تقارير

في أستراليا.. “الإبل” كبش فداء و”الصقور” تشعل الحرائق

أحمد الطلياني

دمرت الحرائق في أستراليا حتى الآن أكثر من 25.5 مليون فدان من الأراضي، بالإضافة إل تدمير مئات المنازل، وتشريد آلاف السكان  ومقتل العشرات مع اتساع نطاق النيران المستعرة.

وتحاول السلطات الأسترالية الحد من حجم الحرائق عبر عدة طرق، أبرزها عمليات الإطفاء، ولكن هناك أيضًا عمليات قتل؟!.

إعدام جوي

من طائرة هليكوبتر يحمل قناص محترف بندقيته ليصوب نحو  أكثر من 10 آلاف جمل للقضاء عليها، بسبب أضرارها على البيئة، وفقًا للسلطات في أستراليا.

ومن هذا المنطلق يأتي التخلص من الجمال إلى جانب الخيول أيضًا لمزاعم تتعلق بأنها تتسبب في زيادة الاحتباس الحراري، نتيجة شربها كميات كبيرة من المياه، وتناول أوراق الأشجار، كما تساهم في تعطيل عمليات الإطفاء. وستترك جثث الحيوانات لفترة قبل دفنها أو حرقها.

ووافق السكان الأصليون في منطقة أنانجو بيتجانتجارا ويانكونيتجاتارا في جنوبي أستراليا على فكرة “الإعدام الجوي”.

وقال المسئول عن المنطقة ريتشارد كينج إنه في ظل الظروف الجافة الحالية المستمرة، وتجمعات الإبل الكبيرة التي تهدد المنطقة والبنية التحتية، فيجب التحكم الفوري بهذه الحيوانات.

الاحتباس الحراري

صحيفة “الإندبندنت” البريطانية قالت في تقرير لها إن السبب الرئيسي لقتل الجمال هو لمنعها من شرب الكثير من المياه في مناطق الجنوب، بما يؤدي إلى زيادة الجفاف ورفع معدل التعرض للحرائق.

كما أن هناك قلق لدى السلطات الأسترالية بشأن انبعاثات الغازات الدفيئة، إذ تؤكد أن ما تنتجه الإبل إلى جانب الخيول والأبقار، من غاز الميثان يعادل طن واحد من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يساهم في الاحتباس الحراري.

ويتضاعف عدد رؤوس الإبل في أستراليا، كل 9 سنوات إذا لم يتم ضبط وتنظيم تكاثرها.

أضرار للسكان

ويبدو أن السلطات تستغل الحرائق- التي من المؤكد أن هذه الحيوانات ليست الوحيدة المسئولة عنها- من أجل التخلص من الإبل التي زاد عددها في السنوات الأخيرة.

كما أن قرار قتل آلاف الجمال التي وصفتها تقارير بـ”المتوحشة” يأتي أيضًا بسبب الأضرار التي تتسبب بها لبعض القرى في جنوب ووسط أستراليا أثناء بحثها عن الماء.

واشتكى كذلك عدد من السكان الأصليين بتسبب مجموعات كبيرة من الجمال في أضرار في البلدات والمباني.

وقال متحدث باسم وزارة البيئة والمياه في جنوب أستراليا إن الأعداد المتزايدة من الإبل تسبب بأضرار جسيمة في البنية التحتية، وزادت المخاطر على الأسر والمجتمعات، وارتفع الضغط على مناطق الرعي، ووصل الحال إلى أَن بعض الإبل تموت من العطش أو تدوس بعضها للوصول إلى المياه.

أكثر من مليون

وتقدر أعداد الجمال الموجودة بنحو 1.2 مليون جمل في جميع أنحاء أستراليا. ودخلت هذه الجمال إلى أستراليا عن طريق الهند وأفغانستان خلال القرن التاسع عشر، وكانت تستخدم للنقل والبناء.

وأشارت تقارير حكومية إلى أنه إذا لم تتم إعدام الجمال المتوحشة، فإن أعدادها سوف تتضاعف كل 8 إلى 10 سنوات.

وتأتي عملية إعدام الجمال رميًا بالرصاص خلال 5 أيام، وسط تقديرات تشير إلى وفاة مليار حيوان في حرائق الغابات المستعرة في جميع أنحاء أستراليا.

ليست المرة الأولى

“مذبحة الجمال البرية” ليست الأولى في أستراليا، فقد خصصت السلطات في عام 2010 نحو 19 مليون يورو للتخلص من آلاف الجمال، في إطار خطة حكومية ترمي إلى التخلص بشكل تدريجي من أعداد هذا الحيوان.

ونمت الإبل بشكل طبيعي وعشوائي في كثير من مناطق البلاد بعد توسع شبكة السكك الحديدية في أستراليا.

انتقادات

وانهالت التعليقات والانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تطالب السلطات الأسترالية بالعدول عن إعدام الجمال. كما طالب اتحاد الأطباء البيطريين في تركيا، السلطات الأسترالية، في بيان صادر عن رئيس المجلس المركزي للاتحاد، علي أروغلو، إظهار الحساسية للجمال كما تبديها للكوالا والكنغر.

ووصف البيان قرار قتل 10 آلاف من الجمال بأنه قرار “وحشي” و”يتنافى مع القيم الإنسانية”، مضيفًا أنه لا يمكن تحقيق حياة سليمة عبر العنف ضد الحيوانات والطبيعة.

وفي الحقيقة، فالقول إن الإبل تنتج انبعاثات حرارية، تساهم إلى حد كبير في ظاهرة الاحترار المناخي، إلى جانب تعطليها عمليات إطفاء الحرائق بسبب شربها الكثير من المياه، يعد مبالغة.

ويعرف عن الجمال، وفقا لدراسات عدة، قدرتها على العيش في مناطق تندر فيها المياه، كما أن هذا الحيوان يستطيع تحمل درجات الحرارة العالية.

ورغم أن الإبل تشرب كميات كبيرة من الماء، إلا أن ذلك يحدث في كل فرصة يحصل فيها على الماء، إذ يحتفظ بها فترة طويلة.

جناة آخرون

وفي حال اعتبار أن هذه الجمال يؤثر بقاؤها بالسلب على البيئة وتغير المناخ، فهناك جناة آخرون أكثر تأثيرًا بمراحل.

فهناك الجفاف والرياح، والارتفاع القياسي في درجات الحرارة، التي تساهم بشكل كبير في التغير المناخي وتأجيج وانتشار الحرائق. كما أن هناك أصوات تقول مباشرة إن السبب هو الإنسان لأنه المسئول في النهاية عن كل ما يحدث.

السلطات الأسترالية نفسها تعرضت للانتقادات، وخرج المتظاهرون في الشوارع للمطالبة بعدم التقاعس في مكافحة حرائق الغابات، ومكافحة تغير المناخ، إلى جانب خفض صادرات الفحم.

وغالبا ما يتم إشعال حرائق الغابات عمدًا لإخلاء الأرض. كما أن اقتلاع الأشجار يؤدي إلى إطلاق الكثير من ثاني أكسيد الكربون في الجو.

ويعتقد نشطاء البيئة أن من يقطعون الغابات هم من يبدأون بإشعال الحرائق. وهناك اعتقاد أيضا أن معظم الحرائق التي اشتعلت في أستراليا وحول العالم خلال الأعوام الماضية كانت بسبب مزارعين بهدف زراعة المحاصيل وتربية الماشية.

صقور النار

ويوجد متهم آخر وظهر بشكل جلي في الأيام الأخيرة إلى جانب البشر والصواعق وأطلقت عليه الصحف العالمية “صقر النار”. وأثبتت عدة دراسات أن هذا الطائر حاليًا يشكل خطرًا حقيقيًا على البيئة في أستراليا، بسبب دوره في اتساع رقعة النيران التي تلتهم البلاد.

ويعود اسم “صقر النار”  إلى السكان المحليين في أستراليا قبل مئات السنين، والذي يعرف لدى العرب باسم “طائر الحدأة”.

وتناولت تقارير عدة سلوك هذا الطائر وتأثيره على الحرائق واتساع رقعتها وأبرزها مجلة “ناشيونال جيوجرافيك”.

وتقوم هذه الطيور الجارحة باستغلال النار المشتعلة مهما كانت صغيرة، لتحمل منها أعوادا بمناقيرها أو مخالبها، وترميها فوق الأعشاب الجافة، لتتسع مساحة الاشتعال.

وبالتالي تتسع مساحة الصيد السهل بإجبار القوارض والزواحف والحيوانات التي تتغذى عليها صقور النار الشرهة، على الهرب والخروج من جحورها ومن ثم الانقضاض عليها.

وفي النهاية، تبقى عدة أسئلة جوهرية.. هل الإبل “كبش فداء” لتصرفات البشر وعوامل الطبيعة إلى جانب صقور النار؟

وهل استغلت السلطات الأسترالية الحرائق للتخلص من الإبل البرية التي تزايد عددها بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب التطور التكنولوجي؟

أم أن السلطات تريد أن تظهر بشكل أنها تكافح الحرائق على أكثر من جبهة لتخفيف الضغط عليها من المحتجين ونشطاء البيئة؟

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى