قصص نجاح

طفل الفنجان.. الفنانة إلهام محفوظ تروي أهم قصص نجاحها في ديربورن

خاص – راديو صوت العرب من أمريكا

ترجمة : مروة مقبول

في عام 1972 أتيت مع زوجي من دمشق في سوريا إلى ديربورن في أمريكا، كان عمري وقتها 16 سنة فقط. بدأت بإنهاء دراستي الثانوية في مدرسة “باركلاي” هنا في ميتشغن .

ثم ذهبت إلى جامعة “أوكلاند”، ودرست هناك لمدة سنتين. وانتقلت بعدها إلى جامعة “إيستيرن ميتشغن “، حيث حصلت على الدرجة الجامعية في الفنون الجميلة بتخصص فن السيراميك والرسم وتاريخ الفنون.

“ديربورن” لها مكانة خاصة لدي، لأنها تشبه موطني إلى حد كبير. وأول ما أتذكره عند قدومي إليها في البداية هو أنني كنت شغوفة جدًا بالاشتراك في معرض الفنانين الأمريكيين العرب، والذي تم إقامته في متحف “أكسيس” القديم، كما كنت شغوفة أيضًا بالتسوق وحضور الحفلات الموسيقية.

عملت في البداية في مركز “بونتياك” الفني في ميتشغن حيث قمت بتدريس فن السيراميك. وفي يوم من الأيام اتصلت بي مديرة المركز، كارول باستر، وقالت لي “إلهام.. لدينا في المركز طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عمره 10 سنوات، يجلس على كرسي متحرك، ويعاني من مرض عضال، وسوف يموت، ولكن لديه أمنية واحدة، وهي أن يقوم بصنع فنجان لأمه”.

وسألتني: “هل يمكنك مساعدته في القيام بذلك؟”.. قلت لها: “بالطبع، فهذا الأمر يسعدني كثيرًا”. وبالفعل حضر الفتى في اليوم التالي مع والدته، وأعددنا الطمي معًا، وقمت بإرشاد حركة أصابعه حول الطمي لنصنع الفنجان. ثم وضعت يده حول الفنجان لطبعها عليه.. وكان سعيدًا للغاية.

في اليوم التالي بعد أن انتهينا من صنع الفنجان، كان الفتى يريد أن يكون لون الفنجان أصفر، وكان يريد أن يطليه بنفسه، ولكن منعه مرضه من الحضور للمركز، فطليت الفنجان من أجله وحرقته، وطلبت من صديقتي أن تعطيه له، فقد كنت أخشى أن يحدث أي شيء.

وأخبرتني صديقتي كم كان الفتى سعيدًا عندما استلم الفنجان وأعطاه لوالدته. وتوفي بعد ذلك بأيام قليلة، وذهبنا أنا وصديقتي ومديرة المركز لحضور جنازته. وعلى الرغم من مرور وقت طويل على هذا الأمر إلا أنني أشعر بالحزن كلما تذكرت رحيل هذا الفتى.

أنا أحب أن أقوم بأشياء بدافع الإنسانية، ورسالتي هي العناية والاهتمام بالبشر جميعًا، وألا نصدر أحكامًا على الآخرين من خلال مظهرهم، مثلما يحدث عند رؤية امرأة ترتدي الحجاب. فقط علينا أن نحاول أن نعرف الآخرين وألا نخاف منهم.

الثقافة الأمريكية جعلتني أشعر بالآخرين، وأن أقول “شكرًا”، ففي الثقافة العربية نحن لا نعتني كثيرًا بتلك الأمور. كما تعلمت أن أهتم بجيراني، وأن أساعد الآخرين،  وأن “أدفع مقدمًا” من خلال عمل الخير لغيري، لكي يقوم شخص آخر بذلك أيضًا، و يتبعه آخرون في عمل الخير، وفي النهاية سيعود إليك هذا الخير الذي فعلته في البداية. وأرى أن مهمتي في الحياة هي أن ألهم الآخرين وأن أساعدهم.

لمشاهدة اللقاء،

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى