طبيبك الخاص

“طبيب وراء الميكرفون” يناقش: كيف نمنع خطورة زواج الأقارب على الأبناء؟

د. نيكولاس شمّا: 12% من أبناء الأقارب يولدون بتشوهات خلقية أو أمراض وراثية

أجرى اللقاء: ليلى الحسيني

 أعده للنشر: مروة مقبول – محمد سليم

جريمة بشعة ضد كل معاني الإنسانية شهدتها مصر مطلع أكتوبر الجاري، قهوجي يبلغ من العمر 52 عامًا قتل ابنه المعاق ذهنيًا ودفنه في مصطبة إسمنتية لإخفاء الجريمة.

جريمة مؤلمة لكن تفاصيلها أشد إيلامًا، فالأب الجاني قال إنه كان متزوجًا من ابنة خاله، وبسبب زواج الأقارب ولد ابنه معاقًا ذهنيًا، بالإضافة إلى إصابته بمرض العظم الزجاجي.

وأضاف أنه انفصل عن زوجته منذ أكثر من 20 عامًا، ومنذ ذلك الوقت كان يعيش على أمل أن يُشفى ابنه في يوم من الأيام، لكنه أيقن بعد كل هذه السنوات أنه لا أمل في شفائه.

وأكد أنه بعد تعرضه لضغوط حياتيه شديدة بسبب مصاريف العلاج، أصيب بنوبة عصبية فألقى بابنه على الأرض مما أدى إلى وفاته في الحال بسبب إصابته بمرض العظم الزجاجي.

رغم كل ما يحيط بالجريمة من تفاصيل إلا أنها مَثلٌ حَيّ على النتائج السلبية العديدة التي يمكن أن تنتج عن زواج الأقارب، فالأب القاتل تزوج من ابنة خاله، ورغم مزاعم أن زواج الأقارب يكون أكثر قوة، إلا أن زواجهما لم يدم طويلاً، فكانت الأم هي الضحية الأولى لهذا الزواج بانفصالها عن زوجها، لكن الضحية الأكبر كان الابن الذي ولد معاقًا ذهنيًا ومصابًا بمرض العظم الزجاجي، وانتهى الأمر بمقتله على يد والده والذي كان آخر ضحايا هذا الزواج، فقد بدأ المشوار زوجًا وأنهاه قاتلًا لابنه المعاق.

عادة عربية

رغم انتشار زواج الأقارب في العديد من دول العالم إلا أنه يعد عادة عربية بامتياز، فهو أحد صور الزواج المفضل لدى المجتمعات الشرقية، وذلك لعدة أسباب يرتبط أغلبها بحرص العائلة على تزويج ابنتهم من أحد أفرادها حتى لا تتزوج شخصًا غريبًا، فضلاً عن ارتياح الفتاة لهذا النوع من الزواج بسبب معرفتها للعائلة مُسبقاً.

وتظهر الإحصائيات أن متوسط نسبة زواج الأقارب في العالم تصل إلى 10%، وتتراوح ما بين 1 إلى 10% في عدة قارات منها أمريكا اللاتينية ووسط أفريقيا وشمال الهند واليابان وأسبانيا، وفى الدول العربية تتراوح نسبة الزيجات بين الأقارب بين 40 و50% وخاصة بين الأقارب من الدرجة الأولى.

ويحذر الأطباء بكثرة من الآثار السلبية لزواج الأقارب، خاصة على الأطفال الذين تزيد  لديهم فرص الإصابة بالأمراض الوراثية والإعاقة الفكرية والعقلية، فضلاً عن زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال.

زواج الأقارب في أمريكا

وفي أميركا، تمنع القوانين في 24 ولاية زواج الأقارب، لكن تلك القوانين تعود على الأرجح إلى عقود عديدة، عندما خاضت الكنيسة الكاثوليكية حملة ضد هذا النوع من الزواج، وفقا لشبكة “abc news”. وذكرت الشبكة أن الولايات المتحدة تعد البلد الغربي الوحيد الذي لا تزال فيه هذه القوانين قائمة.

ووفقا لبحث نشرة موقع “جورنال بيولوجي”، يعود منع زواج الأقارب إلى فترة الحرب الأهلية الأميركية، بين 1861 و1865 وهي المرحلة التي سعت فيها الدولة إلى فرض سلطتها على جوانب حياة المواطنين التي كانت تعتبر خاصة قبل ذلك، وتم اعتماد أول قانون يحظر هذا الزواج عام 1858 في كل من (كنساس، نيفادا، نورث داكوتا، ساوث داكوتا، واشنطن، نيوهايمتشر، أوهايو، ويومنج) ثم تبعتها ولايات أخرى في هذا الاتجاه، وكانت آخر ولاية تعتمد قانون منع زواج الأقارب هي ولاية تكساس عام 2005.

وبحسب البحث، فإن زواج الأقارب في أوروبا خلال تلك الفترة كان يدور حول زواج أبناء العم أو الخال، وكان منتشرا بين طبقة الأغنياء، لكن في أميركا ارتبط زواج الأقارب بالمناطق الريفية الفقيرة والمهاجرين..

تساؤلات هامة

“زواج الأقارب ومشاكله” كان محور حلقة جديدة من برنامج “طبيب وراء الميكرفون”، قدمتها الإعلامية ليلى الحسيني على “راديو صوت العرب من أمريكا”، واستضافت فيها الدكتور فائق نيكولاس شمّا، الحاصل على البورد الأميركي في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية.

وسعت الحلقة للإجابة على العديد من الأسئلة المطروحة حول هذا الموضوع مثل مخاطر زواج الأقارب، وهل هو شائع بين الجاليات العربية في أمريكا، وهل يمكن لفحوص ما قبل الزواج والفحص الجيني قبل الحمل أن يضمن حمل ناجح وولادة أطفال أصحاء للمتزوجين الأقارب؟

* د. نيكولاس.. هل يمكن أن يؤدي زواج الأقارب إلى العقم؟ وهل يسبب الأمراض الوراثية؟

**بالنسبة لمسألة العقم فهذه معلومة غير صحيحة نسبيًا، فالدراسات تقول إن نسبة الخصوبة تزيد بعض الشيء في زواج الأقارب، ولكن الثابت أن زواج الأقارب يسبب مشاكل تتعلق بالأمراض الوراثية.

* هل زواج الأقارب شائع، وماذا عن وضعه في أميركا؟

** هناك دراسات تمت في الولايات المتحدة وغيرها حول موضوع زواج الأقارب، ووفقًا لهذه الدراسات فإن نسبة زواج الأقارب أكبر بكثير في البلاد العربية وأفريقيا الشمالية من باقي مناطق العالم، تقريبًا من 5 إلى 10 أضعاف ما هو في الولايات المتحدة.

حيث تبلغ النسبة في الولايات المتحدة والدول الغربية حوالي 5%، ولكن في العالم العربي تزيد النسبة حتى 50%، كما هو الحال في السعودية أو اليمن وحتى بالأردن ولبنان والعراق.

أسباب اجتماعية ومادية

* كيف ترى الأسباب التي تؤدي إلى حدوث زواج الأقارب؟

** في البلاد العربية وخاصة في الريف قضت العادة أن تفضل الأسر أن تزوج أبنائها من أناس يعرفونهم ويعرفون أهلهم وأوضاعهم المادية، وفي الفترات الإقطاعية في أوربا مثلاً كانوا يفضلون زواج الأقارب للحفاظ على الثروة والجاه، حيث يتزوج الملوك والأمراء من ملوك وأمراء آخرين وهكذا، ولكن إذا ذهبنا إلى بلاد مثل الهند سنجد أن الأسباب تتعلق بالترتيب المسبق للزواج، حيث يكون الأهل قد اتفقوا على زواج الأبناء منذ صغرهم.

وهناك دراسات تم إجراؤها في البلاد العربية تفيد بأن 70% من الزيجات التي تتم في السعودية مثلاً تكون مرتبة مسبقًا، حيث يتفق الأهل أولاً ثم يوافق الأبناء، وهناك دراسات أخري تقول إن 20% من الأولاد يكونوا متفقين أولا ثم يطلبون موافقة الأهل.

ونحن هنا نتكلم عن أن نسبة كبيرة من زواج الأقارب تتم لأسباب اجتماعية، ويحدث هذا في أميركا أيضًا خاصة بين أبناء الجاليات العربية، خصوصًا في ميشيغن التي يوجد بها الكثير ممن لهم أصول عربية، وأنا أري أن الكثير ممن يأتون إلينا من البلاد العربية هم أقارب متزوجون.

آثار طبية

* دعنا نتحدث من وجهة النظر الطبية.. هل الأفضل أن يتزوج الأبناء من خارج نطاق العائلة؟

**نعم هذا هو الأفضل طبيًا، لأن الجينات المشتركة بين الذين يتزوجون من خارج إطار الأقارب ستكون قليلة. فالطفل يشترك مع الأب والأم في 50% من الجينات تقريبًا، ويشترك مع الأجداد في 25% من الجينات.

وإذا تكلمنا مثلاً عن زواج أولاد العم أو أولاد الخال، سنجد أنه تقريبًا هناك واحد من بين كل 16 حالة يكون معرضًا أن يرزق بولد لديه جين وراثي يملكه كل من الزوج والزوجة، والمشكلة أنه إذا كانت هذه الصفة الوراثية ليست جيدة فسيكون الولد معرضًا أكثر للإصابة بمرض وراثي.

* إذا فالكلام الذي يقول إن زواج الأقارب يؤدي إلى العقم غير دقيق، ولكن زواج الأقارب يزيد من فرص أن يكون هناك أمراض وراثية من بينها العقم؟.

** هذا صحيح، وسأقوم بذكر أمر آخر، فنحن نعلم أن نسبة 2% إلى 3% من المتزوجين ربما يحصلون على أبناء لديهم تشوهات جسدية. أما في حالة زواج الأقارب فتزيد هذه النسبة بمقدار الضعفين، وفي بعض الأوقات يكون الزوجان أولاد عم وأولاد خال في نفس الوقت، وفي هذه الحالة تزيد النسبة إلى ثلاثة أضعاف، بمعني أنه نسبة 10 إلى 12% من الأولاد الذين سينجبونهم سيكون هناك احتمال بأن يولدوا بتشوهات جسدية أو خلقية.

وسنستعرض بعد قليل كيفية تفادي الأمراض الوراثية في زواج الأقارب، لأن هناك تكنولوجيا لمنع تلك الأمراض تجعلها تقل بنسبة 10%، ولكن يظل تجنب زواج الأقارب هو الخيار الأفضل.

العقم الوراثي

* وماذا عن العقم الوراثي؟

**هناك أنواع من العقم تكون وراثية، فبالنسبة للرجال هناك بعض الجينات على الكروموزوم الذكري، إذا كانت موجودة يكون السائل المنوي للرجل ضعيف جدًا، وإذا استطاع الزوجان بطريقة من الطرق أن ينجبوا أولاد، سيكون الولد عرضة لأن يحمل هذه الجينات، وفي هذه الحالة يكون العقم وراثي. وهناك حالات من العقم عند الرجال يكون السائل المنوي فيها صفر، ولكن نستطيع أن نأخذ لهم جزء من السائل من منطقة الخصية حتى يحدث لإنجاب، وفي هذه الحالة يكون أيضا العقم وراثيًا.

أما بالنسبة للنساء، فإن العقم قد يحدث عند إصابة المرأة بألياف الرحم أو مرض “تيرنر”، وهو من الأمراض التي تساهم في حدوث العقم عند السيدات بسبب انعدام نشاط المبيض بشكل نهائي، بالإضافة إلى إصابتها بالسكري وضعف إنتاج البويضات، وهذه الأسباب قد يكون وراءها أمر وراثي.

فما من شك أنه من ناحية الرجال ومن ناحية المرأة هناك أنواع من العقم لها علاقة بالوراثة، وأريد أن أذكر أن هناك أربعة أنواع من الأمراض الوراثية عمومًا، فهناك أمراض وراثية تسمي “recessive و“dominant”، ونوع ثالث يسمى “X-linked”، ونوع رابع يسمى  multifactorial.

وبالنسبة للأمراض الوراثية تسمى “dominant” يكون فيها الرجل والمرأة عندهم المرض ويقومون بتوريث هذا المرض إلى أولادهم بنسبة 50%. فإذا تزوج رجل يحمل هذا المرض من امرأة من أقاربه غير مصابة يمكن أن ينجبا أطفال أصحاء.

والمشكلة تكمن في النوع الثاني من الأمراض الوراثية وهي الـ recessive ، ففي هذا النوع يكون هناك جينين وراثيين عند الرجل وعند المرأة، دون أن يكون لديهم معرفة مسبقة بأن لديهم هذين الجينين، وبالتالي يحصل الطفل عليهما ويكون عُرضة للمرض. وهذه المشكلة تظهر عند زواج الأقارب مثل أولاد العم أو الخال، حيث يمكن أن يعاني واحد من 16 طفل من مشكلة جينية.

 أما في النوع الثالث X-linked يكون الجين موجودًا على الكروموزوم X، وعادة إذا كان مصاب به الطفل مثل الهيموفيليا يكون هذا ظاهرًا، لكن المرأة يمكن أن تكون حاملة لهذا الجين دون أن تعرف. ولكن إذا كانت المرأة ليس عندها هذا الجين، وتزوجت أحد أقاربها فلن يكون هناك أي مشكلة، لكن إذا ظهر في تاريخ العائلة مشكلة الـ X-linked، يكون من الممكن بشكل كبير أن يصاب الطفل بمرض مثل الهيموفيليا، ليس فقط بين الأطفال الإناث وإنما أيضًا بين الذكور.

والنوع الرابع هو الـ multifactorial ، وهو مثل مرض الضغط والسكري والقلب التي ترتبط بأكثر من جين، ومن هنا جاءت التسمية. فليس هناك شك إذا تزوج الأقارب وهم يملكون في العائلة هذه المشاكل، فسيكون هناك مخاطر أن تورث أيضًا هذه الأمراض، فكما قلت فالأقارب يملكون 1 من 8 من كل جيناتهم متشابهة.

الفحص واستشارة الطبيب

* هناك الكثير من الناس الذين لا يأخذون بعين الاعتبار أن هذا الزواج يمكن أن يعزز زيادة نسبة الأمراض الوراثية في العائلة، وأن هذا الخطر يزيد إذا كان هناك تاريخ من التشوهات والاضطرابات في العائلة، كيف يمكن أن نقنع هؤلاء بأهمية الفحص واستشارة الطبيب؟.

** ما من شك في ذلك، خاصة إذا كان الزوجان أقارب من الناحيتين، حيث تزيد نسبة التعرض لهذه المخاطر من 2 إلى 3% إلى 6 و7%، وتصل إلى 10% و12%، ولكن 90% من الحالات لا يحدث بها أي مشاكل إلا إذا كان هناك مرض خلقي هم يعلمون به في العائلة. وفي هذه الحالة يجب أن يذهبوا إلى الطبيب.

 فهناك في بعض البلدان مثل تونس يتم إلزام كل شخص سيتزوج من قريبة له بأن يكون عنده استشارة جينية قبل أن ينجب أطفالاً، وفي بلاد مثل السعودية يتم إلزام الأزواج أن يقوموا بفحوصات جينية قبل أن الزواج ليتأكدوا أنه ليس عندهم أي أمراض مشتركة.

وعلى الرغم من ذلك أثبتت الدراسات أن هذه المشكلة يصعب معالجتها. فحوالي 90% من الحالات التي تعرف أن لديها مشاكل جينية بين الرجل المرأة يتزوجون على الرغم من ذلك. فالعامل الاجتماعي يجب معالجته في تلك الحالات، خاصة في المجتمعات الريفية والفقيرة، حيث غياب التوعية الطبية.

وتلعب التوعية دورًا هامًا في معالجة هذا الأمر، فعلى سبيل المثال، كل مريضة ومريض يأتون إلينا نعرض عليهم القيام بفحص جيني أولاً، حيث ندرس احتمالية حدوث 10 آلاف مرض جيني من بينهم حوالي 210 مرض جيني خطير. لكن هذا الفحص يكون مكلفًا، وبالتالي فإن 50 إلى 70% من الأشخاص يرفضون القيام به، وهذا لأسباب عدة، منها أسباب دينية مثل رفض إجراء إجهاض إذا ظهرت مشكلة مرضية. لكن إجراء مثل هذه الفحوصات يكون مهمًا لمعالجة المشكلة وليس كمجرد روتين.

وقد تطور الطب كثيرا في اكتشاف الأمراض الجينية، وأعتقد أنه بعد سنوات قليلة سيتمكن الطب من فحص جميع الأمراض الوراثية في المعامل. ويمكن أن تسأليني لماذا تختار فحوصات لهذه الـ 210 مرض وراثي، وسأجيبك أن تلك الأمراض لديها بعض الخصائص أولها أنها تظهر منذ الطفولة، وثانيًا أنها نادرة، فهي موجودة عند 1% من البشر، وإذا ولد الطفل بمرض كهذا سيحتاج معالجة طبية صعبة جدًا طول العمر.

والسؤال الذي أود أن طرحه هو كم من الأزواج غير أقارب ولديهم مشاكل من هذا النوع؟، وسأعطيك مثالاً للإجابة على هذا السؤال. فإذا قمت أنا بفحص الـ 210 جين الذين يحملون تشوهات، فسيكون عندي نسبة 1% من الأشخاص الذين لا يرتبطون بعلاقة قرابة معرضين لأن يكون عندهم هذا الجين المشوه، وبالتالي تتضاعف النسبة إذا كان الزوجان أقارب.

التاريخ المرضي للعائلة

* إذا دكتور نصيحتك أن يقوم أي زوجين أقارب بإجراء هذا الفحص؟

** أولاً يجب أن يكون لديهم وعي كامل بالأمراض الوراثية الموجودة في العائلة، فهذا يساعد الطبيب على تركيز الفحص عليها، بالإضافة إلى الأمراض الأخرى المحتملة. وما من شك في أن 99% من الحالات تقريبًا يقوم الفحص الجيني بحلها. فالمرأة والرجل الذين لديهم مشكلة جينية يكون عندهم ولد من كل أربع أولاد عنده مشكلة جينية، فإذا قاموا بالحمل بدون أي إجراءات أو فحوصات مسبقة، وعرفوا خلال الحمل أن هناك مشكلة جينية، يستطيعوا أن يقوموا بالإجهاض وقتها، ولكن بالنسبة لي هذا الأمر صعب كثيرًا.

* ما هي الأمراض الموجودة بالعائلة التي يجب أن يذكرها لك المريض يا دكتور؟

** أي مرض يعرفوا به يجب أن يقولوا عليه، وإذا لم يعلموا فليست مشكلة، فنحن نعرض عليهم الفحص الجيني لاكتشاف هذه الأمراض الوراثية، مثل مرض السكري، فهناك نوع من السكري له علاقة بالوراثة، وتقريبًا 6% من البشر معرضون أن يكون عندهم سكري. والأزواج الذين عندهم نوع السكري الثاني، وأهلهم أيضًا عندهم نفس النوع، هناك احتمالية من 50% إلى 100% أن يكون أولادهم عندهم سكري. لكن هذا ليس معناه أننا يجب أن نمنع من عندهم سكري من أن ينجبوا أولاد. لكن المشكلة في هذه الحالات أنه ليس هناك فحص جيني ليمنع مثل هذا المرض.

وسأعطيكِ مثالاً علي مرض آخر مثل congenital adrenal hyperplasia  وهو أن يكون هناك مشكلة في غدة من الغدد، وهناك نسبة 1 من كل 50 شخص يكون عندهم هذه المشكلة، وإذا كان هذا الجين فيه خطأ عند الزوجين، فمن الممكن أن يكون عندهم طفل معرض للكثير من المشاكل الخلقية، ففي هذه الحالات نستطيع أن نقوم بفحص جيني ونقوم بفحص على الأجنة.

موت الجنين

* هناك سؤال من مستمعة تقول إنها متزوجة من ابن خالها، وحاولت أن تحمل أكثر من مرة، لكن الجنين يموت في كل مرة، فهل هذا له علاقة بزواج الأقارب؟

**في الحقيقة، فإن أسباب موت الجنين تتوقف على متى يموت؟ .. فهل يموت مبكرًا جدًا أم متأخرًا، ففي الحالة التي يموت فيها الولد في الشهر الثاني أو الثالث، هناك الكثير من الأمراض التي لها علاقة بالأمراض الوراثية، فيجب أن تقوم الأم بفحص لترى ما إذا كانت هناك أمراض وراثية تسبب ذلك أم لا، وفي رأيي أن النسبة تكون أكثر بكثير  في هذه الحالة، وأن هذا يكون بسبب مرض وراثي يسبب مشكلة للجنين.

وهناك مجال أن تكون هذه المشكلة ليس لها علاقة بزواجها من ابن خالها، لأن نسبة الإجهاض المتزايدة تكون بسبب مشاكل جينية في نسبة 5 إلى 8% من الحالات، ولكن في حالات كهذه تزيد النسبة إلى 15%، وقد يكون هناك احتمال أنه ليس له علاقة بالمشاكل الجينية.

ولكن ماذا نفعل إذا وجدنا فعلاً أن هناك مشكلة جينية مشتركة، أولاً نطلب منهم الفحص الجيني الذي ذكرناه، وقد يكون لديهم ولد حدثت له مشكلة جينية، وقتها نعطي للمرأة أدوية، وتقوم بعمل بويضات نلقحها من زوجها، لنكون منها أجنة، وفي خامس يوم تقريبا نأخذ جرعة صغيرة تقريبًا 5 خلايا من الجنين، ونفحص هذا الجنين لنرى ما إذا كان طبيعيًا أم لا، وبعد ثلاثة أسابيع إذا لم يكن عنده أي مشاكل جينية نضعه في رحم المرأة لتحمل، وفي أغلب الحالات يولد طفل طبيعي، لذا هذا الإجراء يأخذ 10 أسابيع.

زواج الأقارب والعقم

* إذن دكتور.. ما هي نسبة زواج الأقارب والأمراض الوراثية التي تقود إلى العقم؟

** ما نريد أن نؤكد عليه هو أن زواج الأقارب لا يزيد نسبة العقم، وسأعطيكِ مثالاً، تصوري أن من 40 إلى 50% من الزيجات في السعودية تكون زواج أقارب، ومع ذلك ليس عندهم عقم أو أي مشكلة من هذا النوع، فلو أن زواج الأقارب يؤدي إلى العقم لشاهدنا حدوث ذلك في السعودية.

لذا ليس هناك أي شك في أن هذه معلومة أن زواج الأقارب يؤدي إلى العقم هي معلومة خاطئة، ولكن هذا ليس معناه أننا نشجع على زواج الأقارب، فالأفضل ألا يحدث هذا، وكلما ابتعدوا عن ذلك كان هذا أفضل، وهناك شيء في الطب يسمي genetic diversity ، وهو يعني أنه كلما أخذتِ وردة ولقحتيها بوردة بعيدة عنها، تخرج وردة أخرى أجمل، ومع ذلك لا نستطيع أن نمنع زواج الأقارب.

* تلخيصًا لهذا الموضوع، يمكن أن نقول أن العلم والطب في الولايات المتحدة متقدم، ويمكن أن نقوم بالفحص الوراثي، لنتجنب إصابة الطفل ببعض الأمراض الوراثية، لكن بالشرق الأوسط هذا الأمر قد يكون صعبًا، فما هي نصيحتك لكل من يستمع إلينا بصفة عامة؟

** نصيحتي أنه إذا تزوج اثنان من الأقارب، فهناك فحوصات جينية يجب أن يقوما بها، حتى نمنع حدوث الأمراض الوراثية وتزايدها عند الأولاد، وإذا كانا يعرفان أن هناك مرض معين في العائلة، فيجب وقتها أن نقوم بالفحص الجيني، خصوصًا لهذا المرض، حتى يمكن أن نتفاداه.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى