الراديو

قراءة اقتصادية في تأثير الإغلاق الحكومي الأمريكي وتعثر مفاوضات البريكست

الخبير الاقتصادي نائل الجوابرة: بريطانيا ستخسر كثيرًا من الخروج دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي

إطالة الإغلاق يؤثر على النسج المحلي الأمريكي والنظرة المستقبلية لطريقة اتخاذ القرارات

أجرى الحوار: الإعلامي سامح الهادي – أعده للنشر: هارون محمد

مع بداية عام 2019 برزت العديد من الأحداث السياسية التي تحمل أبعادًا اقتصادية هامة قد لا يقتصر تأثيرها على الدول التي حدثت فيها فقط، وإنما يمكن أن يمتد التأثير إلى العالم أجمع.

من بين هذه الأحداث اخترنا قضيتين هامتين تسيطران على المشهد العالمي حاليًا، وهما قضية الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقضية اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروف باسم “البريكست”.

فمنذ 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وحتى يومنا هذا، أُغلقت العديد من الإدارات الفيدرالية في الولايات المتحدة الأميركية في إطار ما يسمى بـ”الإغلاق الحكومي”، وذلك بعد إرجاء الكونجرس مداولاته، والتي جرت بين البيت الأبيض وقادة الكتل البرلمانية، بشأن مشروع قانون الإنفاق، والموافقة على طلب تقدم به الرئيس ترامب للحصول على تمويل لبناء الجدار العازل على الحدود الأميركية مع المكسيك.

وشمل الإغلاق عددا من الوزارات أهمها الأمن الداخلي، العدل، التجارة، النقل، السكن، والخزانة. وبلغ عدد المتأثرين بهذا الإغلاق 800 ألف موظف فدرالي من أصل 2.1 مليون موظف في أجهزة الدولة المختلفة، لن يتقاضوا رواتبهم بشكل مؤقت خلال فترة الإغلاق.

من ناحية أخرى ما زالت المفاوضات متعثرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق الـ”بريكست”، وسط خلافات بين رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، والبرلمان بشأن الاتفاق الذي يتضمن إجراءات مثيرة للجدل تهدف إلى الحفاظ على استمرار تدفق السلع البحرية عبر الحدود الأيرلندية، وهو ما يرفضه كثير من أعضاء البرلمان.

وتؤكد ماي أن عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من توقيع اتفاق سيء”، لكن الأوساط الاقتصادية ترى أن عدم التوصل لاتفاق سيكون السيناريو الأسوأ خاصة وأن نصف المبادلات التجارية لبريطانيا تتم مع الاتحاد الأوروبي.

الإعلامي سامح الهادي، استضاف الخبير والمحلل الاقتصادي نايل الجوابرة، في حلقة خاصة عبر أثير راديو “صوت العرب من أميركا”، للحديث حول هذه المواضيع الاقتصادية الهامة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي. وإلى تفاصيل الحوار…

آثار الإغلاق الحكومي

* أستاذ نايل، دعنا نبدأ بالإغلاق الحكومي في أمريكا، هل يقتصر الأثر الاقتصادي له على الداخل في الولايات المتحدة أم يمتد إلى خارجها؟

** الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأميركية له أثر سياسي واقتصادي سلبي كبير جدًا على الداخل في الولايات المتحدة وخارجها، فهو يعتبر أطول إغلاق حكومي شهدته أمريكا، فهناك 8 آلاف موظف حكومي خارج هذا النطاق، أي أنه سيؤثر على النسج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

وسيمتد أثره أيضًا إلى الخارج، وإلى النظرة المستقبلية لطريقة اتخاذ القرارات الفعلية بالنسبة للحكومة بعد هذه الإغلاقات الحكومية، فأثرها سيكون أثر اقتصادي بشكل كبير على من داخل الولايات المتحدة وخارجها؛ لأن جميع الدول الأخرى تتعامل بالدولار وترتبط به ارتباطًا كليًا.

التأثير على الاستثمار

* هل تعتقد أن هذا سيهز ثقة المستثمرين وخططهم إنشاء مشاريع وتوسعات في الولايات المتحدة خلال عام 2019؟

** لا أعتقد أنه سيهز ثقة المستثمرين بشكل كبير؛ لأنه منذ تولي الرئيس ترامب ولايته اتجهت الاستثمارات والدولار الأميركي للعودة إلى الولايات المتحدة بشكل أكبر مما كانت عليه في عهد أوباما، والتي كانت في عام 2013 بعد وقف التيسير الكمي.

وفي عهد أوباما كان هناك إغلاقات، وكانت هناك عودة للدولار الأميركي، ولكن أثرت الإغلاقات على 4 دول كانت مرتبطة بالدولار.

وعند اتجاه الرئيس ترامب إلى تقليل الضرائب على الشركات وغيرها، أصبح هناك 10 دول تأثرت تأثيرًا سلبيًا خلال عام 2018 بسبب ارتباطها بالدولار الأميركي بشكل كبير.

وكان التأثير بسبب اتجاه وعودة المستثمرين والدولار الأميركي إلى موطنهم الأصلي مرة أخرى، لثقتهم الكبيرة في تقليل الضرائب عليهم.

فشل البريكست

* أستاذ نايل.. تابعنا فشل اتفاق البريكست الذي توصلت إليه تيريزا ماري، رئيسة الوزراء البريطانية في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، ورفضه البرلمان البريطاني، وهو ما سيكون له تداعيات اقتصادية سيئة بدأ بعضها بالظهور على بريطانيا، فما هو تعليقك على هذا الاتفاق وفشله؟

** بعد ما شهدناه من معارضة قوية من البرلمان ضد اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، والذي بلغ تقريبا 432 صوت معارض ضد 202 صوت موافق، وهذا سيؤثر بشكل سلبي على بريطانيا واقتصادها بشكل كبير.

ولا ننسى أن هناك معارضة للخروج من الاتحاد الأوروبي بشكل عام، ومطالبات بإجراء استفتاء جديد، وتحفظات كبيرة على اتفاقية الـ”بريكست”، وهذا سيؤثر على الاقتصادي البريطاني، وعلى الاتحاد الأوروبي بشكل عام.

وأتوقع في المستقبل القريب أن يكون هناك اتجاه آخر من قبل الاتحاد الأوروبي بسبب وجود خطة أخرى بديلة وهي الخطة “ب” من قبل تريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي.

سبب المعارضة

* بالنسبة للمعارضة في بريطانيا، هل هم يعارضون الخروج من الاتحاد الأوروبي بصفة عامة، أم أن الخلاف في طريقة الخروج وطبيعة التسوية فقط؟

** بكل تأكيد البرلمان يعارض طريقة الخروج، ولم يعارض الخروج بشكل عام. ولكن البنود التي تم الاتفاق عليها تتمثل في الاختيار بين الخروج نهائيًا أو عدم الخروج، والتصويت مرة أخرى من قبل الشعب لكي يحسم مسألة الخروج أو عدم الخروج.

وقد شاهدنا ظهور معارضين كثر في الشارع البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، لأن الاقتصاد سوف يتأثر بشكل كبير، وكذلك ستتأثر حركة انتقالهم من بريطانيا إلى أي دولة من الاتحاد الأوروبي.

لذلك أتوقع أن يكون هناك تمديد للبريكست، ليس فقط إلى شهر مارس/آذار المقبل، ولكن إلى فترة أخرى، حتى يكون فرصة لدى تيريزا ماي للبحث عن خطة بديلة، أو خروجها هي من الحكومة البريطانية في المستقبل.

مأزق تيريزا ماي

* أستاذ نايل، رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر أكد على أنه لا إعادة للتفاوض، ولا تمديد للاتفاق مع بريطانيا، أي أن الحد الأقصى هو شهر مارس/ آذار المقبل، فكيف يمكن أن تخرج ماي هذا المأزق؟

** هذا أيضًا ما أكدت عليه ما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مؤخرًأ عندما قالت إنه “لا توجد مفاوضات جديدة ولا توجد أي تنازلات من قبل الاتحاد الأوروبي”، لذلك أتوقع أن يكون هناك طلاق ماي من الحكومة البريطانية، وتشكيل حكومة جديدة.

كما أتوقع أن يكون هناك تصويت مرة أخرى حتى شهر مارس/آذار من العام الجاري، فإذا لم يكن هناك أي اتفاق فستكون بريطانيا هي الخاسر الأكبر من الخروج دون أي اتفاق، لأن هذا يعني إلغاء الحلول التي كانت في السابق بين تيريزا ماي والاتحاد الأوروبي، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد بريطانيا، وهو ما سيؤثر على اقتصادها  بشكل أكبر.

سلبيات الخروج

* هناك من يدعون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيًا كانت الخسائر المرتبطة به، رغم إدراكهم أن النمو انخفض في عام 2018 إلى 1.3%، وتؤكد الدراسات أنه في عام 2019 سينخفض إلى 1.9%، فبماذا نرد عليهم؟

** مهما كان خروج بريطانيا باتفاق أو بغيره، فسوف يكون له تأثير سلبي وبشكل كبير على مدى السنوات القادمة؛ لأنه حتى الآن لم تكن هناك حلول كثيرة بالنسبة لتيريزا ماي وللتجارة الحرة، وكذلك التجارة بين أيرلندا وبريطانيا.

ولا ننسى أن هناك حدود كبيرة بين أيرلندا وبريطانيا لها دور كبير في خروج السلع البريطانية إلى الخارج، وحتى بوجود بدائل أخرى للتجارة البريطانية سواءً كانت مع دول الخليج أو أميركا، أو إن كانت من آسيا بدلًا من الاتحاد الأوروبي، فهذا سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد البريطاني وعلى البريطانيين.

وشاهدنا مؤخرًا كيف ارتفعت أسعار السلع الغذائية في بريطانيا بشكل كبير، وكذلك السلع التي تأتي من الخارج، وكيف أن تجار السوبر ماركت وغيرهم يقومون بتخزين البضاعة بشكل كبير للمستقبل الذي يعتبر غامضًا بالنسبة إليهم، وهذا التخزين سيؤثر على السوق البريطاني بشكل عام في المستقبل.

توقعات بعد رفض الخروج

* أستاذ نايل، هل تتوقع أن يتجه الأمر إلى إعادة طرح الاستفتاء مرة أخرى على الشعب البريطاني بشأن الخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي؟

** أتوقع أن تتجه بريطانيا إلى استفتاء آخر بعد طلاق ماي من الحكومة البريطانية، وأتوقع أن تكون الغلبة لعدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ لأن المواطن البريطاني تأثر بشكل كبير بتنقله بين بريطانيا والاتحاد الأوربي وأيضًا تأثرت التجارة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

وأتوقع أن يكون هناك حراك سياسي كبير قبل شهر مارس/آذار، حتى يكون هناك اتفاق بين الحكومة البريطانية سواءً كانت الجديدة أو الحكومة الحالية مع الاتحاد الأوروبي.

* لكن تيريزا ماي اجتازت اختبار سحب الثقة بنجاح واحتفظت بثقة البرلمان، صحيح؟

** نعم، وذلك لعدم وجود المعارضة لها في الحكومة؛ ولكن لا بد أن يكون هناك اتجاه لخطة بديلة، ولابد أن يكون هناك عرض جديد من تيريزا ماي بعد نجاتها من سحب الثقة، فإذا كانت الخطة البديلة “ب” تحكم إلى أن يكون هناك للبريطانيين خاصة وللحكومة الاستمرارية، فأتوقع أنه لن يكون هناك أي تصويت عليها، لكن إلى الآن لم تصدر أي بوادر من تيريزا ماي بأن تتجه إلى الخطة البديلة.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

للمتابعة عبر اليوتيوب :

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وللاستماع الى الحلقة عبر الساوند كلاود :

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى