رأيهجرة

حكاية كريم الطفل المهاجر مع رانيا الحلو

كتاب يجيب عن تساؤلات الأطفال العرب الذين هاجروا مع آبائهم دون اختيار منهم

بقلم: حسام عبد القادر

“كريم”.. طفل نشأ في كندا لأب وأم من لبنان، جاء إلى كندا وعمره أربعة شهور، عندما بدأ يكبر ويعي الدنيا والحياة، بدأ يتساءل عن أهل والديه وأين هما، وأين هي لبنان، ولماذا لا يذهبان إليها؟

أسئلة كثيرة وردت على ذهن كريم، وبدأ الأب والأم يجيبان عليها تدريجيًا، ويشرحان له أنهما مهاجران، وأن كندا الآن هي بلدهم الجديد.. تأمل كريم كلام والديه، وفكر أنه لم يختر أن يهاجر، ولابد أن يتعرف على بلده الأصلي ويفهم أكثر.

كل ما سبق كان محتوى كتاب مهم جدًا للأطفال، بعنوان “كريم.. المهاجر الصغير”، أصدرته الكاتبة والفنانة المبدعة رانيا الحلو في كندا، باللغتين العربية والفرنسية معا.

الكتاب يجيب عن كثير من التساؤلات التي ترد على ذهن الأطفال العرب الذين هاجروا مع آبائهم دون اختيار منهم، ويتناول العديد من الموضوعات الثقافية، من خلال علاقة الطفل بجدته التي يراها عبر شاشة الكمبيوتر، وترسل له هدية دمية عبر البريد تصبح لعبته المفضلة.

وتنقل رانيا الحلو من خلال القصة بعض العادات والتقاليد والأكلات المحببة، مثل طبق الفتوش الذي يحبه كريم، وهي سلاطة تجمع كثيرًا من أنواع الخضروات، كما تستعرض الحياة في كندا من ثلوج وعمل دائم، وعدم وجود وقت لدى الوالدين للسفر إلى الأهل والأصدقاء في بيروت.

الكتاب مكون من 22 صفحة بالألوان، ومكتوب بلغة بسيطة جدًا، ولكنه يحمل معاني غاية في الروعة، وكتبته المبدعة رانيا بإحساسها وبمشاعرها تجاه ابنها، ورسمت القصة بمهارة الفنانة مايا فضول.

وتقول رانيا الحلو “إن كثيرين كتبوا عن الهجرة من أوجه كثيرة ولكن كلها كتابات موجهة للكبار، ولكن لم يتوجه أحد بالكتابة للصغار، رغم أنهم أيضًا من المهاجرين ويتأثرون بكل ما نتجت عنه الهجرة”.

ورانيا الحلو، في رأيي، اكتشاف مهم للمبدعين من أبناء الجالية العربية، فهي كتلة إبداع متنقلة كممثلة ومؤلفة وكاتبة، وهي حاصلة على دبلوم في الفنون المسرحية من كلية الفنون الجميلة بالجامعة اللبنانية، وبدأت حياتها المهنية مع مخرجين دوليين كبار، ومثلت في عدة أفلام قصيرة وإعلانات في لبنان.

وكان من أهم مشجعيها ومكتشفها معلمها ناجي معلوف، حيث قادها إلى ابتكار وإبداع وكتابة الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى عدة مسرحيات، وأخيرًا كتاب الأطفال الذي أتحدث عنه.

أسست رانيا أول فرقة مسرحية عربية في كندا وهي “مسرح بالعربي”، كما كتبت وأخرجت مسرحية “متل ما بدو المنتج”، وعرضت في مونتريال بكندا. وكذلك مسرحية “ست ستات”، مع الممثلة القديرة عايدة صبرا، ولكن مثل كل شيء حولنا تأجل العرض بسبب كورونا. ومثلت أيضًا في فيلم “هروب” وهو فيلم قصير عرض بكندا وحصل على المركز الثالث بمونتريال.

وتنوي رانيا أن يكون كتاب “كريم.. المهاجر الصغير” سلسلة تتناول موضوعات مختلفة في كل كتاب، مثل: اختيار الأصدقاء، ارتباط الطفل بلغته الأم، العائلة وأهميتها، الانحراف في المجتمع الكندي، وغيرها.

ولفت نظري أن رانيا تضع سؤالا في نهاية كل صفحة متعلق بما تناولته الصفحة يوجه للقارئ الطفل، فعندما تحدثت عن الأكلات سألت: “وأنت ما هي أكلتك المفضلة؟”، ووضعت السؤال بلون مختلف، واستقبلت كثيرًا من الإجابات عبر صفحة الكتاب بالفيس بوك، رغم أنها وضعتها لتجعل القارئ يفكر أكثر من أن يجيب.

وتلقت رانيا ردود فعل كبيرة من أسر عربية بكندا قرأ أطفالهم الكتاب واستمتعوا به وأحبوا كريم، وينتظرون ماذا سيفعل كريم في الحلقات القادمة.

إن الجالية العربية بكندا وأمريكا مليئة بالمواهب والطاقات التي يمكن أن تضيء كثيرًا من العتمة، وأرى أنه يجب تسليط الضوء جيدًا على هذه المواهب وإبراز دورها المهم داخل المجتمع الغربي، ورانيا الحلو نموذج إيجابي جدا لهذه الطاقات.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى