طبيبك الخاص

أسباب الإجهاض المتكرر وعلاقته بالعقم وتأخر الحمل

د. نيكولاس شما: الاكتشاف المبكر لسبب الإجهاض يزيد فرص العلاج

أجرى اللقاء: ليلى الحسيني

أعده للنشر: مروة مقبول – محمد سليم

تجربة الحمل من أهم التجارب التي تمر بها المرأة في حياتها، وعلى الرغم من متاعب الحمل التي تمتد لتسعة أشهر، إلا أنها تظل من أكثر التجارب متعة بالنسبة لها، فإرهاق الجسد وتغيراته لا يضاهى روعة إحساس المرأة بحياة وروح جنينها الذي ينمو بداخلها.

ولا يعكر صفو تجربة الحمل إلا الإجهاض، والذي يعتبر من أكثر مضاعفات الحمل شيوعًا، ويظل هاجسًا مخيفًا بالنسبة للمرأة، خاصة في الثلاثة أشهر الأولى من الحمل.

ووفقًا لدراسة صدرت عن مركز الخصوبة والطب التناسلي لأطباء جامعة واشنطن فإن حالات الإجهاض بين الحوامل تكون شائعة بنسبة 15-20% من جميع حالات الحمل.

وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة الإجهاض إذا حدث الحمل خلال ثلاثة شهور من نهاية أي حمل، سواء كان إجهاضًا أو ولادة.

وتعانى بعض السيدات من أزمة فقدان الجنين أكثر من مرة، وهو ما يُعرف باسم الإجهاض المتكرر، ويخشى بعضهن من أن يؤثر فقدان الحمل على خصوبتهن في المستقبل.

وهناك العديد من التساؤلات التي تثار حول هذا الموضوع، خاصة فيما يتعلق بالأسباب الأكثر شيوعًا للإجهاض، والعلاقة بين العقم والإجهاض، ودور التغذية الصحيحة في الحفاظ على الحمل، وكيفية تجنب المرأة الدخول في حالة الاكتئاب بعد الإجهاض، وما إذا كان العامل النفسي يؤثر على فرص الحمل مرة أخرى، وإلى أي مدى قد يؤثر فقدان الحمل على الخصوبة في المستقبل؟

هذه التساؤلات وغيرها كانت محور حلقة جديدة من برنامج “طبيب وراء الميكرفون” على “راديو صوت العرب في أمريكا”، والذي استضافت فيها الإعلامية ليلى الحسيني الدكتور فائق نيكولاس شمّا، الحاصل على البورد الأميركي في أمراض العقم، وأخصائي الغدد الصماء والأمراض التناسلية.

تأثير نفسي

* دكتور.. موضوعنا اليوم حساس ومهم لكل سيدة تستمع إلينا، فكما تعلم فإن حلم الأمومة، وأن يكون الحمل سليمًا وآمنًا هو أمر مهم ومصدر سعادة لكل أم، ولكن أحيانًا تتعرض الأم لإجهاض لا نعرف سببه. لذا سنحاول اليوم أن نتعرف معك على الأسباب التي قد تقود إلى الإجهاض، خاصة الأسباب الأكثر شيوعًا، وكيف لنا أن نتفاداها، وهل يؤثر ذلك على العقم أو على الخصوبة؟.

**هناك نوعان من الحمل، فبعض الأزواج يقررون خوض تجربة الحمل بعد أن يكون قد أخذوا القرار بإنجاب أولاد، وفي الولايات المتحدة حاليًا فإن الولادات التي تتم، نصفها لم يكن أصحابها قد اتخذوا قرارًا بإنجاب أولاد.

وفي الحالتين إذا كانوا قد قرروا أو لم يقرروا موضوع الإنجاب، فإن الإجهاض الطبيعي يحدث بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20% من كل الحالات.

والأثر النفسي للإجهاض يقع على النساء وعلى الرجال أيضًا، لأنهم في النهاية قد خسروا طفلاً، وهذا يؤدي إلى حدوث الاكتئاب والحزن، ويؤثر على العلاقة بين النساء والرجال، وتتغير العلاقة الجنسية، لأن المرأة تشعر بالخوف من أن يحدث معها الإجهاض مره أخرى، وكل هذه التأثيرات لها مضاعفات تستمر من 6 أشهر إلى سنة بعد الإجهاض.

* دكتور، هل تختلف نسب الإجهاض من بلد إلى آخر، وهل هي أقل في أميركا عن غيرها من البلدان؟

**هذا ليس صحيحًا، فالنسب متقاربة في كل مكان، خاصة في دول العالم المتحضر، لكن هناك بلاد في العالم مثل أفريقيا عندها أمراض منتشرة كالملاريا وأخرى كالهند عندها السل، وهذان المرضان يؤديان إلى الإجهاض أو منع الحمل، وهذا ليس موجودًا في الولايات المتحدة.

توقيت الإجهاض

* لكن دكتور، هناك سيدة تكون حامل، والمؤشرات لديها كلها طبيعية، وفجأة تفقد الجنين بعد ثلاثة أشهر من الحمل، هل هذا هو التوقيت الشائع لحدوث الإجهاض؟

**الإجهاض يحدث بشكل طبيعي بنسبة 10 إلى 15% بين النساء الصغيرات في السن تحت الـ25، فهؤلاء عندما يحاولن تجربة الحمل يحدث الإجهاض لنسبة 10% منهن، وسبب الإجهاض عادة هو خطأ جيني أو كرومزومي، وفي أغلب الأحيان لا يكون السبب خطأ بالسائل المنوي ولكن بالبويضة، ففي العادة فإن القدرة الجينية للبويضات تتغير كلما زاد العمر، فعند الأولاد الصغار فإن 65% من البويضات التي تخرج في عمر الـ 20 أو الـ 25 سنة تكون طبيعية، وإن لم تكن طبيعية تؤدي إلى الإجهاض وهذا يحدث بنسبة 10%.

والإجهاض المتكرر تتغير نسبته في الأعمار المختلفة، فمثلاً إذا كانت المرأة عمرها 40 عامًا، فنسبة الإجهاض المتكرر عندها هي 25%، لأنه هناك احتمال بنسبة 50% أن يحدث الإجهاض في كل مرة تحمل فيها، فواحدة من كل أربع نساء في هذا العمر يحدث لهن إجهاض مرتين متتاليتين، وواحدة من 8 نساء في هذا العمر يحدث لهن هذا الأمر ثلاث مرات متتالية، أم في عمر 27 إلى 30 عامًا فإن 15% تقريبًا يحدث لهن الإجهاض مرة، وتتعرض سيدة من كل 85 سيدة للإجهاض مرتين متتاليتين.

عامل العمر

* معنى ذلك أن أهم عامل يمكن أن يكون مؤثرًا بالنسبة للإجهاض والإجهاض المتكرر هو عامل العمر؟

** ليس هناك شك في أن أهم عامل يؤدى إلى الإجهاض، ولكن ليس الإجهاض المتكرر، هو العمر، لكن لماذا لا يؤدي عامل العمر إلى الإجهاض المتكرر، لأن النسبة تكون ضئيلة جدًا، فإذا كان عمر السيدة 30 سنة فمن المحتمل أن يكون عندها إجهاض مرتين متتاليتين، لأن النسبة تكون تقريبا 1 من 85، وأغلبهن لا يحدث لهن الحمل المتكرر، إذا صار عندهن إجهاض متكرر في هذا العمر، ونكون وقتها مطالبين بمعرفة سبب ذلك.

وبعض الأشخاص الذين يأتون إلى يقولون إن أطبائهم قالوا لهم إنه ليس هناك سبب، وأنه فقط حظ سيء، وهذا خطأ كبير، فبعض السيدات يأتون إلى مرات عديدة، وقد حدث لهن الإجهاض أربع مرات مثلا، فهل تتخيلين ذلك؟. فإذا كان عمرك 30 عامًا فإن نسبة أن يحدث لكِ الإجهاض أربع مرات هي 1 من 2000، لذا فليس معقولاً أن يكون السبب هو الحظ السيئ.

ويستطيع الأطباء المتخصصون في هذا الموضوع اكتشاف هذا السبب ومعالجته، وبالنسبة لعامل العمر، فأصلا إذا كان عمرك 40 عامًا مثلاً فإن احتمال حدوث الإجهاض يزيد عادة، فإذا كانت السيدة في هذا العمر وحدث لها الإجهاض، فمن المفترض أنه ليس هناك أي سبب إلا العمر، وإذا كان عمرك 45 فتقريبًا 90 بالمائة سيحدث لكِ إجهاض في هذا العمر، وأغلب الوقت يكون السبب سبب جيني، وخطأ بالكروموزمات، والطبيعي أن تجهض المرأة إذا كانت حملت فوق الـ 40 عامًا.

* ذكرت حضرتك أنه إذا كانت المرأة في عمر من 27 إلى 30 عامًا وحدث الإجهاض، فقد يكون السبب مثلاً خطأ في البويضة أو خطأ جيني، فهل يمكن أن نقوم بشيء لمعالجة هذا الموضوع أم لا؟

** لا نستطيع القيام بشيء، خاصة إذا كان الزوجان يجربان الحمل وحدهما. لكن إذا أخذنا كل امرأة يحدث لها إجهاض، سنجد أن 75% من تلك الأجنة تكون غير طبيعية. وعادة في هذه الحالة نقول للنساء أن يجربوا الحمل مرة أخرى، خصوصا لو كانت السيدة في عمر صغير أو في منتصف الثلاثينات. لكن إذا حملت المرأة وتكرر الإجهاض، فبالتأكيد يجب أن نقوم بفحوصات لنتأكد من سبب الإجهاض المتكرر، وفي الغالب يعود السبب إلى خطأ جيني.

أسباب شائعة

* ما هي أكثر الأسباب شيوعًا بالنسبة للإجهاض غير العمر؟

** أغلب الأسباب تتعلق بخطأ جيني أو خطأ تكويني، ومن رحمة الله علينا أنه في هذه الحالة يحدث الإجهاض، وهذا السبب يحدث عادة مرة واحدة، ولكن إذا حدث مرتين أو أكثر فيعود ذلك لعدة أسباب: أولها هو وجود خطأ بالكروموزمات عند الرجال والنساء، وبالنسبة لمن يحدث لهن الإجهاض أكثر من مرة فغالبًا تكون هناك نسبة من 2 إلى 5% أن يكون هناك خطأ بالكروموزمات، وتزداد نسبة الخطأ عند النساء أكثر من الرجال.

وفي بعض الأحيان تكون الكرومزومات غير مكتملة (مكسورة) أو ملتصقة بأخرى. والأول نسميه في الطب balanced reciprocal translocation ، وهناك نوع أخر يسمى balanced robertsonian translocation ويكون فيه عدد الكوروموزمات سليمًا، ولكن يكون هناك عدم تنظيم لاثنين من هذه الكروموزومات، وهذا يؤدى إلى أن 50% من الأجنة كرومزوماتهم تكون خطأ، وكما قلت إذا كان عمرك 30 يكون هناك 50% من البويضات بها خطأ، وتقريبا 25% من هذه الحالات يحدث لها إجهاض. ويمكن معرفة ذلك الخلل من خلال الفحص عند الطبيب المختص.

ابحثي عن سبب الخلل

* ما هو العامل الشائع الآخر بالنسبة للإجهاض المتكرر؟

** السبب الآخر أنه من الممكن أن يكون رحم المرأة به عيب تكويني. وهناك نسبة تصل إلى 15% بالمائة من حالات الإجهاض المتكرر يكون السبب فيها عيب في شكل الرحم. فالرحم عند البشر يتكون من رحمين يتحدون مع بعضهم البعض، ويكون بينهما غشاء يزول ويصبح الرحمان رحم واحد.

وأغلب الحيوانات مثلا يكون عندها رحمين وليس رحم واحد، لذلك جد مثلا أن الأرانب والفئران يمكنهم أن يلدوا عدة أطفال بكل رحم منهما. وعادة هناك نسبة تتراوح بين 3 و5% من النساء اللاتي يعانين من الإجهاض المتكرر يكون الرحم عندهن به عيب تكويني، ويكون هذا الغشاء موجودًا بين الرحمين، أو يكون عندهم رحمين بدلاً من رحم واحد، وطبعًا هذا العيب يؤدى إلى الإجهاض المتكرر، خاصة إذا حدث الإجهاض في الشهر الثالث وحتى الشهر السادس تقريبًا.

* وماذا عن فترة الإجهاض بسبب الخلل الجيني؟

** أغلب حالات الإجهاض في هذه الحالة تكون ضمن الأشهر الثلاث الأولى. فإذا أجهضت المرأة في أول ثلاث أشهر من الحمل، يكون 75% من الحالات لديهن خطأ جيني. وإذا توفي الطفل في نهاية الحمل تقل نسبة السبب الجيني إلى 3%، فالنسبة تقل كثيرًا كل ما تقدم الحمل.

* وماذا بالنسبة للحالة الثانية إذا كان هناك خلل أو تشوه بالرحم؟

** أنا لا أسميه تشوهًا، ولكن الرحم يكون تكوينيًا به خطأ، وتقريبا ثلث الحالات أو أكثر، تقريبا 35%، يكون غشاء الرحم بها لايزال موجودًا، وتحتاج السيدة إلى إجراء عملية جراحية لإزالته، حتى تستطيع بعدها أن تحمل بشكل طبيعي تمامًا. فأسباب الإجهاض التي لا علاقة لها بالخلل الجيني تزول بمجرد إصلاح هذا الخلل ويستطيع الزوجان بعدها أن يحاولوا الإنجاب.

وهناك بعض الحالات التي ربما تعاني من أكثر من سبب لعدم الإنجاب، كأن يعاني الزوج من مشكلة في السائل المنوي ولا تحمل زوجته كثيرًا، وفي نفس الوقت يكون عندها هي مشكلة في تكوين الرحم. وما أريد أن أقوله أنه ليس معنى أن هناك سبب واحد لعدم الإنجاب أو الإجهاض المتكرر أنه ليس هناك أسباب أخرى لذلك.

تأخر الإنجاب والعقم

* دكتور ما هي نسب الإجهاض، وبأي شهر يحدث إذا كانت السيدة لديها مشكلة بالرحم؟

** نسبة الإجهاض تقريبا 50%، وهناك معدلات تقول إنه لو كان هناك غشاء بنصف الرحم فإن 90% من الحالات تؤدى إلى الإجهاض أو تؤدى إلى الولادة المبكرة.

^^ مداخلة: عندي سؤال للدكتور، وهو إذا كان هناك زوجان أنجبا طفلاً واحدًا فقط، وحاولا إنجاب أطفال آخرين، ولكن لم يحدث أي حمل بعد ذلك، فهل هذا يعتبر عقم؟

** لا شك أن هناك سبب للعقم في هذه الحالة، وهذا نُسميه بالإنجليزية secondary infertility ، بمعني أنهم عندما جربوا أول مرة أن ينجبوا أولاد استطاعوا، ثم بعد ذلك لم يستطيعوا، أو قد تطول الفترة الزمنية حتى يتمكنوا من إنجاب أطفال آخرين، وعادة ما تكون هذه الأسباب واضحة.

ويعود ذلك إلى أربعة أسباب، إما أن تكون قد حدثت مشكلة بالسائل المنوي عند الرجل، بمعني أنه قد تغير، أو أن الأنابيب عند المرأة تغيرت، ثانيا أن المرأة تعاني من التصاقات بالرحم، وثالث الأسباب هي أنه من الممكن أن يكون الرحم تكوينيا قد تغير مع العمر، وهناك سبب رابع أيضا هو العمر، بمعني أنه لو حملت سيدة وكان عمرها 35 والآن عمرها 40 فالعمر يؤثر لأن البويضات تتغير.

ومن الأسباب التي تعاني منها الجالية العربية بشكل عام هو الانتظار حتى تتفاقم المشكلة دون مراجعة الطبيب المختص. فإذا كانت المرأة في عمر الشباب وأمامها فرصة جيدة للإنجاب، فلا داعي للقلق من الانتظار لمدة أقصاها عام واحد. أما إذا كانت فوق سن 35، فإن أقصى مدة يمكن أن تنتظرها هي 6 أشهر، وتقل مدة الانتظار بالطبع كلما زاد العمر.

عوامل أخرى

* هل هناك عوامل أخرى غير التي تكلمنا عنها؟

** في بعض الحالات تعاني السيدة من وجود أجسام مضادة ضد خلاياها، وهذا يؤدي إلى إجهاض الجنين. ويسمي هذا المرض باللغة الانجليزية antiphospholipids antibody syndrome، وفي هذه الحالة يرفض جسم المرأة هذه الجنين، ولا يذهب الدم إليه بسهولة، وبالتالي يحدث الإجهاض.

وهناك نوعان من المرض: الأول أن جسم المرأة يرفض الطفل، والثاني أن المرأة ترفض أشياء من جسمها. فعلى سبيل المثال، إذا كانت المرأة تعاني من مرض الذئبة الحمامية systemic lupus erythematous  أو الروماتيزم rheumatoid arthritis ، فكل هذه الأمراض تؤدى إلى الإجهاض المتكرر، لأن المرأة يكون عندها مضادات ضد جسمها ولا يصل الدم للطفل بطريقة سليمة ويؤدى إلى الإجهاض. وعلاج هذه الحالة هي أدوية السيولة التي تعطى للمرأة بهذه الحالة وتنجح تقريبا في 85% من الحالات.

أسباب عديدة

* ماذا إذا وضعنا أسباب الإجهاض في نسب مئوية؟

** هناك 15% من النساء اللاتي يعانين من الإجهاض يكون السبب لديهن هو الأمراض المناعية، و5% بسبب الخطأ الجيني، و15% لها علاقة بتشوهات الرحم، و15% أخرى لها علاقة بمضادات الأجسام التي يكونها الجسم ضد خلاياه، ونسبة 15% أخرى بسبب أن المرأة يكون لديها معدل لزوجة الدم أقل من الطبيعي، وبالتالي لا يصل الدم إلى الطفل ويحدث له جلطة ويموت. ويعاني 5% إلى 7% من البشر من مشكلة قلة لزوجة الدم، وهذا يؤثر على نسبة الإجهاض، ولكن لها علاجات نستطيع أن نقوم بها.

وقد تلعب الهرمونات دورًا كبيرًا في الإجهاض المتكرر، ويعود ذلك إلى وجود خلل بوظائف الغدد الصماء. وهو يعتبر من الأسباب التي ربما لا ينتبه إليها المريض. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك خلل بوظائف الغدة الدرقية فهذا يؤدى إلى الإجهاض.

السكري والإجهاض

وهناك أيضا مشكلة أخرى، وهو إذا كانت السيدة تعاني من السكري، لأن هذا يؤثر على تكوين الطفل في الفترة الأولي، ولكي أن تتخيلي، لقد رأيت مريضة من أسبوع تقريبًا، وهي سيدة صغيرة في السن أتت من السعودية هي وزوجها، وعندها سكري منذ أن كانت طفلة صغيرة، ولا تأخذ أي نوع من أنواع الأدوية للسكري، وسكرها 400، فهذه ليس هناك شك أنها ستجهض، وهذا من الأشياء الكثيرة التي يجب أن يتم البحث عنها من خلال عمل فحوصات سهلة جدًا.

* هل هناك فرق بين السكري الدائم والسكري الذي يحدث وقت الحمل؟

** نعم بالتأكيد، لأن السكري الذي يحدث وقت الحمل عادة لا يؤدى إلى الإجهاض، لأن هذا سببه هو الطفل نفسه عندما يقوم بعمل هرمونات، وهذه الهرمونات تؤدى إلى وجود سكري عند المرأة وقت الحمل. وإذا كان السكر عالي قبل الحمل أو وقت تكوين الطفل في أول 10 أسابيع.

فهذا لا يؤدى فقط إلى الإجهاض، ولكن يؤدى أيضًا إلى أن حدوث تشوهات تكوينية للطفل. فهناك شيء يقوم الأطباء المختصون بفحصه في الدم يسمى هيمجلوبين a1 c  وهو كلما زاد في الدم كلما زادت نسبة التشوهات لدى الطفل في القلب أو في الدماغ وغير ذلك.

أسباب غير شائعة

* هل نستطيع أن نقول أن هناك بعض الأسباب غير شائعة أو غير معروفة بالنسبة للإجهاض؟

** هناك بعض الأسباب التي لها علاقة بالجراثيم، كأن تكون المرأة عندها ملاريا مثلاً، وهذا يؤدى إلى الإجهاض، وهناك بعض الأسباب البكتيرية التي تؤثر على الرحم، وتؤثر على نسبة الإجهاض، وهذه علاجها يمكن أن يكون بالأدوية، وهناك فحوصات تتم في تلك الحالات لنتأكد أن هذا ليس سبب الإجهاض.

ولكن هناك سبب مهم جدًا، وهو عادة لا يؤدى إلى الإجهاض المتكرر، ولكن يؤدي إلى حدوث الإجهاض، فإذا كانت المرأة مثلاً تشرب الكثير من الكحول، أو تدخن كثيرًا أو تشرب الكثير من الكافيين، فكل هذا يؤدى إلى زيادة نسبة الإجهاض.

* هل تلعب التغذية أو المنشطات أو الفيتامينات دورًا في الإجهاض؟

** لا، ليس لها تأثير، فكل البشر هنا مثلا في أميركا يتبعون تغذية سليمة، فلا تحدث حالات إجهاض بسبب التغذية هنا، فنوعية الطعام لا تلعب دورًا، فمثلا هناك دراسات تقول إن أكلنا العربي التقليدي يؤدى إلى زيادة الحمل، ويزيد من نسبة الخصوبة، وأيضا من أهم الفيتامينات التي من المهم أن تأخذها المرأة قبل الحمل هي الـ Folic acid ، ونحن ننصح كل النساء أن يأخذوا على الأقل مللي جرامًا واحدا منه.

وهناك أيضا أشياء أخرى يمكن أن تؤدى إلى الإجهاض أريد أن أذكرها، وهي أشياء لها علاقة بالمياه والجو المحيط، مثل مواد PPAs الموجودة في كل شيء حولنا مثل البلاستيك، فهذه إذا تعرضت لها المرأة يمكن أن تزيد نسبة الإجهاض لديها مرتين.

وهناك شيء أخر يسمى PCPs  وهو موجود لكن تم منعه في أميركا، ويمكن أن يكون قد تعرض له شخص، ويؤدى أيضًا إلى الإجهاض، بالإضافة إلى العديد من المواد الكيميائية الضارة التي تدخل في صناعة الكثير من المنتجات التجميلية، مثل مستحضرات التجميل والمعطرات والشامبوهات والصابون وأيضًا مُرطبات الجسم، وكل هذه الأشياء تزيد كثيرًا من نسبة الإجهاض.

الإجهاض والعقم

* هل يؤدي الإجهاض المتكرر إلى الخوف من تقليل الخصوبة أو العقم؟

** ليس هناك شك في أن كل مرة يحاول فيها الزوجان الإنجاب ولا يحدث فإن هذا يمكن أن يؤدى بهما إلى العقم، وإذا كانت المرأة كبيرة في السن تتكون لديها أجنة غير طبيعية، أو أنها تكون صغيرة بالعمر وتعاني من تشوهات في تكوين الكروموزمات لديها، والحل أن تقوم بعمل طفل أنابيب، حيث يقوم الطبيب بفحص الجنين للتأكد من أنه طبيعي، ثم يقوم بزرعه في الرحم. وهذه التكنولوجيا التي حدثت منذ 5 سنوات ساعدت كثيرًا في تقليل نسبة الرجال والنساء الذين يعانون من مثل هذه المشكلة، وساعدتهم على أن يتخطوها.

* لدينا سؤال من سيدة عن التصاق الرحم؟

** أنا ذكرت الالتصاقات التي تحدث خارج الرحم كأحد الأسباب التكوينية، ولكن عندما تكون السيدة لديها التصاقات بداخل الرحم، فهذا علاجه ليس بالهين أبدًا، وهذا يتوقف على إذا كانت الالتصاقات بسيطة فيمكن علاجها بشكل هين، أو إذا كانت الالتصاقات صعبة كثيرًا فتقل في هذه الحالة فرص الحمل.

ومن المهم أن نتفادى الإلتصاقات التي تحدث عن طريق الإجهاض المتعمد بعد أن مات الطفل في الداخل، ويمكن أن يحدث هذا بشكل خطأ، وإذا كانت الإلتصاقات صعبة كثيرًا يمكن أن نقوم بعمل أجنة لهذه السيدة ونضع الأجنة في رحم آخر.

* إذن دكتور.. ما هي نصيحتك في النهاية لمن يعانون من الإجهاض؟

** نصيحتي هي أنه إذا أجهضت المرأة أول مرة فليس من الضروري أن تقوم بفحوصات زائدة. ولكن إذا حملت مرة أخرى وتكرر الإجهاض وكانت صغيرة في العمر، فيجب أن تزور الطبيب المختص.

وإذا كانت كبيرة في السن، ففي أغلب الحالات يكون السبب جينيًا، وبالتالي كلما تم اكتشاف المشكلة مبكرة كلما كانت فرص العلاج أفضل. ولا يجب الانتظار لأيام وشهور وتحمل الألم النفسي، فربما تضيع الفرصة في علاج السبب.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لمتابعة الحلقة عبر اليوتيوب :

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وللاستماع الى الحلقة عبر الساوند كلاود :

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى