رأي

“سرد خانة”.. السرد على طريقة منير عتيبة

حسام عبد القادر

قد تكون شهادتي في منير عتيبة مجروحة، ودائما أتردد في كتابة كلمة عنه أو عن أي إبداع من إبداعاته، فعلاقة الصداقة الوطيدة بيننا تجعلني دائمًا في حرج أن أقع في المجاملة أو المبالغة في التعبير، وقد يكون هذا ظلم منير كثيرًا.

ولكن إطلاق منير مؤخرا لقناة “سرد خانة” ونشر حلقات “الرجيم الروائي” جعلني لا أستطيع أن أظل صامتًا دون أن أمسك القلم وأكتب عن هذه التجربة الرائدة والمهمة لكل الأجيال ولكل مهتم بالكتابة الأدبية.

منير عتيبة مهموم بالسرد، وبمن يكتبون السرد، وقدم مساعدات كثيرة جدًا – وما زال- لكثير من الشباب، ورئاسة تحريره لسلسلة مهمة مثل سلسلة “كتابات جديدة”، التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ساعدته على تقديم مساعدات لكثير من الشباب الصاعد بشكل منظم ومدروس.

فرغم أنها تستغرق من وقته الضيق كثيرًا إلا أنه يستمتع جدًا وهو يساعد أديبًا صاعدًا في الوقوف على أرض صلبة في بداية حياته الأدبية، ويسعد أكثر عندما يخرج عمل هذا الأديب للنور ويكون في صورة متألقة.

واهتمام منير بالسرد جعله يخطو خطوة تأخرت كثيرًا، وإن جاءت في توقيت جيد، وهي إطلاق قناته على اليوتيوب والذي جعل كلمة السرد جزءًا منها وهي “سرد خانة“.

 وبدأ بحلقات عن “الرجيم الروائي” وهو عنوان أهنئه عليه، لأنه جذاب ومعبر جدًا في نفس الوقت، وحتى كتابة هذه الكلمات نشر أربع حلقات، كل حلقة لا تقل أهمية عن الأخرى، حيث بدأ بحلقة عن “الرواية الكومبو” والتي عرضت أفكارًا حول ضرورة عدم الإسهاب الذي لا داعي له في الرواية.

وفي الحلقة الثانية “الإرادة والميزان” أكد على أهمية أن تكون لدى الكاتب إرادة قوية للحذف مثل الإضافة، وأعطى فكرة ميزان بسيط يقيس الكاتب به مكانة عمله بين الأعمال الأخرى.

وفي الحلقة الثالثة “الرواية المجنونة” أوضح ضرورة وجود منطق داخلي للعمل الروائي لا يعتمد على الصدفة غير المبررة، وأهمية أن يعرف الكاتب كل شيء عن شخصيات عمله الروائي.

أما الحلقة الرابعة “الوصف به سم قاتل” والتي قسمها على جزأين، ويشرح فيها طبيعة الوصف داخل الرواية وأهميته وخطورته التي تجعل الرواية شيقة أو مملة.

ولا يجب أن نغفل دور الجندي المجهول في هذه الحلقات، الأديب والباحث محمد غنيمة، الذي يقوم بمونتاج الحلقات بجدارة ومهارة يظن من يشاهدها أن المونتير محترف وخريج معهد السينما.

إن ما يقدمه منير عتيبة في “سرد خانة” سيضاف بقوة إلى خطواته الأدبية الكبيرة، إذ أصدر  أكثر من 25 كتابًا في القصة والرواية والقصة القصيرة جدًا والنقد والحوارات الأدبية وأدب الطفل.

كما أنه مؤلف إذاعي معتمد في الإذاعة المصرية، وقُدّم حول أعماله عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه في مصر وبعض البلدان العربية.

وهو حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في القصة القصيرة جدًا عام 2015، وجائزة اتحاد كتاب مصر في القصة القصيرة والرواية، والعديد من الجوائز والتكريمات.

ترجع أهمية هذا البرنامج لعدة أسباب برأيي أولها أننا نفتقد لمثل هذه النوعية من الحلقات الجادة عن الكتابة الأدبية والتي تقدمها بشكل شيق دون ملل، ودون إسهاب.

وثانيًا أن هذه الحلقات ستكون دليلًا ومرجعًا لكل شباب الكتاب الذين يبدأون طريقهم، وسيكون متاحًا لهم أن يرجعوا لها ويشاهدوها في أي وقت وزمان، وهو ما تتيحه لنا تقنية شبكة الإنترنت وموقع اليوتيوب العريق.

وثالثا هذه الحلقات تختصر عشرات ولا أبالغ إن قلت مئات، من الكتب والمراجع التي يحتاج الكاتب الشاب أن يقرأها، وآراء كبار النقاد والأدباء على مستوى العالم، وتقدم المفيد باختصار وهي سمة مهمة في هذا العصر خاصة للشباب.

“سرد خانة” نموذج لبرنامج ثقافي على أعلى مستوى، في ظل غيبة كل الإذاعات وقنوات التليفزيون عن تقديم برامج ثقافية هادفة، واستبدلتها ببرامج أخرى تعتمد على الخناقات وتبادل الاتهامات وغيرها، بحجة أن “الجمهور عايز كده”.

بينما مؤشر رؤية حلقات “سرد خانة” والذي تعدى الآلاف من أول حلقة دون أي إعلانات ممولة يعطي لنا انطباعًا بأن الجمهور الجاد موجود ومنتظر فقط البرامج الجيدة.

لمتابعة قناة “سرد خانة” على اليوتيوب اضغط هنا


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى