناك بعض السلبيات لهذا التصميم فهي مرتكزة بشكل رئيسي على وجود مشاكل تقنية متعلقة بالطابعات مما قد ينتج بسببها أخطاء في الطباعة.

جديرٌ بالذكر؛ فإن التصميم متوفر الآن على الموقع الرسمي لمعهد الصحة الأمريكية حيث من الممكن لأي شخص في العالم أن يحصل على هذا التصميم ويقوم بطباعته.

الكمامة والطعام
أما في إسرائيل؛ فقد أعلن مبتكرون عن تصميم كمامة طبية توفر الحماية من فيروس كورونا وتتيح الاستمتاع بالطعام في آن واحد، دون الحاجة إلى نزعها، حيث يأمل مبتكرو الكمامة في أن يساهم استخدامها لتناول الطعام في الأماكن العامة أقل خطرًا.

هذه الكمامة عبارة عن جهاز يتضمن فتحة في مكان الفم، ويمكن التحكم به عن بعد بواسطة رافعة صغيرة تعمل بمثابة فرامل الدراجات الهوائية عند الضغط عليها، ما يتيح لمستخدمي الكمامة من رواد المطاعم تناول الطعام من دون نزعها.

يشار إلى أن المستخدم قد يواجه صعوبة في تشغيل فم الكمامة لدى تناوله الآيس كريم أو الصلصات، لكن فيما يخص قطع الطعام الأكثر صلابة، فيمكن التهامها بسرعة، وبحسب “عساف جيتيليز”، نائب رئيس الشركة المنتجة لهذه الكمامة، فإن شركته تعتزم البدء في الإنتاج التسلسلي لهذه الكمامات في غضون بضعة أشهر، مرجحًا أن تباع بسعر يصل إلى قرابة 3 دولارات.

كمامة مضيئة
في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد؛ يعمل فريق من علماء الهندسة الحيوية على تطوير كمامة طبية تتمكن من رصد فيروس كورونا فورًا، بالاعتماد على المستشعرات داخل الكمامة نفسها، بحيث عندما يتنفس الشخص المصاب أو يسعل أو يعطس، تضيء هذه المستشعرات للإشارة إلى وجود الفيروس.

هذه الدراسة مبنية على تجارب مماثلة استخدمت بها الأقنعة سابقًا لرصد الفيروسات مثل إيبولا وزيكا، وفي حال نجاح هذه التجارب؛ قد يستخدم الأطباء هذه التقنية الجديدة لتشخيص المرضى على الفور دون الحاجة إلى إرسال عينات إلى المختبر، في وقت أعاقت أدوات التشخيص الحالية قدرة العديد من البلدان على السيطرة على تفشي الجائحة.

أسبوع لموضة الكمامات
في ليتوانيا؛ نظّمَ فنانون ليتوانيون سكان البلاد إلى “أسبوع موضة القناع”، وذلك لتشجيعهم على الاستمتاع بوضع أقنعة الوجه التي أصبحت إلزامية في الأماكن العامة هناك، وذلك للمساعدة في كبح انتشار الوباء.

وقد شهد شوارع بعض مدن ليتوانيا، مراسم رمزية لإطلاق الحدث، إذ أنه شكّلَ أسبوع الموضة الأول للقناع في العالم، وتم تنظيمه تحت عنوان “لا يمكن إخفاء الإبداع”.

أما فى فرنسا؛ فقد أصبح تصميم أقنعة الوجه جزءًا من الموضة، خاصةً فى ظل بودار ثورة ثقافية جديدة بعالم الأزياء تأثرًا بأزمة انتشار وباء كورونا، الذى يتوقع استمرار ارتداء الأقنعة حتى مع تخفيف إجراءات رفع الإغلاق أو حتى انخفاض الإصابات والوفيات، وقد بدأت بالفعل بعض دور الازياء الشهيرة فى صنع أقنعة الوجه، والتي تميزت في معظمها بكونها ملونة مع نقوش زهور أو كريات صغيرة.

غرامات وعقوبات
في سبيل إلزام المواطنين لارتداء الكمامات في الأماكن العامة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المُستجد؛ سنّت العديد من دول العالم قرارات صارمة في هذا الشأن، من بينها التغريم أو السجن أو كليهما.

وكأمثلة على تلك العقوبات؛ نجد في مصر قد تم فرض عقوبات تصل إلى غرامة مالية لا تتجاوز 4 آلاف جنيه (ما يُعادل 315 دولار) للمخالفين، أما قطر فتصل فيها عقوبة عدم ارتداء الكمامات في الأماكن العامة إلى السجن لمدة 3 أعوام بحد أقصى وغرامة مالية قد تبلغ 200 ألف ريال (ما يُعادل 55 ألف دولار)، أما في تايوان فتصل الغرامة على المخالفين إلى 3000 دولار تايواني (100 دولار أمريكي).

قرصنة الكمامات
مع تفشي وباء كورونا؛ زادت الحاجة إلى معدات الحماية، مثل الكمامات والقفازات في جميع أنحاء العالم، واشتعلت حروب كلامية وتنافس شديد بين الدول للحصول على الكمامات ومعدات الحماية الطبية، وهو ما وصفه مسؤول ألماني بـ”القرصنة المعاصرة”، حيث بدأت دول بالاستيلاء على شحنات من تلك المواد كانت متجهة إلى دول أخرى، في مشهد غير مسبوق.

من الأمثلة على ذلك ما حدث بين التشيك وإيطاليا، أوائل مارس الماضي، حيث صادرت التشيك 110 آلاف كمّامة كانت قد قد اشترتها إيطاليا، وتم حل المشكلة بعد تدخل القنوات الدبلوماسية. كما احتجزت السلطات الفرنسية كمامات اشترتها شركة الرعاية الصحية السويدية “مولنليكه” لصالح كل من إيطاليا وإسبانيا، وبعد تدخل الحكومة السويدية، وافقت فرنسا على تسليم جزء من كمية الكمامات المحتجزة إلى كل من إيطاليا وإسبانيا.

في حادثة أخرى؛ فقد أرسلت الصين كمامات ومنتجات حماية أخرى، كانت قد طلبتها فرنسا، إلى الولايات المتحدة، حيث اشترت أمريكا الكمامات، التي طلبها الفرنسيون، ودفعوا ثمنها للصين نقدًا، فغيرت طائرة الشحن مسارها من فرنسا إلى أمريكا، فيما وجهت ألمانيا اتهامًا إلى الولايات المتحدة بمصادرة 200 ألف كمامة اشترتها برلين لمكافحة الوباء.

صراع داخلي حول الكمامات
حتى داخل الولايات المتحدة، اندلعت حرب كمامات بين الولايات والحكومة الفيدرالية، حيث صادرت وكالة حكومية اتحادية في ميناء نيويورك 3 ملايين كمامة اشترتها ولاية ماساتشوستس.

في سياق آخر، فقد هدد الرئيس ترامب الشركة المصنعة للكمامات الواقية (ثري إم)، حتى توقف صادراتها من الكمامات إلى الدول الأخرى، وقال “ترامب” حينها إن استمرار الصادرات من الكمامات ستكون له عواقب وخيمة على الشركة، وسيكلفها الكثير.

وربما تتكرر مثل هذه الممارسات في المستقبل، أو حتى تتطور إلى الأسوأ، في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا المستجد.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى