رأي

توجهات فرنسية/ ألمانية جديدة في الشرق الأوسط

بقلم/ حسن عبد ربه المصري  

يدرج غالبية المراقبين في أوروبا الترتيبات التي اتخذتها الرئاسة الفرنسية لزيارة الرئيس التركي إلى باريس والتي بدأت الجمعة 5 يناير الحالي ضمن إستراتيجية فرنسا الجديدة التى يقودها رئيسها إيمانويل ماكرون، ويأسسون لهذه الرؤية في ضوء متابعة لصيقة لمواقف باريس حيال قضايا ذات أهمية قصوي في المنطقة تقوم علي نظرية “الموقف المتميز لأوروبا بين كل من وشنطن وموسكو بالتنسيق مع ألمانيا.

ماكرون ومستشاروه يرون أن المواقف السياسية والمتعارضة علي طول الخط لكلا الطرفين –أميركا وروسيا- حيال الملفات الساخنة في كل من سوريا ولبنان وليبيا يؤخر الحلول السلمية ويقدم أرواح الألاف من الأبرياء هدية مجانية للموت أو للتهجير ويقوض معالم الجغرافية ويمحو صفحات كثيرة من تاريخهما عبر غض الطرف عن عمليات الإرهاب والعنف التى تتم في الغالب بسلاح من صنعهما.

وتأييد كل منهما لواحدة من القوي الإقليمية لا يستقيم مع ما تنادي به الزعامة السياسية في كل منهما عبر وسائل الإعلام والخطب السياسية الرنانة التى يتشدقون بها من فوق المنابر الدولية.

والإنكماش الأمريكي الذي يقابله تمدد روسي لا يخدمان الأمن والإستقرار في هذه المنطقة وما حولها، إذ تشير الدلائل إلي أن ذلك يفتح الطريق لمزيد من القلاقل والإضطرابات والفوضي السياسية في أماكن قريبة عدة.

وتقول التقارير أن ماكرون يري أن أوروبا قادرة بالفعل علي القيام بدور له وزنه علي مستوي كافة هذه الملفات وبالذات في كل من سوريا ولبنان، ويؤكد المحللون أن الشعار الذي رفعته المستشارة الألمانية أنجيلا مركل ضمن خطابها بمناسبة العام الميلادي الجديد حول ضرورة “أن نعمل معا بحيث تكون أوربا أولا” يتوافق مع توجهات وأفكار الرئيس الفرنسي.

إن كلا الطرفين الفرنسي والألماني يخططان لتقوية دور القيم الأوروبية في الداخل لكي يكون لها إنعكاسها القوي والفعال في الخارج.. وكلاهما يعمل علي محاصرة النزعة الشعبوية التي بدأت تطل برأسها في عدة أماكن داخل الإتحاد الأوروبي وتعكس أثارها السلبية حيال اللاجئين الفارين بحياتهم وحيال الإسلام كدين وعقيدة سماوية لها مكانتها في أوربا بالذات وفي العالم. وكلاهما يسعي حثيثا لإصلاح منطقة عملة اليورو (19 دولة من بين دول الاتحاد) حتى لا تنهار أو يصيبها العطب خاصة بعد تصويت الغالبية البريطانية إلي جانب خروج المملكة المتحدة من عضويته.

إن باريس وبرلين يتبنبان مواقف متقاربة حيال ملفات الشرق الأوسط الساخنة خاصة في كل من سوريا ولبنان، تقوم علي رفض التعنت الذي يبديه نظام الرئيس بشار الأسد حيال كل جبهات المعارضة التى تضعها دمشق في سلة واحدة.. وعلي حتمية أن تعمل المعارضة علي توحيد صفوفها من ناحية والتخفيف من غلوائها من ناحية ثانية. وأن تكف القوي الاقليمية عن تقديم تدعمها المادي والمعنوي لقوي المعارضة التي ليس لها منهاج ولا رؤية مستقبلية.

إن باريس وبرلين يرون أن تعميق جذور التدخل في شئون الدول المجاورة من جانب تركيا وإيران علي وجه التحديد، لم يُقدم للملف السوري ولا للملف اللبناني ما يدفع في طريق السلام طوال السنوات الخمس الماضية.

وكلاهما متفقان علي أن تفرد روسيا بالملف السوري علي وجه الخصوص من شأنه أن يَسد قنوات التواصل الأوربي مع دمشق ومن ثم يقضي كلية علي التوجهات الأوربية في هذه المنطقة من العالم كما نسف من الأعماق كافة المحاولات الأميركية للمشاركة في إيجاد حلول سلمية فوق أرضها.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى