رأي

لبنان بين تهديدات النزاع الداخلي و عدوانية إسرائيل ..

دكتور حسن عبد ربه المصري *

مضت عدة اشهر علي تكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة لبنان الجديدة ، دون أن تري النور وتقدم برنامجها إلي مجلس النواب ، برغم ما في ذلك من مخالفة دستورية .. ولما يتساءل المتابع لماذا ؟؟ يجد .. ان ملاحظات الرئيس ميشيل عون التى سجلها علي الإختيارات التى تقدم بها سعد الحريري ، تقف عقبة في طريق الإعلان عن تشكيلته الوزارية حتى يومنا هذا ..

لا أحد يلتفت لتدخل رئيس الجمهورية المتعدي علي مواد الدستور ، لأن عدم إلتفافهم يدعيم ويقوي من ساعد بيئة سياسية تناصب الشعب اللبناني العداء !! لأن هذا التدخل يتوافق مع رغبات حزب الله في أن تأتي التوليفية الوزارية علي هواه ووفق رؤيته المستقبلية في الداخل اللباني وتحسباً لما ستسفر عنه نهايات الحرب الأهلية في سوريا سياسياً وعسكرياً ..

بلغ تصاعد وإتساع تنازع الصلاحيات بين مؤسسات الدولة اللبنانية الرئاسية والتنفيذية والأمنية والتشريعية مدي غير مسبوق ، بسبب إصرار حزب الله علي إستكمال مشروع ” تشديد هيمنته ” علي الوطن اللبناني والذي بدأه في عهد فؤاد السنيورة الذي كاد ان يقضي حتفه تحت سناكب ميليشيات الحزب منذ عشر سنوات في مايو 2008 ، عندما كلف الأجهزة الأمنية المختصة بالتحقيق في واقعة تأسيس الحزب لشبكة إتصالات تدار من داخل مطار بيروت الدولي !! ..

ولما تراجع السينورة عن قراره تفادياً لمعركة حربية بدت ملامحها عندما ظهرت أسلحة الحزب علي امتداد الساحة من داخل شوارع العاصمة حتى منطقة الجبل ، فرض الحزب مصطلح ” الثلث المعطل ” علي تشكيلة الحكومة اللبنانية التالية التى علي أثرها تعطل عمل المجلس النيابي اللبناني أكثر من عامين ونصف إلي أن قبل الوطن ونوابه وأحزابه وكل طوائفه ، مرشحه لرئاسة الجمهورية ميشيل عون ..

ألف باء تداخل الصلاحيات يبدأ من عند مؤسسة الرئاسة اللبنانية التى ترد اليوم الجميل لحزب الله أضعافاً مضاعفة علي حساب مصالح الوطن العليا الإقتصادية والسياسية والمجتمعية والأمنية التى تتهاوي نحو القاع يوما بعد يوم ، لأن مواقفه المتصلبه داخلياً تساهم في توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية بالتعارض مع صلاحيات رئيس الوزراء المنتخب ..

وكلاهما لا يضع في إعتباره المخاطر الإقتصادية التى تكاد تُضيع علي لبنان بضعة مليارات من الدولارات التى وافقت المؤسسات النقدية العالمية علي تقديمها لحكومة لبنان ، لأن عدم الحصول عليها في توقيتها الذي مٌد لأكثر من مرة ، سيضطر تلك المؤسسات إلي منحها لدول اخري في أمس الحاجة إليها !! ما يعني أن دور لبنان سيتاخر عدة أشهر عندما يُعاد النظر في حالته الاقتصادية في المرة القادمة .. التخوف هنا من ان تفاقم الأزمة الاقتصادية اللبنانية لدرجة الإستفحال ، الأمر الذي يهدد بانهيار قوائم الإقتصادي اللبناني التي أصبحت هشة إلي درجة الإعوجاج ..

وكلاهما لا يضع في إعتباره المخاطر السياسية التى تتفاقم علي مدار الساعة من جراء تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة والاكتفاء بحكومة تسيير أعمال ” مشلولة الحركة ” لا تستطيع تجاوز حدودوها مهما كانت الأسباب !! ومن جراء توسيع الدور اللبناني داخل دائرة بركة الحرب الأهلية السورية سواء علي مستوي المعارك الداخلية او علي مستوي المليون مهاجر سوري الذين يعيشون فوق الأرض اللبنانية ..

وكلاهما لا يضع في إعتباره التهديدات التى أطلقها رئيس دولة اسرائيل من فوق منبر الأمم المتحدة حين إدعي كذباً أو صدقاً أن حزب الله أنشأ منطقة بالقرب من مطار بيروت لصناعة وتخزين الصواريخ التى يمكن ان تهدد مجتمعها وإستقرارها وأمنها .. والتى بموجب صور الأقمار الصناعية التى عرضها هناك ، يحق لإسرائيل من منطلق الدفاع عن النفس ” ان تقصف هذه المنطقة كيفما تشاء ووقتما تشاء ” دون أن تتعرض للمساءلة !! ..

الدولة اللبنانية وفق هذه المعطيات لا تملك رفاهية أبعاد مؤسسة الرئاسة عن تربيطات حزب الله التى اضحت في وضع سيادي فوق الجميع ..

تداخل الصلاحيات لن يتوقف إلا إذا أقر الجميع .. طوائف واحزاب وقوي سياسية بأحقية رئيس الجمهورية في وضع لمساته الأخيرة علي التشكيلية الوزراية الراقدة في الأدراج منذ عدة أسابيع ، حتى لو كان ذلك علي حساب مواد الدستور وبنود اتفاق الطائف ..

تداخل الصلاحيات يضع التهديدات الإسرائيلية في آخر قائمة مخاوف لبنان السياسية والإقتصادية والأمنية والمجتمعية ، تلك المخاوف التى ستأتي نتائجها مختلفة تماما عن ما افرزته حربها التى شنتها عام 1982 ..

الجميع يقف في انتظار ما ستأتي به الأيام القادمة ..

ميشيل عون رئيس الجمهورية الذي يصر علي توسيع صلاحياته بالمخالفة لكل ما هو متوافق عليه دستوريا ومجتمعيا ، إعترافا بالجميل الذي اتاحه له حزب الله ..

رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لم يعد في جعبته الكثير الذي يمكن ان يراهن به علي تشكيل حتى حكومة تكنوقراط ..

حسن نصر الله القي كل ما لديه من تحذيرات ومحرمات في داخل الساحة وشدد في ضرورة التوافق معها علي مستوي التجمعات السياسية والحزبية والطائفية ..

بنيامين نتنياهو ينظر من قريب إلي الساحة اللبنانية ويهئ قواته المسلحة للتدخل المباشر او غير المباشر لتصحيح مسار معادلة الوطن اللبناني لتبقي في صالح إسرائيل ..

[email protected]


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى