هجرة

التشريعات الأوروبية الجديدة تُعقّد وضعيّة المهاجرين

هاجر العيادي

أكثر من عامين تقريبًا و”أسورما عرب” وأسرتها تمضي في شمال صربيا عبور السياج الشائك الذي أقامته المجر لقطع الطريق أمام المهاجرين الراغبين في دخول الاتحاد الأوروبي.

وعندما وافقت المجر في يناير على السماح للعائلة الأفغانية بدخول أراضيها لدرس طلبات اللجوء، كانت النتيجة محسومة مسبقًا.

فبحسب القانون الجديد، ترفض بودابست بشكل تلقائي ملفات الأشخاص الذين مرّوا عبر بلد “آمن” هو صربيا. ولهذا السبب أبعدت الأسرة إلى هذا البلد الذي يقع في البلقان.

في الأثناء تمر الحدود بسهول صربيا الخصبة كانت في أوج أزمة المهاجرين في 2015، الوجهة الرئيسية للهاربين من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا سعيا لدخول أوروبا، مضطرين إلى القيام برحلة طويلة عبر دول البلقان.

ويتوقف الحلم

في المقابل وضعت المجر حدا لهذا الحلم عبر إقامة سياج على طول حدودها الجنوبية الممتدة على 175 كلم. ومذّاك، لم تتوقف بودابست في ظل عهد رئيس الوزراء فيكتور أوربان، عن تشديد قوانين الهجرة وسط خلاف متنام مع المؤسسات الأوروبية وفق ما أفاد به جون يانغ العضو في المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في صربيا.

وفي هذا الصدد قال يانغ إن مفهوم “بلد العبور الآمن جديد وضعته السلطات المجرية”. وأضاف “لا يفترض بنظام اللجوء أن يعمل على هذا الشكل”.

على صعيد آخر، خفّضت المجر في السنوات الأخيرة عدد المهاجرين المسموح لهم بدخول أراضيها لطلب اللجوء، ولم يعد يسمح سوى لأسرتين أسبوعيا بدخول المجر من أصل 20 شخصا في اليوم.

التعذيب النفسي

ويصف المسئول عن مخيم صربي ما يحصل بأنه نوع من “التعذيب النفسي”. وينتظر المهاجرون سنوات قبل أن يتم “اختيارهم” ولا تلبث أحلامهم أن تتحطم.

وعندما سمح للأفغانية البالغة 36 عامًا وأقاربها بدخول المجر، نقلوا إلى مخيم “ترانزيت” هو عبارة عن حاويات للنقل البحري محاطة بحاجز من الأسلاك الشائكة قرب الحدود.

وعقب مرور أربعة أشهر لم تكن هذه التجربة الأوروبية موفقة بالنسبة إليها. وقالت وهي تبكي “لقد اقتادونا إلى الجانب الآخر من الحدود وتركونا في الغابة”.

كما صرحت، في مخيم صربي آخر شمال البلاد، حيث تعيش “لم يسألونا عن المشاكل التي دفعتنا للمجيء إلى هنا، فقط سألوا من أين أتينا”. وتابعت “كل شيء كان عبثيا”.

في الأثناء انتقد المدافعون عن حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي “منطقتي الترانزيت” في المجر بوصفهما “مركزي اعتقال”. وأدانت المفوضية الأوروبية “رفض السلطات المجرية تقديم الطعام”.

طرق وعرة

على صعيد آخر امهلت المفوضية الأوروبية بودابست حتى العاشر من الجاري لتقديم إيضاحات حول الظروف السائدة في تلك المخيمات قبل رفع الملف إلى محكمة العدل الأوروبية.

وتخلّت الأفغانية عن حلمها المجري وقررت الانضمام إلى المهاجرين الذين سلكوا في السنوات الماضية الطريق غربا إلى كرواتيا…الأمر الذي يؤكد ضرورة عبور البوسنة، البلد الجبلي الفقير الذي لا يملك البنى التحتية المناسبة للاستقبال، حيث يرغم كثيرون على النوم تحت الخيام في ظروف صحية مزرية أو في منازل مهجورة.

البحث عن مخرج

والامتحان التالي هو خداع الشرطة الكرواتية على الحدود. وأكد مهاجرون أنهم تعرضوا للضرب أو السرقة على أيدي ضباط كروات وهو ما نفته زغرب.

وأوقفت الشرطة الكرواتية أسورما وأصغر أولادها أثناء محاولتها الأخيرة لمغادرة صربيا. ونجحت ابنتها البكر وزوجها في العبور والوصول إلى ألمانيا حيث ينتظران تقديم طلب لجوء.

وتحاول إيجاد مخرج لمغادرة صربيا حيث تقيم مع ولديها الآخرين ورضيعها الذي يعاني مشاكل في الجهاز التنفسي وعاهة خلقية.

وبعد كل هذا الانتظار، أصبحت تفقد الأمل. وتقول “كأن الحزن ألقى بثقله على جسدي. أنا في السادسة والثلاثين لكنني أشعر بأن عمري 200 عام”.

وتتعمق أزمة المهاجرين مع عدم تمكن دول الاتحاد الأوروبي من التوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق يقضي بتقاسم أعباء هؤلاء، ما يرغم آلاف المهاجرين على البقاء إما في قواربهم أو العودة من حيث أتوا.

آلية مؤقتة

كما لم يتمكن اتفاق مالطا الذي نجحت خمس دول أوروبية في التوصل إليه بشأن إيجاد آلية مؤقتة لتقاسم حصص المهاجرين من إنهاء معاناة هؤلاء ولو ظرفيًا مع العلم أن  فرنسا وإيطاليا ومالطا وألمانيا وبريطانيا قد توصلوا إلى هذا الاتفاق لكن لم تتم المصادقة عليه حتى الآن من قبل المؤسسات الأوروبية لاسيما مع الرفض الذي أبدته المجر لهذا الاتفاق وهو ما أدى إلى تعمق أزمة المهاجرين.

كما تثير الاضطرابات التي جدت في عديد البلدان التي يتخذها المهاجرون معبرا لهم للمرور للضفة الأخيرة من المتوسط على غرار ليبيا خشية العديد من المنظمات.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى