رأي

لبنان والدولة المستحيلة

بقلم: مروان سمور

قدّر عدد المقيمين في لبنان خلال فترة المسح الذي أجرته (إدارة الإحصاء المركزي اللبنانية) لعامي 2018 و2019 بحوالي 4.8 مليون نسمة، توزعوا بين 80% من اللبنانيين و20% من غير اللبنانيين.

ويتوزع الشعب اللبناني على 18 طائفة معترف بها، وتشمل المسلمين من السنة والشيعة والدروز والعلويين، وفي المقابل المسيحيين الذين ينقسمون إلى عدد من الطوائف، مثل المارونيين واليونان الأرثوذكس واليونان الكاثوليك .

واللبنانيون منتشرون في شتّى أنحاء العالم كمغتربين أو كمهاجرين من أصل لبنانيّ، ويصل عددهم- حسب تقديرات رسمية- لعام 2001  أكثر من 8.600.000 ملايين  نسمة .

ويعيش الشيعة في جنوبي لبنان وفي شمالي سهل البقاع، بينما يعيش معظم السُّنة في المدن الكبيرة: بيروت، طرابلس، صيدا، وفي محافظة الشمال.

ويعيش الدروز في منطقة الشوف في جنوب شرقي بيروت العاصمة، ويسكن الموارنة في الإقليم الجبلي شرقي بيروت مباشرة، بينما تعيش أعداد كبيرة من المسيحيين الروم في وادي البقاع.

نظام المحاصصة

ووفق الدستور اللبناني الحالي فإن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، ولكنه عرفًا يعتمد نظام توزيع السلطات على الطوائف المؤلفة للنسيج والفسيفساء اللبناني، فمثلا رئاسة الجمهورية تعود للموارنة، ورئاسة الوزراء تعود للسنة، أما رئاسة مجلس النواب فهي للشيعة، وهذا ما نصّ عليه اتفاق الطائف.

ولا يقتصر التقاسم الطائفي للمناصب في لبنان على الرئاسات الثلاث فقط، بل يمتد ليشمل جميع المناصب الهامة العليا والمتوسطة.

فقائد الجيش على سبيل المثال ماروني، أمّا وزير الداخلية فهو مسلم سنِّي، ومدير قوى الأمن الداخلي مسلم سنِّي، ومدير المخابرات العسكرية مسلم شيعي، وهناك أيضًا حصص للطوائف والأقليات الأصغر مثل الدروز والمسحيين الأورثوذكس والأرمن.

مجلس النواب

أما مجلس النواب اللبناني فيبلغ عدد أعضائه 128 عضوًا، ينقسمون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، أي 64 نائبا لكل طائفة، ويتوزع النواب المسلمون على الشكل التالي: 27 نائبًا للسنة ومثلهم للشيعة، وثمانية نواب للدروز، ونائبان علويان.

وعند المسيحيين يستحوذ الموارنة على الحصة الكبرى بـ34 نائبًا، يليهم الروم الأرثوذكس بـ14 مقعدًا، والروم الكاثوليك بثمانية مقاعد، والأرمن بستة، والإنجيليون بمقعد واحد، إضافة إلى مقعد للأقليات.

أما توزيع مقاعد مجلس النواب الحالي على التيارات المختلفة، فكان كالتالي:

التيار الوطني الحر، بزعامة جبران باسيل مع حلفائه  له 29 مقعدا، تيار المستقبل له 21 نائبًا، وحركة أمل لها 16 مقعدا، حزب القوات اللبنانية، بزعامة سمير جعجع، وتضم 15 مقعدا، حزب الله  له 13 مقعدا، الحزب الاشتراكي، بزعامة  تيمور جنبلاط وحلفائه، وله 8 مقاعد، تيار المردة، بزعامة سليمان فرنجية وحلفائه، وله 7 مقاعد، كتلة الوسط المستقل، بزعامة نجيب ميقاتي، وتضم 4 نواب، كتلة الحزب القومي السوري الاجتماعي وتضم 3 نواب، كتلة حزب الكتائب وتضم 3 نواب، أما البقية فهم نواب مستقلون، ولكن جزء كبير منهم منحازين لأحد الأطراف الرئيسية.

نظرة تاريخية

مع انتهاء الاحتلال الفرنسي عام 1943، اتّفق اللبنانيون على ما يطلق عليه «الميثاق الوطني». وقاد هذا الميثاق «بشارة الخوري» ليصبح أول رئيس جمهورية لبناني و«رياض الصلح» أول رئيس حكومة لبنانية، وذلك بعد استقلال البلاد عن فرنسا عام 1943.

وبناءً على هذا الاتفاق، توافق اللبنانيون بشكلٍ عرفيّ على توزيع السلطة، بحيث ينال المسيحيون الموارنة رئاسة الجمهورية، ويحصل المسلمون السنة على رئاسة الوزراء، والمسلمون الشيعة على رئاسة البرلمان.

وفي عام 1975 شهد لبنان حربًا أهلية دامت 15 عامًا واستمرت إلى عام 1990، راح ضحيتها أكثر من 150 ألف لبناني.

واستغلّت قوات الاحتلال الإسرائيلية هذه الحرب الأهلية وقامت بغزو لبنان عام 1982، حتى وصلت إلى بيروت قبل أن تنسحب وتحتل جنوب لبنان ومن ثم انسحبت منه عام 2000 .

وتوقفت الحرب الأهلية عام 1990 عندما اتفق الفرقاء ووقعوا على وثيقة (اتفاق الطائف)، وتمّ خلالها تعديل الدستور اللبناني، وتوزيع السلطات بين الفرقاء.

والنتيجة أن اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية قبل 30 عامًا، ربما حافظ على السلام في لبنان، ولكن أثره بدأ يتصدَّع على وقع فساد النظام السياسي الذي قام بتأسيسه، القائم على التوزيع الطائفي، والنخبة التي أتت من خلاله، وجعل من شبه المستحيل اتخاذ أي قرارات كبرى دون توافق جميع الفرقاء السياسيين الموزعين على أساس طائفي.

وأخيرًا، إذا أردنا التعرُّف على السبب الحقيقي وراء هذه الاحتجاجات الأخيرة للبنانيين، لن نجده يتجاوز انتشار الفساد في مؤسسات الدولة وبين قياداتها من مختلف الطوائف، كما يقول المتظاهرون في هتافاتهم التي تطالب بإقالتهم جميعًا بلا استثناء تحت شعار «كلنّ يعني كلنّ».


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى