تقارير

هل ينجو مسلمو الغرب من عقاب يوم 3 أبريل؟

إلى أين تنتهي دعوات الكراهية ضد المسلمين في يوم العقاب؟

تقرير حصري لراديو صوت العرب من أمريكا :

كتب : علي البلهاسي

لن يكون يوم الثالث من أبريل/نيسان بالتأكيد يومًا عاديًا بالنسبة للمسلمين في الغرب، وبصفة خاصة في كل من بريطانيا ‏وأمريكا، فهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد أن هذا اليوم لن يمر دون حوادث ربما يتعرض لها البعض وتساهم في ‏تعزيز مشاعر الكراهية والعنف التي يدعو العالم للفظها بعد أن عانى من ويلاتها لسنوات طويلة.‏

الثالث من أبريل هو اليوم الذي حددته مجموعة “مجهولة” كموعد لتصعيد أعمال عنف ضد المسلمين في كل مكان، فيما يسمى بـ “يوم معاقبة المسلم”، حيث ‏تم إرسال رسائل بالبريد بهذا الشأن إلى المنازل والمساجد في بريطانيا، وتم توزيعها دوليًا عبر الإنترنت. وتحتوي ‏الرسائل على عبارات عنصرية معادية للإسلام، تُحرّض على العنف تجاه المسلمين ومنازلهم وأماكن عبادتهم.‏

دعوات الكراهية والعنف هذه أثارت العديد من المخاوف لدى المسلمين في الغرب، الذين يخشون من انتقال عدوى كراهية المسلمين إلى دول أخرى، وأن تسود النظرة إلى المسلم على أنه مشروعَ إرهابي، وهو ما يعني أن المستقبل بالنسبة للمسلمين في أوروبا وأمريكا لن يكون مبشرًا.

مكافآت الكراهية

تزعم رسائل الكراهية التي انتشرت في بريطانيا أن المسلمين يسببون الأذى والضرر للأغلبية البيضاء ‏في أوروبا وأمريكا الشمالية، قائلة: ‏”لقد تسببوا في ألمك ووجع قلبك، وجعلوا أحباءك يعانون، ماذا ستفعل حيال ذلك؟ هل أنت “نعجة” مثل الغالبية ‏العظمى من السكان؟،  فالنعاج تتبع الأوامر ويسهل قيادتها، فهي تسمح للأمم البيضاء في أوروبا وأميركا الشمالية  بأن ‏يديرها أولئك الذين لا يريدون إلا  الضرر لنا وتحويل ديمقراطياتنا إلى دوائر شرطة  تحكمها الشريعة. يمكنك الآن ‏تغيير كل ذلك ، فأنت لديك القوة .. لا تكن نعجة!‏.

وأضافت الرسالة أنه ستكون هناك مكافآت للتحرك ضد المسلمين، حيث سيتم منح 10 نقاط للاعتداء اللفظي ضد شخص مسلم، و25 نقطة لمن ينزع حجاب مسلمة، و50 نقطة لمن يلقي ‏مادة حارقة على وجه مسلم، و100 نقطة لمن يضرب مسلمًا، و250 نقطة لمن يعذب مسلمًا، و500 نقطة لمن يقتل مسلمًا ‏بمسدس أو سكين أو دهسا بسيارة، و1000 نقطة لمن يحرق أو يفجر مسجدًا.  ‏فيما كانت المكافأة الأكبر لمن يضرب مكة بالسلاح النووي، حينها يكون قد سجّل 2500 نقطة.

منظمة ( ‏Tell MAMA‏)، وهي منظمة بريطانية غير حكومية، معنيّة بتوثيق خطاب الكراهية وحالات التعدي على المسلمين، قالت إنها رصدت بدء توزيع الرسائل البريدية المجهولة منذ 9 مارس الماضي، في 6 مناطق على الأقل.

وأضافت أنه تم استلام نسخ من الرسائل ‏في لندن وميدلاندز ويوركشاير. ووصفت المنظمة الحملة بـ”الخبيثة”، مُعتبرة أنها جزء من حملة أكبر لنشر الكراهية ضد المسلمين، وتدعو إلى يوم عنف ضد أبناء هذه الأقلية في بريطانيا.

كما أشارت المنظمة إلى أنها وثقت حملات تضمنت تهديدات مماثلة العام الماضي، من بينها حملة اسمها “اقتل مسلم”، استهدفت مساجد في مناطق في لندن والولايات المتحدة الأمريكية.

وترى الكاتبة المصرية الدكتورة درية شرف الدين في مقال لها بجريدة “المصري اليوم” أن أصحاب تلك الرسائل يرغبون فى إلحاق الأذى بالمسلمين، ويصفون وجودهم فى أوروبا بالغزو، ويستقبلون رسائل اليمين المتطرف الآتية من بلدان أوروبية مجاورة وعلى رأسها فرنسا بترحاب كبير.

وتضيف: “يرددون أن أعداد المسلمين في إنجلترا قد تزايدت بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية، وأنها قد وصلت إلى ما يقرب من خمسة في المائة من عدد السكان، بسبب كثرة الإنجاب، وأنه إذا استمر الحال على ما هو عليه، فقد يقتربون من الأغلبية في غضون من عشرة إلى خمسة عشر عاماً، مما يعنى أسلمة إنجلترا”.

بداية مبكرة في أمريكا

البعض لم ينتظر قدوم يوم 3 أبريل، ‏بل لم ينتظر قدوم أبريل نفسه، ففي أواخر شهر مارس تعرَّضت فتاة مسلمة محجبة، إلى هجوم عنيف من قِبَل رجل خلال وجودها في مستشفى بومونت بولاية ميشيغان الأميركية، فيما ‏وصف بأنه استجابة مبكرة لدعوات عقاب المسلمين.

كانت الضحية والتي تبلغ من العمر 19 عاماً، تتحدث إلي الموظفة في مكتب الطوارئ بالمستشفي، عندما هاجمها رجل من الخلف دون سابق إنذار، ووجه إليها عدة ضربات بقبضته. وعلى الفور هَبّ ‏الموظفون لمساعدتها وتخليصها من الضرب المبرح الذي تعرَّضت له.‏

تم إلقاء القبض على المهاجم، والذي يدعى جون ديليز، ويبلغ من العمر 57 عاماً، وأظهرت سجلات الشرطة أنه قام بمضايقة آخرين في الردهة ‏قبل أن يهاجم ضحيته المسلمة.‏

‏ ورفعت ‏الفتاة دعوى قضائية ضد ديليز، من أجل التعويض، كما أنها طالبت المستشفى بتعويض قدره 25 ألف دولار، لفشلها في ‏تفادي الاعتداء الذي تعرَّضت له الفتاة من قبل ديليز ‏

وأوضح محامي الضحية “ماجد مغني” أنه كان يمكن تجنب الحادث لو لم يترك موظف الأمن المكان وقام الموظفون في ‏المستشفى بمراقبة هذا الرجل.

وكان ضابط أمن قد قال في التقرير الذي أعده حول الواقعة إن أحد ضباط الأمن في المستشفى قال له إنه كان يتجول بين الموجودين بحثًا عن سجائر.‏

وقال محامي الضحية: “نريد أن نُحمّلهم المسؤولية لعدم حمايتهم، ليس فقط لموكلتي، ولكن أيضًا ‏للمرضى الآخرين .. هدفنا الأول هو التأكد من عدم تعرض أي إنسان للهجوم بهذه الطريقة”‏.

‏وأضاف أن الهجوم  بدا غير مبرر، حيث أن الضحية لم تكن قد التقت بالمهاجم  ديليز من قبل، ويُعتقد أن ‏الرجل ضربها “دون سبب آخر، إلا لأنها مسلمة” فقد كانت ترتدي الحجاب. ‏

وتابع: “الضحية لن تكون أبدًا نفس الشخص مرة أخرى.. إنها مُتعبة عاطفيًا. إنها تنظر دائمًا وراءها ‏للتأكد من أنها لن تتعرض للهجوم مرة أخرى”.‏

من جانبها أصدرت المستشفى بيانًا رسميًا قالت فيه: “استجاب أفراد الأمن  في المستشفى على الفور، واتخذوا إجراءات ‏لحماية المريض والآخرين في غرفة الطوارئ. كما تم الاتصال بالشرطة في ديربورن، وتعاون الموظفون بشكل كامل في ‏التحقيق. ونحن نفخر بخدمتنا لهذا المجتمع المتنوع، ونريد أن يشعر جميع المرضى بالترحيب”‏.

وعلى الرغم من أنه لم ترد أي تقارير عن استلام رسائل “يوم معاقبة المسلم”  في الولايات المتحدة حتى الآن، إلا ‏أن أحد مديري المدارس في ولاية فيرمونت قال إنه سيقوم بإرسال خطابات إلى الآباء ليأخذوا حذرهم من تلك ‏التهديدات. ‏

كما حذر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (‏CAIR‏)، وهو أكبر منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان المدنية في ‏أمريكا، المجتمع المسلم، وحثه على زيادة الإجراءات الأمنية، كما قام بتوزيع منشورات ورسائل الكترونية توضح ‏الاحتياطات التي ينبغي على المسلمين إتباعها في هذا اليوم. ‏

بريطانيا تحقق

كانت الشرطة البريطانية قد أعلنت الشهر الماضي أن وحدة مكافحة الإرهاب بشمال شرق المملكة المتحدة تحقق في ‏تقارير عن “رسائل كراهية” وصلت عبر البريد الإلكتروني إلى أفراد في ويست يوركشاير.‏

وقالت عضوة البرلمان البريطاني عن حزب العمال ناز شاه، عبر صفحتها على “فيسبوك” إن “رسالة الكراهية ‏المزعجة” عنوانها “يوم عقاب المسلمين”، مؤكدة أن محتوى الرسالة يثير بشدة قلق مستلميها والمجتمع.‏

فيما قالت أنغيلا ويليامز مساعدة رئيس شرطة ويست يوركشاير إن الشرطة تتعامل مع هذه الرسائل بجدية شديدة، وتقوم ‏باتخاذ جميع التدابير المناسبة لمنع العنف، مضيفة ‏أنه “يتم فعل كل ما هو ممكن من أجل الوصول إلى المسئولين عن هذه الرسائل..الضباط يقومون حاليا بالتحقيق”. ‏

ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فإن الشرطة في اسكتلندا تحقق في إمكانية أن يكون الارتفاع الأخير في ‏جرائم الكراهية ضد المسلمين في “جلاسجو” مرتبطًا بالمنشورات، على الرغم من أنه لم يتم استقبال أي بلاغ باستلام ‏مثل تلك الرسائل في المنطقة.

وتراوحت الحوادث في المنطقة بين طالبة قام مجموعة من الشباب  بطلب تصويرها وهم ينزعون ‏غطاء الرأس عنها، واعتداءات جسدية ولفظية على مسلمين في أماكن عامة.‏

تحذير للطلاب المسلمين ‏

نطاق القلق من الرسائل المجهولة اتسع، حيث قامت جامعة “هنري فورد” بتحذير طلابها من أعمال عنف محتملة ضد ‏المسلمين في الثالث من أبريل. وأدانت الجامعة هذه الدعوات المُحرضة على العنف بأقوى العبارات الممكنة، وأعلنت أنها ‏لن تتساهل مع المضايقات أو التهديدات أو التمييز أو تعريض أي طالب للخطر. ‏

وقال رئيس الجامعة المؤقت، جون ساتكوسكي: “عندما يتم استهداف عضو واحد من مجتمعنا، فنحن جميعًا مستهدفون”. ‏وأضاف: نطلب من جميع الطلبة إذا رأوا أو شعروا بشيء مريب أو مزعج، أن يتصلوا بمكتب “سلامة و أمان الجامعة ” ‏علي الفور”.‏

وأكد السيد ساتكوسكي أن فريق السلامة بالجامعة سيواصل مراقبة كلا الحرمين التابعين للجامعة ، مشيرًا إلى أن أنشطة ‏الجامعة لن تتوقف وستتم وفقًا لجدولها المعتاد.‏

ووجه رئيس الجامعة حديثه للطلاب قائلاً: “إذا شعرت أنه يجب عليك البقاء في المنزل أو بعيدًا عن الأماكن العامة في 3 ‏أبريل، فيُرجى الاتصال قبلها بأساتذتك مباشرة، للحصول على معلومات حول حضور الفصل الدراسي والدورات ‏الدراسية عن هذا اليوم”. ‏

نصائح السلامة العامة

وفي محاولة منها لتفادي المخاطر التي يمكن أن تقع في هذا اليوم قامت جامعة “هنري فورد” بنشر نصائح حول السلامة ‏العامة لطلاب الجامعة وأعضاء هيئة التدريس، وتضمنت النصائح الآتي:. ‏

‏1. كن حريصًا، و إذا رأيت أي شيء مريب، اتصل بـمكتب “أمان الجامعة”. ‏

‏2. تجنب استخدام هاتفك الخلوي أو أي جهاز إلكتروني آخر مثل الجهاز اللوحي أو مشغل الموسيقى أو سماعات الرأس ‏أثناء المشي في الحرم الجامعي . ‏

‏3. يُفضل التحرك في مجموعات خاصة أثناء الليل، كما يمكن لأحد موظفي مكتب الأمان أن يرافقك إلي سيارتك أو إلي ‏خارج حرم الجامعة. ‏

‏4. قبل أن تترك سيارتك، تأكد من أنك قمت بغلقها. ‏

‏5. دائما قم بإعلام شخص ما بمكانك ووقت عودتك.‏

‏6. إذا كنت تشاهد تحرشًا أو تمييزًا، فلا تواجه المتحرش، قم  بدعم الشخص المُستهدف من خلال الوقوف (أو الجلوس) ‏والتحدث معهم. ‏

الدول الإسلامية تحذر رعاياها

رسائل الكراهية أثارت مخاوف في العديد من الدول الإسلامية، مما دفع بسفارة المملكة العربية السعودية في بريطانيا بتحذير مواطنيها وحثتهم على توخي الحذر.‏

ونشرت السفارة رسالة تحذيرية على تويتر تدعو فيها المواطنين السعوديين إلى توخي الحذر وإتباع ‏تعليمات المملكة المتحدة. وأكدت أنها على اتصال بالسلطات البريطانية بشأن تداول تلك المواد المعادية للإسلام. ‏

من ناحية أخرى أعلن العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من المسلمين في المملكة المتحدة أنهم تلقوا بريدًا إلكترونيًا يدعو ‏إلى الكراهية، وتساءلوا حول حقيقة هذه التهديدات وما إذا كانت مزيفة أم حقيقية، قائلين إنهم غير مصدقين لما يحدث.

وقالت إحدى مستخدمي تويتر: “أنا لا أصدق ‏ما يحدث، ليس فقط لأني فتاة مسلمة، ولكني لا أصدق أن يقوم أحد بالتحريض على هذه الأفعال غير الإنسانية بسبب ‏اختلاف الدين فحسب”، فيما قال آخر إن “التصدي لهذه الهجمات هو الحل” .

وكان رجل مغربي قد تعرض للطعن في مدينة شيفيلد ببريطانيا قبل بضعة أيام من “يوم العقاب” المزعوم. ‏ووعدت الشرطة بإرسال دوريات إضافية إلى المناطق المعروفة بتعدد الثقافات، وأيضا خارج المساجد في اليوم المذكور.

كما قامت بعض المدارس الابتدائية بإرسال تحذير لأولياء أمور الطلاب.  كما قام قادة الجالية المسلمة في جميع أنحاء ‏البلاد بإصدار بيان يدعو إلى الوحدة.‏

منحنى خطير

“المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، ومقرّه جنيف، قال إنه يتابع بقلق كبير اتساع ظاهرة العنف المنظم ضد المسلمين في أوروبا، خصوصاً أنها بدأت تأخذ منحىً خطيراً عبر تحول الجريمة ضد المسلمين إلى جريمة منظمة، تقف خلفها مجموعات وهيئات تغذي الكراهية وتدفع الأموال لتشجيع ممارسة الجرائم ضد المسلمين.

واعتبر المرصد، في بيان له، أن ذلك يعد “تراجعاً مخيفاً ستكون له آثار كارثية على السلم المجتمعي في أوروبا إن لم تتخذ الحكومات موقفاً حاسماً وموحداً إزاء هذه الجرائم”، داعياً الشرطة البريطانية للتصرّف بشكل حاسم مع الجهات التي تقف خلف حملات التحريض على استهداف المسلمين في البلاد.

ووفقًا لما ذكره المرصد فإن جرائم الكراهية ضد المسلمين تصاعدت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة في بريطانيا وأوروبا بشكل عام، حيث سجلت مدينة لندن العام الماضي ارتفاعاً ملحوظاً في عدد هذه الجرائم بنسبة 40%، في حين أعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن عدد الجرائم الموجهة ضد المسلمين ومساجدهم في ذات العام بلغت حوالي 950 هجومًا.

 

شاهد فيديو اعتداء وحشي على سيدة مسلمة


 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى