الراديو

جولة رمضانية مميزة لراديو صوت العرب من أميركا بشوارع أميركا والعالم العربي

 مراسلونا ينقلون لكم أجواء الشهر الكريم بين الشرق والغرب

تقديم: ليلى الحسيني وسامح الهادي

أعد التقارير: فريق راديو صوت العرب من أمريكا

تحرير / علي البلهاسي 

بعد طول انتظار.. طرق الضيف العزيز أبوابنا.. جاء رمضان.. فأنار القلوب بهلاله.. وأضاء الطرق بمصابيحه وفوانيسه.. وجَمّلَ الشوارع بزيناتٍ عكف الصغار والكبار على إعدادها قبل حلوله بأيام وربما أسابيع.

أقبل رمضان.. فرسم البسمة على الشفاه، وصنع الفرحة على الوجوه، ومنح الطمأنينة والسكينة للنفوس. أجواؤه الروحانية انتشرت في كل مكان.. حتى أنها غيرت طبائع الناس.. فالألسنة عَفّت عن سيئ الكلام، والأيدي امتدت بالصدقات والتبرعات، فيما تسابقت الأقدام نحو أعمال الخير ومساعدة الغير.

كيف لا وهو شهر الخير والبركات.. وشهر المنح الربانية والرحمات.. فأوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره جائزة كبرى بالعتق من النار.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

متابعونا الكرام.. كل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر رمضان.. أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات.. وأهلاً ومرحبًا بكم عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا. تقبلوا تحياتي أنا ليلى الحسيني وسامح الهادي وفريق العمل.. في هذه الحلقة الخاصة من برنامج “مراسلون”.. والتي نطوف معكم فيها حول العالم.. لنرصد أبرز طقوس وعادات وتقاليد الشعوب الإسلامية في رمضان.

تفاصيل رمضانية

لعل أهم ما يميز رمضان أجواءه الاحتفالية، التي تختلف من بلد لآخر وفقًا للعادات والتقاليد التي تتوارثها الأجيال عبر الزمان، وتضيف إليها الجديد كل عام، لتضفي جوًا من الفرحة والسعادة على الكبار والصغار.

وعلى اختلاف أجناسهم وألوانهم، يتساوى المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، فيما يتعلق بالجانب الديني للصوم. لكنهم يختلفون في كثير من التفاصيل الرمضانية الأخرى، حيث تتمتع كل بلد ببريق ورونق خاص في المظاهر الاحتفالية الخاصة برمضان، وما تحويه موائده من طعام وشراب.

وكما أن للصائم فرحتان في هذا الشهر الكريم، فلإذاعتنا فرحتان أيضًا.. فرحة بلقائكم متابعينا في هذه المناسبة الخاصة، وفرحة أخرى بشبكة مراسلينا حول العالم الذين يشاركونا هذه الحلقة، بعد أن أصبحوا زملاء أعزاء بفضل جهدهم واجتهادهم في البرامج التدريبية التي توفرها مؤسستنا “يو إس أراب ميديا”، وراديو صوت العرب من أمريكا.

اليوم نعلن من خلال مراسلينا نجاح تجربتنا في مجال التدريب والتطوير الإعلامي داخل الولايات المتحدة وخارجها. فقد نجحنا بفضل الله تعالى في خلق كوادر إذاعية شابة في مناطق مختلفة بالعالم العربي، خاصة في مناطق النزاعات في سوريا واليمن وفلسطين وليبيا، وغيرها من الدول العربية.

مراسلونا سينقلون لكم اليوم الأجواء الرمضانية الخاصة في أمريكا والعالم العربي، من خلال تقارير مميزة ترصد أحوال الناس الاقتصادية والاجتماعية والدينية خلال الشهر الكريم.

أمريكا

البداية من أمريكا.. أرض الأحلام.. وملتقى الثقافات، حيث استقبال الجالية العربية والإسلامية لشهر رمضان، وأجواؤه التي لا تختلف كثيرًا عن مثيلاتها في البلدان العربية والإسلامية، لكنها تتنوع بتنوع أصول أبناء الجالية.

فرغم اختلاف أصولهم احتفظ المسلمون في المجتمع الأمريكي بالعادات والتقاليد الإسلامية خلال شهر رمضان، وتحمل كل أسرة تقاليدَ مجتمعها الذي قدمت منه إلى أمريكا وتعمل على إحيائها.

“سامح الهادي” يرصد لكم أجواء رمضان في الولايات المتحدة من خلال لقاءات مباشرة أجراها مع الناس في الشارع.

يقول سامح: “استقبلنا الناس في الشوارع بحفاوة، وهو ما أعطانا مؤشرًا على أن لنا قيمة نوعية وإنسانية كبرى لدى المستمع العربي في منطقتنا. وكانت تفاعلات الناس مع برامجنا الرمضانية واضحة من خلال إجاباتهم على أسئلة الفوازير، وإحساسهم أن ما يقومون به من ممارسات وعادات وطقوس في رمضان حاليًا، لا تختلف كثيرًا كما كان يقومون به في الماضي مع آباءهم وأجدادهم  وأسلافهم في بلدانهم الأم.

كانت أجواء التفاعل معنا متنوعة بين الأسئلة والإجابات والمشاركات والتعليقات، وكانت فرحة الأطفال واضحة كما رصدناها في مراكز التسوق وفي الشوارع وكذلك في المراكز الدينية والمساجد التي كان لها نصيب من تغطية خاصة ستأتيكم تباعًا على صفحتنا والموقع الخاص بنا”.

وحول طبيعة أجواء رمضان في الولايات المتحدة الأمريكية، يقول سامح: “رمضان في الولايات المتحدة الأمريكية هو خليط بين الأجناس العربية والإسلامية، حيث نرى اندماج وانصهار في العادات، وتقارب بشكل كبير، ربما فرضته طبيعة الحال، حيث أن جميع تلك الجاليات مهاجرة، وتشترك في المظاهر الدينية للصيام، لكنها تختلف قليلاً في التعبير والتفاعل مع أجواء الشهر الكريم، وربما الاختلاف في تفاصيل بسيطة وشكليات. فنرى مثلاً أن الجالية العربية بشكل عام تزين بيوتها بزينة رمضان مثل الأهلة والمصابيح والفوانيس، ويتغير النسق الاجتماعي والساعة البيولوجية الخاصة بالأسرة العربية بسبب طول ساعات السهر”.

وحول مدى احتفاظ الجالية العربية المهاجرة بطقوس رمضان يقول سامح: “احتفظنا بكل ما حملناه من موروث ثقافي واجتماعي وحملناه معنا إلى هذه البلاد. لكن ينقصنا الإحساس العام والأجواء العامة. بمعنى أن الشارع والمدرسة وأماكن العمل تتأثر بالتغير الذي يحدث في هذا الشهر”.

وعن أكثر ما يميز رمضان في أمريكا يقول سامح الهادي: “أهم ما يميز عرب ومسلمو أمريكا في رمضان هو الإنسانية الشديدة. فهناك إحساس بأن كل الأسر مترابطة ومتعاونة، وتمتلئ موائد الرحمن بالناس، ليس بغرض البحث عن وجبة إفطار، ولكن رغبة في البحث عن أجواء رمضان والمشاركة والإحساس والتفاعل الاجتماعي والإنساني مع باقي الأطياف.

كذلك يتميز رمضان بالمشاركة الاجتماعية، وأبرز مظاهرها ولدعوات التي توجهها الجالية والمراكز الإسلامية والمساجد لغير المسلمين للمشاركة والتفاعل معنا بأجواء رمضان.

وأخيرًا، تبرز في رمضان القيمة الاقتصادية، فالكثير من المؤسسات الاقتصادية الكبرى والمحلات في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح لديها إدراك للقيمة الاقتصادية المتاحة لها في رمضان، حتى أن بعض المحلات أصبحت تقوم بتغيير ساعات العمل ليتناسب مع مواعيد رمضان، كما تقدم قسمًا خاصًا لزينة رمضان، وتقدم خصومات حقيقية على السلع، مثل محلات “كروجر” و”والمارت” والتي ربما ترسل رسائل إلى نظرائها في العالم العربي ليفعلوا مثلهم .. فرمضان شهر التخفيضات وليس رفع أسعار السلع الاستهلاكية”.

وتقول السيدة أمال نوفل – مسئولة العلاقات العامة بالمركز الإسلامي في ديترويت ICD “إن المركز يقدم إفطارات يومية، وهناك تنوع بالوجبات، وقائمة غذاء مليئة بالأصناف التي نتمنى أن تنال إعجاب الجالية العربية”

مصر

لا يعرف المصريون حلول رمضان من خلال الهلال فقط، ولا يشعرون بقدومه إلا مع صوت محمد عبد المطلب وهو يشدو “رمضان جانا .. وفرحنابه”، أو محمد فوزي وهو يرحب بالشهر الكريم قائلاً “مرحب شهر الصوم مرحب.. لياليك عادت في أمان.. بعد انتظارنا وشوقنا إليك.. جيت يا رمضان”.

ولرمضان في مصر طقوس وعادات وأجواء خاصة تنفرد بها عن باقي الدول، ربما لأن مصر تتميز بأنها هي أصل الكثير من العادات الرمضانية المعروفة حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي.

فأول من أيقظ الناس للسحور على الطبلة هم أهل مصر، كما أن المصريون هم أول من عرفوا “فانوس رمضان”، وهم أيضًا أصحاب ابتكار الحلوى الرمضانية مثل الكنافة والقطايف.

مروة مقبول، مراسلتنا من مصر، تنقل لنا احتفالات المصريين بالشهر الكريم، وأبرز مظاهر الأجواء الرمضانية هذا العام.

تقول مروة: ” بالفعل تبدأ أجواء رمضان في مصر بإذاعة أغنية “رمضان جانا” لمحمد عبد المطلب على جميع المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية، لتعلن عن استقبال الشهر الكريم.

ومن مصادر الاحتفال بالشهر الكريم والتي صدرتها مصر إلى مختلف أنحاء الوطن العربي هي الفانوس وزينة رمضان التي تعود إلى العصر الفاطمي، وأيضا المسحراتي الذي بدأ في إيقاظ الناس للسحور في عهد الدولة العباسية”.

ويمكن القول إن مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم تغيرت مع مرور الوقت، فمع الإيقاع السريع للحياة وكثرة مشاغل الناس فقدت أجواء رمضان الكثير من رونقها.

وكان للوضع الاقتصادي في البلاد التأثير الأكبر على هذه الأجواء، حيث تشهد مصر تراجعًا في حركة البيع والشراء بعد ارتفاع الأسعار بشكل كبير للعام الثاني على التوالي، بعد إعلان الحكومة قرار تعويم الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية ورفع أسعار الوقود والذي ادى بدوره لارتفاع أسعار السلع.

ويرى خبراء أن ذلك من شأنه أن يغير من أنماط الاستهلاك لدى الأسرة المصرية، سواء بالنسبة لياميش رمضان أو التمر وأيضا الأطعمة بمختلف أنواعها.

وتهتم الأسرة المصرية بمائدة رمضان طوال الشهر الكريم، ويتصدر الخشاف المشهد، إضافة إلى قمر الدين والتمر هندي والخروب، ولا ننسى الكنافة والقطايف عند التحلية.

ووسط تلك الأجواء الرمضانية يؤدي ملايين المصريين صلاة التراويح بجميع المساجد المنتشرة في ربوع مصر المختلفة خاصة المساجد التاريخية والشهيرة.

أما عن أحوال أهلنا من الجالية السورية في مصر، فوفقا لبيان أصدره مساعد وزير الخارجية للشئون العربية فقد وصل عدد السوريين المقيمين في مصر إلى أكثر من نصف مليون سوري، وأعلنت السيدة نبيلة مكرم – وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين في الخارج، أن مصر ترفض استخدام لفظ “لاجئ” بالنسبة للسوريين، لأنهم أصبحوا جزءً من تلك البلاد.

واللافت هو انتشار العديد من المطاعم السورية في مختلف أنحاء مصر، ليقدم أبناء الجالية السورية لإخوانهم المصريين جزء من ثقافتهم الخاصة، خاصة فيما يتعلق بأطباقهم الشعبية الشهيرة في هذا الشهر الكريم”.

فلسطين

يُعلّمنا الفلسطينيون كل يوم دروسًا في الصمود وحب الحياة. فرغم كل ما يعيشونه من ظروف صعبة بسبب الاحتلال، يحرصون على ألا تفسد هذه الظروف فرحتهم وبهجتهم باستقبال شهر رمضان.

ورغم المعاناة والجراح والآلام التي يعيشها الناس خاصة في قطاع غزة المحاصر، فإنهم  يحرصون على تواصل توادهم وتراحمهم، حيث تمتد الأيدي الرحيمة لتمسح دموع الأيتام وتساعدهم، وترعى أسر الشهداء والأسرى، فيما تزداد عيادة المرضى في المستشفيات، وتنتشر ولائم الإفطار الجماعية في المساجد.

“رواء أبو معمر”.. مراسلتنا في فلسطين، تنقل لنا صورة حية من أجواء رمضان الصعبة في غزة ورام الله.

تقول رواء: “يأتي شهر رمضان الكريم على استحياء هنا في غزة، في ظل أوضاع اقتصادية مأساوية يعيشها أهالي القطاع في فلسطين، بلا كهرباء أو ماء أو دواء، أو حتى رواتب. فالاقتصاد على حافة الهاوية، والعائلات فقيرة تكاد تستطيع توفير لقمة العيش لأطفالها.

وتعليقًا على ذلك يقول الدكتور ماهر الطباع – مدير العلاقات العامة والإعلام بالغرفة التجارية الفلسطينية في لقاء حصري لراديو صوت العرب من أمريكا: “للأسف الشديد يمر قطاع غزة بأسوأ ظروف اقتصادية ومعيشية نتيجة لحصار إسرائيل للقطاع لمدة تزيد عن 12 عامًا، بالإضافة إلى تعرض القطاع إلى ثلاثة حروب، أدت إلى تدمير الآلاف من المنشآت الاقتصادية والبنية التحتية.

نحن الآن نتحدث عن أعلى معدلات بطالة في العالم تجاوزت 43%، وهو ما يعني وجود أكثر من ربع مليون عاطل عن العمل في غزة. تجاوزت معدلات الفقر أكثر من 53%، الفقر المدقع وصلت نسبته إلى 33%، انعدام الأمن الغذائي وصل إلى 70%، وكل تلك المؤشرات توضح سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة”.

حصار وشهداء وجرحى، كلها أسباب جعلت رمضان هذا العام أكثر قسوة مما كان عليه الوضع في الشهر الفضيل من الأعوام الماضية، وهو ما أفرغ الأسواق من المتسوقين، لعدم وجود قدرة شرائية لديهم، وهو ما يوضحه السيد الماهر قائلاً: “للأسف شهر رمضان الحالي تنعدم فيه القدرة الشرائية للمواطنين في ظل حالة من الكساد التجاري في قطاع غزة”.

وفي استطلاع حصري لراديو صوت العرب من أمريكا أعرب المواطنون عن استيائهم من الوضع الاقتصادي في القطاع، والذي يعتبر الأسوأ منذ سنوات. وكان رئيس شئون الإنسانية بالأمم المتحدة قد دعا إلى توفير تمويل عاجل لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للمواطنين في غزة، وقال إن الوضع في غزة “مأساوي” للغاية”.

سوريا

ومن فلسطين إلى سوريا.. حيث لا يختلف الحال كثيرًا.. فرغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي خلقتها الحرب المستمرة منذ سنوات، إلا أن سوريا لا زالت تحتفظ بأجوائها الرمضانية الخاصة، والتي نرصدها لكم في التقرير التالي مع مراسلنا “مالك أبو الخير”.

يقول مالك: “سأقوم بسرد لوضع السوريون في دول اللجوء وداخل سوريا خلال شهر رمضان المبارك من خلال شهادات الناس. سأبدأ بلبنان، فهناك سيدة سورية تعيش في مخيم بمنطقة البقاع، أرملة ولديها 4 أطفال، تعمل في أحد الحقول تقطف الثمار من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الرابعة مساءًا، مقابل أقل من 6 دولار في اليوم، وهو ما لا يكفي  الاحتياجات اليومية الأساسية، من تأمين وجبة إفطار وسحور لها ولأطفالها، في دولة تعتبر الأكثر غلاءً بين الدول العربية. ولا يختلف هذا الوضع كثيرًا عن حال السوريون في دول اللجوء الأخرى”.

أما عن وضع السوريون داخل سوريا، فهذه شهادة أخرى من صديق موظف نزح إلى محافظة أخرى يعيش بمنزل إيجار، ولديه طفلين، وراتبه يصل إلى 20 ألف ليرة في الشهر، أي ما يعادل 100 دولار، وهو ما لا يكفي الاحتياجات الأساسية في ظل الغلاء الكبير في سوريا. فالراتب الذي يمكن أسرة من العيش بشكل مقبول داخل سوريا لا يجب أن يقل عن 80 ألف ليرة.

وأنا أتوقع أن صديقي هذا يصوم طوال العام، لصعوبة تلبية احتياجات الأساسية بهذا الراتب، ولكن الأصعب هو عجز صديقي هذا عن رسم الفرحة على وجه أطفاله، لعدم قدرته على شراء ما يلزمهم من ثياب وأغراض خاصة بالعيد.

تلخص هذه الشهادات الوضع القاسي للسوريين سواء في خارج سوريا أو داخلها. فهذا هو العام السابع الذي يمر عليهم بهذه المعاناة الكبيرة، والتي تزيد كل عام عن العام الذي يسبقه من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والأمنية”.

اليمن

“يا رمضان يا بو الحمائم.. أدى لأبي قرعة دراهم.. يا رمضان يا أبو المدافع.. أدى لنا مخزن بضائع”.. هذه الأنشودة المعروفة باسم (التماسي) هي أبرز ما كان يردده أطفال اليمن في استقبال رمضان، طالبين الرزق الوفير لآبائهم وأسرتهم خلال الشهر الكريم.

ومع تطورات الأحداث والحرب المستمرة في اليمن، ربما أصبح الأطفال يطلبون الأمن والحق في الحياة قبل طلب الرزق. لكن يبقى لرمضان في اليمن خصوصية مميزة، فقد ارتبطت به عادات وتقاليد اجتماعية جميلة، نتعرف عليها من خلال تقريرنا التالي الذي أعده مراسلنا “هارون الوصابي”.

يقول هارون: “رمضان هذا العام أكثر ثقلاً على اليمنيين، فأسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت إلى الضعف. وغالبية السكان لا يفكرون في الرفاهية خلال الشهر الكريم بقدر ما يفكرون في الحصول على وجبة طعام تنقذهم من الموت جوعًا.

أضف إلى ذلك انقطاع المرتبات منذ نحو عامين، وعدم توفر أي فرص عمل، كما أن الحرب التي تشهدها البلاد أضعفت القدرة الشرائية لدى اليمنيين الذين يعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر.

وأغلب الأسواق اليمنية أغلقت أبوابها بسبب الركود الاقتصادي، فيما لا يزال البعض الآخر فاتحًا أبوابه رغم قلة الإقبال”.

تونس

ونعود إلى شمال أفريقيا.. وتحديدًا في تونس.. حيث ينتظر التونسيون شهر رمضان بشغف، ليس فقط لأنه شهر الصيام والموائد العامرة في الإفطار والسحور، ولكن لإحياء العادات الأسرية الخاصة التي يتميزون بها، ومنها إقامة مواكب الخطبة بالنسبة للفتيات، وتقديم الهدايا للّواتي تمت خطبتهن.

كما تحتفل بعض العائلات في ليلة القدر بختان أطفالها، بتنظيم سهرات دينية تحييها فرق السلامية حتى موعد السحور، الذي يعلن عنه “بو طبيلة” أي المسحراتي.

تعالوا نتعرف على المزيد من عادات وتقاليد أهل تونس في رمضان من خلال المقابلة التي أعدتها الإعلامية  ليلى الحسيني مع الإعلامية التونسية فاطمة الجمالي.

ليلى: حدثينا قليلا عن الطقوس الرمضانية الخاصة بشعب تونس والأطباق الشعبية الشهيرة على الموائد؟

فاطمة: نحن لا نختلف كثيرًا عن عادات العالم العربي والإسلامي ككل. ففي رمضان تجتمع العائلة على مائدة الإفطار، ومن الوجبات الشهيرة، ليس فقط في تونس وإنما أيضا في المغرب والجزائر وليبيا، هي طبخة “الكسكسي”، ولكننا نختلف في طرق إعدادها.

ليلى: هل تختلف الأطباق التونسية عن غيرها من الأطباق في المغرب أو القطر العربي؟

فاطمة: لا توجد اختلافات كبيرة، فالكسكسي على سبيل المثال تختلف طرق إعداده ليس فقط خارج تونس، وإنما في داخلها أيضًا، فتختلف طرق الإعداد في الشمال عنها في الجنوب. فيوجد منه ما يعد بالسمك والدجاج والمرق وأيضا البرقوق، ولكن يتم تناول ذلك الطبق على السحور وليس على مائدة الإفطار.

ومن الوجبات الشهيرة أيضًا البريك والسمبوسك، ولكن في تونس يكون حجمه أكبر، وتتنوع حشواته ما بين التونة والبيض والدجاج والروبيان أو بما يتوفر.

وعن أشهر العادات التي تتم في تونس تبركًا بالشهر الكريم تقول فاطمة الجمالي: “هناك أعمال يشترك فيها جميع المخطوبين، وهي تسمى “الموسم”، حيث يأتي أهل العريس إلى بيت العروس ومعهم الهدايا التي تشمل ذهب أو عطور أو أدوات تجميل أو حتى ثياب. ويتكرر هذا “الموسم” في المولد أو رأس السنة الهجرية.

ومن العادات أنه في ليلة 27 رمضان، يتم إقامة حفلات للأطفال الذين هم في عمر الختان احتفالا بتلك المناسبة، حيث يرتدون الزى الرسمي. فالأهالي تنتظر ليلة القدر تبركًا بها لختان أبناءهم.

أما عن طقوس السهرات والأجواء الرمضانية في المغرب العربي، فتقام مهرجانات خاصة تسمى “الحضرات” في الشوارع العامة والمسرح البلدي في العاصمة أو حتى في الأحياء الشعبية.  وتتميز تلك المهرجانات بالأذكار وإقامة الحضرات والأناشيد الدينية، وهي أجواء أقرب إلى الصوفية، وهي النزعة التي تسيطر على شمال أفريقيا.

ويوجد لدينا العديد من أولياء الله الصالحين مثل سيدي عبد القادر وابن الإحسان وآخرين جاءوا واستوطنوا في شمال إفريقيا سواء في تونس أو المغرب أو الجزائر أو حتى ليبيا. فالأجواء الروحانية منتشرة جدًا في هذه البلدان.

وفي تلك “الحضرات” يكون هناك فرق موسيقية تعزف فقط بالدف والتار، وشخص يردد الأناشيد والأشعار والأذكار الدينية.

وعن وجود المسحراتي، فقد عاد من جديد بعد أن كان قد اندثر واختفى من الشوارع. فهناك شباب قاموا بإحياء مهنة “المسحراتي” أو “التطبيلة” كما نطلق عليه في تونس”.

الإمارات

ونتجه إلى منطقة الخليج العربي.. حيث الأجواء الرمضانية في دولة الإمارات العربية المتحدة.. والتي تضم ملايين الوافدين والمقيمين من مختلف بلدان العالم، لذا فإن عادات وتقاليد المسلمين الوافدين تضفي نكهة بلدانهم على الشهر الكريم في الإمارات، الأمر الذي يجعل من الشهر الكريم هناك لوحة جميلة ترسمها مشاهد رمضانية من مختلف دول العالم.

تعالوا نتعرف على هذه الأجواء المميزة من خلال هذا اللقاء الذي أجرته الإعلامية ليلى الحسيني مع الخبير والمحلل الاقتصادي الإماراتي الأستاذ نائل فالح الجوابرة.

– أستاذ نائل، كيف تصف لنا اللوحة الرمضانية في الإمارات؟

* في الإمارات يجتمع المسلمون من جميع أقطار العالم حول مائدة واحدة، وعلى أذان واحد، وهو أذان المغرب، عندما يفطرون عند بعضهم البعض. وهذه اللوحة تعبر عن التلاحم الإنساني بين جميع الأمم مهما اختلفت الجنسية أو اللون أو الطيف.

– هل هناك زيادة في أسعار السلع الاستهلاكية في الإمارات ودول الخليج عمومًا؟

* بالتأكيد هناك زيادة في الأسعار، ليس فقط في رمضان، وإنما في كل موسم، ولكن عندنا في دولة الإمارات، هناك رقابة صارمة على الأسواق من جانب هيئة التنمية الاقتصادية وهيئة حماية المستهلك، وهذه الرقابة تتم في كل لحظة وليس في رمضان فقط. ولكن هذا لا يمنع أن يقوم التجار برفع الأسعار عندما يزداد الطلب على سلعة معينة.

وما لاحظناه في رمضان هذا العام، أن هناك زيادة بسيطة في أسعار الخضروات والفاكهة، وكان المبرر هو قلة الواردات إلى دولة الإمارات بشكل خاص، ودول الخليج بوجه عام. لكن الأسعار بالنسبة للمواد الأخرى والسلع الأساسية تعتبر هي نفس الأسعار قبل حلول شهر رمضان. كما تعتمد الأسعار أيضًا على معدل الاستهلاك الذي لازال هو سيد الموقف في منطقتنا.

– هل لضريبة القيمة المضافة تأثير على زيادة الأسعار؟

* بالنسبة لضريبة القيمة المضافة فقد تم تطبيقها منذ بداية السنة وهي 5%، وهو ما يعني 5 دراهم فقط لكل 100 درهم. وبالتالي لا يمكن أن نحسب ذلك كمبرر لزيادة الأسعار، لكن المشكلة لازالت هي الثقافة الاقتصادية لدى المواطن في الإمارات ومنطقة الخليج التي تكون فيها عمليات شراء غير مبررة في هذا الشهر.

وتقول ليلى الحسيني أن ثقافة الشراء في رمضان هذه ليست قصرًا على المنطقة العربية فحسب، فالمواطن في الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا يقوم بشراء ما يزيد عن حاجته من الأطعمة بشكل مبالغ فيه، والتي يمكن أن نوفرها ونستغل روحانيات هذا الشهر الفضيل لنعطي أكثر ونتصدق.

وللشهر الفضيل، في دول الخليج العربي عمومًا ودولة الإمارات خصوصًا، نكهة مميزة، تتمثل في مراسم استقباله ووداعه وأكلاته المتنوعة، فضلاً عن لياليه الروحية وما يرافقها من نشاط ديني على الصعيدين الرسمي والشعبي.

وعن تلك المشاهد يقول الأستاذ نائل الجوابرة إنه يتم إقامة خيمة رمضانية بالقرب من كل مسجد  في كل منطقة وحي، ويعتمد تقديم الوجبات المختلفة فيها على ما يميز هذه المنطقة من جاليات أو مجتمعات. ويمتد عمل تلك الخيام إلى ما بعد وقت العشاء. فالتنوع الثقافي هو ما يتصدر المشهد، وتكون هناك مشاركة واضحة من جانب المسئولين والوافدين والحكام.

هذا البرنامج يأتيكم برعاية حصرية من كنور حلال :

http://www.knorrramadan.com/country.php

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى