غير مصنف

لأول مرة في المحاكم الأمريكية: حكم قضائي بعدم دستورية قانون منع ختان الإناث

ترجمة: مروة مقبول

في ضربة قوية للحكومة الفيدرالية، وجماعات حقوق المرأة، أصدر قاض اتحادي في مدينة ديترويت الأمريكية حكمًا بعدم دستورية قانون “تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات”، المعروف بـ”قانون حظر ختان الإناث” في الولايات المتحدة.

وترتب على هذا الحكم إسقاط الاتهامات الرئيسية التي تم توجيهها ضد طبيبتين من ولاية ميشيغان، هما الطبيبة جومانة ناجاروالا، والطبيبة فريدة العطار وزوجها فخر الدين العطار، و6 آخرين، متهمين بإخضاع ما لا يقل عن تسع فتيات صغيرات لعملية الختان.

القضية التي شهدت هذا الحكم التاريخي شملت فتيات صغيرات من ميشيجان وإلينوي ومينيسوتا، تعرضن للإيذاء البدني والنفسي، وتم إعطاء بعضهن حقن لمادة تايلينول السائلة، للحفاظ على هدوءهن أثناء العملية، وفقًا لما ورد في سجلات المحكمة.

وأسقط القاضي الأمريكي بيرنارد فريدمان اتهامات ضد ثلاث أمهات، من بينهن امرأتان في ولاية مينيسوتا، قال الإدعاء إنهن خدعن بناتهن الصغار اللاتي يبلغن من العمر سبعة أعوام فقط، حيث قالت الأمهات لهن إنهم سيذهبون جميعًا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، ولكن الحقيقة أنه تم اصطحابهن بدلاً من ذلك إلى عيادة طبية لإخضاعهن لعملية الختان.

ويقوم العديد من أولياء الأمور بالقيام بهذا الإجراء لبناتهن كجزء من معتقداتهم الدينية.

الكونجرس تجاوز حدوده

ووفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن القاضي بيرنارد فريدمان قال في حكمه إن الكونجرس لا يملك سلطة إقرار قانون لحظر الختان يتم تطبيقه على كافة الولايات الأمريكية، موضحًا أن الأمر من الممكن أن يختلف من ولاية لأخرى.

وأضاف في حكمه: «قد تكون هذه ممارسة الختان خسيسة وإجرامية، إلا أن الكونجرس تجاوز حدوده في إقرار هذا القانون، فضلًا عن أن القانون لم يكن له تأثير واضح على تلك الممارسة في أمريكا، ولم يؤدِ إقراره لخفض نسبتها».

جاء الحكم في إطار نظر أول قضية فيدرالية حول ختان الإناث، ورفض القاضي «فريدمان» الاتهامات الرئيسية في القضية ضد الطبيبة جومانة ناجاروالا، وهى الطبيبة التي أجرت العملية لتسع فتيات تتراوح أعمارهن بين 7 و13عامًا، من ميتشجان وإلينوى ومينيسوتا، في عيادة أخرى بضواحي ديترويت.

ويزعم المدعون أن الطبيبة ناجاروالا ربما أخضعت ما لا يقل عن 100 فتاة لهذا العملية خلال فترة 12 سنة، رغم أنهم استشهدوا فقط بتسعة ضحايا في هذه القضية، منهم فتاتان في السابعة من العمر من ولاية مينيسوتا، وأربع فتيات من ميشيغان تتراوح أعمارهن بين 8-12 سنة، وثلاث فتيات من إلينوي.

ميشيغان الأكثر صرامة

ويتم حظر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في جميع أنحاء العالم، وتم حظره في أكثر من 30 بلدًا، كما تحظره 27 ولاية في الولايات المتحدة بما في ذلك ولاية ميشيغان، التي يعتبر قانونها الخاص بتشويه الأعضاء التناسلية أكثر صرامة من القانون الاتحادي، وقد تصل العقوبة في تلك التهمة إلى السجن لمدة تصل إلى 15 عامًا.

وأصدرت ولاية ميشيغان هذا القانون عام 2017، في أعقاب بدء قضية الفتيات التسع، لكن القانون لا يتم إقراره بأثر رجعى، وبالتالي لا يمكن محاكمة الطبيبة جومانة ناجاروالا وغيرها، أو حتى الأمهات اللاتي قمن بنقل أطفالهن لإجراء تلك العملية، لأنها مخالفات سابقة لصدور القانون.

وقالت جينا بالايا، المتحدثة باسم مكتب المدعي العام الأمريكي، إن الحكومة تقوم بمراجعة رأي القاضي، ولم تقرر بعد إذا كانت ستقوم بالاستئناف على الحكم في المستقبل أم لا.

انتصار للمتهمين

المُدّعى عليهم جميعهم أعضاء في طائفة إسلامية هندية صغيرة، تُعرف باسم “الداوودي بوهرا”، ولها مسجد في فارمنجتون هيلز، وتمارس هذه الطائفة ختان الإناث باعتباره من الطقوس الدينية.

وقال دفاع المتهمين في مرافعته أمام المحكمة إن “الكونغرس ليس لديه السلطة لسن قانون يمنع “تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات”، وبالتالي يجب إسقاط كل التهم المنسوبة إلى المتهمين.

وتوقع شانون سميث، محامي ناغاروالا، أن تستأنف الحكومة على الحكم، لكنه قال: “يا إلهي، لقد فزنا!، وواثقون من أننا سنفوز حتى لو استأنفنا”. ودافع سميث عن الطبيبة قائلاً “إنها إنسانة وطبيبة تتمتع بسمعة رائعة، وقد صُدِمَ المجتمع بأسره عندما تم القبض عليها”.

خطوة للوراء

شيلبي كواست، مديرة مجموعة «المساواة الآن»، وهي حملة دولية لحقوق النساء والفتيات، قالت في تصريحات لصحيفة “الجارديان” البريطانية: “بينما تتحرك بقية دول العالم إلى الأمام في قضية ختان الإناث، فإن الولايات المتحدة تتحرك إلى الوراء”.

وقالت ماريا طاهر البالغة من العمر 35 عامًا: “هذا انتهاك لحقوق الإنسان، وشكل من أشكال العنف ضد المرأة.. هذا هو العنف الثقافي”. ووافقت ياسمين حسن، المدير التنفيذي لمنظمة “المساواة الآن” على هذا الرأي قائلة إن الحكم يرسل رسالة مزعجة للنساء والفتيات.

ولايات المقصد

ويقول النشطاء، ومنهم ماريا طاهر، التي ترأس حملة من كامبريدج، ماساشوستس لحظر ختان الإناث في جميع أنحاء العالم، إن الحكم سيؤثر على عشرات الآلاف من الفتيات، ويمكن أن يحول الولايات الـ23 الأمريكية، التي لا تملك قوانين مناهضة لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، إلى “ولايات المقصد”، أي الولايات التي تقصدها العائلات التي تريد إجراء مثل تلك العملية، مضيفين أن “الحكم بمثابة ضربة لحقوق عشرات الآلاف من الفتيات المُعرضات لسوء المعاملة”

فيما قالت كبيرة المديرات في منظمة حقوق المرأة، ومؤسسة «AHA»، أماندا باركر، في تعليقها على الحكم: “هذا أمر شائن، فالأمر استغرق عدة سنوات لإبلاغ الشرطة عن المخالفات، وكذا مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI)، والمحامين، لكي يعملون معًا لتقديم تلك القضية إلى المحكمة”، وتابعت: “إسقاط التهمة يمثل ضربة حقيقية لحقوق النساء في الولايات المتحدة، وقد يعنى أنه يمكن نقل الفتيات إلى الولايات التي لا يعد فيها ختان الإناث أمرًا غير قانوني”.

ويرى البعض أن عمليات الختان في الولايات المتحدة تعتبر عملاً تجاريًا ومُربحًا للأطباء، وبالتالي يمكن أن ينتقلوا إلى ولايات أخرى لتنفيذ هذا الإجراء، لأن 11 ولاية فقط من بين 27 ولاية لديها قوانين لمكافحة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ولديها أحكام محددة تمنع نقل طفل إلى خارج الولاية لإجراء عملية الختان.

القانون غير دستوري

وفي سياق الدفاع عن القانون الذي تم تشريعه في 30 سبتمبر 1996، أشار المدعون العامّون أيضًا إلى أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يُدان في جميع أنحاء العالم – وهو أمر غير قانوني في أكثر من 30 دولة.

واستشهدوا بالتاريخ التشريعي للقانون، إلى جانب تعليقات السيناتور الأمريكي هاري ريد ودفاعه عن قانون الختان قائلا: “القضية لا تتعلق بالدين أو الجنس، وإنما تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان الخاصة، وتَعرّض الإناث لأكثر الممارسات اللاإنسانية التي يمكن أن يتخيلها أي شخص”.

في هذه الأثناء، لا تزال الطبيبة ناجاروالا والطبيب فخر الدين العطار وزوجته الطبيبة فريدة العطار يواجهون تهم التآمر وإعاقة العدالة، حيث يمكن أن يقضوا أكثر من 20 عامًا وراء القضبان بسبب هذه التهم. ومن المقرر أن يتم الحكم في تلك القضية في أبريل 2019.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

المقال الأصلي:

https://www.freep.com/story/news/local/michigan/detroit/2018/11/20/female-genital-mutilation-michigan/1991712002/

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى