رأي

مذيعة سورية تهز المجتمع العربي في ديترويت

مقال بقلم: راي حنانيا- ترجمة: مروة مقبول

كانت ليلى الحسيني تبلغ من العمر فقط 26 عامًا عندما قررت أن تغادر منزلها في دمشق بسوريا في خريف عام 2000، للبحث عن فرص جديدة في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنها كانت تعمل بشكل احترافي في العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية في دمشق، مثل “أسوسيتيد بريس” و”بي بي سي ورلد نيوز”، بالإضافة إلى الكتابة لصحيفة “البرهان” السورية، إلا أنها شعرت أن الحواجز التي وضعها قانون الاحوال الشخصية أمام النساء كانت تعوق مسيرتها.

تقول: “كنت أعاني من مشكلات شخصية، وأردت أن أهرب للحصول على حريتي، واعتقدت أنه بإمكاني القيام بذلك في أمريكا”. وأضافت: “القوانين في سوريا لا تدعم حقوق المرأة، وشعرت أنه لن تتم معاملتي بشكل عادل”.

توجهت ليلى إلى الولايات المتحدة في الوقت المناسب، وكان ذلك قبل عام من هجمات القاعدة الإرهابية على برجي مركز التجارة العالمي والبنتاجون، واختارت الإقامة في ديترويت، حيث كانت الجالية العربية الأمريكية نشطة، وكان الإعلام العربي في ازدهار.

قالت الحسيني إنها فوجئت بأن عددًا قليلاً من العرب الأميركيين يحتلون مناصب إعلامية في القنوات الإخبارية الأمريكية الرئيسية، وبالتالي تخلت عن هدف إيجاد وظيفة في وسائل الإعلام الأمريكية.

بدلاً من ذلك، تم تعيينها في قناة فضائية جديدة في ذلك الوقت تحمل اسم “سلام تي في”، وكان مقرها في ديترويت، وكان الجمهور المستهدف لها هو الجالية الأمريكية العربية الكبيرة التي تعيش في ميشيغان.

ومن الجدير بالذكر أن ولاية ميشيغان تحتل المركز الثاني بين الولايات، من حيث عدد  السكان العرب، بعد كاليفورنيا.

وعن هذه التجربة تقول ليلى الحسيني: “كانوا يبحثون عن صحفي من سوريا يمكنه التحدث باللهجة السورية بوضوح، وتعزيز ارتباط المحطة بالجالية السورية الأمريكية.. لقد أحبوا العمل الذي قمت به أثناء وجودي في دمشق، حتى أنهم قاموا بدعم طلب الهجرة الخاص بي”.

بدأت ليلى بتقديم البرامج الحوارية والأخبار على شبكة الأقمار الصناعية الناشئة التي خدمت منطقة ديترويت. وبعد بضعة أشهر، ازداد الطلب على أخبار العرب الأميركيين والمسلمين عندما أسقط الإرهابيون البرجين التوأمين، وضربوا مركز القوة العسكرية الأمريكية في البنتاجون.

فجأة، كان “العرب في أمريكا” موضوعًا ساخنًا، وتم استضافتها في العديد من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية الرئيسية.

ومع استمرار نمو الطلب على المعلومات عن العرب في أمريكا، تولدت لدى الحسيني رغبة في تقديم المزيد، فتواصلت مع المغتربين العرب الأمريكيين الأثرياء، وكان أغلبهم من المهنيين و رجال و سيدات الاعمال و الاطباء، لمساعدتها على إطلاق برنامج إذاعي صباحي مباشر، يتمكن المستمعون من خلاله الاتصال وتبادل الآراء حول أهم الأخبار .

تمكنت ليلى الحسيني من إطلاق شبكة “صوت العرب من أميركا” التي تبث برامجها كل صباح الساعة 8 صباحًا، من الاثنين إلى الجمعة، على الهواء مباشرة من استوديوهات في ديربورن على الموجة WNZK AM 690.

ويستمر البث لمدة ساعة واحدة ابتداءً من ديترويت، ثم تمكنت من تغطية منطقة جغرافية أوسع شملت معظم ولاية ميشيغان ومدينة وندسور بكندا، والتي تضم أيضًا عددًا كبيرًا من السكان العرب.

وأشارت إلى أن “الأمريكيين العرب أرادوا التحدث”، “لقد أرادوا مشاركة آرائهم، ولم يتمكنوا من فعل ذلك على وسائل الإعلام التقليدية السائدة في الولايات المتحدة. لكن البث الإذاعي الحي في قلب المجتمع العربي كان الجواب الأمثل. لقد فعلنا ذلك باللغتين العربية والإنجليزية”.

وتمضي الحسيني قدمًا في مشروعها الإعلامي فتقول “قررت شراء المزيد من الوقت بمالي الخاص، وقمت بتقديم شبكة الراديو الخاصة بي، وشعرت أن ديترويت كانت المكان الأكثر أهمية للقيام بذلك، حيث كان العرب منخرطين جدًا في النشاط المحلي وفي السياسة الأمريكية”.

وعلى الرغم من أن بداية إقامة العرب في الولايات المتحدة تعود إلى منتصف القرن الثامن عشر، إلا أن وسائل الإعلام العربية الأمريكية كانت ضعيفة للغاية؛ فهي تفتقد التنظيم، وبالكاد تقدم معلومات للمهاجرين العرب، ناهيك عن تثقيف المواطن الأمريكي.

ديترويت لديها صحيفة عربية أمريكية، وهي الوحيدة التي يتم إصدارها أسبوعيًا، بينما تقوم معظم الصحف الأخرى بالنشر إما بشكل شهري أو كل شهرين.

ولا يوجد سوى عدد قليل من البرامج الإذاعية، التي تبث لمدة ساعة واحدة كل أسبوع في العديد من المدن الأمريكية، مثل هيوستن ولوس أنجلوس ونيويورك، وليس هناك برامج تلفزيونية عربية أمريكية.

وتوضح ليلى الحسيني، وهي عضو مؤسس في الرابطة الوطنية للصحفيين العرب الأميركيين (NAAJA) قائلة: “المجموعات العرقية المختلفة في أمريكا لديها وسائل إعلام عرقية قوية وحيوية تعبر عنها باستثناء العرب، فوسائل الإعلام لدينا ضعيفة وتركز في الغالب على السياسة مع وجود عدد قليل جدًا من التقارير التي توثق من نحن وماذا نفعل، أي أنها لا توثق انجازاتنا أو نجاحاتنا، فالحياة لا تدور حول السياسة فحسب. ولكن هذا كان كل ما نراه”.

وتضيف الحسيني: “أردت تغيير ذلك وتقديم، ليس فقط تغطية سياسية وإخبارية عن الشرق الأوسط، ولكن أيضًا معلومات حول ما نقوم به في هذا البلد، مثل الولائم، انجازاتنا ونجاحاتنا. فنحن منخرطون في المجتمع كأميركيين، ولكن هناك عدد قليل جدًا من وسائل الإعلام التي توثق كل ما نقوم به “.

بحلول عام 2011 واندلاع ثورات الربيع العربي وتمزق سوريا بسبب الحرب الأهلية، قامت الحسيني بتوسيع شبكتها أكثر فأكثر لتغطي واشنطن العاصمة، مريلاند، نيويورك، كونيتيكت وفرجينيا. واليوم، على الرغم من كل نجاحاتها، فإنها لا تزال تواجه تحديات مالية.

يشتمل البرنامج الإذاعي على العديد من المعلنين، معظمهم من العرب الأميركيين، يروجون لأعمالهم في ديترويت، لكنه لا يزال يمثل بقعة صغيرة في المشهد الإعلامي الأمريكي.

وتؤكد الإعلامية ليلى الحسيني: “هناك الكثير الذي يمكننا القيام به.. إذا توفر لنا المزيد من الدعم المالي، فسنقوم بالبث على مدار 24 ساعة يوميًا، كل يوم من أيام الأسبوع. هناك طلب متزايد من الجالية العربية للحصول على الأخبار. إنها أيضًا علامة على الاحترام عندما يقوم الأمريكيون بضبط مؤشر الراديو إلى برنامج إذاعي باللغة الإنجليزية يبث عبر أثير إذاعة عربية أمريكية ويستمع لما نقوله. فما نقدمه لا يصل إلى وسائل الإعلام الرئيسية، وبالتالي تصل للأمريكيين صورة مشوهة عنا نحن العرب “.

وتؤمن الحسيني بأن وجود وسيلة إعلام عربية قوية يمكن أن يساعد في علاج ذلك، وتقول: “لدينا مجتمع عربي كبير ومتنوع في ديترويت، يتكون من السوريين والفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين والعراقيين والمصريين والمغاربة. لدينا أيضًا مسيحيون كلدان من الشرق الأوسط. ويشمل جمهورنا العديد من الأميركيين الذين يتصلون ويطرحون أسئلة…وعلى الرغم من أن البرامج متنوعة، إلا أنها غالبًا ما تكون غنية بالمعلومات، حيث تقدم الأخبار والمعلومات حول من هم العرب الأمريكيون، وذلك بطريقة لم يتم طرحها في أي مكان آخر.

وتأمل الإعلامية ليلى الحسيني أن يستمر بث الإذاعة على مدار اليوم في المستقبل، وألا تكون قصة الشعب العربي غريبة أو مشوهة لدى الأميركيين. وتقول: “سيعرفون من نحن حقًا، وسيدركون ثراء ثقافتنا، ويفهمون سياساتنا أفضل بكثير مما هم عليه اليوم. ولكن لازال الطريق أمامنا طويلاً”.

يمكن الاستماع إلى برامج الراديو من خلال زيارة موقع الويب الخاص به على www.ArabRadio.us. كما أن جميع البرامج التي تم إذاعتها متاحة من خلال المكتبة الصوتية.

علماً بأن ليلى الحسيني قدمت من سوريا إلى أرض الأحلام –الولايات المتحدة الأميركية- تتلمس حلمها لتصنع واقعا لها ولأسرتها، وعندما وطأت قدميها الأرض الأميركية أحست بمدى الغربة والعزلة التي يعانيها معظم أبناء الجالية الناطقة بالعربية في هذا المجتمع، مما شكل حافزا لها لتأسيس أول خطوات حلمها بإنشاء كيان إعلامي يساهم في تغيير مستوى الصورة النمطية والمحصورة -إلا في ما ندر- عن الجالية العربية الأميركية، وليصبح حلمها أن ترى دور أكبر لهذه الجالية في ممارسة حقها الطبيعي في هذا البلد المليئ بالحريات والفرص.

من هنا جاءت فكرة مؤسسة “يو إس أراب ميديا U.S. ARAB MEDIA” وهي مؤسسة للإعلام والتدريب، تأسست في عام 2005 في مدينة ديربورن بولاية مشيغن.

ونشأت هذه المؤسسة من رحم معاناة العرب الأميركيين واحتياجهم للمعرفة وفرص العيش والمشاركة المتاحة في هذا البلد، لتصير عاكسا وصدى لتأثير أكبر في الحياة السياسية والاجتماعية في هذا الوطن الأميركي.

مؤسسة “يو إس أراب ميديا U.S. ARAB MEDIA” تهتم بتقديم العديد من الأنشطة مثل:

1- إذاعة صوت العرب من أميركا (خدمة إذاعية متميزة في الطرح والطموح).

2- موقع إليكتروني يكون بمثابة ساحة للرأي ولنشر كل الأخبار التي تهم عرب المهجر ومد أواصر العلاقات بين هؤلاء العرب وبين جذورهم العربية.

3- مساحة رحبة لتوحيد الجهود وتبادل الخبرات بين الإعلاميين العرب في أميركا، وبين الإعلاميين في كل العالم العربي.

4- التدريب والتطوير الإعلامي (حيث تقدم برامج للتخطيط والتدريب المهني الإعلامي المحترف داخل الولايات المتحدة وخارجها).

وتتميز مؤسسة “يو إس أراب ميديا U.S. ARAB MEDIA” بوجود مؤهلين من ذوي الخبرات والمهارات العالية، وتضم في طياتها نخبة متنوعة المشارب والأصول، كما تحتوي داخلها على خبرات أميركية وعربية مختلفة، فمن سورية ومصر إلى العراق إلى اليمن، ومن المغرب إلى فلسطين، ومن لبنان إلى الأردن وتونس و… ليكونوا تنوع ومزيج تجتمع فيه الخبرات العربية وتمثل طموحاتها، نابعة من دراية بالمجتمع العربي وخصوصية الوطن الأميركي.

في مؤسسة “يو إس أراب ميديا U.S. ARAB MEDIA” تمتزج الرغبة بالطموح والأحلام في بناء الذات، وتقديم العون للآخرين، ليس منطلقا شخصيا فحسب، بل اعترافا بالجميل الذي قدمه هذا الوطن، وما قدمه الآخرين لأقرانهم عند قدومهم أول مرة إلى أرض الأحلام (الولايات المتحدة الأميركية).

للاطلاع على الرابط الأصلي:

https://www.middleeastmonitor.com/20190314-syrian-radio-host-shakes-up-detroits-arab-community/?fbclid=IwAR3d78RyIJz1W8es1cOwXUwYv9Wu9pzKSOIj4u9PhYwvAyy5WbHdTSAvsO4#.XIqDzlKG3I5.facebook


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى