تقارير

الأرقام صادمة والواقع أكثر بشاعة.. الحروب والأزمات تهدد مستقبل أطفال العالم

إعداد وتحرير: علي البلهاسي

كعادتها في الأعوام الأخيرة، مرت احتفالات العالم بأعياد الطفولة وسط أجواء حزينة، فلا زال الأطفال في أماكن الصراعات يعانون الأمَرّين من التعرض للقتل والتعذيب، والحرمان من كل حقوقهم، ليس فقط فيما يتعلق بالتعليم أو الترفيه، ولكن الحرمان وصل إلى مقومات الحياة الرئيسية من طعام وماء، بل ووصل الأمر إلى إجبار الأطفال على حمل السلاح أو استخدامهم كدروع بشرية في الحروب.

وحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة، فإن هناك حوالي مليار طفل يعيشون في مناطق يتواجد فيها صراعات، منهم ما يقارب الـ 300 مليون طفل دون الخامسة من العمر!

نصف أطفال العالم معرضون للخطر

وكشف تقرير جديد لمنظمة “أنقذوا الأطفال” عن أرقام مفزعة تتحدث عن أن أكثر من 1.2 مليار طفل، أي ما يفوق نصف أطفال العالم، يتعرّضون للخطر، خاصة الفتيات منهم. وتتعدد أشكال الخطر ابتداء من غياب الخدمات الصحية وسوء التغذية، مرورًا بعدم الالتحاق بالدراسة أو الخروج منها مبكرًا، وانتهاءً بالعنف الشديد وعمالة الأطفال، وتزويج الفتيات مبكرًا مما يترتب عليه حمل مبكر تتحول معه الطفلة إلى أم.

ويشير التقرير إلى ثلاثة أخطار أساسية تهدّد الأطفال عبر العالم. أولها أن أكثر من مليار طفل يعيشون في بلدان جد فقيرة، ممّا يرفع احتمال وفاتهم قبل سن الخامسة، ويجعل ظروفهم غاية في الصعوبة. والخطر الثاني أن 240 مليون طفل يعيشون في بلدان تشهد نزاعات وهشاشة كبيرة. أما الثالث فيتلخص في وجود 575 مليون طفلة ضمن قائمة دول تعرف انتهاكات كبيرة في حقوق المرأة.

والخطر الأكبر حسب التقرير، أن 153 مليون طفل عبر العالم يعيشون في دول تعرف الأخطار الثلاث المذكورة، ممّا يرفع درجة وفاة الأطفال بعشرين مرة عن المستوى العادي. ويبرز التقرير أن 15 ألف طفل يموتون يومياً قبل الوصول إلى عيد ميلادهم الخامس، نسبة 46 بالمائة منهم لم تزد أعمارهم عن الشهر الأول. كما يشير التقرير إلى أن 100 مليون طفلة عبر العالم لا تحميهن قوانين بلدانهن من الزواج وبينهن 7.5 مليون يتم تزويجهن بشكل غير قانوني كل سنة.

تعليم مفقود.. ومستقبل مجهول

كانت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف» قد حددت عنوانًا لاحتفالات أعياد الطفولة في عام 2018، وهو «الأطفال يتولون المهمة ويحولون العالم إلى اللون الأزرق»، موضحة أن العالم سيتحول إلى اللون الأزرق في هذا العام، معلنة عزمها إقامة عالم يكون فيه جميع الأطفال ملتحقين بالمدارس، آمنين من الأذى، وقادرين على تحقيق إمكاناتهم.

تشير تقارير اليونيسيف إلى وجود 262 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدارس؛ و650 مليون فتاة وامرأة تزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، وذكرت اليونيسيف أن 30% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا في الدول المتضررة من الصراعات أو الكوارث، أي 59 مليون شخص أميون، بما يزيد بمقدار ثلاثة أضعاف عن المعدل العالمي، وتسجل أعلى معدلات أمية الشباب في النيجر، وتشاد، وجنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهي جميعًا دول لها تاريخ طويل في انعدام الاستقرار وارتفاع معدلات الفقر.

وتشير اليونيسيف إلى أن الفتيات والشابات هن الأكثر تضررًا من الأمية، إذ تقدر نسبة الأميات إلى 33% مقارنة بـ 24% بين الفتيان، وتقدر اليونيسيف أنها ستنفق نحو مليار دولار سنويًا على برامج التعليم خلال السنوات الأربع المقبلة.

وتذكرنا تلك الأرقام بالتأثير المأساوي للأزمات على تعليم الأطفال، ومستقبلهم، واستقرار ونمو اقتصادهم ومجتمعاتهم، فالطفل غير المتعلم الذي يكبر في بلد تمزقه الصراعات أو الكوارث، قد لا يجد الفرص لتحقيق إمكاناته في المستقبل.

وتشير البيانات إلى أن الأرقام الجديدة تنتج عن ثلاث مشاكل مشتركة: الأولى هي عدم الوصول إلى المدرسة، حيث تكون فرص الأطفال خارج مقاعد الدراسة ضئيلة أو معدومة للوصول إلى الحد الأدنى من الكفاءة؛ والثانية هي الفشل في الإبقاء على كل الأطفال في المدرسة وإبقاؤهم على المسار الصحيح؛ أما المسألة الثالثة فهي جودة التعليم التي يتلقاها الأطفال في الفصول الدراسية، فالأمر الأكثر إثارة للدهشة، والقلق في نفس الوقت هو أن ثلثي هؤلاء الأطفال ملتحقون بالمدارس.

البرد يهدد أطفال الشرق الأوسط

ومع اجتياح الطقس البارد والأمطار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن حوالي مليون طفل من المتضررين من الأزمات في المنطقة مهددون للتعرض للبرد. وتواجه اليونيسيف فجوة تمويلية تبلغ 33 مليون دولار أمريكي – أي حوالي ثلثي إجمالي المبلغ الذي تناشد للحصول عليه – وذلك لتقديم مساعدات لفصل الشتاء لإنقاذ حياة الأطفال، بما في ذلك الملابس الدافئة والبطانيات ولوازم صحية لفصل الشتاء والمياه والصرف الصحي ومستلزمات النظافة.

وكانت الوكالة الأممية قد أكدت أنها تواجه نقصا في الموارد المالية يبلغ 33 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدة الأطفال. وهو ما يمثل ثلثي ميزانيها الإجمالية. وتخشى الوكالة أن يؤثر هذا النقص على ظروف عيش اللاجئين من الأطفال بسبب الأمطار والطقس البارد، خاصة في مخيمات اللجوء الغير مهيأة ببنى تحتية ملائمة لفصل الشتاء.

ويقول خِيرْت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “لقد أدت سنوات  من النزاع والنزوح والبطالة إلى انخفاض الموارد المالية للعائلات إلى الصفر تقريباً. وأصبح الحفاظ على الدفء أمرًا لا يمكن الحصول عليه”.

ويضيف: “بسب قلّة الغذاء والرعاية الصحية، يعاني الأطفال من الضعف، وباتت أجسادهم عُرضة لانخفاض حرارة الجسم ولأمراض الجهاز التنفسي الخطيرة. إن لم يتلقَ هؤلاء الأطفال المساعدة لحمايتهم من أحوال الطقس المتجمدة، فمن المحتمل أن يواجهوا عواقب وخيمة”.

وسيجلب انخفاض درجات الحرارة المزيد من الصعوبات لآلاف العائلات التي تعيش في ظروف تقتصر على الأساسيات القصوى للحياة، خاصة في المخيمات أو الملاجئ المزدحمة، حيث لا يجدون ما يحميهم من البرد القارس إلا القليل.

وفي الشتاء الماضي، توفي طفلان نتيجة البرد بينما كانا يحاولان الفرار من الحرب في سوريا إلى لبنان، بحثا عن الأمان.

وتهدف اليونيسيف في هذا الشتاء إلى تزويد 1.3 مليون طفل في سوريا والعراق والأردن ولبنان وتركيا ومصر بملابس دافئة وبطانيات حرارية، والمياه والصرف الصحي والصحة ولوازم النظافة؛ وتقديم المساعدات النقدية للعائلات.

وتأتي استجابة اليونيسيف لفصل الشتاء كتكملة للبرامج القائمة في قطاعات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والحماية والتعليم، وتهدف إلى إبقاء الأطفال الذين يعانون من الهشاشة والضعف في جميع أنحاء المنطقة، في دفء وصحة وفي المدارس خلال هذا الشتاء.

وفيات الأطفال.. الإهمال يقتل الزهور

وتشير تقارير “اليونيسيف” إلى أن 5.4 مليون طفل توفوا قبل بلوغهم سن الخامسة؛ جراء أسباب يمكن منعها غالبًا. فيما يوضح تقرير صادر عن اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وشعبة الأمم المتحدة للسكان والبنك الدولي إلى وفاة نحو 6.3 مليون طفل تحت سن الخامسة عشرة عام 2017؛ وذلك بمعدل طفل واحد كل 5 ثوان؛ جراء أسباب يمكن منعها غالبًا أيضًا.

وتقع 5.4 مليون من تلك الوفيات، أي الغالبية العظمى، في العام الأول من حياة الطفل، وتقوم الأمراض بدور أكبر في الوفيات تحت سن الخامسة؛ ويعد السبب الرئيسي للوفيات الالتهاب الرئوي والإسهال، اللذين يمكن علاجهما بسهولة، ولكن العلاج لا يتوفر للكثيرين.

وذكر التقرير أن الإصابات، لاسيما الناجمة عن الغرق وحوادث الطرق، أصبحت سببًا متناميًا للوفيات بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والرابعة عشرة، كما تبرز الاختلافات الإقليمية أيضًا في هذه الفئة العمرية، فيزيد احتمال وفاة طفل يعيش في الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بمقدار 15 مرة عن طفل يعيش في أوروبا.

وعلى المستوى العالمي، وقعت نصف وفيات الأطفال تحت سن الخامسة في أفريقيا جنوب الصحراء، و30% في جنوبي آسيا، وبالنسبة للأطفال في كل مكان يعد الشهر الأول أكثر فترات حياتهم خطورة، ففي خلال العام الماضي توفي 2.5 مليون طفل في الشهر الأول من عمرهم.

ويوضح التقرير أن احتمال وفاة الطفل حديث الولادة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أو جنوبي آسيا يزيد بمقدار 9 مرات مقارنة بطفل في دولة مرتفعة الدخل، ويوجد التفاوت داخل الدولة الواحدة أيضًا، إذ إن معدلات وفيات الأطفال تحت سن الخامسة في المناطق الريفية تزيد بنسبة 50% عن الأطفال في المناطق الحضرية، كما أن أطفال الأمهات غير المتعلمات يواجهن احتمالًا مضاعفًا بالوفاة قبل أن يكملوا عامهم الخامس، بالمقارنة مع أطفال الأمهات الحاصلات على تعليم ثانوي أو أعلى.

وعلى الرغم من التحديات تراجع عدد الوفيات بين الأطفال بأنحاء العالم، إذ كان العدد 12.6 مليون في عام 1990، وأصبح 5.4 مليون عام 2017.

النزاعات المسلحة تدمر أطفال العرب

حسب تقرير منظمة “أنقذوا الأطفال” فإن وضع الأطفال في المنطقة العربية لا يبدو ورديًا، ففي قائمة 175 دولة في مؤشر “نهاية الطفولة” الذي يرّتب البلدان حسب حماية الأطفال، توجد معظم الدول العربية في مراكز متراجعة. وتتسبب النزاعات المسلحة في المنطقة العربية بوضع مأساوي لآلاف الأطفال، كما أن السياسات الحكومية المتبعة في أكثر من بلد، حتى الغنية منها ، تخلق بدورها نوعًا من الإقصاء للأطفال، خاصة الفتيات منهم.

وحكمت النزاعات المسلحة على الأطفال بالانقطاع عن الدراسة في أكثر من بلد عربي، خاصة بعد تعرّض مدارسهم للقصف ووقوع قتلى وجرحى بينهم في أكثر من مرة، بل واحتلال هذه المدارس من قبل مسلّحين، كما أن الكثير من الأسر قررت عدم السماح لأبنائها بالدراسة في ظل هذه الظروف خوفاً من تعرضهم للاعتداءات.

ولعل أكبر المآسي التي تُخلّفها الحروب هي الآثار النفسية التي تظهر على الأطفال في أعمارهم اللاحقة ممن نجوا من الحرب وقد حملوا معهم مشكلات نفسية تتوقف خطورتها على قدرة الأهل على مساعدة أطفالهم في تجاوز مشاهد الحرب.

أطفال سوريا.. الضحية الأكبر للحرب

يدخل الصراع في سوريا عامه الثامن، ليعمق جراح الأهالي، ويزيد معاناة الأطفال الذين يعتبرون الضحية الأكبر للحرب. وذكرت منظمة أنقذوا الأطفال، أن “أوضاع مئات الآلاف من الأطفال في سوريا هي أسوأ نقطة في الصراع حتى الآن”.

وكشفت دراسة، نشرتها مجلة “لانسيت” الطبية، أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر في القتال ويشكلون نحو 23%من الضحايا المدنيين. ووفقًا لتقرير صدر عن الأمم المتحدة هذا العام، فمن بين أطفال سوريا الذين يقدر عددهم بنحو 10 ملايين طفل، هناك 8.6 مليون طفل بحاجة ماسة إلى المساعدة، بزيادة عن نصف مليون في السنة الأولى للحرب.

وما يقرب من ستة ملايين طفل هم الآن إما نازحون أو يعيشون كلاجئين، ونحو 2.5 مليون منهم خارج مقاعد الدراسة. فيما يتعرض أكثر من ثلاثة ملايين طفل لخطر الألغام والذخائر غير المنفلقة، حتى في المناطق التي سكنت فيها نار الحرب، و40% ممن قتلتهم الألغام هم من الأطفال.

ومع أن الأمم المتحدة تحققت من مقتل نحو 2500 طفل بين عامي 2014 و2017، إلا أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير. فيما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقرًا له ويتابع مجريات الحرب من بداياتها، مقتل ما يصل إلى 19800 طفل منذ بدء النزاع في مارس 2011.

وأعلن المدير الإقليمي لمنطقة ​الشرق الأوسط​ و​شمال إفريقيا​ في “اليونيسيف” جيرت كابيليري، في بيان، أن “الأمم المتحدة تحققت من مقتل 870 طفلا شرقي ​سوريا​، خلال الفترة من كانون الثاني إلى أيلول الماضيين”. ولفت إلى أن “هذا هو أعلى عدد على الإطلاق في الأشهر التسعة الأولى من أي عام، منذ بدء النزاع السوري في 2011”.

وشدّد كابيليري على أن “عمليات القتل المذكورة تبين أن الحرب على الأطفال لم تنته بعد في سوريا.. آلاف الأطفال قتلوا ولا يزالون يقتلون.. مئات الآلاف من الأطفال أصيبوا بجراح خطيرة.. والكثير منهم سيحمل ندوب الحرب مدى الحياة، كما أصيب الآلاف بإعاقة دائمة بسبب الحرب”.

وخلال فترة الحرب في سوريا تم ارتكاب مجازر عديدة بحق الأطفال راح ضحيتها الآلاف منهم، وتشير بعض الإحصائيات توثيق ما يزيد على 30 ألف شهيدًا من الأطفال منذ بدء الثورة السورية. كما تم استخدام الأطفال كدروع بشرية في كثيرٍ من المناطق عند اقتحامها.

وعانى الأطفال أيضًا من نقص الأدوية والعلاج، كما عانوا من الحصار الذي أدى إلى وفاة الكثيرين منهم جوعاً أو جراء إصابتهم بأمراض نقص التغذية.

وأدت الحرب إلى نزوح مئات الآلاف من الأطفال مع أهليهم داخل وخارج سوريا، وهم موزعون على عدة مخيمات في دول الجوار، يعانون فيها أقسى أنواع الظروف المعيشية والجوية والنفسية.

كما أدت حركات النزوح القسري تلك، واستهداف المدارس بالقصف، إلى تعطيل الأطفال عن متابعة دراستهم، وحرمانهم من حقهم بالتعليم. ومع ظروف المعيشة الصعبة اضطر الآلاف من الأسر السورية إلى إلحاق أطفالهم بسوق العمل، والاشتغال بأعمال قاسية وخطرة، من أجل تأمين لقمة العيش لأهلهم.

وتشير اليونيسيف في أحد قراراتها المتعلقة بأثر الحرب على الأطفال في سوريا على لسان مدير مكتب حلب للمنظمة السيد رادوسلاف رزيهاك أنّ الحرب في سوريا أحدثت أثرًا  سلبيًا واضحاً على نفسية الطفل، وأن جميع أطفال حلب يعانون من الصدمة، وأنّ أكثر من 100 ألف طفل بحاجة إلى رعاية نفسية عاجلة.

أطفال العراق.. عنف وحرمان من التعليم

وفي العراق، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إن 80% من أطفال العراق يتعرضون للعنف سواء في المنزل أو المدرسة. وأشارت في الوقت نفسه إلى أن غالبية الأطفال الفقراء لا يتلقون دعمًا حكوميًا وهو ما يؤثر على فرصهم في إكمال الدراسة. جاء ذلك في نتائج مسح شامل، يعد بمثابة أول دراسة شاملة للمنظمة منذ 7 سنوات عن وضع الأطفال في العراق، وفق ما أوردته “يونيسيف” في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني.

وخلصت الدراسة إلى أن “الصراع واللا مساواة يحددان ملامح الطفولة في العراق، فلا يتلقى غالبية الأطفال الفقراء أي شكل من أشكال المساعدة الحكومية، وحتى مع تراجع الاقتتال (الحرب ضد داعش نهاية العام الماضي) تعرض 80% من جميع الأطفال للعنف إما في المنزل أو في المدرسة”.

وقالت يونيسيف إن “احتياجات تعليم الأطفال في العراق كبيرة، حيث يحتاج نصف مجموع المدارس الحكومية إلى أعمال تأهيل، وتعمل نحو ثلث المدارس في العراق بأكثر من دوام مدرسي واحد، مما يقلل فترة تعلم الأطفال”.

ودعت المنظمة الدولية السلطات إلى الاستثمار في الخدمات التي تعود بالفائدة المباشرة على الأطفال المتأثرين بالصراع وبالفقر، والعمل من أجل وضع حد لجميع أشكال العنف ضد الأطفال.

ويعاني العراق منذ سنوات طويلة أزمة نقص الأبنية المدرسية نتيجة عقود من الحصار والحروب، لكنها تفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية جراء تدمير أو تضرر عدد كبير من المدارس في الحرب بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم “داعش” الإرهابي بين عامي 2014 و2017. وتقدر وزارة التربية العراقية حاجة البلاد إلى نحو 20 ألف مدرسة بحلول عام 2022.

ووفق أرقام أعلنتها وزارة التخطيط العراقية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإن عدد العراقيين الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، يبلغ 15 مليوناً و428 ألف نسمة بواقع 45% من مجموع السكان العام بالبلاد.

أطفال اليمن يعيشون في جحيم

أما في اليمن فقد أكد، جيرت كابيليري، المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط، أن الأطفال في اليمن يعيشون في “جحيم”. وتطرق كابيليري إلى قضية طفلة يمنية تدعى أمل، والتي أصبحت صورتها على غلاف صحيفة نيويورك تايمز رمزا لمعاناة اليمنيين خلال سنوات الحرب، ولفت إلى أن أمل ليست الطفلة الوحيدة التي تعاني في اليمن.

وكشف المدير الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط، عن أن طفلاً يموت كل 10 دقائق في اليمن بسبب أمراض يمكن علاجها بسهولة، وأشار إلى أن 30 ألف طفل يموتون كل عام، ويلعب سوء التغذية دورا أساسيا في موتهم.

وأضاف أن “هناك 1.8 مليون طفل يعاني سنويًا من سوء التغذية في اليمن، و400 ألف طفل يعانون من حالات سوء تغذية تهدد حياتهم كل يوم”. وأشار إلى أن نصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن، بالإضافة إلى 1.1  مليون امرأة حامل ومرضعة، أي عندما يلدن أطفالهن يعلمن أن معدل الولادة سيكون قليلا.

ووجهت مديرة اليونيسيف “هنريتا فور”، نداءً إنسانيًا لإنهاء الحرب في اليمن من أجل الأطفال، قائلة: “القتال مستمر، والأطفال هم الذين يتحملون عواقب الحرب، لقد عانى الأطفال بشكل مروع خلال أكثر من ثلاث سنوات من الصراع، حيث قُتل أو أصيب بجروح خطيرة ما لا يقل عن 6 آلاف بسبب القتال، في حين يحتاج أكثر من 11 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية من أجل البقاء”.

وتقول اليونيسيف إن 2500 مدرسة من أصل نحو 16 ألفا باتت خارج إطار الخدمة حاليا بسبب النزاع، ويحرم توقّف هذه المدارس تعليم 1.84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1.6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ ما قبل النزاع، وحذّرت «يونيسيف» من أن 4 ملايين طالب آخرين يواجهون خطر الحرمان من التعليم، خصوصا في المحافظات الشمالية الخاضعة في غالبيتها لسيطرة الحوثيين، بسبب عدم تلقى المدرسين رواتبهم منذ عامين.

كما أعلنت اليونيسيف أن 8.6 ملايين طفل لا يتمكنون من الحصول على المياه الصالحة للشرب بسبب الحرب في اليمن. ودعت المنظمة حبر الحساب الرسمي لمكتبها في اليمن على تويتر إلى ضرورة حماية الأطفال اليمنيين من الإصابة بمرض الكوليرا بسبب النظافة غير الكافية ونقص مياه الشرب.

فيما تقول منظمة “أنقذوا الأطفال” إن 85 ألف طفل دون سن الخامسة قد يكونون قد توفوا بسبب الجوع والأمراض المرتبطة به منذ تصاعد النزاع في اليمن. وأوضحت المنظمة أنها استعانت ببيانات للأمم المتحدة لتقييم معدلات الوفيات لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة ويعانون من سوء التغذية الحاد في الفترة من إبريل 2015 حتى أكتوبر 2018.

وأكدت المنظمة في تقرير لها أن 84700 طفل تقريبا كانوا يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم قد يكونون توفوا في هذه الفترة. وقالت إن هذا العدد يساوى مجموع من هم دون الخامسة في برمنجهام، ثاني أكبر المدن البريطانية، وفى الشهر الماضي، حذرت الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى 14 مليون يمنى باتوا على حافة المجاعة.

وتقول المنظمة إن العدد الذي أعلنته لحالات وفاة أطفال دون سن الخامسة لم يتلقوا علاجا من سوء التغذية الحاد يستند إلى بيانات جمعتها الأمم المتحدة، كما يؤدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة اليمنية نتيجة للحرب الأهلية إلى تعريض المزيد من الأسر لخطر انعدام الأمن الغذائي.

وأدت الحرب منذ بدء عمليات التحالف العربي في مارس 2015 إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، بينهم أكثر 2200 طفل، كما أصيب عشرات الآلاف بجروح، من بينهم نحو 4 آلاف طفل.

أطفال ليبيا.. مقاتلون صغار

كعادة بلاد النزاعات والحروب فإن الأطفال في ليبيا هم أكثر فئة متضررة نتيجة الحرب. فالطفل الليبي عاش فترات متوالية من الحرب، وعاصر الاشتباكات والانفجارات وفقدان أحد الوالدين، فضلاً عن نقص الإمكانيات التي تسببت في تفاقم الحالات المرضية وانتشار الأمراض المزمنة، وازدياد حالات الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية، التي تتمثل في العنف والتخريب وفرط الحركة.

وتحدث تقارير عن عن تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات والتدخين بين أطفال ليبيا، وآخرين أصبحوا يميلون للانضمام إلى صفوف المحاربين، فضلاً عن بعض حالات الاكتئاب وسرعة ضربات القلب والتأتأة والتبول اللاإرادي، وفقدان بعض الأطفال فرص التعليم بسبب التهجير من منازلهم والوضع المادي المتردي وفقدان الأمان.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة “يونيسيف” إن 378 ألف طفل ليبي في حاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة خلال العام الجاري. وأضافت أن المساعدات العاجلة تكلف مبلغا قدره 20 مليون دولار أمريكي.

وتقدر المنظمة الدولية أن 54% من 170 ألف نازح من الأطفال، كما تعتبر ليبيا موطن لمئات الآلاف من المهاجرين واللاجئين، بما أنها معبرا لأوروبا. ويتعرض الأطفال الذين هم في حاجة ماسة إلى الحماية والرعاية في جميع أنحاء ليبيا، لخطر الإيذاء والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وكذلك هم عرضة للتجنيد من قبل الجماعات المسلحة ويفتقرون إلى أبسط الخدمات، حسب “يونيسيف”.

وقال عبد الرحمن غندور، الممثل الخاص لليونيسيف لدى ليبيا: “يعتبر عام 2018 عامًا محوريًا بالنسبة لليبيا، وخاصة للأطفال”. وتابع: “لهذا السبب، نسعى في اليونيسيف للحصول على مبلغ 20 مليون دولار أمريكي لمساعدتنا على توسيع نطاق استجابتنا لتقديم مساعدة عاجلة للأطفال، فضلا عن تقديم الدعم على المدى الطويل للأطفال بغض النظر عن خلفيتهم أو جنسيتهم أو جنسهم أو عرقهم في جميع أنحاء البلاد”. وأكد غندور أن جميع الأطفال في ليبيا يستحقون فرصة لمستقبل أفضل.

وتهدف اليونيسيف في عام 2018 إلى العمل في ليبيا بالشراكة مع الوزارات التنفيذية والبلديات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الليبية لتحقيق عدد من الأهداف أبرزها،  تطعيم 1.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين صفر و6 سنوات ضد شلل الأطفال.

وتأمل المنظمة في توفير الدعم النفسي الاجتماعي لنحو 93،450 طفل، وتمکین 33،450 طفل في سن المدرسة من الالتحاق بالتعلیم الرسمي أو غیر النظامي، وتوفير مواد تعليمية أساسية لـ 000 80 طفل، وتقديم خدمات متخصصة لحماية الطفل إلى 1،500 طفل من المرتبطين بالنزاع المسلح.

وفي عام 2017، تمكنت اليونيسيف من الوصول إلى الأطفال في جميع أنحاء البلد، وتوفير خدمات حماية الطفل والتعليم والصحة والمياه والصرف الصحي. وفي عام 2018، تهدف اليونيسيف إلى مواصلة هذا العمل الداعم لخطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بالإضافة إلى استعادة تواجدها الكامل للموظفين والشركاء في ليبيا.

أطفال فلسطين.. معاناة لا تنتهي

أطفال فلسطين ليسوا كغيرهم من الأطفال، فهم يعيشون مأساة مستمرة، ومعاناة لا تنتهي تحت وطأة الاحتلال، وظروف الحياة الصعبة. ويمكن القول إن الأطفال في فلسطين فقدوا معنى الطفولة، فحياتهم لا تعني اللهو واللعب ومتعة الحياة، بل القهر والحصار والجوع والألم، وكثير من أطفال فلسطين يعملون لمساعدة أسرهم، ويضطرون للتسرب من مدارسهم وذلك بسبب سوء الوضع الاقتصادي وانتشار الفقر.

ناهيك عن جرائم الاحتلال المستمرة بحق أطفال فلسطين، فقد أظهرت إحصائية صادرة عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن “أكثر من 2070 طفلاً فلسطينياً قتلوا منذ العام 2000 برصاص جيش الاحتلال وحراس الأمن والمستوطنين”.

وقال بيان للحركة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 52 طفلاً فلسطينيًا في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية العام الجاري. وأوضحت أن من بين القتلى 46 طفلاً من قطاع غزة”، مشيرةً إلى استخدام الاحتلال “القوة المفرطة والرصاص الحي ضد الأطفال”.

وأضافت أن “من بين القتلى 18 طفلاً أصيبوا بالرصاص الحي في الرأس، و9 في الصدر، و7 في البطن، و5 في الرقبة، فيما أصيب البقية بشظايا في مناطق مختلفة من الجسد”.

وأضافت الحركة أن الاحتلال “يـحاكم ما بين 500 إلى700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية سنوياً”. فيما قال نادي الأسير الفلسطيني إن إسرائيل اعتقلت 908 من الأطفال الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما منذ بداية العام الجاري حتى نهاية أكتوبر.

وأضاف النادي في بيان أن “قرابة 270 طفلا تواصل سلطات الاحتلال اعتقالهم في معتقلي مجدو وعوفر إضافة إلى جزء آخر من أطفال القدس تحتجزهم في مراكز خاصة”.

وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن إسرائيل تحتجز في سجونها ما يقارب من 6000 فلسطيني بينهم أطفال ونساء وكبار في السن وخمسة نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني.

وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” عن أن حوالي 25% من الأطفال الفلسطينيين في سن 15 عاما خارج المدرسة أو العملية التعليمية.

وأضافت المنظمة في تقرير لها أن جميع الأطفال الفلسطينيين تقريبا والذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والتاسعة يلتحقون بالمدرسة، ولكن في سن الخامسة عشرة، منوها بأن ما يقرب من 25 % من الفتيان و7% من الفتيات قد تسربوا من العملية التعليمية.

وذكر التقرير الذي تم إعداده بواسطة “يونيسيف” ومعهد اليونسكو للإحصاء بالتعاون مع وزارة التعليم الفلسطينية أن الفتيان المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما يشكلون ما يقرب من نصف جميع الأطفال ممن هم في سن التعليم الإلزامي والذين هم خارج المدرسة.

وأشار التقرير إلى أن عدد الفتيان في هذه الفئة العمرية في الضفة الغربية يفقدون التعليم وبنسبة تصل إلى نحو 18.3% في حين أنه في قطاع غزة تصل هذه النسبة إلى 14.7%، موضحا أن الأسباب الرئيسية للانقطاع عن الدراسة هي التعليم منخفض الجودة والذي ينظر إليه الأطفال في كثير من الأحيان على أنه غير مناسب لحياتهم، بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل العنف.

حيث أفاد أكثر من ثلثي الأطفال في الصفوف من الأول إلى العاشر بأنهم تعرضوا للعنف العاطفي والجسدي في مدارسهم، كما أنه وبسبب الصراع توقف أكثر من 29 ألفا منهم في عام 2017 واضطربت دراستهم جراء الهجمات والتهديدات بالاعتداء على المدارس.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى