كلنا عباد الله

بين القيامة والفصح وشم النسيم.. أسبوع الأعياد يجمع الشمل تحت راية الفرحة

يبدأ المسيحيون حول العالم أجمع هذا الأسبوع في الاحتفال بأسبوع الأعياد الذي يختتم يوم الأحد 28 أبريل بعيد القيامة المجيد، أكبر وأهم الأعياد المسيحية، وتأتي الاحتفالات في أجواء من الفرح والبهجة، وتتزامن مع حلول الاعتدال الربيعي، وتحمل العديد من الدلالات المهمة أهمها بزوغ حياة جديدة تتخللها التوبة وغفران الخطايا.

ويجمع أسبوع الأعياد الجميع (مسيحيين ومسلمين ويهود) تحت راية الفرحة، فعيد القيامة لدى المسيحيين يتزامن مع عيد الفصح لدى اليهود ويعقبه عيد شم النسيم الذي يحتفل به المسلمون والمسيحيون معًا، خاصة في مصر، والذي يجمع شمل الجميع بين خضرة الطبيعة وطيبة القلوب وأزهار المحبة والسلام.

موعد عيد القيامة

يتوقف تحديد موعد عيد القيامة المجيد على عُمر القمر في بداية شهر توت القبطي من كل عام، ويُسمى هذا “حساب الإبقطي”. ويطلق على عيد القيامة عيد الفصح نظرًا لارتباط موعده بعيد الفصح لدى اليهود، والذي يوافق الرابع عشر من الشهر العبري، فيما يأتي عيد القيامة في النصف الثاني من الشهر العبري.

ووفقًا لمؤرخين فإن تاريخ عيد الفصح متنقل، فالمسيحيون الأوائل ناقشوا ثلاث فرضيات في الاحتفال بالفصح وأقرّوا في مجمع نيقية المنعقد عام 325 تاريخ الفصح بوصفه الأحد الأول بعد اكتمال القمر الربيع الأول – أي 21 مارس؛ وهو ما يدفع تاريخ الفصح بين 22 مارس و25 أبريل، أما الكنائس التي تتبع التقويم اليولياني، فعدم تصحيح حساب السنوات في القرن السادس عشر جعل موعد الانقلاب على التقويم الحالي هو 3 أبريل، هذا ما جعل موعد الفصح بحسب الكنيسة الشرقية يقع بين 4 أبريل و 8 مايو بين سنة 1900 إلى 2100 حسب التقويم الغريغوري.

ويتم حساب يوم عيد القيامة المجيد، وفقاً لحساب فلكي وضعه الفلكي المصري “بطليموس الفرماوي” في عهد البابا ديميتريوس الكرام، وقد عرف ذلك “بحساب الكرامة” وقد حدد هذا الحساب ثلاث معايير هامة لتحديد موعد عيد القيامة المجيد وتتمثل هذه المعايير في الآتي:

– أن يأتي عيد القيامة بعد عيد الفصح اليهودي نظراً لأن العشاء الأخير للسيد المسيح مع التلاميذ عُرف باسم عشاء الفصح كما حلت قيامة السيد المسيح عقب احتفال اليهود بعيد الفصح.

– أن يوافق عيد القيامة المجيد يوم أحد حيث أن قيامة السيد المسيح وصعوده كان في يوم الأحد.

– أن يأتي عيد القيامة المجيد بعد الاعتدال الربيعي والذي يوافق الحادي والعشرون من شهر مارس.

وطبقًا للمواعيد في الشرق سيكون أحد السعف أو أحد الشعانين يوم الأحد 21 أبريل، يليه خميس العهد يوم الخميس 25 أبريل، ثم الجمعة العظيمة يوم الجمعة 26 أبريل، والذي يليه سبت الفرح يوم السبت 27 أبريل، فيما يكون يوم عيد القيامة يوم الأحد 28 أبريل، والذي يعقبه احتفالات المسلمين والمسيحيين بعيد شم النسيم يوم الاثنين 29 أبريل.

مراحل العيد

يبدأ التحضير لعيد القيامة ببدء الصوم الكبير وهو عبارة عن 55 يوم مقسمة إلى ثمانية أسابيع، كل أسبوع يطلق علية اسم، ويبدأ بأحد الرفاع، مرورًا بأحد السامرية والمخلع والتناصير وأحد الشعانين وأحد العيد سبت لعازر الذي يشارف زمن الصوم الكبير على الانتهاء على الرغم من أن الصوم يستمر لأسبوع آخر.

وبعد سبت لعازر يأتي أحد الشعانين، ثم الأسبوع المقدس (أسبوع الآلام)، ويكون هذا الأسبوع تمهيدًا ليوم القيامة، في هذا الأسبوع تتجلى آلام المسيح وعلى طيلة الأسبوع تكون هنالك صلوات، قبل القيامة بثلاثة أيام هنالك من لا يأكل شيئا تضامنا مع آلام المسيح ويتناولون في سبت النور الذي بعده بيوم يكون عيد القيامة.

وهناك بعد الأقوام من يصوم الجمعة والأربعاء, أي عكس ما ذكر سابقًا كما هو مشهور في الفليبين وتايلاند وبعض دول شرق آسيا بالإضافة إلى بعض دول أمريكا الجنوبية.

احتفالات الغرب

هناك عدة طرق للاحتفال بعيد القيامة عند المسيحيين الغربيين، من حيث الاحتفال الكنسي “الليتورجي” في عيد القيامة، نرى بأن الرومان الكاثوليك واللوثريين والأنغليكان يحتفلون بقيامة المسيح في ليلة سبت النور. في أهم احتفالية كنسية من السنة كلها تبدأ في الظلام وحول لهب النار الفصحية المقدسة، حيث يتم إشعال شمعة كبيرة تدل على قيامة المسيح، وإنشاد الترانيم.

بعد ذلك يتم قراءة أجزاء من العهد القديم من الكتاب المقدس: قراءة من قصة الخلق وتضحية إسحق وعبور البحر الأحمر والتنبؤ بقدوم المسيح. يليه ترنيم الهليلويا وقراءة إنجيل القيامة، تلي الموعظة قراءة الإنجيل.

وقديمًا كان يٌعد وقت عيد القيامة من أهم الأوقات التي يكون تلقي المعمودية للناس الجدد الذين ينظمون للكنيسة، تقوم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بهذا الطقس. سواء كان هناك اشخاص للعماد أم لا، لكن هذا التقليد هو لتجديد مواعيد المعمودية.

ويٌحتفل بسر التثبيت أيضًا في ليلة سبت النور. وينتهي احتفال سبت النور بذبيحة القربان المقدس. ممكن أن نرى بعض الاختلافات بالطقس الديني : بعض من الكنائس تقرأ من العهد القديم قبل أن توقد الشمعة الفصحية ويتم قراءة الإنجيل بعد الترانيم مباشرةً.

وبعض الكنائس تحبذ الاحتفال بعيد القيامة في صباح الأحد وليس في ليلة السبت هذا يحصل في الكنائس البروتستانتية، حيث إن النساء ذهبوا إلى قبر المسيح في فجر الأحد وكان المسيح قد قام، ويٌقام هذا الاحتفال عادةً في ساحة الكنيسة.

احتفالات الشرق

يٌعتبر عيد القيامة من أهم الاحتفالات الدينية عند الشرقيين والأرثوذكس الشرقيين أيضَاً. ونرى ذلك في البلدان الذي يشكل الأرثوذكس النسبة الغالبة من سكانها. لكن هذا لا يعني بأن الأعياد والاحتفالات الأخرى هي غير مهمة، على العكس بل إن الأعياد تعتبر تمهيدية لتصل إلى عيد القيامة.

يقوم الأرثوذكس إضافة إلى الصوم وإعطاء الصدقات والصلاة في زمن الصوم الكبير بالتقليل من الأشياء الترفيهية والغير مهمة، وتنتهي يوم جمعة الآلام.

تقليدياً يتم الاحتفال حوالي الساعة 11 مساءً من ليلة سبت النور وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد، ويبدأ الاحتفال بعيد القيامة بصلاة تسبحة العيد عصر السبت، ثم باكر عيد القيامة مع حلول الظلام، وأخيرا قداس عيد القيامة مع انتصاف الليل وتختم مع الساعات الأولى من يوم أحد القيامة.

طقوس العيد

تتنوع مظاهر الاحتفال بعيد القيامة المجيد من دولة لآخرى، كما تكثر الطقوس الدينية المتبعة في ذلك العيد في كلاً من كنائس الشرق والغرب، وتشترك دول العالم في بعض الطقوس والمظاهر الدينية للاحتفال بعيد القيامة المجيد.

من هذه المظاهر أن يُقام قداس عيد الميلاد في ليلة سبت النور، حيث يتم اشعال الشموع للتعبير عن قيامة السيد المسيح، كما يتم ترديد الترانيم وبعض العبارات والآيات من الإنجيل المقدس.

ويقبل المسيحيون على شراء السعف في يوم “أحد السعف” الذي يأتي قبل عيد القيامة بأسبوع، كما يقومون بتشكيله في أشكال مميزة، ويرجع ذلك إلى استقبال أهل القدس للمسيح بسعف النخيل عند دخوله الهيكل في مثل هذا اليوم.

ويرتبط عيد القيامة المسيحي عضويًا بعيد الفصح اليهودي في كثير من رمزيته، وغالبًا ما يتوافق عيد الفصح اليهودي مع عيد الفصح الغربي.و تختلف عادات الفصح في مختلف أنحاء العالم المسيحي، غير أن الهتاف بتحية عيد الفصح، وتزيين المنازل، وعادة البيض، ووضع قبر فارغ في الكنائس، وأرنب الفصح، هي من العادات الاجتماعية المرتبطة بالفصح، أما رتبة القيامة الدينية فتتمثل بقداس منتصف ليل أو قداس الفجر، يسبقه في البعض الليتورجيات المسيحية الشرقية رتبة الهجمة.

في أمريكا

يحتفل العديد من المسيحيين الأميركيين بعيد الفصح خلال الشهر الجاري، وهو أقدم وأهم يوم مقدس في التقويم المسيحي. ويقضي العديد من المسيحيين فترة في الصيام والاعتراف بخطاياهم في الأربعين يومًا المُفضية إلى عيد الفصح. ويُعرف هذا الوقت باسم الصوم الكبير، وباللغة الإنجليزية (Lent) وهي مشتقة من كلمة إنجليزية قديمة تعني “الربيع”.

أما بالنسبة لتقاليد عيد الفصح في أمريكا فمن المعروف أن يوم الجمعة الذي يأتي قبل عيد الفصح هو تقليديًا يوم للصيام والتوبة، وبعض الطوائف تقوم بتسيير المواكب من بورتوريكو.

وتقيم بعض الكنائس صلاة ليلية متأخرة في الليلة التي تسبق عيد الفصح، لاستقبال اليوم الجديد عند شروق الشمس، والتأمل في معنى القيامة.

وبانتهاء فترة الصوم الكبير بشكل رسمي، تتجمع العائلات والأصدقاء في منازلهم وكنائسهم لتناول وجبة عيد الفصح. وفي رسالته بمناسبة عيد الفصح، وصف الرئيس ترامب عيد الفصح بأنه “يوم مقدس للخشوع والعبادة”.

عيد الفصح

هو أحد الأعياد الرئيسية في اليهودية، ويحتفل به لمدة 7 أيام بدأ من 15 أبريل حسب التقويم اليهودي لإحياء ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر الفرعونية، كما يوصف في سفر الخروج.

و في التقويم اليهودي يعتبر شهر أبريل أول أشهر الربيع، وعيد الفصح نفسه يسمى أحيانًا بـ”عيد الربيع”، ولكن لكون الأشهر اليهودية قمرية، يجب في بعض السنوات مضاعفة الشهر الذي يسبق أبريل، أي شهر مارس، كي لا يتراجع شهر أبريل إلى موسم الشتاء.

ويحل عيد الفصح في منتصف شهر أبريل اليهودي، أي عند اكتمال القمر الأول بعد الاعتدال الربيعي (20 أو 21 مارس)، ولكن في بعض الأحيان يحل في نهاية أبريل عند اكتمال القمر الثاني بعد الاعتدال الربيعي، لأن حساب التلاؤم بين السنة القمرية والشمسية ليس دقيقًا بشكل تام.

وفي الشريعة اليهودية يكون اليوم الأول واليوم الآخر من العيد يومي عطلة يحظر فيهما القيام بأي عمل، أما الأيام الخمسة بينهما فيوصى بها الاستراحة دون حظر كامل على العمل. ويعزو كثير من اليهود أهمية وطنية إلى عيد الفصح إلى جانب أهميته الدينية ويعتبرونه عيد الحرية أو عيد نشوء الشعب اليهودي. ويصوم اليهود عادة اليوم الذي يسبق عيد الفصح ويسمى صيام يوم قبل الفصح

ومعظم تقاليد هذا العيد مأخوذة من وصفة في التوراة مع التفاسير التي أضيفت إليها عبر العقود. ومن أبرز مميزات العيد هو الامتناع عن أكل الخبز أو أي طعام مصنوع من العجين المختمر، وبدلاً من الخبز يؤكل الفطير غير المختمر الذي يُخبز للعيد بشكل خاص، ويسمى هذا الفطير بـ”ماتْساه”. ويشرح سفر الخروج هذا التقليد كرمز لاستعجال بني إسرائيل عند خروجهم من مصر، حيث لم يتمكنوا من الانتظار لانتفاخ العجين عندما أعدوا مؤونتهم.

شم النسيم

لمصر طابع خاص في الاحتفالات تتميز به عن غيرها من دول العالم، خاصة فيما يتعلق بهذه المناسبة المصرية الخالصة، وهي “عيد شم النسيم” الذي يأتي مباشرة عقب يوم عيد القيامة، ويحافظون على الاحتفال به منذ آلاف السنين.

وعيد “شم النسيم” هو عطلة وطنية مصرية بمناسبة بداية فصل الربيع. ويقع دائمًا في اليوم التالي لعيد الفصح المسيحي الشرقي.

وعلى الرغم من موعده المرتبط بالمسيحية، يعد شم النسيم عطلة يحتفل بها المصريون من كل الأديان، لذلك فهو يعتبر مهرجان وطني وليس ديني.

ووفقا لسجلات كتبها فلوطرخس خلال القرن الأول، اعتاد المصريون القدماء على تقديم السمك المملح والخس والبصل إلى آلهتهم خلال مهرجان الربيع المعروف باسم “Shemu”. وبعد تنصير مصر، أصبح العيد مرتبطًا مع عيد الربيع المسيحي وهو عيد الفصح.

مع مرور الوقت، تحول عيد Shemu إلى شكله الحالي وموعده الحالي، وبحلول وقت الفتح الإسلامي لمصر كان العيد قد استقر على عيد الفصح يوم الاثنين، لكون التقويم الإسلامي تقويمًا قمريًا، وبالتالي غير ثابت بالنسبة إلى السنة الشمسية، وظل العيد مرتبط بالمسيحية في موعده.

وبعدما أصبحت مصر عربية تحول مصطلح Shemu إلى شم النسيم، وهو الاسم الذي إلى حد ما يمثل بدقة الطريقة التي يحتفل بها المصريون في العيد.

حيث يقضي الناس كل اليوم في التنزه في الساحات الخضراء، والحدائق العامة، على النيل أو في حديقة الحيوان.

أما الطعام التقليدي الذي يتم تناوله في هذا اليوم فيتكون أساسًا من الفسيخ  وهو عبارة عن سمك (بوري رمادي مملح مجفف) بالإضافة إلى الخس والبصل الأخضر والترمس والبيض المسلوق الملون.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى