حوار خاص جدا للكاتبة الصحفية عبير سعدي في راديو “صوت العرب من أميركا”
السعدي تروي مغامراتها كمراسلة حروب وذكرياتها في بلاط صاحبة الجلالة
فهرس المحتوى
واشنطن – الاستماع للتاريخ ممن عاشوه له متعة خاصة تختلف عن قراءة الكتب، والكاتبة الصحافية عبير سعدي من الشخصيات القليلة التي عايشت وقائع وأحداث تكتب في التاريخ، فهي لفت حول العالم كمراسلة حروب، ولها ذكريات عديدة يختلط بها الآلام والأوجاع، وتمتزج فيها الشجاعة والصمود.
حول هذه التجارب والذكريات تحدثت عبير سعدي مع الإعلامية ليلى الحسيني في برنامج “شخصيات صنعت تاريخا” والذي يذاع على راديو صوت العرب من أميركا.
وغطت السعدي العديد من الأحداث في مختلف مناطق الأزمات حول العالم، ودار اللقاء معها حول التحديات التي تقابل الصحفيين والصحفيات بشكل خاص في مناطق الأزمات والأخطار في العالم العربي خاصة بعد الفترات الأخيرة التي شهدها الوطن العربي بشكل عام.
بدأت ليلى الحسيني تقديمها لعبير السعدي قائلة “استطاعت عبير السعدي أن تحفر اسمها بين رواد العالم كمراسلة حروب، وكاتبة صحافية أكاديمية وباحثة سياسية تميزت تحقيقاتها في جريدة الأخبار المصرية بالجرأة، وغطت السعدي أحداثا كثيرة في بلاد الأزمات كسوريا والعراق وخاضت العديد من المعارك في حياتها لتحفر اسمها بقوة في تاريخ الصحافة”.
وسألت ليلى “من هي عبير السعدي؟”
أجابت السعدي “ولدت في القاهرة من أصل أسواني حيث جاء أجدادي وأعتز دائما ببلدي، شعرت أنه لابد أن يكون لي رسالة أكبر من التخرج من الجامعة وكنت دائما أزور بلدة أجدادي الصغيرة في أسوان وأتواصل مع أقراني وحلمت أن أكون مثال للعلماء الذين رأيتهم”.
وأضافت السعدي “بدأت العمل الصحفي في مرحلة مبكرة جدا بالتزامن مع الدراسة، وكنت أتابع كبار الكتاب في المنطقة، وجاءتني الفرصة في سن الرابعة عشر وقت الدورة الخامسة للألعاب الرياضية التي أقيمت في مصر، حيث أعلنوا عن الحاجة إلى صحافيين متطوعين”.
وتقول السعدي “التحقت في هذا التوقيت بكلية الإعلام جامعة القاهرة في قسم الصحافة، ومن خلال الدراسة التحقت بأهم مدرسة صحفية وأعرقها وهي مدرسة أخبار اليوم، مدرسة السبق الصحفي والانفرادات، حيث اشتهر محرريها بصائدي الجوائز، وأفتخر دائما بأنني من هذه المدرسة، وهناك تعاملت مع الأستاذ الكبير مصطفى أمين قبل وفاته، والأساتذة إبراهيم سعدة، وتهاني إبراهيم وعدد كبير من الأساتذة الذين تعلمت منهم”.
وأكدت “تعاملت مع أساتذة كبار مثل مصطفى أمين قبل وفاته وإبراهيم سعدة وتهاني إبراهيم صحافية التحقيقات الأولى في مصر وأستاذتي التي تعلمت منها الكثير وأحدى النماذج النسائية القوية”.
واستطردت السعدي “قضيت سنوات طويلة من العمل الصحافي، لم أفوت أي فرصة للتدريب، ثم قررت خوض العمل النقابي وبفضل ثقة زملائي نجحت عدة دورات في مجلس نقابة الصحفيين، وأستمر عملي النقابي لمدة 9 سنوات حتى توليت منصب وكيل النقابة، وانتقلت بعدها لمرحلة جديدة في حياتي الصحفية، أحببت أن أقوم فيها بدور أوسع، فبدأت مسيرتي كمحررة صحافية لأحداث الحروب”.
وسألتها الحسيني “كيف هي حياة السعدي مراسلة الحروب؟”
أجابت السعدي “كان عالمي صغيرا وفجأة أصبح كبيرا، عضت أزمات كثيرة مع الناس، وأذكر أول حرب عاصرتها، كانت حرب العراق، ولم أكن معتادة على أصوات القنابل والطلقات، وأتذكر الآن هذه الأيام وأبتسم، فقد كانت سببا في اهتمامي بالسلامة المهنية للإعلاميين، وهو ما دفعني إلى الاهتمام بتقديم العديد من الدورات التدريبية في هذا المجال في مصر والعالم”.
أضافت عبير”عايشت سوريا عندما أندلعت الثورة السورية عام 2011 حيث تطورت الأحداث وكانت من أصعب المواقف التي مرت عليّ موت أحد أعز أصدقائي كنجي الصحافي الياباني الذي ذبح على يد التنظيمات المسلحة وتنظيم الدولة”.
وسألت الحسيني “كيف انتقلت من مراسلة حروب إلى طالبة ومدربة؟”
أجابت السعدي “اتجهت بعد العمل كمراسلة حروب إلى الدراسة الأكاديمية عام 2014، كان قرار صعب وفكرت أنه حان الوقت للدراسة الأكاديمية وإعطاء مزيد من التدريبات لمناطق مختلفة حول العالم، فأنجزت رسالة الماجستير في بريطانيا في إعلام الأقليات والتنوع وقبول الآخر وكانت الرسالة عن داعش بالعراق وسوريا والصحافيين الذين قتلوا، وحاولت برسالتي الكشف عن تفكير التنظيم وأهديتها إلى أسر من قتلوا من زملائي، ثم بدأت الدكتوراه في المانيا عن التنظيم نفسه”.
وبماذا تنصحين مراسلي الحروب؟
أجابت السعدي “أنصحهم دائما بتأمين أنفسهم أولا وتأمين من يهمهم، ويجيبوا على سؤال هل يساوي الخبر حياتي، فالحياة لا تتوقف أبدا على قصة واحدة، ولكن عندما يظل الصحفي قيد الحياة سيأي بقصة تدوم لأجيال”.
وسألتها الحسيني “ما هي مراحل النجاح في حياتك؟”
أجابت “شرفت باختياري ضمن أبطال العالم المئة من قبل مراسلون بلاحدود وعام 2015 فزت بعضوية الإتحاد الدولي للصحفيات، لم أكن ضمن قائمة المرشحات على العضوية ولكنني شاركت في اجتماع بالهند ورشحتني لجنة التنظيم فحصلت على الأصوات من مراسلون بلا حدود وكانت مفاجأة، لأن الاتحاد لدية فروع كثيرة حول العالم، وستنتهي فترة عضويتي بمجرد افتتاح أول فرع بأفغانستان مع رئيسة أكبر راديو أفغانستانية، والفرع الآخر بالعراق بعد إنجاز المشاركات بالمؤتمر”.
وأضافت “أصدرت كتابا حول الأمن وسلامة الصحافيات أطلق في مدينة مانيلا، وهو عبارة عن خبرة تراكمية لكل من قابلتهم من الصحافيات في مناطق كثيرة من العالم، والقصص المستفاده والممارسات الجيدة، وآلية عمل الصحافية في منطقة النزاع وانتقالاتها، وكيفية حماية نفسها من الخطف والاحتجاز القصري والتحرش والاعتداء”.
وأوضحت السعدي “قمت بتجميع ما استطعت من بيانات في الكتاب، وهو كتاب صغير مجاني في حجم جواز السفر ليسهل حمله، ومتاح على الإنترنت بللغة الإنكليزية وسف يتم ترجمته للعربية قريبا، ورغم أنه ليس كتابي الأول، ولكني أحب أن أتحدث عن المرأة بشكل خاص وما تجده في مناطق النزاعات من معاناة عايشتها بنفسي”.
وحول رأيها في وضع الإعلام العربي حاليا، سألت ليلى الحسيني “ما رأيك بالاعتماد على الواسطة والمحسوبية وكيف تري عبير السعدي الإعلام الآن؟”
ابتسمت السعدي وأجابت “أتمنى أن تحصل الصحافة على التقدير اللائق بها، لأن عدم توافر فرص للإعلاميين وظهور ما يعرف بالواسطة أو الإعتماد على الواسطة والمحسوبية والمظهر أمرا غير مقبول ولكن في النهاية العمل الجاد يفرض نفسه”.
وأضافت “هناك دخلاء على المهنة لكن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة ودائما يقولون الجمهور يريد ذلك والمشكلة تكمن في مالكي وسائل الإعلام وإعلاء القيم غير الأصيلة كالإثارة، فيعيشون في أبراج عالية ولا يوظفون أي شخص وهناك عدم قبول للآخر”.
وأكدت السعدي “أن الساحة واسعة للجميع وأشعر أن هناك نجاحا كبيرا تحقق عندما أسمع راديو صغير من قريتي الصغيرة في أسوان، وأتمنى أن يكون هناك نماذج بسيطة لإنتاج الإعلام ونماذج أصغر تبعد عن المال وتعبر عن المواطن الصحافي الذي ظهر لأنه لم يجد من يعبر عنه، فنحن نراهن على البعض ونتمنى أن تتاح لهم الفرص وخاصة الراديو”.
وتضيف السعدي “مصر بها الكثير من الصحف، ولكن الفرص المتاحة قليلة على الرغم من وجود كفاءات لا تجد طريقها للنور وهذا ليس في مصر فقط بل هناك مشكلة عامة لأن بعض الكفاءات تتولى مناصب ولكنها قليلة والإعلانات في البرامج أكثر لأن المعيار الحقيقي هو العمل”.
وترى السعدي “أن الإعلانات أصبحت هي والعلاقات في دوائر النفوذ وهذا من إشكاليات مهنة الصحافة والإعلام، وأن التحريض ضد الإعلام موجود في كل العالم وهناك دولة تتحدث دائما حول الحريات وحرية الإعلام، ولكن عندما يكون الصحافي على المحك أو خصما لأكبر رأس في الدولة قد ينعكس عليه ذلك وهذا لا ينعكس على المواطن الأميركي فقط ما بين مواجهة وتحريض”.
واختتمت الحسيني حوارها بسؤال السعدي “ما هي طموحاتك للإعلام العالمي؟”
أجابت السعدي “ما زلت أشعر أن الصحافة مهنة ذات معنى حتى بعد أن أساء البعض لها فهي ما زالت صوت من لا صوت له، وحلمت بأن يكون للصحفي الحق في حرية التعبير وحق الصحفي في أن يكون آمنا وأن يعمل، وألا يبث الإعلام الكراهية، لأن خطاب الكراهية يهدد الكوكب وأؤمن أن الحرية والمسؤلية موجودان ومهنيتك هي وطنيتك”.