رأي

ترامب وكورونا.. نظرية المؤامرة والبديل

بقلم: د.عاطف عبد الجواد- الإعلامي والمحلل السياسي

لم تكن إصابة الرئيس ترامب بفيروس كوفيد-19 مفاجأة، بالنظر إلى إهماله وعدم حكمته، وتقليله من خطر الفيروس، فضلًا عن اختلاطه ببعض مساعديه ممن أصيبوا قبله بالفيروس، ومن بينهم هوب هيكس كبيرة مساعديه، وعدد آخر من رجال حرسه السري الخاص.

فالرئيس لم يرتد الكمامة، ولم يلتزم بالتباعد الاجتماعي وتحاشي الزحام، رغم مشورة الخبراء والعلماء. ونحن نرجو له وللسيدة زوجته ولكل المصابين الشفاء العاجل والتام.

ولكن خصومه الديمقراطيين سوف يتمكنون الآن من الاشارة إلى أن ما حل به هو نتيجة لغياب حكمته، وعاقبة من عواقب إهماله واستخفافه بالوباء، وفي هذا ميزة انتخابية لمرشحهم الديمقراطي جو بايدن.

وقد يميل البعض الى نظرية المؤامرة في تفسير مرض ترمب في هذا التوقيت، قبل شهر من موعد الانتخابات الرئاسية، وقبل أقل من أسبوعين من موعد مناظرته الثانية مع غريمه الديمقراطي.

لكن نظريات المؤامرة تهمل حقيقة أن هناك مناظرة ثالثة في الثاني والعشرين من أكتوبر، أي بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، كما أن نظريات المؤامرة تتجاهل حقيقة أن المناظرات المتبقية يمكن عقدها افتراضيًا عن طريق الإنترنت.

وتتجاهل أيضًا حقيقة أن ترمب أو بايدن بإمكانهما الانسحاب من المشاركة في المناظرتين باستخدام ذريعة أخرى تستند الى الفوضى التى اتسمت بها المناظرة الأولى.

أي أن ادعاء ترمب المرض إنما يعود عليه بأضرار انتخابية أكبر من أية أضرار قد تلحق به جراء الانسحاب من المناظرتين بذرائع أخرى.

إذ سيرى الناخب كيف أن سياسات ترمب وسلوكه أوقعته هو شخصيًا في براثن المرض، مما يدلل على ما دعا إليه خصومه لفترة طويلة.

الأطباء يقولون الآن إن الأعراض التي يعاني منها ترمب أعراض معتدلة، وبالتالي سيكون ما زال هناك متسع من الوقت لترتيب مناظرة واحدة على الأقل بعد انصرام فترة الحجر الصحي.

نعم سيكون هناك تعاطف مع الرئيس ترمب بين بعض الناخبين المتأرجحين، ولكن سيكون هناك أيضًا شماتة من البعض الآخر.

وسوف تثير إصابته أيضًا لدى بعض الناخبين تساؤلات بشأن حالته الصحية بصورة عامة، وهو في الرابعة والسبعين من عمره، وقد توجه قبل أسابيع الى مستشفى والتر ريد بالعاصمة بصورة مفاجئة، دون أن يكشف هو أو أطباؤه عن سبب هذه الزيارة.

نعم جو بايدن يبلغ السادسة والسبعين من عمره في نوفمبر، وهناك تساؤلات حول طاقته ومقدرته الذهنية. ولكن بايدن أظهر تعقلًا في التعامل مع الفيروس، والتزم بالكمامة والتباعد، مما يعكس أنه متعقل في إدارته للحكم في حال انتخابه.

ولسوف يكون سلوك الرئيس ترمب بعد تعافيه مصدرًا إضافيًا لانتقاده. فإذا التزم بالكمامة والاحتياطات الأخرى سيتساءل البعض: أين كنت منذ البداية. وإذا تجاهل الكمامة والاحتياطات الأخرى سيكون التساؤل هو: يالك من مخاطر ومغامر ومهمل وغير حكيم. فكيف نصوت لك؟

ولكن إذا تدهورت حالة ترمب بالنظر الى تقدمه في العمر فإن الفقرة الثانية من التعديل الدستوري الخامس والعشرين تنص على أن يتولى نائب الرئيس صلاحيات الرئاسة في حال وفاة الرئيس، كما حدث عند تولي ليندون جونسون الرئاسة عقب اغتيال جون كنيدي في الستينيات.

أو إذا دخل الرئيس في غيبوبة، مثلما حدث للرئيس ريجان في الثمانينيات، عندما خضع للتخدير الطبي في عملية جراحية بعد إطلاق النار عليه. وتولى نائبه جورج بوش الأب الرئاسة لساعات قليلة إلى أن أفاق ريجان من غيبوبته.

وفي حالتنا هذه يتولى نائب الرئيس مايك بنس الرئاسة حتى منتصف النهار يوم العشرين من يناير 2021 اذا فاز بايدن بانتخابات 3 نوفمبر. أما إذا فاز ترمب بهذه الانتخابات رغم عجزه عن إدارة الحكم فإن مايك بنس يتسلم مقاليد الرئاسة عند منتصف نهار العشرين من يناير وحتى موعد الانتخابات الرئاسية التالية في العام 2024.

وينص التعديل الدستوري الخامس والعشرين على التسلسل القيادي على النحو التالي: نائب الرئيس، فرئيس مجلس النواب، وهو في حالتنا هذه الديمقراطية نانسي بيلوسي.

والسبب في ضرورة وجود رئيس أمريكي في كل دقيقة وثانية هو الزر النووي، فالرئيس بمفرده لديه الشفرة الخاصة بإطلاق الاسلحة النووية.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى