الراديو

“مراسلون” يبحث في تداعيات الحرب التجارية وقرار رفع أسعار الفائدة

نايل الجوابرة: التأثيرات السلبية ستطال الجميع منتجين ومستهلكين وستزيد معدلات البطالة

تقديم: فاطمة الجمالي – تقرير: أحمد المحمود

حرب من نوع جديد يخوضها الاقتصاد العالمي، هي الحرب التجارية التي بدأتها إدارة الرئيس ترامب مع الصين وعدد من الدول، ولا زالت تداعياتها تفاجئ الجميع يومًا بعد يوم، لتربك الأسواق العالمية، وتحيط التعاملات فيها بالكثير من الحذر والغموض والترقب.

وأصبح المستثمرون ورجال الاقتصاد في حيرة من أمرهم، ما بين فعل أميركي، ورد فعل من الدول الأخرى، منتظرين الإجابة على السؤال: متى ستنتهي هذه الحرب، وعن ماذا ستسفر، وهل يحتمل العالم استمرارها لفترة طويلة؟.

أحمد المحمود، مراسل راديو صوت العرب من ميشيغان، رصد في تقرير خاص لبرنامج “مراسلون”، تداعيات قرار رفع أسعار الفائدة الأمريكية على الاقتصاد، وعلى تطورات الحرب التجاریة بین أمریكا ودول العالم.

سلبيات وإيجابيات

لا زالت تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول العالم في تزايد مستمر، خاصة بعد قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بنسبة 2.5%.

وساهم القرار في صعود الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية العالمية كاليورو، واليوان الصيني، والدولار الكندي.

لكن القرار كانت له آثار سلبية تمثلت في ارتفاع تكلفة الديون التي تتحملها الدول المقترضة من أسواق المال بالدولار. حيث طالبت الولايات المتحدة بسداد الديون وفقًا للمستوى الحالي لسعر الفائدة الأمريكي. كما سينخفض التمويل الذي كانت تحصل عليه أسواق الأسهم في دول الاقتصاديات الناشئة.

في المقابل زاد تدفق الاستثمارات إلى السوق الأمريكية بعد القرار، مع تزايد عدد المستثمرين الباحثين عن الاستثمار الآمن، حيث يعطي القرار الجديد عائدًا كبيرًا للمستثمر بنسب مخاطرة قليلة، مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى.

وقَدّر معهد التمويل الدولي حجم الأموال التي سحبها المستثمرون الأجانب من الدول الناشئة بعد قرار رفع أسعار الفائدة الأميركية بحوالي 5 مليار دولار.

كما بلغ إجمالي حجم الاستثمارات التي تم تحويلها من أسهم الدول الناشئة إلى الولايات المتحدة بنحو 4 مليارات دولار مقابل مليار دولار تم سحبها من السندات.

قلق ترامب

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد عبر عن أسفه أكثر من مرة تجاه قرار رفع معدلات الفائدة، في الوقت الذي يتسارع فيه أداء الاقتصاد الأمريكي. ويخشى ترامب من أن يؤدي ارتفاع معدلات الفائدة إلى كشف نقاط الضعف التي نشأت في الاقتصاد الأمريكي، ويقلل من التوسع الاقتصادي الحالي.

ويرى محللون أن ترامب يعتقد أن معدلات الفائدة المنخفضة ستساعده في الفوز بحربه التجارية، حيث يرغب الرئيس الأمريكي في أن يكون الدولار أضعف، حتى تصبح صادرات الولايات المتحدة أرخص، والواردات أكثر تكلفة.

كما يفضل ترامب معدلات الفائدة المنخفضة من أجل مكافحة الضرر الاقتصادي الناجم عن الحرب التجارية، والتي ربما تتسبب في حدوث تباطؤ في الاقتصاد أو حالة من الركود يُلام عليها ترامب، وبالتالي فهو يريد معدلات فائدة منخفضة من أجل تعزيز الاقتصاد ومساعدته على تجاوز التداعيات.

الاستثمار الآمن

من جانبها استضافت الإعلامية فاطمة الجمالي، مقدمة برنامج “مراسلون”، المحلل والخبير الاقتصادي الإماراتي نايل فالح الجوابرة، للتعليق على التقرير، وتسليط الضوء على قرار رفع أسعار الفائدة الأمريكية وأسبابه، وتأثيراته على الاقتصاد الأميركي والعالمي.

* الخبير والمحلل الاقتصادي نايل الجوابرة، هناك كلمة في التقرير استوقفتني كثيرًا، وهي “الاستثمار الآمن”، ما معني هذا المصطلح، وهل هناك استثمارات غير آمنة؟

** الاستثمار الآمن هو الاستثمار البعيد عن الحروب في الدول الأكثر أمانًا، وبعيد حتى عن الحروب الاقتصادية.

تداعيات سلبية

* إذا نعود للحرب التجارية والاقتصادية بين أمريكا وغيرها من الدول، خاصة بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة بنسبة تصل إلى 2.5%، فما هي التحديات والتداعيات لهذا القرار؟

** بكل تأكيد الحرب الاقتصادية تخوضها أميركا مع عدة دول منها كندا والمكسيك وروسيا والصين، وهو ما سيكون له تداعيات سلبية علي الاقتصاد، لأننا نتبع منظمة اقتصادية عالمية تبتعد كل البعد عن الاحتكار للموارد والسلع، أو أن يكون هناك دولة معينة لديها تسلط علي شيء معين أو اقتصاد معين، حتى لا يكون لديها احتكار في المستقبل لأي من هذه المواد ـ خاصة إذا كانت هناك كميات كبيرة أو وفرة لديها في هذه المواد أو السلع.

أما الآن بالنسبة للحرب الاقتصادية فتداعياتها ستكون سلبية، سواء كانت بين الولايات المتحدة والصين، أو بين الولايات المتحدة وروسيا، فهناك تداعيات سلبية علي هاتين الدولتين أولاً وعلي الاقتصاد العالمي ثانيًا.

وذلك لأن الاقتصاد العالمي يعتمد على هذه الدول بما لديها من منتجات تستوردها معظم الدول، وهناك من يقول إنه لو كان هناك دعم للاقتصاد المحلي كما في الولايات المتحدة الأميركية، فسوف يكون هناك نزول للأسعار، ولكن سيكون هناك دمار كبير للاقتصاد العالمي علي المدى الطويل، لأنه سيكون هناك إنتاج كبير وغير مستهلك، وسوف تتأثر بذلك الدول الأخرى المستوردة.

من المتضرر؟

* إذا تكلمنا عن التداعيات السلبية، من سيكون المتضرر الأكبر؟

** بكل تأكيد لو شاهدنا ما حدث مؤخرًا سنجد أن الرئيس ترامب قام بفرض رسوم جمركية جديدة بقيمة 200 مليار دولار على واردات الصين، واتجهت الصين أيضًا بفرض رسوم قيمتها 60 مليار دولار على المنتجات القادمة من الولايات المتحدة.

وبالطبع سوف تتأثر الدولتان. فبالنسبة للولايات المتحدة سيكون هناك دعم للمنتج المحلي بشكل كبير، وسوف تتجه الصين لنفس الاتجاه، ولكن هذا التصعيد سيكون له تأثير علي العائلة المستهلكة للمنتج في الولايات المتحدة، وأيضًا أثر سلبي على الأسرة المنتجة في الصين، كما سيكون هناك معدلات مرتفعة للبطالة، وتأثير سلبي علي الصادرات والواردات، حيث ستقل الصادرات والواردات.

 وإذا حدث دعم للمنتج المحلي في الولايات المتحدة فسوف يكون هناك احتكار لهذا المنتج من بعض الشركات في أميركا، وسيكون هناك عدد وفير من هذا المنتج، وسيكون له أثر سلبي على البطالة، وأثر سلبي على الاقتصاد، ولا ننسي أن هذه الدولة هي من الدول الكبرى حول العالم كمستهلكة ومصدرة في نفس الوقت.

الأسواق الأخرى

* بالإضافة إلى تأثر الصادرات والواردات، هل سيتأثر سوق الأسهم وسوق الذهب، وهذه النوعية من الأسواق؟

** بكل تأكيد سوف تتأثر كل سوق وكل أسهم شركة على حدة، وسوف يكون لديها مشاكل مالية، وبكل تأكيد سيتجه الأشخاص أو الأفراد أو الممتلكين لهذه الأسهم بالتخلي عنها، لأنه إذا كانت هناك صادرات من الولايات المتحدة والصين تستهلكها بشكل كبير، فسوف يكون هناك تخلي عن هذه الأسهم في سوق الأسهم، ولأن دعم الدولة سيقل أيضًا للمنتج الذي ستقدمه هذه الشركات بسبب وفرته أو بسبب وجود أسواق بديلة، مما سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد العالمي.

فنحن نعرف أن كل شركة وكل مصنع حول العالم ينتج كمية محدودة، ويعلم أين تتجه تلك الكمية وإلى أي منطقة، وهذا سوف يؤثر على الاقتصاد العالمي إذا كان بالنسبة للصين أو الولايات المتحدة وكندا أو روسيا.

الأسواق الناشئة

* هل تقصد بالسوق البديل الأسواق الناشئة؟

** بكل تأكيد، لأن تلك الشركات سوف تتجه بمنتجاتها نحو الأسواق الناشئة، لأن أسواقها لا تتحمل تلك الكمية الكبيرة التي تقوم بتصديرها، وهذا سيؤثر سلبًا على المنتج نفسه في الأسواق الناشئة أو المتقدمة، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، كما سيكون هناك احتكار لهذه الأسعار بشكل كبير، وسيكون لها أثر سلبي على المستهلكين والمنتجين، لأنه سيكون هناك منتجات كثيرة، ولن يجدوا هذا الدعم الكبير لمنتجاتهم.

الزراعة والغذاء

* ما تأثير هذه الحرب التجارية علي الزراعة والغذاء؟

** جميع القطاعات سوف تتأثر وليس قطاع واحد، إذا تحدثنا مثلاً عن فول الصويا الذي تصدره الولايات المتحدة إلى الصين، فسوف تتأثر الزراعة بشكل كبير، وأيضًا هذا القطاع الزراعي سيتأثر بتمويل البنوك لهذا القطاع، وأيضًا سيكون عدد البطالة أكبر في المستقبل، خاصة إذا لم يكن هناك دعم من الحكومة أو من المستثمرين لهذا القطاع.

* إلى أي حد يمكن أن يتأثر المستهلك العربي والسوق العربي بهذه الحرب؟

** بكل تأكيد سيتأثر بشكل سلبي بسبب هذه الحرب، حيث سترتفع الأسعار، وسوف يكون هناك احتكار، وستتأثر المظلة التي نحن تحتها، وهي مظلة التجارة العالمية، كما ستتأثر القوانين العالمية بسبب الصادرات والواردات، وسوف نتأثر بشكل كبير أيضًا، لأن الدول العربية معروف عنها أنها دول مستهلكة في جميع القطاعات، لذلك سيكون هناك تأثير سلبي إذا استمرت تلك الحرب التجارية على المدى الطويل.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى