أخبار العالم العربيالركن الخامستغطيات خاصة

بعد قرار إندونيسيا.. هل تلغي السعودية الحج هذا العام بسبب كورونا؟

بينما تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية مترقبة قرارها بشأن موسم الحج لهذا العام في ظل استمرار تفشي وباء كورونا، أعلنت أكبر دولة إسلامية إلغاء الحج لمواطنيها هذا العام.

وقالت وزارة الشؤون الدينية في إندونيسيا، اليوم الثلاثاء، إنه تم إلغاء الحج هذا العام، بالنسبة لمسلمي الدولة الذين يقدر عددهم 181 مليون شخص.

وقال فخر الرازي، وزير الشؤون الدينية الإندونيسي، إن قرار إلغاء رحلات الحج هذا العام اتخذ بسبب تفشي فيروس كورونا واستمرار القيود على السفر، وفقا لوكالة أنباء رويترز.

وكان من المقرر أن تبلغ حصة الحجاج الإندونيسيين هذا العام 221 ألف حاج، وأفاد موقع الوزارة بأن 90% منهم تقدموا بالفعل بطلبات للسفر.

ويخرج مئات الآلاف من الإندونيسيين سنويًا في رحلات حج، وتطبق إندونيسيا نظام حصص لا يسمح للشخص بأداء الحج سوى مرة واحدة كل 20 عامًا، وفقا لأمانة مجلس الوزراء.

ماذا قررت السعودية؟

واستقطب موسم الحج العام الماضي 2019 نحو 2.5 مليون شخص، وكانت السعودية تتوقع وصول 2.7 مليون شخص لأداء فريضة الحج في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين لأداء شعائر الحج.

وتناقلت مواقع إخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي أنباء غير مؤكدة حول إلغاء موسم الحج لهذا العام، في ظل استمرار انتشار كورونا في مختلف دول العالم، ولكن السعودية لم تؤكد صحة هذه الأنباء رسميًا.

وأعلنت السلطات السعودية سابقًا تعليق العمرة لحين إشعار آخر كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا، لكنها لم تصدر قرارًا بعد بشأن موسم الحج الذي يتبقى على حلوله أقل من شهرين.

وكان وزير الحج والعمرة السعودي، محمد صالح بن طاهر بنتن، قد قال في مطلع شهر أبريل/نيسان الماضي إن المملكة قلقة بشأن سلامة الحجاج، وحث الناس على “التريث قبل إبرام عقود (الحج) في ظل غياب رؤية واضحة لتطورات انتشار فيروس كورونا”.

وقال بنتن للتلفزيون الرسمي: “السعودية مستعدة بشكل كامل لخدمة الحجاج والمعتمرين”.

وأضاف: “لكن في ظل الظروف الحالية، نحن نتحدث عن جائحة عالمية، جائحة نسأل الله السلامة منها، وتحرص المملكة على الحفاظ على صحة المسلمين والمواطنين”.

وقال: “لذا طلبنا من إخواننا المسلمين في جميع دول العالم التريث قبل إبرام أي عقود (مع شركات تنظيم الرحلات السياحية) حتى تتضح الرؤية”.

هل تضطر السعودية للإلغاء؟

وأثارت هذه التصريحات تكهنات بشأن احتمالية إلغاء موسم الحج في حال استمرار تفشّي الوباء، وتعذّر احتواءه كليًا حول العالم قبل نهاية يوليو/تموز المقبل، الذي يُصادف بدء الشعائر المقدّسة لأداء الحج، وذلك حفاظاً على أرواح ملايين المسلمين الراغبين في أداء الحج، ومنعًا لانتشار الوباء في مختلف أنحاء الأرض.

ويظل القرار النهائي الذي سيحدد مصير موسم الحج المقبل، في انتظار ما ستسفر عنه جهود السعودية والعالم أجمع في محاربة وباء كورونا.

ورغم أنه لم يسبق للسعودية أن ألغت موسم الحج في تاريخها، إلا أنها قد تضطر لإلغاء موسم الحج لعام 2020 بسبب انتشار وباء كورونا.

وفي هذا الإطار ترددت دعوات كثيرة من بعض مشايخ الإسلام بالاستغناء عن فريضة الحج هذا العام، ووجه بعضهم رسالة إلى كل من يرغبون في أداء فريضة الحج أو العمرة، بأن يخرجوا أموال هذه الفريضة كصدقات على المحتاجين والفقراء.

هل يجوز إلغاء الحج؟

ركز الفقاء على مدى سماح الإسلام بمنع الحج بسبب الأوبئة أو الحرب، وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي، إن انتشار كورونا بشكل خطير يستدعي منع مناسك العمرة والحج لأنه بذلك يهدد حياة الجميع.

وأضاف أن الفقاء اتفقوا على أنه يجوز الابتعاد عن الحج إذا كان هناك خوفًا من الطريق، لأنه يشترط أن المناسك تحقق الأمن والأمان لمن ينطلق بها، ولذلك منع الحج بسبب انتشار كوفيد 19 يجوز لأن المرض من الأعذار المباحة.

وأوضح أن الإسلام أوجب عند ظهور الوباء القاتل عدة أمور، منها عمل حجر صحي وما يعني عدم الخروج من البلد التي وقع فيها المرض أو الدخول إليها، مستشهدًا بصحيح مسلم: ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ ابْتَلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَاسًا مِنْ عِبَادِهِ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ”.

وأشار إلى الأمر الثاني هو عدم دخول المنطقة الموبوءة لحرمة إلقاء النفس في التهلكة وعدم مجاورة المرضى خشية العدوى، مستشهدًا بقول الرسول “صلى الله عليه وسلم”: ” وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ”، مع وجوب إفصاح الشخص إذا أصابه وباء لأنه إذا أخفى يكون قد ارتكب جريمتين، وهما الكذب والتدليس، وإضرار الآخرين، في الوقت الذي يؤكد فيه الإسلام أن المسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده.

إلغاء الحج تم 40 مرة

وفيما تذهب معظم التوقعات إلى إلغاء موسم الحج هذا العام، فإنها لن تكون المرة الأولى التي يتم فيها ذلك.

والشائع أنه لم يصدر قرار بإلغاء الحج منذ ظهور الإسلام إلى يومنا هذا إلا في زمن عمر بن الخطاب حينما كان وباء الطاعون منتشرًا في المنطقة، حيث قرر ثاني الخلفاء الراشدين إلغاء فريضة الحج لحماية الناس من شر الوباء.

لكن “دارة الملك عبد العزيز” أشارت إلى توقف موسم الحج 40 مرة، عبر التاريخ، سواء جزئيًا أو كليًا لأسباب مختلفة من بينها انتشار الأمراض والأوبئة‏، والاضطرابات السياسية‏ وعدم الاستقرار الأمني، والغلاء الشديد والاضطراب الاقتصادي، ‏إلى جانب‏ فساد الطرق‏ من قبل اللصوص والقُطّاع.

و”دارة الملك عبد العزيز” هي مؤسسة متخصصة في خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية والعالم العربي ومقرها الرياض.

وكانت المرة الأولى لتعطيل فريضة الحج بسبب “القرامطة”، الذين كانوا يعتقدون أن شعائر الحج من الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام، إذ دعا زعيم القرامطة “أبوطاهر القرمطي” على باب الكعبة في 8 من ذي الحجة عام 317هـ، سيوف أتباعه بأن تحصد حجاج بيت الله قتلًا ونهبًا وسفكًا وبإشرافه على تلك المجزرة.

وقلع القرامطة الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مدينة “هجر” (القطيف حاليًا)، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وتعطّل الحج آنذاك 10 أعوام، حيث لم يقف أحدًا بعرفة، ولم تؤد المناسك، وذلك لأول مرة، منذ أن فُرضتْ الشعيرة.

الحادثة الأخرى كانت سنة 251هـ، والتي تُعرف بـ”مذبحة صعيد عرفة”، وأُبطِل الحج حينها، بعد أن هاجم إسماعيل بن يوسف العلوي ومن معه؛ جموع الحجاج فقتلوا منهم أعدادًا كبيرة.

أيضا توقّف سنة 357هـ، بسبب انتشار ما يُسمّى بـ”داء الماشري” في مكة المكرمة، وبسببه مات الحجاج، وماتت جمالهم في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة سِوى القليل.

ومن أبرز المواسم التي توقف فيها الحج أيضًا، في سنة 1213هـ، إذ توقفت رحلات الحج في أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق.

وفي سنة 1246هـ، انتشر وباء قادم من الهند وقتل ثلاث أرباع الحجاج، وفي سنة 1837م تفشّت الأوبئة بالحج واستمرت حتى 1892م.

وأشارت “دارة الملك عبدالعزيز” إلى أن “الأوبئة في تاريخ الحرم المكي كانت كثيرة لشدة الازدحام وكثرة الزوار من حول العالم، ولم تتوفّر في العصور القديمة قبل العهد السعودي خدمات مراقبة ومتابعة أمراض الحجاج، ولم تفرض السلطات حجرًا صحيًا على من يُشتبه أنهم يحملون أمراضًا معدية، ولم تتوفّر أي خدمات للتعقيم، فحصدت الأوبئة أعدادًا كبيرةً من الحجاج”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين