الراديوقصص نجاح

د. ظافر عبيد.. قصة نجاح ودروس في الإنسانية

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

هنا أمريكا.. أرض الأحلام، حيث تحط الطيور المهاجرة من كل بلاد العالم بحثًا عن حياة جديدة في أرض الفرص، هنا قصص نجاح كبيرة لشخصيات عربية في أمريكا، نجاح سبقه الكثير من المعاناة مع الغربة وكثير من الجهد والكفاح، في طريق طويل لم يكن مفروشًا بالورود، بل كان مليئًا بالمصاعب والتحديات، لكن طيورنا نجحوا في تحويل آلام الغربة ومعاناتها إلى إبداع ونجاح، ولم ينسوا وسط كل ذلك أوطانهم العربية الأم.

حلقة جديدة من برنامج “طيور مهاجرة”، استعرضنا خلالها تجربة ناجحة لأحد الطيور المهاجرة، وهو الطبيب الأمريكي من أصل سوري، الدكتور ظافر عبيد، أخصائي الطب العام، والذي اختارته حاكمة ميشيجان ضمن “لجنة حماية ميشيجان”، وشارك في حملة راديو صوت العرب للتوعية حول سلامة لقاح كورونا.

أصول سورية عريقة
في مقدمة الحلقة؛ تم عرض نبذة سريعة عن الدكتور ظافر عبيد، الطبيب الأمريكي من أصل سوري، الذي درس في مدارس سوريا، وكان الأول في مرحلة البكالوريا على مستوى القطر السوري عام 1988م، وتخرج من كلية الطب بجامعة دمشق عام 1994م، وذلك قبل قدومه إلى الولايات المتحدة لاستكمال مسيرته العلمية في مجال الطب العام، وحصوله على البورد الأمريكي عام 2000م، هو الآن يشغل منصب المشرف على المركز الصحي التابع للمجلس العربي الأمريكي الكلداني (ACC) في مدينة ديترويت بولاية ميشيجان.

بعدها تناول الدكتور عبيد بعضًا من ذكرياته في سوريا، والمرحلة التي سبقت قدومه إلى أمريكا، حيث قال إنه ينحدر من عائلة سورية كانت تسكن في منقطة قريبة من قلعة الحصن في حمص، وهى منطقة سياحية معروفة، وتحدث عن عصامية والد جده الذي استطاع أن يصل 4 من أبنائه ليصبحوا أطباء بالرغم من صعوبة التعليم في ذلك الوقت، وكان جد الدكتور عبيد طبيبًا من خريجي الجامعة الأمريكية ببيروت، حيث تخرج منها قبل 100 عام.

وتحدث د. ظافر عن القيم التي تميزت بها عائلته، حين وضعت تحصيل الأبناء للعلم، وفي نفس الوقت مساعدة الناس وتقديم الخدمات لهم بدون مقابل، كهدف رئيسي يسعى جميع أفراد العائلة لتحقيقه، كما تحدث عن أهمية غرس مثل هذه المبادئ والقيم في الأطفال منذ صغرهم، كما تناول سيرة بعض أفراد عائلته، مثل عمّه، د. مكرم عبيد، ودوره البارز والوطني في مجال الإتصالات.

إنسانية متوارثة
ورِثَ الدكتور ظافر عبيد عن والده، الدكتور عصام عبيد، إنسانيته ورفقه بالمرضى الفقراء والمحتاجين، وقد كان والده مديرًا لمستشفى دوما في فترة السبعينات، حيث عمل على تحسين الوضع الخدمي بالمستشفى من أجل خدمة الناس، كما تحدث عن مساعدته للناس يوميًا وعلاجهم بدون مقابل في منزلهم بمنطقة العباسيين في دمشق.

أما والدته؛ فهى من أصل لبناني، وقد ساعدت والده بشكل مؤثر خلال مسيرة عمله وساندته في كل الأمور، كما تحملت أعباء المنزل وتربية الأبناء على الوجه الأمثل، أما أخيه فهو طبيب أسنان، وقد ورث معه عن والده كل الصفات الطيبة التي يتحلى بها، والتي أبرزها.. التواضع ومساعدة الآخرين.

عن أسرته وحياته الخاصة؛ تحدث الدكتور عبيد عن قصة تعارفه بزوجته، وهى لبنانية و تعمل في مجال المحاسبة، وقد تزوجا في عام 2007، وقد أنعم الله عليهما بـ 3 أبناء، وتناول أيضا طبيعة التوافق مع زوجته وأسرته.

ذكريات جميلة
من أبرز ذكرياته عن سوريا؛ بساطة الشعب السوري وكرمه ومحبته لبعضه البعض، فالطائفية والكراهية لم تكن موجودة أبدًا، وهذه الأمور كانت من أبرز ما يميز السوريين، وكذلك الأكل السوري الشهيّ والمميز.

وعن توجهه لدراسة الطب؛ قال إنه بعد حصوله على البكالوريا، كان عليه أن يختار بين كلية الطب أو مجال البحوث العلمية، حيث اختار الطب، وبعد التخرج من كلية طب دمشق، تواصل مع عمّه بأمريكا، الجراح فاروق عبيد، الذي شجّعه على القدوم إلى هنا واستكمال دراسته، كما تطرق الحديث إلى أفضال الدكتور فاروق، ودوره العربي والخدمي المشرف داخل الجاليات العربية الموجودة في أمريكا.

الطب .. رسالة إنسانية
عن نظرته للطب ونظرة بعض الناس إلى هذه المهنة على أنها سبيل لجمع المال فقط؛ قال الدكتور عبيد إن “الطب يشبه أيّ مهنة أخرى، لكن به لمسة إنسانية لا يمكن إنكارها، فالإنسان عندما يمرض يبحث عن من يساعده للتخلص من ألمه، صحيح أن هناك بعض الناس الذي يدخلون إلى مجال الطب بحثًا عن الجانب المادي، ولكن أغلب الأطباء يتعاملون مع الطب على أنه مهنة إنسانية سامية”.

كما حكى الدكتور عبيد عن عمله بالمركز العربي الأمريكي الكلداني (ACC)، والذي يعد من أبرز المنظمات غير الربحية التي تسعى لتقديم الخدمات للمهاجرين واللاجئين والقادمين الجدد من الشرق الأوسط، وذلك في مجالات مختلفة، من أهمها الهجرة والصحة والترجمة، وتناول السبب الذي جعله يختار العمل بهذا المركز، والاستمرار فيه دون افتتاح عيادة خاصة به.

مبادئ طبيب
عن علاقته بالمرضى؛ قال: “هناك مبدأين مهمين عند تعاملي مع المرضى، الأول هو أن أعطي المريض وقته، فالشكوى الكبرى من معظم الأطباء هى أن الطبيب لا يعطي للمريض وقته كي يعبّر عن شكواه، فبعض الاطباء يشعرون المريض بأن وقتهم ضيق ولا يستعمون إلى كل ما يقوله، وهذا مؤسف للغاية”.

وتابع الدكتور عبيد: “المبدأ الثاني هو المتابعة، فإذا أجرى الطبيب فحصًا للمريض عليه أن يخبره عن نتائجه، ويغلف كل هذه الأمور بمبدأ الاحترام المتبادل، وعدم التكبر على المريض، ومشاركته في صنع قراره فيما يخص مرضه”.

نموذج مشرف
اختارت حاكمة ميشيجان مؤخرًا، الدكتور عبيد، ضمن لجنة الحماية من وباء كورونا، وأشارت في بيانها إلى أن هذه اللجنة تضم شخصيات تمثل مختلف القطاعات، وأنهم سيساعدون بفاعلية في التوعية بلقاحات كورونا في الولاية، وقال الدكتور عبيد إن “الحاكمة اختارت مركز ACC بفضل دوره التوعوي والخدمي الذي يقدمه، كما اختارته شخصيًا لتاريخه الطويل في مجال الطب والتوعية، حتى من قبل الجائحة الأخيرة”.

وفي تلخيص مبسط لرحلة وقصة نجاح الدكتور ظافر عبيد، قال إن “الأهل لهم دور كبير في توجيه الأبناء ورعايتهم وتأمين الجو المثالي لنجاحه، كما يجب ان تكون اختيارات الشخص بناءً على ما يحبه ويطمح إليه”، ودعا كل صاحب طموح وكل باحث عن النجاح إلى بذل الجهد والتعب من أجل تحقيق ذاته وطموحه، وألا يجعل جمع المال هو كل همّه، وأن يعمل على تنشئة أولاده بالشكل الجيد من أجل أن يفخر بهم مستقبلًا.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى