رأي

أميركا قِبلة المهاجرين وحلم اللاجئين (1)

الطريق إلى أميركا بدأ من الصحافة الإلكترونية

بقلم/ حسام عبد القادر

لم أهتم في يوم من الأيام أن أسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية رغم أنها بلد جديرة بالاهتمام، ويتمنى السفر إليها كثيرون ممن أعرفهم ولا أعرفهم، ولكني أشتاق دائمًا للسفر إلى بلاد مختلفة لا أعرف عنها شيئًا، لديها ثقافات مختلفة، بينما نشاهد ونعيش الثقافة الأميركية في حياتنا من خلال الأفلام والملابس والمطاعم.

وأشتاق أن أسافر إلى الصين مثلاً، أو شرق آسيا عمومًا، دول في أفريقيا، أو في أميركا اللاتينية، وغيرها، ولكن إذا كنت لم أتطلع للسفر للولايات المتحدة، إلا أنني لم أكن رافضًا للسفر إليها طالما جاءت الفرصة لذلك، وقد جاءت، وليست مرة واحدة، بل مرتين الأولى في 2009 والثانية في 2015.

جاءت الرحلة الأولى بسبب اهتمامي بالصحافة الإلكترونية، وبالصحافة المحلية بشكل عام، فبعد مرور عشر سنوات على إصدار مجلة أمواج سكندرية على الإنترنت، وهي أول مجلة إلكترونية مصرية على شبكة الإنترنت، وأصدرتها مع أصدقائي الأديب منير عتيبة والمهندس محمد حنفي، جاء الاهتمام من خارج مصر من خلال برنامج تطوير الإعلام “الإعلامي” والذي كان يتبع هيئة المعونة الأميركية (وقد انتهى هذا البرنامج بعد ذلك بعدة سنوات) حيث لفت نظر القائمين على البرنامج جريدة أمواج خاصة أنها سكندرية الطابع والمضمون، فبدأت أتلقى الدعوات لحضور ورش عمل وندوات عن الإعلام المحلي وعن الصحافة الإلكترونية من “الإعلامي” حتى جاءت هذه الدعوة للإعلاميين الذين يعملون أو يصدرون صحفًا محلية سواء مطبوعة أو على الإنترنت لزيارة مجموعة من الصحف والإذاعات المحلية في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية للتعرف على أحدث التقنيات وعلى ظروف كل جريدة محلية، وكيف يتعايشون مع الأوضاع المالية، وطرق مواجهة هذه الأزمات، وكيفية تسويق الجريدة وزيادة انتشارها.

أما الرحلة الثانية، فقد كانت دعوة من الصديقة العزيزة ليلى الحسيني صاحبة ومديرة راديو صوت العرب من أميركا، لأقدم دراستي عن الإعلام الموجه لعرب المهجر، ولأجري مقابلات مع عدد من الشخصيات الهامة في الجالية العربية بأميركا، ولأسجل أيضًا حلقة كاملة بالراديو على الهواء مباشرة.

منظر عام لمدينة بوسطن

سعدت في 2009 باختياري للسفر ضمن وفد مصري مكون من عشرة صحفيين للتعرف على الإعلام المحلي بأميركا، ورغم أن الفترة كانت سبعة أيام فقط، منها يومان سفر، وهي فترة غير كافية إطلاقًا لرؤية أميركا أو حتى مدينة واحدة منها، إلا أنها في النهاية خبرة جديدة وعلاقات متنوعة جديدة أتعرف عليها، وعلى الرغم من أن هالة مرجان استشاري الإعلام المحلي ببرنامج “الإعلامي” وقتها والمسئولة عن تنظيم الرحلة أخبرتني بهذه الرحلة في إبريل 2009 إلا أنها لم تؤكد لي السفر إلا قبل موعد السفر نفسه -13 يونية- بأسبوعين فقط، ولم نتأكد كمجموعة من السفر إلا بعد حصولنا على التأشيرة من سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة، وكان ذلك قبل السفر بيومين فقط!

لم تكن أول مرة أستقل طائرة، فقد سافرت قبلها ثلاث مرات الأولى لألمانيا في عام 1996 والثانية للأردن في 2005، والثالثة لليبيا في 2007، ولكنها كانت الأطول نظرًا لطول المسافة، خاصة أننا قمنا بعمل ترانزيت في مطار هيثرو بلندن، هذا المطار الضخم الذي ظننت أنه مدينة كاملة وليس مجرد مطار، ورغم علمي أن مطار فرانكفورت بألمانيا هو أكبر مطار في أوروبا لظننت أن هيثرو هو الأكبر، وقد استغرقت الرحلة من القاهرة إلى لندن حوالي خمس ساعات، ومن لندن إلى بوسطن حوالى 7 ساعات، فكان إجمالي السفر 12 ساعة إلا أنها بالفعل كانت 24 ساعة نظرًا لإجراءات السفر الطويلة، والمكوث عدة ساعات فى الترانزيت، وكان من الطرائف التي جعلتني أتأمل فيها كثيرًا أنني ظللت 24 ساعة في النهار دون مرور ليل بسبب فارق التوقيت بين مصر ولندن، ثم بين لندن وأمريكا، وهو ما تكرر في رحلة العودة أيضًا، ورغم علمي بالمعلومة إلا أنها عندما حدثت معي وكانت دعوة للتأمل في قدرة الله -سبحانه وتعالى وحكمته، فهذه الطائرة اخترقت الجو وغادرت من نهار لتدخل نهارًا آخر، فما بال قدرة الله سبحانه وتعالى، إن الزمن فعلاً كائن من مخلوقات الله، إلا أن هذا ليس موضوعي بالتأكيد!.

عندما وطئت قدمي مدينة بوسطن الأميركية في رحلتي الأولى، لم تحدث لي أي أزمة حضارية، أو فجوة ثقافية مثلما أسمع من كثيرين عند زيارتهم لأميركا أو أوروبا، ولم أشعر بـ”فقدان الأهل أو Home sickness ” كما أسمع، وقد يكون هذا راجع لطبيعة شخصيتي أو  بحكم عملي كصحفي أو لأي شيء آخر.

ومثلما كان لأميركا حظ كبير معي أن سافرت إليها مرتين، فإن مدينة بوسطن أسعد حظًّا حيث تكررت الزيارة لها في المرتين.

(وللحديث بقية)


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى