قصص نجاح

الفنان العالمي جهاد عبدو من باب الحارة الى هوليوود

اليوم نستكمل اللقاء الذي أجرته الاعلامية ليلى الحسيني مع الفنان العالمي من اصول سورية جهاد عبدو وزوجته من خلال برنامجها على راديو صوت العرب من ميشجان وواشنطن ” شخصيات صنعت تاريخا” حيث تستعرض تاريخه الفني كنجم عرف من خلال العديد من الاعمال التي قدمها في العالم العربي. ” اخوة التراب ” .. ايام الغضب ..الطير ..مرايا .. باب الحارة و الولادة من الخاصرة .

*  الفنان الكبير جهاد عبدو أنت موسيقي و تتقن الرقص الراقي بكل أنواعه فكيف اتجهت الي التمثيل و أنت فنان متعدد المواهب كما أشرت

** اتجهت الي التمثيل حيث كنت أدرس الهندسة المدنية في رومانيا و كنا في كل سنة انا و الطلبة السوريين نؤدي بعض المشاهد و نعزف الموسيقى و نقدم الفلكلور السوري علي خشبة المسرح برومانيا باللغة الرومانية للجمهور الروماني كي نطلعهم علي ثقافتنا . لم اكن اعرف اني عندي موهبة التمثيل حتي طلعت علي خشبة المسرح و قمت بالتمثيل. و كانت نصيحة عميد الكلية وقتها لي ان ادرس التمثيل  عندما اعود الي بلدي و ان اصبح ممثل اكاديميا. و بالفعل عندما عدت الى سوريا ، تقدمت الي المعهد العالي للفنون المسرحية ، نجحت و تم عمل استثناء لان عمري تجاوز السن المحدد ب 3 سنوات . استمتعت بفترة دراستي بالمعهد التي امتدت الي 4 سنوات لاني كنت ادرس ما كنت اهوى و احب . تخرجت و في اقل من سنتين تم ترشيحي لاداء دور مهم في مسلسل ” نهاية رجل شجاع” و بعدها ” اخوة التراب” و بدأت تتوالى أدوار البطولة او ادوار مساندة مهمة كما اشتركت في بعض المسلسلات الاذاعية مثل ” حكم العدالة” سواء باللغة العربية الفصحى او العامية. ..

شغفي بالتعلم لم يتوقف . تعلمت السباحة علي سبيل المثال عندما كان عمري 37 ، و بدأت اتعلم اللغة الفرنسية و انا عمري 39 ، والتحقت باحد المراكز الثقافية حيث كان يعمل صديق لي لتعلم الرقص فتعلمت الفالس و التانجو و التشاتشا و الميرنجا و الرومبا ، و لم اكن اعرف ان فاديا  و التي اصبحت زوجتي فيما بعد، كانت تتعلم الرقص في مركز ثقافي مختلف فهذا الامر جعلنا شركاء ايضا في الرقص ، وأحيانا ً يسألني بعض الأصدقاء عن الذي أريده من هذه الدنيا حيث كنت استيقظ الساعة السابعة صباحا للحاق بدرس اللغة الفرنسية كما كنت اذهب الى النادي لممارسة رياضة الجري. انا افتخر بأن أبي كان مدرسا ً للغة العربية و ان أصولنا من الفلاحين ، فانا اعشق الارض التي لا تتحمل الكذب و تثمر بالكفاح المستمر. فلقد حصلت على كل شيء بالتعب و الجهد و ليس بالفهلوة و الشطارة ، نحن عائلة تحترم العلم و الثقافة كما تحترم الاخر و هذا جعلني اتمكن من بناء علاقات سليمة مع اصدقائي فليس في قاموسي الكذب . عندما اتيت الي اميركا اكتشفت اني احتاج الي كل تلك الأمور التي كنت اتعلمها في سوريا و لم أستخدمها.

* هل يرتبط الابداع من وجهة نظرنا نحن الشرق اوسطيين بعمر معين

نحن ننظر للعمر بطريقة مختلفة عن الغرب. فالبنت التي بلغت 25 عاما و لم تتزوج يقال انها ” عانس” . الرجل اذا بلغ الخمسين و لم يتزوج ربما يخجل من الخروج من المنزل . أما هنا في اميركا قامت سيدة عندها 87 عاما ، كانت تعمل مدرسة بالجامعة،  بالالتحاق لتعلم الموسيقى لانها ببساطة تمتلك بيانو بالمنزل و ترغب في العزف عليه و أنا أعلمها لغة عربية كما قامت بالالتحاق بالدورات التدريبية لتعلم الرسم . هي لديها الشجاعة لعمل كل ذلك لانها تتلقى التشجيع من المحيطين بها . اما عن سبب تمسكها بالتعلم في تلك المرحلة هو انها تريد الحفاظ على حيوية وظائف العقل و التفكير. أما عندنا نحن في الدول العربية ، نحن حتي لا نشجع الطفل الصغير ، نحن نتقن ” تكسير المجاديف” و لا نعرف جذور لتلك الثقافة ، هل هي  الظروف الاقتصادية او الخوف من المجهول او الانغماس في أمور ليس لها اي أهمية ، أما هنا فإن الثقافة تبدأ من المدرسة  فهم يزرعونها في الاطفال ، فهي احدى جوانب  ” السياسات العامة”  التي ذكرتها فادية . نحن نزرع  الفردية بداخل كل فرد ، بحيث انه مهما عمل الانسان او مهما كانت خياراته فانت انسان عظيم لانك قمت باختيارك و عرفت طريقك. حتي و ان كان الوالدين ليس لديهم تلك الثقافة ، ينقلها اليهم طفلهم لانه اكتسبها من المدرسة . فعلي سبيل المثال ، يعود الطفل الي والديه ليقول لهما انه اختار ان يكون نحات و يحكي لهم عن اختياراته كما تقوم المدرسة باستدعاءهم لاخبارهم عن طموحات طفلهم و كيف يمكن ان يتعاونوا معا من اجل مستقبله.  العظمة ” ليست في ان اكون بطلا ، فالبطولة هي ان تبدا باتخاذ خطوات نحو الهدف .

*  الا تعتقد أن الفن في ثقافتنا مرتبط ” بالعيب ” و ” الحرام”

** هذه الثقافة ليست مرتبطة بدين معين، فلقد التقيت بأناس من مختلف الاديان يثنون ابنائهم عن الفن بدعوى أنه حرام و انه يدعو الي الأمور غير الاخلاقية و كنا نحاول ان نقنعهم بان الاحترام هي صفة يكتسبها الانسان مهما كان عمله و مجاله، لان صاحب الاخلاقيات لا يتأثر باي مجال و لا حتي بالفن . الفن هو اكثر مجال يعكس شخصياتنا  للناس سواء كنا من أصحاب الأخلاق الحميدة او غير ذلك.  البعض يعتقد انك عندما  تفعل ما لا يستطيع هو ان يفعل فهذا نوع من الرذيلة و الكفر. هذا الامر منتشر في كثير من المجتمعات ، حتي هنا في اميركا العام الماضي  و نحن في الطريق الي حفل الاوسكار ، وجدنا ناس حاملين لافتات بطول الطريق حوالي 2 كيلو متر علي اليمين و اليسار ، أتوا من مدن بعيدة  ليخبرونا من خلال تلك اللافتات اننا كفار و ارجعوا عن هذا الطريق الي الرب .

* تلخيصا لتاريخك في سوريا ، ما هو اهم مسلسل تعتبره في حياتك .. الكثيرون يعتقد انه ” باب الحارة” لما حققه من انتشار و شعبية  .. لكن انا اعتقد ان مسلسل ” اخوة التراب” له مغزي و فكر عميق .

** للاسف نحن دائما نحكم علي العمل الاهم من خلال مدي شهرته و انتشاره ، أنا أفتخر اني كنت جزء ً من مسلسل ” باب الحارة” ، لكن اعتقد ان هناك أعمالا ً مميزة أخرى قدمت ثقافة و معرفة لأن من رأيي أن الفن يرتقي بالمجتمع مثل ” نهاية رجل شجاع” ، ” اخوة التراب” ، ” الطير” ،  ” ولادة من الخاصرة” ، ” بقعة ضوء” و ” مرايا ” جميعها من الاعمال المنتقاة ، و كان يعرض علي الاعمال التي يرفضها بعض الممثلين بسبب خوفهم من تعرضهم للمشاكل لان العمل يتناول بعض الموضوعات الشائكة سواء علي الصعيد  السياسي أو الديني و حتي الاجتماعي .

* اخر اعمالك كان مسلسل ” الولادة من الخاصرة ” عام 2010 ، قبل الازمة السورية ، لماذا قامت الثورة السورية من وجهة نظرك ، فسوريا كانت بلد لديها اكتفاء ذاتي ، ليس عليها ديون ، و كان لدى السوريين مساحة كبيرة من الحرية . هل تعتقد ان ما حدث كان مؤامرة لتدمير البنية التحتية للبلد ؟

** ليس صحيحا ان سوريا كانت بلد مكتفية . ليس صحيحا ان المواطن السوري كان حرا او يشعر بالحرية، فنحن دائما كنا نشعر بالخوف من اي شرطي او اي رجل مخابرات نصادفه كما انه لم يكن سهلا علي اي مواطن سوري السفر خارج البلاد ، لم تكن اجراءات السفر البسيطة سهلة ، مثل الحصول علي جواز سفر او تصريح امني . نحن لا نتمتع بالحرية السياسية ، فعلي سبيل المثال شقيق صديقي ظل في المعتقل لاكثر من 14 سنة لانه كان يعترض علي سياسات الحزب الحاكم  و شخص اخر اكمل تعليمه و والده ظل اكثر من 20 سنة في المعتقل لانه ببساطة عبر عن عدم رغبته ان يترشح الاسد لفترة رئاسية جديدة. و في النهاية ، لا يعني اذا كنت انا كفرد اعيش جيدا ان هذا هو حال الجميع في هذا البلد . يجب ان يكون هناك مساواة اجتماعية ، عدم تسلط ، معاش محترم ، يجب ان لا يكون شراء منزل هو مجرد حلم. أنا على سبيل المثال عندما وصلت للنجومية لم أتمكن من شراء سيارة فاشتريت ” بيك أب سكودا ” و نصحني الجميع ان اذهب الي مسئول لاحصل على لوحة أرقام صفراء و بالتالي سأتمكن من شراء اي سيارة بسهولة . فحلم شراء السيارة كان لابناء المسئولين فقط . دعيني اترك المجال لزوجتي فادية لان لديها الكثير في هذا الصدد .

* أستاذه فادية ، هل تعتقدين ان ما حدث في سوريا هو مؤامرة؟

** الشعب السوري مثل باقي شعوب العالم ، نحن شعب بسيط ، عندنا معاناة سياسية و اقتصادية . اذا قمنا بعمل قياس بالمعايير العالمية سواء علي مستوي دخل الفرد او الفكر ، الارقام مخيفة.  الجميع يري الصورة الصغيرة  من خلال الاطار الذي يرتبط  بها شخصيا . لنفهم الوضع ، يجب ان نري الصورة بشكل اكثر شمولية يجب ان نؤمن بالمساواة المطلقة لكل الناس و ان اي انسان ساكن بابعد قرية في سوريا عنده نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن في دمشق ، عنده حتى  نفس البنية التحتية ، الفرص يجب ان تكون متساوية . اذا لم يكن لدينا نفس الشعور ان تلك المساواة هي ابسط حقوقنا كشعب ، فنحن لا نستحق ان نكون مواطنين لهذا البلد ، فالانانية تتملكنا. سوريا مثلها مثل اغلب البلدان العربية ، مستوي حقوق الانسان لديها متدني . ليس الشعب السوري هو من قرر القيام بالثورة ، بل اطفال سوريا الذين ظنوا ان هناك امل .

تلك كانت ربما شهادة من فنانين لم يحملوا سلاح  و لكن سلاحهم هو الفن و الكلمة و الرقي و الحضارة ، انتظرونا في حلقة اخري نستكمل فيها الحوار مع النجم العالمي جهاد عبدو و السيدة فادية عفاش المحامية و الفنانة التشكيلية.

https://soundcloud.com/usarabradio/ooa5ayynvuh2

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى