قصص نجاح

فضة بوزيان.. قصة نجاح نسائية في مجال الإعلام الرياضي

فضة بوزيان.. اسم من الأسماء التي برزت على الساحة الإعلامية في الجزائر، فهي من الصحفيات اللاتي أثبتن وجودهن بقوة في الوسط الصحفي والإعلامي. ورغم عمرها المهني القصير، إلا أنها استطاعت أن تحتل مكانة مرموقة بين الصحفيات والإعلاميات، وخاصة في مجال التعليق وتقديم البرامج الرياضية.

فمن خلال صوتها المميز وتعليقاتها الفريدة من نوعها، في إذاعة غليزان الجهوية، استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة خاصة في قلوب الجمهور، الذي ارتبط بصوتها في التعليق على مباريات الفرق الرياضية، ومتابعة كل كبيرة وصغيرة في المجال الرياضي وعالم الكرة المستديرة، وأخبار اللاعبين والأندية المحلية.

وبجهدها وكفاءتها استطاعت أن تصنع لنفسها اسمًا مميزًا في عالم الصحافة الرياضية، مما جعلها نموذجًا للصحفية والمعلّقة الناجحة على المباريات، ولأن التعليق على المباريات يستهويها كثيرًا فهي تحبذ بأنّ تكون متواجدة في الملاعب على أن تبقى حبيسة الاستوديوهات.

بداية إعلامية

العمل بمهنة الصحافة كان هم الحلم الذي راود فضة بوزيان منذ صغرها، حين أعجبت بأبرز الصحافيات آنذاك أمثال خديجة بن قنة، ونصيرة مزهود وأخريات، ورغم تفوقها في المواد العلمية إلا أنها فضلت الالتحاق بمعهد الإعلام والاتصال بوهران.

وبمجرد تخرجها منه عام 2002، قامت بالتدريب في جريدة الجمهورية لمدة ثلاثة أعوام، ثم عملت كصحفية مراسلة في العديد من الصحف الوطنية من بينها «منبر الغرب» و«الجزائر نيوز»، بالإضافة إلى عناوين أخرى. وفضلت العمل بالقرب من أهلها رغم أن الفرصة كانت سانحة أمامها للسفر إلى العاصمة للانطلاق بقوة وتحقيق ذاتها.

إذاعة غليزان

وفي عام 2006، وجدت فضة بوزيان الفرصة لتحقيق حلمها بالعمل الإذاعي، حيث شهد هذا العام إنشاء إذاعة غليزان المحلية، التي سعت لأن تكون واحدة من طاقم العاملين بها، وقالت في هذا الصدد «إن إنشاء إذاعة محلية في ولايتنا وقتها كان حدثًا تاريخيًا، حيث وجدت نفسي مع الذين حالفهم  الحظ في تحقيق أحلام جميلة، والولوج لعالم الصحافة من أبوابه الواسعة”.

تقدمت فضة بوزيان للالتحاق بإذاعة غليزان عن طريق مسابقة توظيف مع بقية الزملاء، وقالت إنها عاشت فترة ممزوجة بالسعادة والتوتر قبيل اجتيازها للمسابقة التي تسبق عادة مرحلة التوظيف.

وبالفعل نجحت وتم قبولها، لتعمل في قسم التحرير كمقدمة أخبار وبرامج إخبارية، في تجربة جديدة في مسارها المهني كإعلامية مبتدئة، ثم قامت بعمل تغطيات ميدانية وربورتاجات.

وكانت بداية انطلاقتها الإذاعية بتقديم ركن في برنامج صباح الخير لإذاعة غليزان، وهو الصباح الرياضي، على شكل أخبار رياضية مختصرة حول مستجدات الساحة الرياضية، بالإضافة إلى أخبار النجوم والفرق، التي كان يقدمها آنذاك مدير الإذاعة السيد هواري حساني، المعلق الرياضي المعروف، وبعدها ترك لها المهمة رفقة زميلها بالإذاعة توفيق بوخاتم.

وساعدتها خبرتها السابقة التي اكتسبتها كمراسلة في عدة جرائد على تدعيم موقعها والإبداع في عملها بكفاءة عالية، حيث أنجزت العديد من البرامج أهمها «من عمق غليزان»، «وقفات رياضية»، «السباق الرياضي»، «أستوديو الأبطال».

التعليق الرياضي

ميول فضة بوزيان للإعلام الرياضي وحبها له دفعها إلى خوض مغامرة في مجال كان حكرًا على الرجال، وهو مجال التعليق الرياضي على مباريات كرة القدم مباشرة في الملاعب.

وتروي بوزيان تجربتها في التعليق على مباريات كرة القدم فتقول: “كنت أحضر في الملاعب رفقة الزميلين هواري حساني وتوفيق بوخاتم كمتابعة ومتفرجة، حتى اكتسب خبرة في هذا المجال، ومن تمّ كانت الانطلاقة، بعدما تعرفت على أبجديات التعليق من ملعب الشهيد زقاري الطاهر لغليزان، رفقة فريق سريع غليزان، الذي كان ينشط في بطولة مابين الرابطات”.

وتضيف: “في ملعب المغرب العربي بوادي ارهيو، كانت البداية صعبة، فقد كنت أفكر في كيفية إثبات وجودي في هذا العالم الخاص بالرجال، وبحمد الله وجدت كل الدعم من الزملاء بالإذاعة، ومن ممثلي الفرق والأندية، والذين يعود لهم الفضل في دعمي، كما كان الفضل أيضًا للجمهور الذي رحب بي في الملاعب”.

وتتابع: “هذا الدعم زادني عزما وإرادة للمضي قدما نحو تقديم الأفضل، فعلقت على العديد من مباريات كرة القدم الخاصة بالرجال والسيدات، والتي مثلت محطات بارزة في مشوارها المهني في مجال التعليق الرياضي، واستطاعت من خلالها أن تكتسب محبة الجماهير الرياضية.

وكانت أشهر تعليقاتها بملعب الشهيد زوقاري الطاهر الذي كان مسرحًا لمباراة مولودية وهران وجمعية الشلف لحساب الدور ربع النهائي لكأس الجمهورية سنة 2007، كما علّقت على ثلاث مباريات نهائية لكأس الجمهورية سيدات من ملعب زرالدة بالعاصمة رفقة محمد توفيق بوخاتم.

إثبات وجود

تؤكد بوزيان أنها فخورة بما قدمته في مجال التعليق الرياضي، خاصة وأنها قامت بالتعليق على مباريات أعرق الفرق والمدارس الكروية الجزائرية، على غرار مولودية وهران، وفاق سطيف، شبيبة القبائل، وغيرها من فرق القسمين الأول والثاني، إلى جانب تعليقها على مباريات كرة اليد لفريق شبية غليزان للكرة الصغيرة.

وعن أبرز ذكرياتها مع مجال التعليق تقول: “كان لي الشرف أن أتابع وأتنقل مع فريق “أفاق غليزان” لكرة القدم سيدات إلى ملاعب العاصمة في مباريات الدور النهائي لكاس الجمهورية، وعشت مع اللاعبات فرحة التتويج بالسيدة الكأس خمس مرات متتالية.

وتضيف:”من بين المباريات التي لا أزال احتفظ بها في ذاكرتي هي مواجهة الدور ربع النهائي لكأس الجزائر لكرة القدم رجال سنة 2008 بين مولودية وهران وجمعية الشلف بملعب الشهيد الطاهر زقاري لغليزان، عندما كنت أنقل المباراة للقناة الإذاعية الأولى، وقتها انتهت كل المباريات في وقتها الرسمي، باستثناء اللقاء الذي كان يجري في غليزان، حيث وجدت نفسي بمفردي على أمواج القناة الأولى أنقل هذا اللقاء الذي تواصل إلى 120دقيقة، حينها أشاد بي من تابعوني، وقالوا إنني أثبتت وجودي في أوساط زملائي الذكور من مختلف الإذاعات الجهوية”

متاعب المهنة

وعن أبرز الصعوبات والمتاعب التي واجهتها في مهنتها تقول بوزيان: “من بين المتاعب التي واجهتني في الميدان هو نقص الإمكانيات المادية على مستوى الملاعب، خاصة في فصل الصيف، حيث تكون فيه درجة الحرارة مرتفعة، مما يشكل صعوبة في نقل المباراة كما يجب، أيضًا في بعض الأحيان يمكن أن تواجه مشاكل مع الجمهور الذي يشكك في موضوعيتك ونزاهتك، وميولك لفريق دون الآخر، خاصة إذا كان اللقاء يجمع فريقين من نفس الولاية أو من نفس المنطقة، لكني استطعت بحمد الله تخطي كل هذه الأمور التي أصبحت واحدة من جوانب العمل الإعلامي.

وترى بوزيان أن الإذاعة أصبحت تواجه منافسة شرسة من جانب مختلف وسائل الإعلام الأخرى، وبات عليها أن تفرض وجودها في ظل انتشار صحافة الفيسيوك ومواقع التواصل الاجتماعي.

مشيرة إلى أنه للبقاء في الساحة أصبحنا ننقل المباريات على المباشر عبر الأثير، وعلى صفحة الفيسبوك لإذاعة غليزان، لأن الصحفي أصبح مجبرا على مسايرة هذه التطورات للحفاظ على مصداقية الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها.

خدمة الرياضة

وترى بوزيان أنّ خدمة الرياضة المحلية يتحقق بالعمل الإعلامي الهادف، مشيرة إلى أن الآلاف من أنصار فرق «الرابيد» و«آفاق غليزان» و«شباب وادي راهيو»، يعرفون جيّدا من هي فضة بوزيان، لأنها جعلت خدمة هذه الفرق نصب عينيها، حتى ولو كان ذلك على حساب عطلتها. وقالت إنها لا زالت تقدم كل مجهودها خدمة للإعلام الرياضي، خاصة في ظل التطورات التي يشهدها مجال الإعلام بصفة عامة بفضل التكنولوجيات الحديثة.

جهود فضة في خدمة الرياضة المحلية في ولاية غليزان جعلها محل تقدير واحترام جماهيرها بصفة عامة وجمهور “سريع غليزان” على وجه الخصوص، الذي يبحث دائمًا عن المعلومة الرياضية التي تخصّ فريقه.

كما أن تميّز الصوت النسوي في التعليق الرياضي ليس أمرًا سهلا في هذه الولاية، لكنّها تخطت كل الظروف، وصنعت لها اسمً مميزًا ا ليس في غليزان وحدها وإنّما في الجزائر ككل. ورغم كل ما حققته ترى بوزيان أنّ النجاح مازال بعيدًا، مؤكدة أن كل ما تسعى إليه هو أن تكون عنصرًا فعالاً لخدمة الرياضية الجزائرية بشكل عامّ.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى