رأي

في زمن يزداد فيه التطرف والجنون.. هل هناك أمل في أن يستعيد العالم عقله وتوازنه؟

بقلم: ليلى الحسيني

يومًا بعد يوم يزداد العالم جنونًا وتطرفًا، حتى أن شعار (عالم مجنون ومتطرف.. منحاز وبلا إنسانية) أصبح يناسب ما نعيشه اليوم من أحداث مؤلمة في هذا العالم، فقد تكاثر المتطرفون وأصبح يغذي بعضهم بعضًا، لكن عندما يتحول الجنون إلى حالة عالمية، فهذا يعني أن الخطر أصبح يعم البشرية، ويهدد مصير الإنسان في كل مكان.

وإذا اعتبرنا أن الجنون هو التفكير غير المنطقي، فإن مظاهر الجنون العالمي أصبحت واقعًا مُعاشًا، ففي كل بقعة من عالم اليوم هناك نزاع، أو حالة من الغليان والفوضى لا يستسيغها الفكر المستقيم، حتى وإن بدت في بعض الأحيان كأنها تسير وفق تخطيط منظم، تقف وراءه جهات يُفترض أنها تتحلى بالمعرفة، وتتمتع بالقدرة على التحليل وربط النتائج بمسبباتها، كما يُفترض أنها تتمتع بالعقل السليم!

والمُلفت أنه كلما زادت مصادر المعرفة، وتنوعت سبل التطور العلمي، كلما بدا العالم وكأنه ينساق أكثر نحو حافة الجنون، ويقترب من هاويته يومًا بعد يوم. فلا شك أن نهاية «الحرب الباردة»، مع انهيار الاتحاد السوفييتي أواخر القرن الماضي، كانت نقطة تحول، اعتقد كثيرون أنها ستقود إلى عالم أكثر أمنًا واستقرارًا، لكن تطور الأحداث وتداعياتها المتلاحقة بعد ذلك أظهر أن هذا الأمل ما زال بعيد المنال، بل وأن العكس هو الصحيح.

فبدلاً من أن تسعى الدول العظمى إلى تعزيز التعاون من أجل إرساء قيم العدالة الاجتماعية والأمن العالمي، تخلت عن مسؤولياتها المناطة بها، وخاصة تجاه أزمات في عدة دول هي من ساهمت في افتعالها بشكل أو بآخر.

 وإذا ابتعدنا عن محور السياسة إلى الاقتصاد العالمي, نرى العالم يراقب عن كثب الحرب الاقتصادية  الدائرة بين أمريكا، كندا، أوروبا والصين وتداعياتها على العالم. ويرى الخبراء أن الحروب الاقتصادية هي أقدم أنواع الحروب التي عرفتها البشرية، والتي تنشأ كنوع من أنواع الصراع للسيطرة على الموارد الاقتصادية، وتملك الأسواق الدولية، ومصادر الطاقة والماء.

وهي ذاتها الأسباب الأساسية التي أدت إلى نشوب الحربين العالميتين الأولى والثانية، والنزاعات التي تلتها حتى منتصف القرن العشرين، حيث تغيرت بعدها صور الاحتلال الاقتصادي والسيطرة على الأسواق، من خلال حركة الواردات ورؤوس الأموال لتحل محل القوة العسكرية.

وتجلت أعظم صورها في العولمة والنظام العالمي الجديد، وهو ما كان له آثاره المدمرة ونتائجه الخطيرة، خاصة على بلدان العالم الثالث “الدول النامية ”، وتتمثل نتائج وآثار الحرب الاقتصادية في البطالة، والهجرة، وتغيير مفاهيم المعرفة الاجتماعية، وزيادة الفقر والجهل والأمية، وارتفاع أعداد الذين يعيشون تحت خط الفقر.

لنقف أيضًا عند مشكلة التغير المناخي لكوكب الأرض، الذي ما زال المكان الوحيد المعروف لقابلية الحياة البشرية، وأصبح يواجه تهديدًا متزايدًا بسبب الانبعاثات الحرارية التي تساهم بالنصيب الأكبر فيها الدول الصناعية الأكثر تطورًا، وخاصة الولايات المتحدة، وما زالت تلك الدول تكابر في العمل على التصدي لهذه المشكلة بجدية وعقلانية.

كما أن إشعال الحروب والنزاعات، والعمل على إثارتها وإذكاء نيرانها كلما خبت أو بدأت تتجه نحو الهدوء، يبقى مظهرًا آخر أكثر جنونًا، ينسجم مع مصالح تلك الدول في تعزيز مصالحها، وزيادة صادراتها من الأسلحة، على حساب القيم الإنسانية والأخلاقية ومصالح الشعوب.

 أيضا يرى البعض أن حروب المياه قادمة بلا شك في عام 2050، وأن العالم يتأهب للاستحواذ على مصادر المياه النظيفة بشتى الطرق، ولا نعرف بعد كيف ستكون أشكال الحروب على المياه وتداعياتها عالميًا.

إن نظرة بسيطة على مجمل خريطة العالم، توضح إلى أي مدى أصبح هذا العالم مجنونًا بالفعل، ويزداد جنونًا كل يوم، حيث تزداد الصراعات الداخلية وتنتشر الحروب الساخنة، وتتسع بؤر التوتر القابلة للاشتعال في أي لحظة على يد قوى خارجية أحيانًا أو مدعومة من الخارج أحيانًا أخرى.

قال الأديب الإنجليزي برنارد شو يومًا: “العاقل يحاول أن يلاءم حياته مع العالم.. أما المجنون فإنه يصمم على تغيير العالم ليلاءم حياته”.. فهل هناك أمل في أن يستعيد العالم عقله وتوازنه؟!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

** كاتبة هذا المقال الإعلامية ” ليلى الحسيني ” ، وهي إعلامية أميركية من أصول عربية – صاحبة ورئيس مجلس إدارة مؤسسة صوت العرب بأميركا (يو اس عرب ميديا ) ، وهي مؤسسة للإعلام والتدريب تأسست عام 2005 في مدينة ديربورن بولاية ميشيجان .

وتهتم المؤسسة بتقديم العديد من الأنشطة ومن بينها إذاعة صوت العرب من امريكا وموقع اليكتروني على الإنترنت يهتم بنشر كل الاخبار والمواد الاعلامية التي تهم الجالية العربية في أميركا .

في عام 2014 تم اختيارها كسفيرة للنوايا الحسنة ممثلة لإعلامي المهجر في قائمة سفراء النوايا الحسنة .

في عام 2015 تم اختيارها كشخصية العام من قبل مجلس المراة العربية الأمريكية للاعمال والشؤون التجارية والاعلامية .

في عام 2018 قامت مؤسسة الحياة للإغاثة بإهدائها درع “قيادة المجتمع” ، وذلك تكريمًا لها على الخدمات التي قدمتها للمجتمع على المستوى الإعلامي والإنساني.

وفي شهر مارس 2019 وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة ، كرمتها أسرة مجلة العربي الأمريكي خلال حفل أقامته في الذكرى السابعة على تأسيسها ، ضمن مجموعة من الشخصيات الهامة والتي لها دور بارز في الجالية العربية بولاية ميشيجان .


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى