الراديوقصص نجاح

قصة نجاح السياسي المصري الأمريكي مهدي عفيفي

أجرى الحوار: مجدي فكري ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة اليوم من برنامج قصة نجاح يسعدنا أن نقدم من خلالها رحلة سياسي مصري بدأ رحلته من مصر، ثم استقر في أمريكا حيث عاش زمنًا في مدينة المال والأعمال والسياسة، ثم انتقل إلى نيوجيرسي، حيث شارك في الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.

إنه السياسي الأمريكي من أصل مصري مهدي عفيفي، الذي سار في طريق السياسة منذ أن وطئت قدماه الولايات المتحدة في أواخر الثمانينيات عندما قرر الهجرة والاستقرار بشكل نهائي في أرض الأحلام؛ أمريكا.

ينحدر ضيف حلقة اليوم الأستاذ مهدي عفيفي، من أسرة عريقة في السياسة المصرية، فقد كان والده القبطان حسن عفيفي سياسيًا معروفًا وعضوا سابقًا بالبرلمان المصري عن مدينة الإسكندرية شمال مصر.

وقد ورث عن والده حب السياسة، كما سافر إلى بلدان كثيرة منذ نعومة أظافره، ثم هاجر في نهاية الثمانينات مرة أخرى إلى الولايات المتحدة.

Photo courtesy of Mehdi Eliefifi Facebook page

ومنذ بداية هجرته للولايات المتحدة، أدرك أنه لا بد له من الانخراط في المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية، كي يحدث تغييرًا مجتمعيًا حقيقيًا، وفي أثناء وجوده في نيويورك كانت أول مرحلة من دخوله في السياسة هو العمل في حملة الرئيس بيل كلينتون، والتي كانت مدينة نيويورك مقرًا لها.

بعد ذلك اندمج عفيفي في مؤسسات أمريكية معنية بحوار الأديان، ومؤسسات عربية معنية بحقوق العرب والمسلمين، واستمر في عمله كمهندس في نفس الوقت، ثم أكمل دراسته في نظم المعلومات ومراكز الاتصالات.

وكون مهدي مع مجموعة من النشطاء العرب مؤسسة علاقات عامة، قامت بالتواصل مع المؤسسات الإعلامية الأمريكية، للحديث عن حقيقة حياة العرب والمسلمين في الولايات المتحدة.

ثم انتقل من نيويورك إلى نيوجيرسي واندمج في أروقة السياسة، والمؤسسات الخدمية والاجتماعية، ثم تقلد منصب نائب رئيس أكبر مؤسسة لتنمية المجتمع المحلي في مقاطعة بايسيك، وعلى مدار 6 سنوات استمر في إدارة شؤون هذه المؤسسة بالتعاون مع مجلس الإدارة ومؤسسات أخري.

كما قام بالعمل مع مؤسسات عربية أخري في العاصمة واشنطن وكان أحد مؤسسي فرع المؤسسة العربية لمكافحة التمييز في مدينة نيويورك، مع مجموعة من الناشطين المصريين والعرب، بالإضافة الي العمل مع المؤسسة العربية للثقافة في واشنطن.

واختار عفيفي العمل مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بحملته الانتخابية في نيو جيرسي، وقد بدأ العمل مع فريق أوباما في الولاية مبكرًا قبل أن يتكون الفريق الكامل، واستطاع بخبرته أن يتعاون مع المتخصصين في مجال الانتخابات وإدارة الحوار في مراكز الرأي، حتى فوز الرئيس أوباما.

ويعتبر عفيفي من أكثر الناشطين العرب والمصريين ذوي الخبرة في مجال العمل السياسي الذي مارسه بشكل كبير على مدى أكثر من 30 عامًا، واشترك في الانتخابات ومراقبتها، والحملات الانتخابية، والكثير من الأعمال التي لها علاقة بالعمل الانتخابي في الولايات المتحدة.

لذا يعتبر أحد أبرز العرب الأمريكيين والمصريين الأمريكيين في مجال السياسة الأمريكية من خلال عمله المتواصل في الحملات الانتخابية الأمريكية.

Photo courtesy of Mehdi Eliefifi Facebook page

النشأة وعالم السياسة
بدأت الحلقة؛ بحديث السيد مهدي عفيفي عن دخوله إلى عالم السياسة، حيث كان والده أحد العوامل المؤثرة في ذلك، فقد كان والده من أوائل أعضاء مجلس الأمة، وقد جرى انتخابه مرتين إبان فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقد اشتهر باسم القبطان، لأنه كان قبطانًا بحريًا في أعالي البحار، كما تم انتخابه مرة ثالثة في عهد الرئيس السادات، وكان ممثلًا لمصر في الأمم المتحدة.

ومن خلال هذه النشأة أحب مهدي عفيفي الدخول إلى عالم السياسة، وتحدث عن صداقة والده بالسباح العالمي عبداللطيف أبو هيف، وغيره من القامات.

وتحدث عفيفي عن نشأته كذلك في منطقة الجمرك والميناء والمنشية، والتي يعتبرها الناس “الإسكندرية القديمة”، وكان بها نخبة من الجنسيات المختلفة؛ حيث تربى وسط يونانيين وإيطاليين وأرمن.

كما أوضح أن المنزل الذي نشأ فيه كان به 4 عائلات مصرية فقط، والبقية كانت من جنسيات مختلفة، وكان من بينهم يهود أيضًا، وقد ساعدته هذه النشأة على التأقلم مع العرقيات والجنسيات المختلفة.

الحياة في الإسكندرية
عن ارتباطه بوالده وعمله في البحر والتحاقه بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري؛ قال عفيفي إن والده كان يرفض في البداية التحاقه بالعمل البحري، لأنه كان يعتبره عملا صعبًا.

وأشار عفيفي إلى أن شقيقه أصبح قبطانًا بحريًا، ومعظم أفراد عائلته التحقوا بالعمل البحري، أما هو فقد التحق بكلية الهندسة، وحصل على بكالوريوس في الهندسة ومجال علوم الحاسبات.

عن النشأة في الإسكندرية والتنوع الذي كانت تحظى به؛ قال عفيفي إنه من حسن حظه أنه شهد هذا التنوع في هذه المدينة العريقة، وتحدث عن جيرانه؛ مثل سامي جورجي، الذي كان يرأس الأحياء المائية قديمًا، ومسيو ماركو بولو، الذي كان رئيسًا لشركة الصابون والصودا، ومدام كارمن التي كان لديها بوتيك في منطقة الإبراهيمية، وغيرهم من الجيران والأصدقاء.

وأوضح عفيفي أن الإسكندرية دائما ما كانت تحظى بحالة فريدة من التنوع، ليس فقط بشرية، وإنما أيضًا على مستوى الأكل، حيث تتنوع المأكولات بمختلف جنسياتها أيضًا فيها.

Photo courtesy of Mehdi Eliefifi Facebook page

السفر إلى أمريكا
وحول سفره إلى أمريكا؛ قال عفيفي: “سافرت إلى أمريكا لأول مرة في عام 1983م، حيث عملت في وظيفتين لمدة 18 ساعة يوميًا، وفي الحقيقة كنت سعيدًا جدًا، وحينها تقدمت للالتحاق بكلية الهندسة في مانهاتن كولدج في نيويورك، وتم قبولي بها.

ولكني وجدت أنني كنت لا أزال أشتاق للبقاء في مصر، كما أن الحياة ستكون صعبة إذا انتقلت بهذا الشكل إلى أمريكا، فقررت العودة إلى مصر واستكمال دراستي فيها، وأن أقرر هناك هل سأعود إلى أمريكا أم لا، لأنني أنا الوحيد في أسرتي الذي هاجرت إلى أمريكا حتى الآن”.

وعن رحلته الثانية إلى أمريكا؛ قال عفيفي “بعد انتهائي من البكالوريوس عملت بإحدى الشركات، ووجدت أن طموحي يدفعني للسفر مجددًا إلى أمريكا، وهذه المرة كان سفري بنية البقاء هناك للدراسة والعمل، وبالرغم من صعوبة القرار إلا أنني بقيت هناك، وبدأت حالة من الاستقرار، وعملت في مجال تكنولوجيا المعلومات، هذا المجال الذي أحبه جدًا وكان حينها لا يزال في بدايات طفرته”.

عالم السياسة الأمريكية
عن دخوله في عالم السياسة في أمريكا؛ قال عفيفي إنه بدأ ذلك من خلال انضمامه إلى جمعيات عربية عريقة في نيويورك، مثل الجمعية العربية لمكافحة التمييز، والمعهد العربي الأمريكي، وغيرهما من الجمعيات الأخرى، بالإضافة إلى كونه من الناشطين جدًا في مجال حوار الأديان، واهتمامه باللقاءات الثقافية والندوات وتنمية مهاراته.

عن الفارق بين الزيارة الأولى والثانية له إلى أمريكا؛ قال إن رحلته الثانية كانت مختلفة لأنه كان قادمًا إلى أمريكا ولديه قرار بالاستقرار فيها، وبالتالي فإن نظرته كانت مختلفة، وكذلك استكشافه للبيئة المحيطة به وإقامته داخل مدينة نيويورك.

وأضاف: “بدأت إقامة شبكة علاقات واتصالات مع المجتمع من أجل الاندماج فيه، ومحاولة تصحيح الصورة النمطية عن المصريين وعن العرب، خاصةً وأننا كعرب لم نكن نمثل أنفسنا بصورة صحيحة في هذا المجتمع، وعلى مدار الـ 30 سنة الماضية حدثت تغيّرات إيجابية في هذا الموضوع بعد نجاح بعض الأنشطة والمحاولات المهمة السابقة”.

وتحدث عفيفي عن لقائه بأول سيناتور عربي، وهو جيمس أبو رزق، والذي كان من أبرز المشجعين له في هذا المجال، سواء الدخول إلى عالم السياسة أو حتى بالاستمرار في تصحيح الصورة النمطية عن العرب في المجتمع الأمريكي.

ويعتقد عفيفي أن أحداث 11 سبتمبر بالرغم من بعض مساوئها إلا أنها لم تؤثر على المواطن الأمريكي العربي النشط الذي يستطيع أن يتكلم جيدًا ويعرف ما له وما عليه، والمواطن الذي يتمكن من إظهار نفسه بشكل صحيح ويأخذ حقوقه، ويكون جزءًا فاعلًا.

Photo courtesy of Mehdi Eliefifi Facebook page

وعن أهم ذكرياته عن حملة بيل كلينتون التي كان جزءًا منها؛ قال عفيفي إنها كانت في مدينة نيويورك، ولم يكن يتخيل الناس أن كلينتون القادم من قرية في ولاية بعيدة جدًا سيصبح رئيسًا للولايات المتحدة، وأن يكون بهذه الشعبية، فكلينتون غيّر الكثير من المفاهيم، وهذه في العموم هي أمريكا، فهي بلد تحقيق المستحيل، سواءً كان ذلك في حملة بيل كلينتون أو حملة أوباما، التي كان عفيفي فيها في المركز الثاني في الولاية، وهذ الأمر لم يحدث في تاريخ أي فرد عربي من قبل.

عضوية الحزب الديمقراطي
وعن عضويته بالحزب الديمقراطي واختياره له دون الحزب الجمهوري؛ قال عفيفي: “التحقت بعضوية الحزب الديمقراطي في أوائل التسعينات، وسبب ذلك أن هذا الحزب عادةً يؤيد حقوق الأقليات أكثر ويدعم المغتربين، وأفكاره قريبة من الخلفية المصرية والأصول العربية التي أتيت منها، لذلك وجدت أن الانضمام لهذا الحزب سيتيح لي فرصة للاندماج في الحياة السياسية، وأن أكون مؤثرًا من خلاله”،

وعبّرَ عفيفي عن أسفه تجاه ضعف المشاركة والممارسة السياسية والحزبية من جانب العرب الأمريكيين حاليًا، كونها قليلة جدًا ولا تتناسب مع حجم الجالية العربية في الولايات المتحدة

وأوضح أن هناك اختلاف بين الولايات والمدن والمقاطعات بعضها البعض، فعندما تكون هناك جالية عربية كبيرة في إحدى المقاطعات أو المدن فإن نسبة المشاركة تكون كبيرة، مضيفًا أن تأثير الجاليات العربية في الانتخابات الرئاسية محدود إلا في بعض المناطق التي يكون فيها التمثيل العربي مركزًا، مثل فيرجينا ونيو جيرسي، حيث يكون التأثير واضحًا في انتخابات الكونجرس في تلك المناطق.

حملة أوباما
وعن مشاركته في حملة الرئيس السابق باراك أوباما، قال عفيفي إنه شارك فيها منذ بداياتها، والتي بدأت قبل سنتين من الانتخابات الرئاسية، وحينها كان هناك 10 مرشحين عن الحزب، ولم يكن أوباما مرشحًا للفوز.

Photo courtesy of Mehdi Eliefifi Facebook page

وأوضح عفيفي أنه من خلال دراسته لشخصية الرئيس أوباما، ومن خلال الحملة التي كان يتولاها في نيو جيرسي، حيث كان عفيفي يقيم هناك حينها، أدرك أن أوباما كان رجلًا مثقفًا على أعلى درجة، وأستاذًا في القانون، وقد بدأ العمل في هذه الحملة التي كانت تقوم على عاتق 3 أو 4 أفراد في البداية بمركز هذه الولاية، قبل أن يصل العدد في نهاية المطاف إلى 4 آلاف شخص.

وقال عفيفي إنه سبق له أن التقى الرئيس بيل كلينتون، والتقى كذلك بزوجته هيلاري كلينتون، كما التقى أكثر بالرئيس باراك أوباما، وهو من الشخصيات البسيطة والمقربة من قلبه.

في الختام، أوضح عفيفي أنه يميل إلى الموسيقى والأغاني العربية القديمة، مثل أغاني سيد درويش وسيد مكاوي وموسيقى عمر خيرت، تلك الموسيقى التي لا تفارقه، والتي يعتقد أن بها لمحات مصرية كثيرة تشعره بالجو المصري.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى