رأي

اسماعيل هنية في القاهرة .. بهدف المصالحة ..

دكتور حسن عبد ربه المصري *

عقد وفد من منظمة حماس برئاسة اسماعييل هنية – رئيس المكتب السياسي للحركة – الذي كان في زيارة للقاهرة قبل ايام قليلة عدد من اللقاءات الرسمية والمجتمعية ، لا اقول الشعبية لأنها دارت في إطار بعض وسائل الإعلام وعدد من الحقوقيون والناشطين السيياسين .. الخ .. وكان الشعار الذي رفعه الوفد حتى من قبل الوصول إلي العاصمة المصرية هو المصالحة مع ” مصر ” كما جاء علي لسان العدد الاكبر من المتسبين إلي حماس ..

في كل لقاء بعيداً عن الرسميات كان هنية يؤكد علي مقولة واحدة ” حماس .. حركة تحرير فلسطينية ذات منهجية إسلامية ” .. وانها ليست إمتداد لجماعة الإخوان او لغيرها وانها لا تتدخل في شئون الغير !! ..

للتذكير فقط .. اقول .. ربما لا تكون حركة حماس امتداد للجماعة ولكنها خرجت من تحت عبائتها هي وتلك الجماعات والمنظمات وحتى الميليشيات ذات النهج الإسلامي والمرجعية الإسلامية .. ، وعلي المشكك في هذه الحقيقة ان يراجع أدبياتها فور الإعلان عن قيامها ، وكذا بيانات قيام غيرها ممن سار في نفس الطريق .. وان يراجع مواقف قادتها فور جلوس محمد مرسي علي كرسي الرئاسة المصرية ، وان يدقق في الكمات التى ادلي بها اسماعيل هنية عندما حضر إلي القاهرة مهنئا !! وما قاله اثناء زيارته لقصر الاتحادية والاشادة التى دبجها في ذاك الوقت في حق الجماعة ..

من جانبنا نري هذا الكلام مكرر ومعاد ربما بنفس الصياغات التى طرحت علي الساحة العربية منذ استقلت الحركة بقطاع غزة ، الأمر الذي برهن علي انها حركة تحرير تسعي للصدارة دون مقومات .. وانها تنزع إلي تضخيم خلافاتها مع منظمة التحرير الفلسطينية لكي تفرض نفسها منفردة علي الساحة كحق ” علوي ” تفرضه المنهجية الإسلامية التى ترفع شعارها في الداخل والخارج ..

ونراه مكرر لأنه تحت غطاءه ارتكبت الحركة الكثير من الاخطاء التكتيكية في حق الشعب المصري ، منها مثلا انكار ان الفكر الأمني المصري طوال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك ، كان دائما ما يغض الطرف عن الأنفاق التى حفرها كوادرها بين رفح الفسطينية وتوأمها المصري – بلغ عددها في بعض الأحيان اكثر من 1600 نفق – بهدف تخفيف الضغط الذي يمارس ضد سكان غزة ..

ونذكر جميعا ان هذا الملف – الأنفاق – لما توسع وثبت أنه تحول إلي مَصدر لتصدير السموم إلي داخل المجتمع المصري وفي مقدمتها تهريب السلاح وتسكين الإرهابيين في شمال سيناء ، رفضت حماس تشكيل نقط مراقبة حدوديه بين الطرفين الفلسطينى والمصري لمراقبة انتقال كل انوع البضائع من رفح المصرية إلي داخل غزة ، ولوقف اي تجاوزات تأتي من الجانب الآخر ..

مكرر ، لأنه يتناسي الإجتياح المدني لصحراء سيناء عام 2008 وتنصل هنية شخصياً من هذا الفعل المعادي واصراره علي ان ما حدث ليس إلا فورة شبابية ” كان لا يمكن التحكم فيها ” ..

واذا كان البعض من القيادات المصرية السياسية والحقوقية والمجتمعية قد تجاوز عن هذا الحدث ، فلا احد يملك رفاهية نسيان الهجوم الكبير الذي حدث من الجانب الفلسطيني علي شمال سيناء في اوائل عام 2011 باستغلال حالة الفوضي التى مرت بها الدولة المصرية آنذاك !! لأن النية لم تكن ابداً نية خير !! فبدلا من المشاركة في حماية حدود مصر في هذه البقعة ذات الحساسية الخاصة شاركت مظاهرات حمساوية لا حصر لها في مسعي قوي اقليمية لزعزعة الدولة المصرية وتنكيس اركانها ..

لقد جربت حماس علي امتداد اكثر من عشر سنوات التقلب بين موازين القوي الفاعلية في الشرق الأوسط .. من دمشق إلي طهران إلي الدوحة إلي أنقرة ، وخبرت انها جميعاً تعمل للحصول علي مقابل باهظ لما يطلبه هنية من تأييد ضد منظمة فتح ومحمود عباس من ناحية ، واموال سائلة لسداد رواتب الموظفين وتوفير مواد الحياة اليومية لسكان القطاع .. وهو يعلم تمام العمل ان القاهرة هي العاصمة الوحيدة التى لم تطلب مقابل سواء للمساعدة في ترتيب البيت الفلسطينيى من الداخل او لتوصيل رسائل سلمية لقادة إسرائيل تعبر عن نية حركة حماس في تطبيق بنود السلام بينها وبين دولة الأحتلال لفترة زمنية محددة ..

الخطأ الهائل الذي تعيشه حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وغيرهما من جماعات النضال الفلسطينى هو ” عدم القدرة علي تجاوز ” مرحلة سيتينات وسبعينات القرن العشرين .. الأمر الذي يجعلهم دائماً علي مبعدة فراسخ كثيرة مما يجري في العالم حولهم من ترتيبات ومحالفات خفية وعلنية وتنسيق وأخذ وعطاء تحت الموائد وفوقها !! ناهيك عن ما يجري في الغرف المغلقة من تعهدات ، وليس فقط علي مستوي المنطقة المحيطة بهم خاصة بعد ما أصابها من تدهور وتفكك يكاد يذهب بالبعض إلي نهاية التاريخ ..

تحرير الأرض العربية الفلطسينية والسورية واللبنانية واستعادتها ، قضية لا خلاف حولها .. وضع نهاية قريبة لواقع الإستعمار الإسرائيلي العنصري للشعب الفلسطيني وأراضيه وثرواته واقامة الدولة الفلسطينة الموحدة ، أمر يحظي بتأييد الدول العربية والإسلامية وبعض دول العالم الأخري ..

السؤال الأساسي في هذا الملف ..

كيف يمكن ان تتحقق هذه المطالب المشروعة باستخدم المتغيرات التى يمر بها العالم منذ نهاية القرن العشرين وإلي وقتنا هذا ؟؟

يقال ان القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الأولي !! وإذا سلمنا بهذا الإحتمال .. يجب ان تسأل الحركة والمنظمة نفسهما .. لماذا وصل الأمر إلي هذه النتيجة ؟؟ وكيف يمكن استرجاع زمام الأمر مرة اخري ؟؟

في الختام اقول لقادة العمل النضالي الفلسطينى ..

لن يحقق النزاع بينكم واتهام كل منكم للآخر بكل التهم التى لا يقبلها عقل ولا منظق ، التحرر من قبضة أسوء استعمار يعيشة العالم منذ منتصف القرن الماضي .. وليس امامكم جميعا بلا إستثناء إلا التوافق علي الحد الوسطي – وليس الأدني – من العمل الإستراتيجي والتكتيكي علي مستوي الدول ذات الاهتمام المعروف بقضية الشعب الفلسطينى وعلي مستوي دول العالم ومنظماته الدولية والاقليمية ..

أخشي ما اخشاه ان نعود لطرح هذه المفاهيم بحذافيرها بعد عقد من الزمان ، إن كان في العمر بقية ..

[email protected]


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى