الراديوقصص نجاح

عرب أمريكا والتطلع إلى المستقبل.. قصة نجاح د. عبد المجيد قطرنجي

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

حلقة جديدة من برنامج “أمريكا بالعربي” مع الدكتور عبدالمجيد قطرنجي، مؤسس والمدير التنفيذي لمركز قطرنجي لجراحة اليد، وحوار خاص تناولنا خلاله العديد من المحاور، وعلى رأسها الجدل الدائر حول لقاح كورونا وفعاليته، وما يتردد من مزاعم حوله.

حيث حدثنا الدكتور قطرنجي عن تجربته الخاصة بعد تلقى اللقاح، ولماذا أقبل على تلقيه؟، وما مدى صحة ما يثارك حول أعراضه ومخاطره؟، وما الذي ينصح به في هذا الإطار؟، كما تطرقت الحلقة للحديث حول قصة قدوم عائلة الدكتور قطرنجي إلى أمريكا ونشأته ومشواره العلمي والمهني، وكذلك تخصصه الطبي والجديد في مجال جراحات اليد، ونصائحه التي يوجهها لمرضى أعصاب الذراع وآلام الرسغ والكوع.

تناول الحوار أيضا أوضاع العرب والمسلمين في الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد ترامب وخلال ولاية بايدن، وكيف يتخلص الأمريكيون من مشاكل الاستقطاب والعنصرية التي عانوا منها خلال السنوات الماضية، وما الذي سيتغير في سياسة أمريكا تجاه الشرق الأوسط.

جديرٌ بالذكر أن الدكتور عبد المجيد قطرنجي هو أخصائي جراحة اليد، وهو أيضًا محلل سياسي وخبير في شؤون الشرق الأوسط والسياسة الإسلامية الأمريكية، كما أنه عضو في مجلس إدارة مؤسسة Emgage Action الرائدة في الدفاع عن قضايا المسلمين بالولايات المتحدة، وله خطابات أمام الأمم المتحدة والمجلس الأوروبي ومعهد السلام بالولايات المتحدة وأيضًا بالبيت الأبيض.

النشأة والبدايات
* دكتور قطرنجي؛ هل لك في البداية أن تحدثنا قليلًا عن نشاتك ومشوارك العلمي والمهني وقدومك إلى الولايات المتحدة؟

** في الواقع فقد هاجر والدي ووالدتي إلى الولايات المتحدة مبكرًا، تحديدًا في عام 1973م، حيث كانت الهجرة آنذاك غير معتمدة على السياسات التي نواجهها الآن، إذ كانت نسبيًا سهلة، ففي تلك الأثناء كانت حرب فيتنام وكانت هناك حاجة لاستقدام الأطباء إلى الولايات المتحدة، لدرجة أن والديّ عندما ذهبا إلى السفارة للانتهاء من الأوراق، عرض عليهما مسؤولو السفارة أن يحصلا على الـGreen Card مباشرةً.

* قبل أن تكمل الإجابة.. أود أن أحييك على لغتك العربية السليمة، وكونك تتقنها بشكل مميز، بالرغم من كونك من أبناء مهاجرين قدموا إلى الولايات المتحدة في العام 1973م.

** احتفاظي بلغتي العربية سليمة وجيدة يعود إلى اهتمام والديّ بحضور المدارس العربية والإسلامية في صغري، وقد ساهم ذلك في احتفاظي بجذوري العربية وانتمائي لمنطقة الشرق الأوسط وثقافتها، وبالتالي لم أشعر بالإنشقاق النفسي أو الثقافي بين كوني عربيًا وأمريكيًا.

قبلة العلماء
* نجحت الولايات المتحدة في أن تكون قبلة للعلماء والمبدعين، ليس فقط من العالم العربي بل من كل أنحاء العالم، فطبقًا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن 50% من الأطباء و23% من المهندسين و15% من العلماء من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون إلى بريطانيا وكندا والولايات المتحدة.

حضرتك وُلِدت لأبوين مهاجرين، كلاهما أطباء، فلماذا تستقطب الولايات المتحدة الأمريكية هذه النسبة العالية من الأطباء برأيك؟

** بالرغم من أحدادث 11 سبتمبر، إلا أن أمريكا لديها قابلية لاستقبال كل الناجحين والأذكياء، وهذا سر نجاح أمريكا وكندا وبريطانيا، فالفكرة تكمن في أنه إذا كان بمقدور الدولة أن تستقطب أيّ شخص يمكنه أن يطور نفسه.. فإنها تفعل ذلك وهى تتطلع إلى الأمام والمستقبل.

وأنا أحمد الله أن والدي، د. عبدالرحمن قطرنجي، ووالدتي، د. غالية قطرنجي، قد استطاعا أن يزرعا فينا نفس الشئ، وهو التطلع إلى المستقبل، والحمدلله أنني ومعظم إخوتي أطباء، أحدهم طبيب أسنان، وآخر طبيب عناية مشددة، وأختى محامية، وأخي الصغير طبيب ومتخصص أكثر في تكنولوجية الطب.

من الأمور الجميلة بالجالية العربية هنا هو أنها تدفع أبناءها وبناتها نحو التعليم العالي، ولا سيّما دراسة الطب، وربما هذا من باب الحرص على تأمين الدخل المادي لهم لكون المردود المادي للأطباء مرتفع.

لكن في نفس الوقت ليس من الضروري أن تكون الدراسة محصورة في الطب، فالفرص في أمريكا وكندا متاحة ومميزة في كافة المجالات، ونحن كعرب من الشعوب الخلاقة التي يمكنها أن تبدع في أيّ مكان كانت موجودة فيه.

ذكريات في سوريا
* دكتور قطرنجي؛ أنت وُلِدت ونشأت في الولايات المتحدة، لكن هل لك ذكريات خاصة في سوريا؟

** قبل الأزمة الحالية التي تمر بها سوريا، كانت لدينا فرص كثيرة كي نزور سوريا في الثمانينات والتسعينات، كنا نزور مناطق مختلفة في سوريا، فوالدي من حماة ووالدتي من حلب، لذلك كانت لدينا الفرصة كي نزور سوريا بأكملها، من دمشق إلى حماة إلى حلب إلى إدلب والحسكة، سوريا بلد جميل وشعبها طيب وتاريخها عميق.

وكانت لنا فرصة أيضًا أن نزور لبنان وبعض الدول الخليجية، وخلال كل هذه الزيارات، سواءً في سوريا أو خارجها، كنا نعيش روح هذه البلدان، ونتعرف على تفاصيلها، فلم تكن سياحة سطحية، وإنما كنا نزور تلك البلدان بروح أبناء البلد.

بعيدًا عن الطب
* حدثنا عن علاقتك بالثقافة العربية واهتماماتك الأخرى بعيدًا عن الطب؟

** في الحقيقة، وكما ذكرت سابقًا، أنا نشأت في عائلة طبية، ولكن في نفس الوقت كانت عائلة منفتحة وتؤمن بالعلم والثقافة والنقاش، لذلك وبالرغم من تخصصي في المجال الطبي إلا أنني مهتم بالجانب السياسي ولي أصدقاء كثيرين في مجال السياسة وغيرها من المجالات.

وأود هنا أن أشير إلى افتخاري بأصلي العربي، رغم أنني أمريكي وأعرف التاريخ الأمريكي جيدًا، ولغتي وثقافتي الأمريكية قوية جدًا.

فالشعب العربي سيبقى، ويجب على كل عربي أن يفتخر بعروبته، فنحن أقدم شعب على وجه الأرض، ويظهر جليًا مدى توغل ثقافتنا العربية في مختلف الثقافات واللغات الأخرى، ويزداد فخري عندما أجد العديد من المراكز العربية والإسلامية في أمريكا التي تعمل على بناء جسور وعلاقات بين الجاليات وأوطانهم الأصلية.

وأنا أفتخر جدًا بشعوبنا العربية الموجودة في مختلف الولايات، لكن في الحقيقة أعتبر أن ميشيجان هى وطني العربي الثاني، فعلى سبيل المثال.. بالنسبة للمطاعم، لم نعد نقول أننا سنذهب إلى مطعم عربي، بل إلى مطعم لبناني أو عراقي أو سوري..، بل حتى أيضا بتنا نقول أننا ذاهبون إلى مطعم دمشقي، أو مطعم حلبي، أو مطعم بغدادي، هذا التنوع في الثقافات العربية أصبحنا نتناوله هنا من خلال مطاعمنا العربية.

جراحات اليد
* لماذا اخترت تحديدًا تخصصك في مجال جراحات اليد؟، وما هو الجديد في هذا التخصص؟

** بدأت طريقي مع الطب من خلال جامعة ميشيجان، ثم درست بكلية الطب البشري (College of Human Medicine)، وتفوقت وحصلت على شهادتي، ثم التحقت بجامعة إلينوي في مدينة بيوريا، ومن المعروف أنها من أكثر المدن التي تستقطب العرب المهاجرين إلى أمريكا.

في جامعة إلينوي بدأت أدرس الجراحة، والحالات الإسعافية الطارئة نتيجة الحوادث أو غيرها، وكانت اليد أو الذراع من أول الأجزاء التي تتضرر بالجسم، وكان هذا التخصص من النادر أن تجد أطباء كثر متخصصين فيه، وجراحة اليد هى جزء من الجراحة العامة، وأيضًا جزء من جراحة التجميل والجراحة العظمية، فاليد من أهم أجزاء الجسم التي يعتمد عليها الإنسان في حياته.

وبالإضافة إلى معالجة مشكلات اليد، والكوع، والرسغ، وما يتعلق بها من أعصاب وعضلات وعظام، فإننا نعالج أيضًا التقرحات الجلدية المتعلقة بها، وهذه جراحات تجميلية، ونقوم بمعالجتها أيضًا في القدمين والظهر، ونحن متفوقين في ذلك بفضل الله.

فيروس كورونا
* حدثنا عن تجربتك في تلقي اللقاح، ولماذا قمت بتصوير نفسك في فيديو أثناء تلقيّه؟، وما مدى صحة ما يُثار حول أعراض اللقاح ومخاطره؟، وما مدى صحة ما يُقال في هذا الإطار؟

** لا شك أن فيروس كورونا مزعج جدًا، وله طبيعة خاصة ويصيب الكل، لذلك دائمًا ما نشجع الناس على ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي، ومن المؤسف أن بعض الناس يرتدون الكمامة لتغطية أفواههم دون أنوفهم!، هذا بخلاف نظريات المؤامرة والمنشورات المغرضة التي تنال من اللقاح.

واللقاح عبارة عن بروتينات مشابهة لفيروس كورونا، وهو يشبه أيّ لقاح آخر، فهو ليس الفيروس نفسه، ولكنه anti-bodies لمواجهة الفيروس بمجرد دخوله للجسم، ومن الضروري مراعاة طبيعة الأشخاص ذوي التاريخ المرضي المتعلق بالحساسية من اللقاحات، والتلقيح يتم من خلال حقنة “إبرة” بسيطة، قد تحدث أحيانًا تورم خفيف في الذراع قد يستمر ليوم واحد، ولا أعراض أخرى بالجسم قد تحدث.

* وصلنا إلى نهاية الحلقة، لم نتناول العديد من المحاور، بعضها متعلق بلقاح كورونا، وأخرى متعلقة بالفوضى التي رأيناها مؤخرًا بين أنصار الحزب الجمهوري والديمقراطي، وغيرها من الموضوعات التي نأمل أن نتناولها في لقاء آخر مع الدكتور عبدالمجيد قطرنجي.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى