الراديو

مؤسسة رحمة الإغاثية.. 5 سنوات من الإنجازات في مجال العمل الإنساني

د. شادي ظاظا: ركزنا في 2018 على أعمال الإغاثة وندخل 2019 بمشروعات التنمية

أجرى الحوار: الإعلامي سامح الهادي – أعده للنشر: هارون محمد

ربما لا يعلم البعض أنّ فكرة إنشاء المنظمات غير الربحية، بدأت منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب حينما أنشأ الوقف الإسلاميّ، وقد قامت فكرة الوقف على تأمين الأموال من المقتدرين، وجعل صندوق للصدقات الجاريّة ينتفع به المُسلمون وغيرهم.

ومع مرور الزمن التفت الغرب إلى هذه الفكرة، وقاموا بنقلها إلى بلادهم في القرن التاسع عشر، عندما كانت الدولة العثمانيّة قائمة، وبعد انهيار الدولة العثمانية أصبحت دور الأوقاف مهمّشة عند العرب والمُسلمين، وحلّ محلها مفهوم الجمعيات والمنظّمات غير الربحية.

وفي هذا الإطار يبرز الدور الهام للمنظمات الإنسانية في حالات الكوارث الطبيعية والحروب التي تفاقمت تداعياتها في الآونة الأخيرة، حيث أدت إلى نزوح ولجوء 68.5 مليون شخص في نهاية عام 2017، إما للمرة الأولى أو بشكل متكرر، مما يشير إلى وجود تحركات لأعداد هائلة من الأشخاص، حيث تشير الإحصاءات إلى نزوح حوالي 44,500 شخص كل يوم، أو نزوح شخص كل ثانيتين. وكل هؤلاء يحتاجون بالطبع إلى مساعدات من جانب المنظمات الإنسانية.

ومن تلك المنظمات مؤسسة رحمة الإغاثية، صاحبة الإنجازات الكبيرة في مجال العمل الإنساني، فهي مؤسسة وليدة وحديثة بمقاييس الزمن، لكنها كبيرة وعتيقة بمقاييس الأداء والإنجازات في مجال عملها.

وللحديث أكثر عن المؤسسة وإنجازاتها خلال عام 2018، والمعوقات التي واجهتها، وأهدافها المستقبلية للعام المقبل 2019، استضاف الإعلامي سامح الهادي، مؤسس مؤسسة رحمة الإغاثية، الدكتور شادي ظاظا، وذلك في تغطية خاصة وبث مباشر على صفحة راديو “صوت العرب من أميركا” على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، من مقر مكتب المؤسسة في ولاية ميشيغان الأميركية.

ولادة من رحم المعاناة

* د. شادي.. أوشك عام 2018 على الانتهاء، ونعلم أنه كان عامًا حافلًا بالمشكلات المتعلقة بالكوارث الطبيعية والحروب، وهنا يبرز دور المنظمات الإنسانية مثل مؤسستكم لتساعد في رفع المعاناة عن المتضررين والمحتاجين، فهل يمكن أن تطلعنا على الدور التي قامت به مؤسسة رحمة الإغاثية خلال عام 2018؟

** مؤسسة رحمة الإغاثية، هي من المؤسسات الحديثة، والتي ولدت من رحم المعاناة. فقد تأسست عام 2014، لكن كل العاملين والمتطوعين والخبراء فيها كان لهم تجارب سابقة في مجال العمل الإنساني في مؤسسات أخرى، فقد كنا متطوعين في مؤسسات ولنا دور في العمل الخيري منذ عام 2011.

ولاقتناعنا بأهمية العمل الخيري والإنساني وجدنا في عام 2014 أنه لابد من تأسيس مؤسسة قوية يكون لها اعتبارها، وتكسب ثقة المتبرعين، وذلك لأننا شعرنا أن متطلبات مساعدة المتضررين من الكوارث والحروب أصبحت أكبر من قدرات المؤسسات المتاحة ولا يكفيها العمل التطوعي، فإذا خصصت للعمل التطوعي ساعات بسيطة من يومك فأنت تقدم شيء، لكنه لا يسد الحاجة، ولا يكون بالقدر الذي تطلبه الجهود المبذولة لمساعدة المحتاجين، خاصة في ظل وجود حالات كثيرة، والتزايد اليومي لأعداد المنكوبين.

مميزات عملية

* إذن يمكن القول إن مؤسسة رحمة الإغاثية حولت فكرة العمل التطوعي إلى عمل احترافي إغاثي، حيث نقلت الفكرة من مجرد تقديم بعض الوقت التطوعي إلى عمل احترافي متفرغ لصالح الإغاثة، وهذا بالطبع يدعم جهودكم ومشاريعكم كما لمسنا. لكن ما الذي ترون أنه يميز أداء مؤسسة رحمة الإغاثية عن باقي المؤسسات الإغاثية الأخرى؟

** هناك العديد من من المميزات التي نحرص على التمتع بها في عملنا مثل:

– السرعة في تلبية الإغاثة، حيث يخبرنا المتطوعون على الأرض عند حدوث أي نزوح، وبالتالي نكون قادرين على تلبية الاحتياجات في زمن قياسي.

تواجد المتطوعين على الأرض، فنحن نتعامل في المناطق التي نعمل فيها، مثل سوريا واليمن، مع فرق من المتطوعين الموجودين على الأرض هناك، وهذا الذي يقوي ويميز عمل مؤسسة رحمة.

الشفافية والتوثيق، نحرص على إطلاع كل إنسان تبرع لنا بدولار واحد على ثمرة تبرعه، من خلال توثيق عملنا الإغاثي على مستوى المتبرعين والمستوى الرسمي.

فكوننا منظمة أميركية تعمل في أميركا نريد أن نكون شفافين وواضحين في المناطق التي نعمل بها، وفي الطريقة التي نعمل بها، وفي كيفية توزيع المساعدات أيضًا، وتحديد المناطق الأشد حاجة من غيرها، ولابد أن يكون هذا القرار جماعي وليس فردي أو حتى على مستوى المجلس، فنحن دائمًا نتشاور مع المؤسسات والمتبرعين الذين لديهم خبرة بما يجري هناك في مناطق الاحتياج، ومن ثم نطابق ما تشاورنا به مع التقارير الواردة من متطوعينا على الأرض.

التغلب على الزمن، فقد استطاعت مؤسسة رحمة الإغاثية أن تثبت مكانتها وتبرز عملها الموجود على الأرض خلال 4 سنوات فقط، ونتعرض للانتقاد لأننا نظهر كل الأعمال التي نقوم بها. لكنه نقد من النوع الجيد الذي نتمناه دائمًا، فهدفنا من هذا هو تحقيق الشفافية.

مساعدة دون تفريق

* بالنسبة للمناطق الرئيسية التي تعملون بها، والتي تستحوذ على جهد كبير منكم بحكم طبيعة الأزمة وكبرها كاليمن وسوريا، هناك مناطق تخضع لسيطرة النظام أو الحكومة الشرعية وأخرى تخضع لسيطرة المعارضين أو المسلحين، فإذا ورد إليكم نداء استغاثة الطرفين في هذه المناطق، فلمن تقدمون الخدمة؟ وكيف تحلون مثل هذه المعضلات؟

** نقدم خدماتنا للمحتاج من الطرفين، فنحن مؤسسة غير عنصرية، ولا نميز في عملنا الإنساني بين مؤيد أو معارض، أو منتمي لحزب أو عقيدة أو دين أو عرق أو طائفة. وهدفنا هو أن نصل إلى كل إنسان محتاج أينما كان وأي كان انتماؤه.

أماكن التواجد

* نعلم أنكم تعملون في العديد من المناطق مثل (نيجيريا، تركيا، الأردن، لبنان، سوريا، واليمن)، وفي مخيمات اللاجئين، فأين تتركز جهودكم حاليًا؟

** المناطق التي تركز عليها جهود مؤسسة رحمة حاليًا هي اليمن وسوريا ومخيمات اللاجئين في تركيا، ولدعم هذه الجهود لدينا داخل تركيا نشاطات في إعداد الكوادر وتدريبهم من أجل العمل في سوريا، ونقوم بتنظيم العمل الإغاثي من خلال مكتبنا هناك.

وصول صعب

* ما هي معايير اختيار المناطق التي تركزون عليها خلال عملكم؟

** نركز في الأساس على المناطق الأشد فقرًا، والتي يكون هناك صعوبة في الوصول إليها، والتي لم تصل إليها المنظمات الأخرى، فمثلًا في اليمن هناك مناطق محرومة تمامًا لا تستطيع الوصول إليها بسهولة لأنها شديدة الوعورة، وغائبة عن الخرائط، حتى أن الكثير من المنظمات في أميركا لا تستطيع الوصول إليها بسهولة، وهذا يأخذ وقت أكثر وجهد أكبر، خاصةً أننا بعد تحقيق الهدف نقوم بتوثيق أن المساعدات وصلت فعلًا إلى تلك المنطقة، ولكن بفضل شبكة العلاقات وشهرة المؤسسة، نستطيع الوصول إلى تلك المناطق بسهولة عن غيرنا.

تعاون مع الآخرين

* هل تتعاملون مع المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر، والأمم المتحدة، ووكالة الإغاثة واللاجئين، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، علمًا أن لها ذراعًا يعمل في العمل الإنساني؟

** نحن نتواصل مع الجميع، فمؤسسة رحمة تبحث دائمًا عن الشركاء، لأن هذا أولًا يخفف حمل المسؤولية، ويقلل من ثقل التكلفة على ميزانية المؤسسة. فمؤسسة واحدة لا تستطيع تلبية احتياجات كل هذه الأعداد الكبيرة من المحتاجين، كما أن التنسيق يجعل عملنا منظم.

ودائمًا ما يكون هناك لقاءات مستمرة بيننا، فمؤسسة رحمة مسجلة في منظمة الأمم المتحدة بمجموعات العمل الإنساني (CLUSTER) بسوريا، وبعد أن استخرجنا الترخيص في اليمن نعمل الآن على التسجيل معًا ضمن موسوعات المنظمات التي تعمل في اليمن.

وفي الشهر الماضي كنت في بلجيكا، وقابلت عددًا من العاملين في المنظمات الأوروبية، وشرحنا لهم الجهود التي نقوم بها في المناطق التي نعمل بها، وأخبرونا بالمناطق التي يعملون فيها، وهناك نوع من التنسيق الدائم بيننا.

فمثلًا إذا وصل لنا تقرير من الأرض يشرح حالة منطقة معينة، فإن أول ما نقوم به هو التواصل مع الشركاء لنرى من منهم يوجد في تلك المنطقة، ومن منهم أوقف عمله، وهل هناك إمكانية للشراكة إذا كان عملهم هناك لا يزال مستمرًا.

الإغاثة والتنمية

* في عام 2018 استطاعت مؤسسة رحمة الإغاثية أن تغير فلسفة الإغاثة من الإغاثة فقط إلى الإغاثة والتنمية والاعتماد على النفس، وذلك من خلال توفير مجموعة كبيرة من الدورات التي تساعد الأشخاص على الاعتماد على أنفسهم، فضلاً عن تقديم مجموعة من الدورات التدريبية لصقل مواهب المتطوعين، حدثنا أكثر حول هذا الموضوع؟

** نحن الآن ننتقل من كلمة “الإغاثة” “Relief”  إلى كلمة “التنمية” “Devotement”. وفي عام 2019 يمكن أن يصبح اسم المنظمة “رحمة التنموية” “Rahma Devotement”، ومن الممكن أن يضاف إليها “الإغاثية” “Relief”.

وبسبب اتساع رقعة الأزمة لابد أن نعد كوادر لتصبح خبيرة ومدربة من أجل الحصول على فرص أكبر مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. وقد أصبح مكتبنا في تركيا والأردن الآن متميزًا في إعداد دورات متعددة في مجالات عدة، والتواصل مع أصحاب الخبرات.

ونحن نريد أن يعتمد اللاجئ هناك على نفسه، فالمؤسسة لا يمكنها أن تستمر معه بأن تعطيه السلع الغذائية أو الملابس مدى الحياة، فلابد علينا أن نعلمه كيف يسعى لطلب الرزق، لأن اللاجئين في تركيا والأردن دخلوا  في العام الثامن منذ لجوئهم.

والذين خضعوا وشاركوا في الدورات التي أقيمت في تركيا والأردن أصبحوا الآن مؤسسين لمشاريع يستفيد منها الناس. وبالنسبة للنساء كانت هناك دورات تدريبية لورش مهنية وأعمال يدوية، وكانت تجربة ناجحة جدًا.

وهذا سيخفف العبء النفسي والاجتماعي والمادي على اللاجئين في المخيمات، وسيعطي مثالًا مهمًا للآخرين، وهو أن هناك أمل في عيش حياة كريمة، وأنهم لن يبقوا على هذا الحال طيلة حياتهم.

صعوبات ومعوقات

* ما هي أهم المعوقات التي تواجهونها في عملكم وأداء رسالتكم؟، وما الذي تحتاجونه لكي تقدموا رسالة أفضل؟

** على مستوى أميركا، وصل الناس إلى مرحلة التعب من الدعم بالنسبة للأزمة السورية واليمنية. لكن لا يحق لنا أن نتعب، لأننا موجودون وبإمكاننا أن نقدم أكثر مما نقدمه الآن، وليس ما أقصده الدعم المالي فقط، ولكن الدعم المعنوي أيضًا وتذكير الناس بمستوى الكارثة.

فأنت تتحدث عن 12 مليون يمني تحت خط الفقر أو على حافة المجاعة، بينهم 5 مليون طفل يمني جائع، فهذه الكارثة والأرقام مخيفة جدًا، ونحن مازلنا في مرحلة خجولة، وما نفعله هو أقصى ما نستطيع فعله من أجل إغاثة المحتاجين.

وهناك فرص مساعدات عديدة هنا في أميركا، ونحن فقط لا نبحث عن المساعدات من الأشخاص الذين حولنا، وإنما هناك أناس هم أخوة لنا في الإنسانية من الديانات الأخرى، ومتواجدون في الكنائس وفي دور العبادة الأخرى، فهم يريدون مساعدة أهل اليمن، ويبحثون عن الطريقة الصحيحة والسليمة في توصيل تبرعاتهم لإغاثة أهل اليمن.

حفل عشاء خيري

* مؤسسة رحمة الإغاثية ستقيم حفل عشاء خيري لدعم رسالتها والتنويه عنها للآخرين، فهل لك أن تطلعنا عن هذا الحفل؟، وكيف يمكن شراء البطاقات والتواصل مع المنظمين؟

** الحملة اسمها “Stand with Yemen campaign”، وستقام في مدينة ديترويت، في مساجد السنة والشيعة، يوم الجمعة القادمة، ويوم الأحد في الكنائس، ويوم السبت مع دور العبادات الأخرى، من أجل دعم وتذكير الناس بكارثة اليمن. كما اتفقنا مع  مساجد السنة والشيعة لتوحيد العنوان “معًا من أجل اليمن”.

وسيقام يوم السبت حفل عشاء خيري أيضًا لصالح اليمن، لنطلع الناس على ما أنجزته مؤسسة رحمة في اليمن منذ تواجدها هناك. ونعول على هذا الحفل لنوصل الرسالة الحقيقية، ولنوضح للناس الكارثة ومدى حجمها وكيفية الوصول إليها بكافة السبل المتاحة. ويمكن شراء البطاقة مباشرة من صفحة الإيفينت (18:00)، ومن خلال الأخوة العاملين معنا في بيع البطاقات في كل مكان، وبإمكانهم الاتصال بنا.

مشاريع مستقبلية

** في اليمن: وصل تبرع أحد فاعلي الخير إلى نصف مليون دولار، وعلينا الآن أن نجمع نصف مليون دولار آخر، وهذا من أحد أولويات مؤسسة رحمة، لكي نتمكن من تنفيذ المشاريع في اليمن، وما أحوج اليمن إلى هذه الأموال وهذه المشاريع!، ونحن نريد من كل الناس المشاركة معنا.

وفي سوريا: مشاريعنا مستمرة، ومنها مشاريع التدفئة والتعليم والتنمية. وإن شاء الله في عام 2019 نتجه للمشاريع التنموية التي تنهض بالمجتمع، وتجعل الفرد فعالا في مناطق النزوح واللجوء.

* دكتور شادي الآمال المعقودة عليكم كبيرة، والكوارث والاحتياجات أكبر، ولكن يبقى دائمًا تعاون فريق العمل في مؤسسة رحمة الذي نوجه له التحية، وأيضًا دعم المتابعين للانضمام إلى قائمة المساعدين لهذه المؤسسة المتميزة رغم حداثة عملها، ولا تنسوا متابعينا أن التبرع لمؤسسة رحمة هو تبرعٌ لكم قبل أي شيء.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لمشاهدة الحلقة عبر اليوتيوب :

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى