رأي

لبنان علي سطح صفيح ملتهب!

بقلم/ حسن عبد ربه المصري

هل هي أجواء الحرب الأهلية التي عاشها الشعب اللبناني بين عامي 1975 و1990 بكل أطيافها ومقدماتها قبل أن يخفف الإتصال الذي جرى بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، من تدعياتها؟؟ نقول..

انطلقت شرارات المواجهة هذه المرة يوم 28 يناير/كانون الثاني عقب تسريب شريط فيديو هاجم فيه وزير الخارجية جبران باسيل -صهر الرئيس ميشل عون ورئيس التيار الوطني اللبناني- رئيس مجلس النواب بغلظة بعد أن وصفه بـ”البلطجي” متوعدا أن “يكسر رأسه”، وزاد من إنطلاقها إلي آفاق بعيده مداخلات مواقع التواصل الأجتماعي لتفنيد محتواها وتوسيع دائرتها بين مؤيدي كلا الطرفين، حيث أعاد العجلة إلي الوراء مذكرا بكل مصطلحاتها الفئوية والمذهبية البغيضة.. وانتشرت دائرة لهيبها الحارق اكثر وأكثر بعد أن نزل إلي ساحتها وزراء ونواب محسوبون علي كلا الطرفين.

البداية مع حركة أمل التى طالبت بعد إشتعال النيران بأن يقدم وزير الخارجية اعتذارا علنيا لرئيس مجلس النواب.. أعقبه بيان من حزب الله – حليف نبيه بري – إستنكر فيه بشدة كلام وزير الخارجية. وقبل أن يُلقي رئيس الجمهوية بدلوه، نزل أنصار “حركة أمل” إلي الشوارع وقاموا بإحراق اطارات السيارات والإعتداء علي مقارات خصمها اللدود “التيار الوطني الجر”.

هنا قال رئيس الجمهورية قولته الشهيرة “ما بني علي خطأ، هو خطأ” الأمر الذي اعتبرته حركة أمل وحزب الله “نوع من المساواة بين القاتل والقتيل”، وبينما صرح وزير الخارجية بـن البيان الرئاسي وضع نهاية للصراع وأنه فتح الطريق أمام إستعادة حقوق المسيجيين التى سلبت منهم، علق عليه مناصروا الطرف الآخر بالقول “أنه ينسف” المعادلة السياسة التى جاءت بالرئيس عون إلي كرسي الرئاسة.. بينما نظر إليه آخرون من زاوية أنه سيؤدي إلي تأجيل الإنتخابات المقرر أجراؤها في شهر مايو القادم، التى يري حزب الله وحليفه نبيه بري أنها ستجري في موعدها لأنها تحمل في طياتها مقومات “استقرار البلاد”.

لا شك أن الدور الذي قام به الوزير باسيل جبران، عزز من شعبيته، ولكنه دشن بكل المقاييس مكانة حركة أمل وحزب الله داخل الدوائر الإنتخابية التي يتمركزون فيها. وبنفس المقياس نقول أن ما جرى لم يَسلب المعادلة السياسية القائمة حاليا في لبنان الكثير من فاعليتها وسيبقي شعار “مشي حالك” في مكانه حتى تتوافق القوي السياسة علي إشعار آخر ينجح في توظيف معادلة أخري يعززها تحالفات قديمة / جديدة، لأن الوطن اللبناني لا يستطيع أن يعيش بعيدا عن مثل هذه المعادلات..

ولا شك أيضا أن هناك في الداخل اللبناني والخارج الإقليمي من يريد تغبير هذه التحالفات الثنائية التي تهمين منذ سنوات طوال علي السلطة وقرارتها، باعتبارها “هشه”.. ولكنه يفتقد الأدوات والبيئة الحاضنة التى تساعده علي الإتيان بهذه الخطوة في موعدها، لأن المواجهة بين التيارين السني والشيعي سوف تستمر إلي فترة قادمة لا يعلم مداها إلا الله.

كل من الطرفين الداخلي والخارجي يعيش حلم أن تأتي الرياح بما يشتهي التيار الشيعي إبان الأزمة التي ترتب علي إعلان الحريري إستقالته من رئاسة الحكومة منذ بضعة إسابيع.. وكلاهما يعترف أن الزعامات السياسية مثل وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وسمير جعجغ ليس في إستطاعتها إقامة تحالف إستراتيجي مثل ذلك القائم اليوم بين حزب الله وحركة أمل.

ولأن الأزمة السياسية التى يعيشها لبنان اليوم لم تخرج بعد من طائفيتها ولا من إطارها المذهبي الضيق!! ولأن الوقت ليس مناسبا لإقامة تحالفات جديدة يمكن أن تُغير من شكل المعادلة السياسية القائمة فوق الأرض اللبنانية.. فليس في إمكان المراقب المحايد أن يقول أن الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان قد انتهت!.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى