رأي

المسلسلات الرمضانية والتراجع في المضمون

فهرس المحتوى

بقلم/ محمود الزواوي

شهدت المسلسلات الرمضانية هذا العام تراجعا واضحا في المضمون الفكري والمستوى الفني، وهيمن على هذه المسلسلات طابع غير جاد، وذلك رغم وجود عدد قليل من المسلسلات التي حافظت على المستوى الفكري والفني. كما شملت المسلسلات الرمضانية عددا قليلا من الأعمال الدرامية الجادة المتعلقة بقضايا الإرهاب والتطرف، ولكن غالبية هذه الأعمال قدّمت معالجة سطحية لهذه القضايا، كما أن عددها لا يقارن بعدد المسلسلات الرمضانية الأخرى الضعيفة الخالية من المضمون.

ولعل بعض عناوين المسلسلات الرمضانية مثل “عفاريت عدلي علاّم” و”خلصانة بشياكة” و”هربانة منها” و”الحرباية” تقدّم أمثلة على المستوى الضعيف لهذه المسلسلات، كما تعبّر عن لا مبالاة مخرجيها ومؤلفيها ومنتجيها.

ومن الأمثلة على هذه اللامبالاة أن فنانا في مكانة ومواهب ومقدرة عادل إمام يقوم في شهر رمضان بعد مسيرته الفنية الطويلة والمتميزة ببطولة مسلسل يحمل عنوان “عفاريت عدلي علام” تشاركه ببطولته عفريتة تقوم بدورها الممثلة غادة عادل.

ويجمع هذا المسلسل بين سلسلة متعاقبة وغير واقعية لظهور العفريتة التي لا يراها غيره من ممثلي المسلسل، وتتمتع بقوى خارقة تقدّم بأسلوب كوميدي. وهذا المسلسل من تأليف الكاتب السينمائي والتلفزيوني والمسرحي يوسف معاطي الذي قام بتأليف عدد من المسلسلات الناجحة السابقة لعادل إمام. وبلغ أجر عادل إمام عن هذا المسلسل 45 مليون جنيه، وهو أعلى أجر يحققه أي فنان في المسلسلات الرمضانية هذا العام.

ومن الأمثلة الأخرى على هذه اللامبالاة مسلسل “الحرباية” الذي تقوم به الممثلة هيفاء وهبي بدور امرأة خليعة ونصّابة متزوجة من ثلاثة رجال في نفس الوقت، وتركّز مشاهد المسلسل على مفاتن الفنانة هيفاء وهبي وأزيائها القصيرة. وتقدّم الممثلة ياسمين عبد العزيز في مسلسل “هربانة منها” 30 شخصية مختلفة في 30 حلقة تخيّم عليها الأجواء الكوميدية المملّة أحيانا، ولا تخلو من عمليات النصب والاحتيال.

أما مسلسل “هذا المساء” الذي يتقاسم بطولته الممثل إياد نصار والممثلتين حنان مطاوع وأروى جودة فيقدّم مثالا على انهيار القيم الأسرية والمجتمعية، حيث يتفق شاب وشابة متزوجان على إقامة علاقات غرامية علنية مع أشخاص آخرين، وذلك رغم استمرار علاقتهما الزوجية. ومن المسلسلات التي أثارت الكثير من الجدل مسلسل “باب الحارة” بسبب تصوير أجزاء منه على نحو غير مبرّر وما يطرحه بسذاجة من تحوّلات في سوريا في أوائل القرن الماضي.

ومسلسل “حلاوة الدنيا” الذي يعالج مشكلة مرض السرطان الذي تصاب به بطلة الفيلم الممثلة هند صبري وخطيبها ظافر العابدين فيجمع بين جوانب إيجابية في تفاصيل المرض ومعالجته، إلا أن المسلسل يبالغ في عروض الأزياء الجميلة لبطلة الفيلم وشقيقاتها وصديقاتها وفي عروض تسريحات الشعر المستعارة وألوانها المتعددة وغير الواقعية لبطلة المسلسل وسط علاجها من المرض ونشاطها الاجتماعي.

وتزامن مع المسلسلات التلفزيونية الرمضانية عرض حلقات برنامج “رامز تحت الأرض” للممثل المثير للجدل رامز جلال الذي يعتمد في برامجه التلفزيونية على المقالب وعلى تعريض ضيوف برامجه من الفنانين ونجوم الرياضة للتعذيب والإهانات قبل أن يفاجئهم في نهاية برامجه بأنهم تعرضوا لمقالبه، ما يعرّضه هو شخصيا للشتم والضرب على أيدي الفنانين  والرياضيين المشاركين في تلك البرامج. والشيء الغريب هو أن هذا المسلسل المهين للمشاهدين حصل على أعلى معدّلات المشاهدة التلفزيونية. والشيء الأغرب هو كيف تسمح القنوات التلفزيونية والحكومات العربية بعرض هذا المسلسل التلفزيوني المسيء للذوق العام والذي يناقض أبسط المعايير الترفيهية والإعلامية. وذكرت مصادر إعلامية متعددة أن أحداث هذا المسلسل ليست تلقائية كما يدّعي منتجوها، ولكنها مفتعلة ومرتّبة مقدّما مع المشاركين فيها.

ولا تخلو المسلسلات الرمضانية في هذا العام من بعض المسلسلات التي تتميز بجوانب إيجابية تجمع بين الرسائل الواقعية البنّاءة والمستوى الفني. ومن الأمثلة على ذلك مسلسل “الحساب يجمع” الذي يعالج بأسلوب واقعي مشاكل مجتمع مصري شعبي محلي والدور القيادي الإيجابي لإحدى النساء المحليات في توظيف الآخرين ومساعدتهم، وخاصة العناصر النسائية. ويتميز هذا المسلسل بواقعية أداء الممثلة القديرة يسرا ودورها الإيجابي القيادي وإخراج المخرج هاني خليفة وتأليف الكاتبين محمد رجاء وإياد عبد المجيد.

ومن الأمثلة على المسلسلات الرمضانية المتعمقة بالتفاصيل مسلسل “الجماعة 2” الذي يتعلق بنشأة حركة جماعة الأخوان المسلمين في مصر وخلافها مع الرئيس جمال عبد الناصر. وكتب الكاتب القدير وحيد حامد سيناريو هذا المسلسل بعد فترة طويلة من البحث استغرقت عدة سنوات. وقوبل مسلسل “الجماعة 2” باعتراض  الإخوان المسلمين وبعض الناصريين.

وأخيرا وليس آخرا، فلا بدّ من الإشارة إلى أن المسلسلات الرمضانية واصلت تكرار بعض الأخطاء اللغوية وفي تهجئة بعض الكلمات في عناوين مقدّماتها، والتي أصبحت ظاهرة متكررة في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، كاستخدام عبارات “مساعدين إخراج” و”فنيين إضاءة” بدلا من “مساعدو إخراج” و”فنيو إضاءة”، وتحويل الألف المقصورة إلى حرف الياء مثل مصطفي” بدلا من “مصطفى” و”موسيقي” بدلا من “موسيقى”.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى