رأي

نائب الرئيس الأميركي وزياراته المشبوهة

بقلم/ د. حسن المصري

بعد أن فشل الرئيس الأميركي في إقناع السلطة الفلسطينية بقبول قراره الشخصي الإنفرادي الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ها هو يعمل من أجل اقناع كل من مصر والأردن بجدوي مساندة هذا القرار لكي تري صفقة القرن النور!!

زيارة مايك بنس التي بدأت بالقاهرة كانت لهذا السبب

هذه الزيارة المؤجلة منذ منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي لا تحمل في طياتها أي جديد فيما يتعلق بخطة إعادة مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التى توقفت في ابريل 2014، إلي مسار الصفقة المزعومة، ولا بقدرة ترامب علي الإتيان بما لم يأت بها سابقوه، ولا بواحة السلام الذي تؤكد إدارته أنه سوف يصب في مصلحة المنطقة كلها.

تأجيل زيارة ديسمبر، كان لموقف رسمي وشعبي في عموم الدول العربية والإسلامية وبالذات في كل من مصر والأردن انطلق بكل قوة يعبر عن رفضه القاطع لقرار ترامب الخاص بالقدس، ومنذ ذلك الحين لم يتغير شيء في هذا الخصوص.

لا تصدقوا أن هذه الزيارة التى انتهت في إسرائيل كانت ضرورية لمصلحة الأمن القومي الأميركي كما جاء علي لسان المتحدثة باسم الضيف الكبير، القضية برمتها تتعلق بأمن ومستقبل إسرائيل التي تريد أن تتعرف منه بشكل مباشر علي المواقف الإستراتيجية لكل من القاهرة وعمان في هذا التوقيت لكي تبدأ مخطط تكثيفها لبناء المستعمرات في أسرع وقت ممكن من ناحية، ولتنشيط حملتها الدبلوماسية لكسب تأييد عدد أكبر من الدول لتحقيق مطلب نقل بعثاتها الدبولماسية من تل أبيب إلي القدس من ناحية ثانية، ولأختيار الأسلوب الأمثل لمستقبل تعاملها مع الدول العربية والإسلامية الرافضة لهذا القرار من ناحية ثالثة.

رؤية القاهرة وعمان للقرار الأميركي وإن كانت بعض ملامحها واضحة، إلا أن لقاءات “الوجه لوجه” التي أجراها بنس في كل منهما عكست رفض أساسي ومبدئي للقرار حتى بعد أن عرض بنس جانب من صفقة القرن التي لم تكتمل سطورها ولا جوهرها بعد التلويح بتجميد المعونات التي تقدمها واشتطن لكل منهما لم يصل بعد إلي سقف القطيعة، ولكنه وضع علي الطاولة، محاولة اقتاع القيادتين السياسيتين للبلدين بجدوي الضغط علي الرئيس الفلسطيني للقبول بما هو مخفي وغامض فيما يتعلق بالصفقة، قوبل بنوع من البرود السياسي الذي يجب علي واشنطن أن تتعود عليه.

لا تستطيع مصر والأردن ممارسة الضغط علي محمود عباس لكي يقبل بقرار ترامب كما لا تملكان رفاهية الترويج داخليا للحاجة إلى القبول به شعبيا، بل العكس هو الصحيح!! كل منهما تضع يدها علي مقومات تقوية مصادر قوة الدولة وقوة مجتمعها الرافضة لهذا القرار شكلا ومضونا.

أما إدارة ترامب فيبدو أنه لم يعد في مقدورها سوي الإستخدام الأسوأ لملف المعونات المادية والعسكرية التي تقدمها لحكومة البلدين، أولاً كعقاب رادع لموقفهما المؤيد لرفض قرار الرئيس الأميركي أثناء منافشة بجلسة الجمعية العامة مؤخرا وثانيا لوقوفهما الي جانب القيادة الفلسطينية الرافض له.

من المتوقع أن يستثمر البيت الأبيض النتائج السلبية التي سيعود بها نائب الرئيس الأميركي إلي بلاده بعد زيارته لكل من القاهرة وعمان في شكل تعطيل للمشاريع المشتركة بين الجانبين.. وتأجيل مصطنع من جانب الكونجرس في النظر إلي حجم وأقساط المعونات المادية والعسكرية المستحقة التي تقدم لكل منهما.

ونأمل أن يتواصل هذا الموقف وأن تقوي دعائمه، لكي تبقي قضية الشعب الفلسطيني في دائرة الضوء حتى تنتهي مرحلة الاستعمار الإسرائيلي للأراضي العربية.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى