هجرة

الغربة تمنع اللاجئين من الحزن

استطلاع رأي لمهاجر نيوز عن كيف يتغلب اللاجئون على حالات الحزن

واشنطن – أثار موقع “مهاجر نيوز” قضية هامة جدا تخص اللاجئين في كل دول العالم، وهي كيف يعيش اللاجئون حالات الحزن ويتغلبون عليها؟

قام “مهاجر نيوز” بعرض حالات من الشباب المهاجرين وكيف تلقوا نبأ لوفاة قريب منهم، ثم عرض لرأي أخصائي نفسي في هذه الحالات.

صديقه ضمن جثث عرسال

ويروي الشاب السوري وعد الذي يعيش في سويسرا عندما علم بنبأ وفاة ابن عمه وصديقه من الأخبار، عندما سمع أنه تم العثور على جثث خمسة سوريين في جرود عرسال، قائلا “فقدت الشعور بشكلٍ تام”.

ويضيف “لا يمكنني أن أصف حالتي في تلك اللحظات، كنت بعيدا عن عائلتي وعائلته، لم أكن قادراً على التعبير عن حزني، لم أمارس طقس حزني كما يجب، كما لو كنت هناك في سوريا”.

ويتذكر وعد تلك اللحظات بألم ويقول “أتذكر أني كنت أبكي في الطريق بمفردي، لم أكن قادرا على الصراخ أو التعبير، لم أكن قادرا على الصلاة له مع عائلتي، أن أتشارك الحزن معهم”. ويتابع  “الحزن في الغربة صعب جدا، وربما يكون أفضل حل بوقتها هو الانعزال، لذلك بقيت بمفردي لثلاثة أشهر، أشاهد صوره مرارا وتكرارا، أكتب له رسائل على الفيس بوك، وأبكي”.

حزنت على جدي بعد فترة

وتقول الشابة رزان والتي تعيش في هولندا، “عندما توفي جدي الذي كنت مقربة منه جدا، لم أستطع أن أحزن، كنت في حالة اقتصادية صعبة، أحاول البحث عن طعامي وقتها، لذلك لم أستطع أن أشعر بالحزن، كذلك الصدمة ربما دفعتني للإنكار، كنت أشعر بأني أصطنع الحزن، ربما لأني لم أكن أصدق خبر وفاته، لكن ما أثار حزني هو حالة أهلي السيئة”.

وتضيف رزان “همومي كانت تشغلني، بعد فترة وعندما استقريت بدأت أستوعب الحزن، شعرت بأنني أخزن كل ذلك الحزن في داخلي، وانفجر على أتفه القصص، حزنت على جدي بعد فترة، وعلى أشياء أخرى لم يكن لدي ترف الحزن عليها في البداية”.

وتحكي صفاء التي تعيش في لبنان، قائلة “فقدت شقيقي في سوريا خلال قصفٍ على ريف حلب، لم أشعر بالحزن فقط، بل أصبحت أعاني من شعورٍ بالذنب، وألوم نفسي بشكلٍ دائم على بقائي على قيد الحياة، وكلما أتذكره يخطر ببالي أني كان من الممكن أن أكون مكانه لو بقيت هناك، أشعر بحزنٍ شديد، وأشعر أنه كان بإمكاني حمايته لو أصريت على خروجه معي”.

وعرض الدكتور عامر المصري الأخصائي النفسي المقيم في ألمانيا لتحليله النفسي لهذه الحالات قائلا “هناك بعض الأشخاص الذين يبدو عليهم أنهم يعيشون بشكل طبيعي بعد حالات الفقد، لكن الحزن يأتي على شكل أحلام مثلا، مما يصبح عائقا في بعض الأحيان عن ممارسة نشاطهم اليومي”.

وأضاف “تختلف طريقة التعبير لدى كل شخص وآخر فهناك من يحاول الخروج من الموضوع بشغل نفسه كي ينسى، أو هناك من يقوم بالانغلاق، وطالما كان ذلك ضمن الفترة المعقولة فهو ليس حالة مرضية، ولكن على الشخص أن يعرف أنه لا علاقة له بحالة الفقد، وهو ليس مسؤولا عما حدث فلم يكن يستطيع أن يمنع ما وقع، ولن يتمكن من تغيير شيء، وهذا مهم للخروج من الحالة”.

ويؤكد المصري “هناك عدة أنواع من الإنكار، والإنكار الأساسي أو عدم الاكتراث لأن الشخص بالفعل لم يعد معنيا، وهو أمر يعود لطبيعة كل شخص وعلاقته بالمتوفى، أما النوع الآخر وهو ما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة، حيث يعيش الشخص فترة إنكار بسبب الحزن الشديد والصدمة الناتجة عنه، يمكن أن تستمر لبضعة أيام، وإذا استمرت أكثر قد يطور الشخص حالات أخرى، كرفضه تذكر كل ما له علاقة بلحظة تلقي الخبر مثلاً. لكن إذا طالت أكثر مثلا أكثر من شهر وهو أمر يختلف من شخص وآخر، هنا يمكننا القول أن الحالة أصبحت مرضية، ويجب أن يطلب مساعدة”.

ويرى الدكتور عامر المصري “أن 90 بالمئة من الحالات تقدم الشبكة الاجتماعية المحيطة بالشخص الذي تعرض لحالة فقد، الدعم الكافي لإخراجه من حالة الحزن، أما في حال لم تستطع ذلك عليه اللجوء إلى طبيب نفسي، ويجب حث الشخص على الكلام، والتعبير عن مشاعره لأن ذلك يمكن أن يساعده في التغلب عليه، ففي بعض الحالات حين يرفض الشخص التكلم عن الموضوع يمكن أن يخلق عالما بديلا ويعيش في حالة انفصال عن واقعه، فيما لو ترسخ يتحول لحالة مرضية، كما يجب أن نرى أن السبب المباشر للحالة التي يمر بها الشخص هو الفقد فقط أم الأمور والرواسب الأخرى فجعلت الحالة تتطور هكذا”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى