رأي

شَذْرَات- نمو كل شيء

بقلم: معن الحسيني

يقول المفكر والعالم التشيكي فاشلاف سميل Vaclav Smil في كتابه “النمو” بأن حركة تطور الأشياء على الأرض تتجه نحو نقطة ذروة يصعب الوصول إلى أبعد منها مستقبلاً.

وما يعنيه بالأشياء هنا هو كل شيء حرفيًا، من إنسان ونباتات وحيوانات، إلى اختراعات وتكنولوجيا، إلى مفاهيم فيزيائية كالسرعة والطاقة المتجددة وحتى الأفكار.

وقد توصل إلى هذه النتيجة بعد قياسات أجراها على نمو كثير من الأشياء في الكوكب، ويرى بذلك أن النمو والتطور لا يمكن أن يكونا لانهائيين في كوكب منتهٍ محدود الزمان والمكان والموارد.

إذن حتى العلم اليوم يرى أن هنالك مآل نهائي سيصل له الإنسان وكوكبه الذي يعيش عليه عاجلاً أم آجلاً، فما الدرس المستفاد من ذلك؟

بعض من أدرك ذلك أخذ يُعد العدة لغزو كواكب أخرى كالمريخ، وبدأ يخطط لرحلات مأهولة واستيطان في الكوكب الأحمر، فقد دفعته غريزة البقاء وحب التملك إلى البحث عن المزيد والمزيد.

وبعض من لم يدرك شيئاً من ذلك كشعوبنا المسكينة مازال نائماً أو منومًا، يعيش أحلامه الصغيرة التي يرى فيها أنه يختار من يحكمه، وأن له بيتاً يؤويه، وأسرة سعيدة، وعملاً مستقراً يرتزق منه، وحدًا أدنى من الكرامة وحرية التعبير.

والحقيقة المطلقة في كل ذلك أن هذا العالم منته شئنا أم أبينا، فلو قُدر لواحد منا أن يسافر في رحلة فضائية ليرى الأرض مجرد كرة زرقاء صغيرة هشة معلقة في الفراغ تضم الحياة كلها (وهذا ما يسمى بأثر النظرة العامة  The Overview Effect  كما تسميه وكالة ناسا)، ثم يدرك أن عليها كل من يحب ويكره، وكل من لا يعرف، عندها فقط يعقل أن كل شيء في هذه الحياة تافه زائل لا قيمة له، وأن ما يبقى هو العمل الصالح وما ينفع الناس.

نحتاج أحياناً أن نخرج من ذواتنا وهمومنا اليومية وأن نتأمل هذه الصورة الكلية كما يفعل رواد الفضاء تماماً، فمعرفة المآل تقوي عزيمتنا على السير في الطريق الصحيح.

(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) سورة الانشقاق: 6


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى