رأي

القوة !…. ماذا تعنى؟؟ وما هى حدودها؟؟.

بقلم : هبة عبد العزيز

نسمع كثيرا ما يترد من حديث حول ما يسمى بالقوة الصلبة  للدول تارة, أوتارة آخرى ما يسمى بالقوة الناعمة, ولعله حتى مطلع الثمانينات تقريبا, كانت قوة الدول بمثابة المرادف المباشر لقدرتها على الحرب, فبقدر ما تستطيع الدولة أن تتسلح و تنوع من أسلحتها بقدر ما تزيد فرصتها فى تحقيق النجاحات أو الانتصارات. وذلك النوع هو ما يسمى بالقوة الصلبة أو الخشنة, وهى بلاشك باهظة التكاليف, وتنفق عليها الدول القادرة الكثير من الأموال تأسيسا على الايمان بفكرة ردع الاخرين أو تخويفهم دون الدخول فى حرب.

ايضا يمكن أن نطلق كذلك على القوة الاقتصادية  للدول مصطلح “القوة الصلبة أو الخشنة”, ومما هو واضح ومعلوم بشكل كبير ما يمكن أن يمثله هدا النوع من القوة فى تحقيق المصالح أو الضغط على الآخرين .

وسأنتقل معكم الآن لمصطلح القوة الناعمة , وكنت قد قرأت فى كتاب “مفارقة القوة الامريكية” الذى أصدره “جوزيف ناى” وكيل وزارة الدفاع الأميريكية فى عهد الرئيس بيل كلينتون تلك السطور:

إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تظل قوية, فعليها أن تهتم بالقوة الناعمة بالاضافة الى القوتين العسكرية والاقتصادية, لأجل اقناع الاخر قسرا, أى جعله يريد ما تريد, وذلك دون اللجوء الى التهديد باستخدام القوة العسكرية “الحرب التقليدية” أو فرض العقوبات الاقتصادية…..

والأمثلة هنا كثيرة جدا على هذا النوع من القوة المسماة ب”الناعمة” حيث تتجسد لنا من خلال التأثير على الآخر بنشر بعض القيم والنماذج الفكرية والتأثير فى ثقافته, ومحاولة ابهاره بالتقنيات الحديثة , والصناعات الابداعية , واغرائه باقتنائها بشتى الطرق, وهنا تلعب الأفلام والموضة والاعلانات وحتى  بعض البعثات العلمية والمنح و……. وغيرها دورا كبيرا فى إحداث التأثير الذى نتحدث عنه باستخدام هذا النوع من القوة, ومما لاشك فيه أن العولمة بالاضافة كذلك الى الطفرة الواسعة مؤخرا فى مجال الانترنت والميديا كان لهما بالغ الأثر فى احداث تغيرات كبيرة على حياة الناس فى مختلف دول العالم.

وبتطور الوقت والافكار يتطور أكثر مفهوم القوة ليتسع أكثر وأكثر وحيث أصبح يتجاوز ما تحدثنا عنه فى السطور السابقة لمفهومى القوة “الصلبة والناعمة” ليشمل ما يسمى ب “القوة الذكية”.

وقد طرح ذلك للمرة الاولى على ما أعتقد فى عام 2007م فى تقرير حمل نفس العنوان ” القوة الدكية” طرحه المركزالأمريكى  للدراسات الاستراتيجية والسياسبة, وفيما بعد  حوالى عام 2010 طرح “جوزيف ناى  ايضا  كتابه” مستقبل القوة” والذى عرف فيه القوة الذكية بأنها :

محصلة التكامل بين القوة العسكرية والقدرة الاقتصادية, أى القوة الصلبة , وبين القدرة على التأثير على الآخر من خلال وسائل الجذب و الاقناع المختلفة والمتعددة اى القوة الناعمة”.

وعن طريق هذا التكامل يمكن مواجهة كافة التحديات المتزايدة التى تواجه الدولة, حيث بات انه لا يمكن التعويل على القوة الخشنة وحدها ولا الناعمة وحدها فى تحقيق القدر المطلوب من المكاسب المرجوه.

ولحديثنا بقية …. حول كيفية بناء الاستراتيجية المثلى لتطبيق القوة الذكية , وبعض النقاط الاخرى ذات الصلة.

صاحبة المقال :

هبة عبد العزيز

كاتبة وباحثة سياسية مصرية

المستشار الاعلامي للمركز العربي الأفريقي


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى